Results 1 to 7 of 7

Thread: شهادة أول وزير داخليه بعد الوخده (الوحده وأسباب حرب الأنفصال)

  1. #1

    فارس محمد's Avatar
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    13,816
    Rep Power
    1197

    شهادة أول وزير داخليه بعد الوخده (الوحده وأسباب حرب الأنفصال)



    يحي محمد المتوكل

    الكثير منا لايعرف ألا القليل عن هذا الرجل !!!
    وجدت أثناء تصفحي للشبكه العنكبوتيه باحثآ عن معلومات عنه هذا الحوار الذي أجري معه ....

    أقتبست القليل من ذلك الحوار الطويل الرائع الذي شدني من أول كلمه منه الى أخر كلمه ......
    سارفق هنا نبذه عن هذا الرجل الأسطوره وبعدها حلقتين من شهادته عن مراحل مرت بها اليمن رافقها هو شخصيآ .....

    أخترت لكم فقط مايناسب التاريخ الذي نحن فيه والمناسبه فقط فاللقاء كان طويل جدآ.

    مقدمه ساأقتبسها لكم كما جاءت في الموقع تمامآ فلامجال لدي للتغيير فهذا ليس موضوع أنا كاتبه بل ناقل لكم صفحات من تاريخ اليمن وشهاده من أحد الأعلام اليمنيه التي خلدها التاريخ .......


    المتوكل .. الإنسان النموذج

    عبدالله سلام الحكيمي

    عندما اتصل بي أخي الحبيب وأستاذنا الكبير صادق ناشر يخصني بشرف كبير أعتز به كثيراً ، وهو كتابة مقدمة لكتاب يعده للنشر حول الراحل الكبير يحي محمد المتوكل رحمة الله الواسعة تغشاه وجدت نفسي وسط حالة من الحيرة المستبدة والاضطراب والتشتت النفسي والفكري ليومين متتاليين عاجزاً عن الكتابة ، لا أعرف ماذا وكيف أكتب ولا أين أبدأ وإلى أين أنتهي وماذا آخذ وماذا أدع ، وهو ما اضطرني * على غير إرادة مني * إلى عدم التمكن من الوفاء بالوعد الزمني الذي التزمت به لأستاذي الفاضل صادق ناشر ، الذي آمل أن يعذرني عليه .

    لقد وجدت نفسي أمام رجل لا ككل الرجال وشخصية فذة ومتميزة بل تكاد تكون متفردة في جوانبها المتعددة وطبيعتها ومزاياها وصفاتها المتكاملة والمتناغمة في سياق ونسيج واحد من السمو والنبل والخلق الرفيع * مقترناً بقدرة وكفاءة عالية ومتميزة تثير الإعجاب والدهشة في آن معاً من حيث منهجها الأدائي المبدع والخلاق والمقتدر * جعلت منه نموذجاً للقائد والزعيم المثالي .

    يحي المتوكل الإنسان ويحي المتوكل المناضل الجسور ، يحي المتوكل القائد العسكري ، ويحي المتوكل القائد السياسي ، يحي المتوكل القائد الوطني ذو المنطلقات القومية والأفاق الإنسانية ، يحي المتوكل القدوة المثلى في الحب والتسامح والآلفة * الماقت للعنف والتطرف والقتل وسفك الدماء والكراهية ، يحي المتوكل التواضع الجم والبساطة العظيمة ، يحي المتوكل الوفاء والصفاء والنقاء ، يحي المتوكل الأمانة والصدق والنزاهة والمسؤولية .

    يحي المتوكل ، هذا العلم الشامخ تجسدت واختلطت وامتزجت فيه أشواق وتطلعات وخصائص وآمال شعب بكامله * حتى لكأنه أصبح الفرد شعباً والشعب فرداً * إذا ذكر الفرد أو حضر ذكر الشعب أو حضر * وإذا ذكر الشعب أو حضر اتجهت الأنظار تلقائياً إلى الفرد .

