سهوه
وضعت المرأة أخر حلة داخل الفرن .. وارتمت فوق كرسي المطبخ الذي يطل على روضة جميلة تزهو بأجمل الألوان البديعة .. لقد كان ذلك اليوم متعباً جداً جداً جداً ... والحمد لله بأنها أكملت عملها .. تنهدت نهده مطولة .. وأخذت تقلب في ذاكرتها الضيقة صفحات الماضي الذي بدأ لها بأن صفحاته قد مزقت وأتلفت منذ زمن بعيد ... وعادت إلى الحاضر .. لتتذكر هذه الحياة الروتينية .. التي تتكرر كل يوم .. لا جديد .. ولا مفيد .. إنها تعيش حياة حمله متعبة تتكرر أحداثها كل أربع وعشرون ساعة .. تنظيف وترتيب البيت .. أكل وشرب ونوم ومشاهدة التلفاز .. كان هذا إطار حياتها الكنيب ... الذي كلما تذكرته أحست بغثيان شديد ورغبة جامحة في التقيؤ .
فجأت ثقلت عيناها بشدة وأصابها نعاس شديد .. فغفت وغلبها النوم الا إرادي ... أخذت تحلم بأنها قائدة عظيمة .. تدير جيشاً كبير مؤلف من الآلاف من الجنود .. كانت تحمل دور البطولة.. لم يكن لديها الوقت حتى الشرب كوب ماء ! فأعلن فجأة بدء معركة ححامية الوطيس .. كان هي التي تحمل راية البطولة فيها .. أشتد العراك .. حتى أمتلأ موقع المعركة بدخان حوافر الخيل وفجأة وبدون سابق إنذار ألق العدو بضع رصاصات أحرقت كمية كبيرة من العشب اليابس فأشتعل حريق كبير لم تر البشرية مثله قط ...
كانت السعلات القوية تؤلم صدرها الذي أصابه الحساسية وأحست بالاختناق فعلاً .. استيقضت هلعة من نومها وهي ما تزال مواصلة لتلك السعلات القوية إذ فتحت عينيها ورأت دخان بالفعل قد ملأ البيت بأكمله وما إن تداركت نفسها .. وتمالكت ذهنها حتى استطاعت سماع الضجة الكبيرة التي بالخارج .. كان كل الجيران يحسبونها ميتة في ذلك الحريق .. أما باب الشقة فقد أقلته ووضعت المفتاح في جيبها .. وفجأ دفع الباب مجموعة كبيرة من الناس ودخل الإطفائيين ودخل زوجها مهلوعاً زوجتي هل أنتِ بخير !؟
فأخذت تقول ماذا يحدث..! هل أنا في حلم
أتضح بعد ذلك بأن حلة المسقعة التي وضعتها في الفرن هي السبب في ذلك الدخان
فاكتسى وجه المرأة علامات الخجل والحياء فأحمر وجهها بشدة عندما أدار كل الناس وجوههم إليها فقالت لهم بصوت خافت وناظريها إلى الأرضية .
أعذروني لو سببت لكم المشاكل ولكنني سهرت قليلاً !!
Lamees