وجوب التوبة والإنابة للمتعدي على جناب الصحابة:
إن الحمد لله ............... وبعد
فإن مقام الصحابة مقام عظيم يعجز عن وصفه اللسان* ويحار في التعبير عن قدره البنان؛ فإن لهم من الفضائل ما لو كتب عموماً أو لكل واحد منهم على حدة لملأ المجلدات* وكتب السنة –بحمد الله- عامرة بهذا.
وهذا مفروغ منه* ولكن ظهرت نابتة في القرون المتأخرة حذت حذو أسلافهم الرافضة في تقديسهم لآل البيت –زعموا- ونسف باقي الصحابة رمياً لهم بالردة والكفر تارة* والتشكيك في أصل إسلام بعضهم تارة أخرى.
وتذكيراً لإخواني أسرد هاهنا باقة عطرة من عبير القرآن والسنة وأقوال سلف الأمة مما يشيد بفضائل الصحابة بدون استثناء:
فصل: من القرآن:
قال تعالى
محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً .....ليغيظ بهم الكفار).(الفتح). استدل الإمام مالك على كفر من اغتاظ قلبه من الصحابة بهذه الآية.راجع: تفسير ابن كثير.
وقال عز وجل
والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك غفور رحيم).راجع لزاماً: تفسير (فتح القدير) للشوكاني.
وغيرها من الآيات.
فصل: من السنة:
عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
لا تسبوا أصحابي*فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مدً أحدهم ولانصيفه). متفق عليه.
عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
إذا ذكر أصحابي فأمسكوا).رواه الإمام أحمد في( المسند) ورواه غيره* وصححه العلاًمة الألباني-رحمه الله- في (الصحيحة). وغيرها من الأحاديث.
فصل: في ذكر إجماع علماء السنة:
فقد أجمع علماء السنة على حبهم* وولائهم* والدعاء لهم* وتقديرهم* وعدم ذكرهم إلا بالجميل* وعدم التعرض لمساوئهم -إن وجدت!-* وعدم الخوض فيما جرى بينهم* وسطروا ذلك في عقائدهم* فما من كتاب من كتب العقيدة أو السنة إلا وفيه فصل أو كتاب في فضائل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-. فراجع –مثلاً لا حصراً-: اللَمعة* الواسطية* الطحاوية*....ولولا خشية الإطالة لأطنبت في ذكر نصوصهم.
قال الإمام أحمد للميموني
مالهم ومال معاوية* يا أبا الحسن إذا رأيت رجلاَ يسب أحداً من أصحاب رسول الله فاتهمه على الإسلام). نقله ابن تيمية في(الصارم المسلول).
وما خالف هذا المنهج السديد إلا الرافضة الرافضون للإسلام*والناصبة المناصبون العداء لآل البيت* والخوارج المارقة* ومن تأثر بفكر هؤلاء من المفكرين والكتبة المتأخرين.
فصل: في ذكر موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة –رضي الله عنهم-:
هو السكوت عما جرى بينهم رجاء السلامة من الغيظ أو الحنق على أحد الأطراف دون الآخر فيحصل الزيغ* نسأل الله السلامة والعافية.
قال الشاعر: وما جرى بين الصحاب نسكت***عنه وأجر الاجتهاد نثبت.
قال أحدهم لأبي زرعة: إني لأبغض معاوية. قال:ولم؟ قال:لأنه قاتل علياً. فقال أبو زرعة
ياهذا*إن رب معاوية رب رحيم* وخصمه خصم كريم*إيش دخولك أنت بينهما؟!!! ذكره ابن كثير في ترجمة معاوية-رضي الله عنه- في (البداية والنهاية). وسئل الإمام أحمد عن حديث
ويح عمار تقتله الفئة الباغية). فقال
السكوت عن هذا أسلم). أخيراً أخي في الله*إياك أن تأتي يوم القيامة وخصمك صحابي-أي صحابي- جاهد مع رسول الله بنفسه وماله*فإن الخسارة متحققة*والهلاك دان منك* فكيف يرجو السلامة من طعن في الصحابة والطعن فيهم طعن في الرسول؛ لأنهم أصحابه* وطعن في الدين لأنهم حملته و نقلته إلينا غضاً طريَاً دون شائبة تشوبه فالطعن في الطاعن فيهم أولى. كما قال أبو زرعة الرازي-رحمه الله-. والله أعلم.
المفضلات