    إن سر عظمة الراحل يحي المتوكل يكمن في حقيقة أنه كان قد تبلور * على نحو واضح * من حيث علم أم لم يعلم * كرمز وطني عام * هكذا اعتبرته كل القوى السياسية في الساحة تقريباً على اختلاف وتباين توجهاتها ومواقعها وخياراتها السياسية والفكرية * وتعاملت معه وتجاهه وفقاً لتلك القناعة كرمز وطني عام * وأعتبر على نحو أو آخر * مرجعية سياسية مرشدة لها جميعاً .

    حتى وهو قيادي بارز في تنظيم سياسي حاكم * إلا أنه ومن خلال مواقفه ونهجه وتعاملاته المبدئية الثابتة ومصداقيته استطاع أن يكسب ثقة واحترام وتقدير القوى السياسية العاملة في الساحة * حيث كانت كل واحدة منها تتعامل معه في ظل شعور مبهم وغير مباشر وكأنه جزء منها أو معبر عنها * ونظرت إليه جميعها باعتباره ضمانة وصمام أمان لها عندما تثور العواصف والزوابع السياسية الهوجاء والمجنونة .

    ولعل هذه الحالة النادرة التي لا ينالها سوى قلة قليلة من الزعماء والقادة التاريخيين قد عكست تأثيراتها على جماهير الشعب اليمني على امتداد أرض وطنه * من خلال الشعبية الواسعة التي حظي بها المتوكل * فتجده محبوباً ومحل كل الاحترام والتقدير لدى المواطنين في عدن وحضرموت ، كما هو أو أكثر في صنعاء وذمار * وفي لحج وأبين وشبوه كما هو أو أكثر في صعدة والجوف والمحويت * وفي تعز وإب والحديدة كما هو أو أكثر في حجة والمهرة * حتى بدا الأمر وكأن مناطق بلادنا تتسابق وتتنافس فيما بينها للتعبير عن حبها الأكبر والأوسع !

    وبإمكاننا القول * بأمانة وتجرد * إن مثل ذلك الإجماع السياسي ومشاعر الحب والاحترام الجماهيري واسع النطاق * لم ينله قبل الراحل العظيم يحي المتوكل * سوى قلة قليلة جداً من زعمائنا وقادتنا الوطنين يعتدون بأصابع اليد الواحدة .

    والمدهش * حقاً * لم يحتل مثل تلك المكانة الرفيعة والمرموقة على الصعيدين السياسي والشعبي * من خلال موقعه وإنجازاته كحاكم أو مسئول أول في رأس الدولة * إذ أنه لم يكن كذلك * بل من خلال مواقفه ومبادئه وسلوكه وأدواره ومصداقيته وكنموذج وقدوة أكمل وأمثل للقائد الذي يتطلع الشعب إليه ويتمناه لقيادته ومسيرته الوطنية .

    ومهما تحدثنا وأطلنا الحديث عن يحي المتوكل فإننا لن نستطيع أن نوفيه حقه وما يستحقه * فكلما مرت الأيام وما فيها من أحاديث الذكريات تكشف أمامنا المزيد والمزيد من الجوانب الخفية عنه وهي كثيرة * غير أن المقابلة الصحفية التاريخية والضافية والشاملة التي أجراها أستاذنا القدير صادق ناشر * ونشرتها صحيفة " الخليج " الإماراتية في ست حلقات متتالية وموسعة بدءأً من تاريخ 7 ديسمبر عام 2000 تحت عنوان " يحي المتوكل في شهادة يمنية استثنائية " وأعادت نشرها محلياً صحيفة " الأيام " و " الجمهورية " ، هذه المقابلة بالغة الأهمية هي أفضل من يقدم لنا إطاراً عاماً لشخصية يحي المتوكل وما تتصف وتتحلى به من سجايا وسمات وصفات وخصائص فريدة ومتميزة لا تجتمع إلا في قائد فذ * وهي التي كونت وصنعت ذلك المجد السياسي والشعبي واسع النطاق وعميق الجذور وقوي الأسس * والذي سيبقيه حاضراً وخالداً لأجيال عديدة قادمة .

    في تلك المقابلة الشاملة والتي تضمنت شهادة يحي المتوكل على قضايا وأحداث ومجريات تاريخية * تعد من اكثر مراحل تاريخنا الوطني أهمية ودقة وحساسية وخطورة * وهي الفترة الممتدة من نهاية عقد الأربعينيات من القرن العشرين المنصرم وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين يوم إجراء المقابلة نهاية العام 2000 * وهي فترة كان يحي المتوكل فيها * شاهداً ومعاصراً ومشاركاً وفاعلاً في دوامة أحداثها وأعاصيرها ورياحها العاصفة الهوجاء ومؤثراً في مسارها وتطوراتها .

    في هذه المقابلة * الشهادة التاريخية ، تجلت شخصية يحي المتوكل كأروع وانصع التجلي وأصدقه ، ولأن الحديث فيها كان تلقائياً ومباشراً وشفوياً وعفوياً * فقد ظهر فيها بدون أية رتوش أو محسنات أو اعتبارات مفتعلة * وبدت لنا شخصيته على طبيعتها وعرفنا من خلالها يحي المتوكل أنه شاهد يحرص على أقصى درجات الأمانة والدقة والصدق * متجرداً إلى أقصى الحدود عن عواطفه وقناعاته وآرائه الشخصية في روايته للأحداث ومسارها وملابساتها وأسبابها وعواملها * بعيداً عن أساليب العسف ولي عنق الحقائق وتطويعها لتلائم الأحكام المسبقة .

    منصف في ذكر وإبراز أدوار ومساهمات وجهود غيره من الذين صنعوا الأحداث وأداروها * خلال تلك المرحلة التاريخية بالغة الدقة والحساسية * وخاصة فترة الإعداد والتحضير لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962 الخالدة * وما تلاها من أوضاع وظروف وملابسات واختلافات وانشقاقات .

    لقد وجدنا الراحل في المقابلة ، كما كانت حياته ، حريصاً على تفادي النهج الغالب على حياتنا العامة في نكران أدوار الآخرين وتضحياتهم ومساهماتهم أو إهمالها والتقليل من شأنها تحت تأثير عواطف أو قناعات مسبقة أو حساسيات وخلافات شخصية أو اعتبارات وأهواء مناطقية أو سياسية أو طبقية .

    مترفع عن كل أساليب السباب والتجريح والإساءات تجاه الآخرين * والحديث عن الجميع بلغة أخلاقية راقية ورفيعة حتى تجاه من اختلف معهم أو من يمكن اعتبارهم خصوماً أو أعداء سياسيين ، بل أن اكثر ما يلفت النظر أن حديثه وشهادته عنهم آتت بقدر ملحوظ من الاحترام والتقدير بل والحب والتسامح * وتلك صفة لا يقوى عليها سوى العظماء .

    وطني غيور وشديد الشعور والإحساس بحجم الواجب والمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه * وهو شعور وإحساس يصل أحياناً إلى حد الإدمان أو الإفراط * إن جاز التعبير * والتزامه الوطني بات مختلطاً بدمه ولحمه ونخاع عظمه * ولهذا فانك تجده وتراه دائماً يتعامل ويعالج القضايا والمشكلات والأزمات الكبيرة والخطيرة بمواقف وآراء مبدئية ثابتة وحاسمة تتأسس وتبنى وتتجه صوب تغليب المصالح الوطنية دون اعتبار للاعتبارات والمصالح السياسية والحزبية والشخصية الضيقة * وبسعي دؤوب وإيمان صادق بأهمية وضرورة إسهام ومشاركة الشعب * بقواه ومنظماته السياسية والحزبية والاجتماعية والمدنية * دون إبعاد أو إقصاء أو تهميش * في أعباء ومسؤوليات ومهام العمل الوطني العام بكافة مجالاته ومستوياته انطلاقاً من إيمانه الراسخ بان الوطن حق للجميع ومسؤولية بنائه ونهضته يجب أن يتحملها الجميع .

    كان يحيى المتوكل رافضاً لكلما من شأنه جر العمل الوطني العام والقوى الوطنية الفاعلة والانحراف بها إلى دروب فرعية وهامشية تشغل تفكيرها وتهدر قواها وطاقاتها وتبدد جهودها في مهاترات وصراعات ومكايدات ومزايدات ومناكفات سياسية تافهة وسطحية وغير مجدية * وعمل بكل جهده وطاقته على دعوة الجميع وحثهم على الارتقاء والارتفاع إلى مستوى المسئولية الوطنية وتوجيه وتوظيف كل القوى والطاقات لتفعيل وتقوية وتوسيع نطاق دورهم وتأثيرهم في مجرى ومسيرة العمل الوطني السياسي العام بلوغاً بها إلى تحقيق الأهداف والتطلعات والآمال الشعبية في التقدم والرقي والنهوض الشامل * وعدم الانجرار إلى سفائف الأمور والدروب الفرعية الهامشية التي تهدر الطاقات وتشتت القوى وإضعاف الدور في ما هو غير مجد ولا يفيد .

    تلك هي أهم وأبرز معالم شخصية يحي المتوكل الفذ والمتميز * كما أبرزتها المقابلة الصحفية * وقد تناغمت وتكاملت مع معلم آخر مهم من معالم شخصيته والمتمثل في قوة وصلابة موقفه ورأيه حين يتعلق الأمر بالمبادئ والمصلحة الوطنية فهو حينها لا يساوم ولا يهادن ولا يتراجع * بل يتمسك بموقفه ويعمل بكل قواه من أجل تحقيقه ببراعة وحنكة سياسية مقتدرة وعالية المستوى .

    ذلك هو يحي المتوكل كما عرفته وخبرته الساحة السياسية * وكما رأته وأحببته وتعلقت الجماهير به ، رحل عن دنيانا وغاب بكيانه المادي ليبقى حياً وخالداً فينا بقيمه وأخلاقياته ومبادئه قدوة أمثل يترسم خطاها قادة المستقبل وبنائه .

    وجميلاً صنع أستاذنا الفاضل صادق ناشر بمبادرته إلى إصدار هذا الكتاب وفي هذا الوقت بالذات عن يحي المتوكل * تلك لفتة وفاء وعرفان مليئة بالدلالات والمعاني والأبعاد .

    إنها ترجمة عملية لعمق مشاعر حب الجماهير وتعلقها برمزها المتألق الذي رحل .

    لقد توارى ولكن ليظهر ..

    وأبتعد ولكن ليقترب ..

    ومات ولكن ليحيا ..


    فرحمة الله ورضوانه تغشاه في عالم الخلود






    مسار الوحدة



    * لو تحدثنا عن المراحل الأساسية التي قطعت للوصول إلى يوم الوحدة 1990، فما هي شهادتكم عنها ؟


    ـ لقد أتيح لي منذ البدايات الأولى لمسار الوحدة أن أكون مشاركاً في مباحثاتها بطريقة أو بأخرى ؛ ففي العام 1972، خلال عملي سفيراً في القاهرة انفجرت الحرب بين شطري البلاد وانتهت بوقف إطلاق النار وباللقاء بين مسؤولي الشطرين في القاهرة.

    وكان لقاءاً حاراً حضره محسن العيني عن الشمال، وعلي ناصر عن الجنوب، وكان التفاهم السريع مثار إعجاب واندهاش للمصريين ولمسؤولي الجامعة العربية والسفراء العرب، لأنه ما أن التقينا حتى زال كل التوتر، وتم الاستغناء منذ اللحظة الأولى عن مهمة الوسطاء، واتفقنا على خطوات أولى على طريق الوحدة.

    بعد ذلك جاء اللقاء الثاني بين الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني والرئيس سالم ربيع في طرابلس، وكنت حينها سفيراً غير مقيم في ليبيا، وشاهدت بعيني كيف التقى الإثنان وكيف عبرا عن رغبة جامحة للوحدة وليس فقط للتقارب، وأتذكر أن الرئيس الليبي معمر القذافي أخذ معه الرئيسين في سيارته، التي كان يقودها بسرعة، قائلاً لهما إنه مصمم على التوقيع على الوحدة بين الشطرين فوراً، يومها قال له الإرياني إنه يجب أن تتوفر كل الشروط لقيام الوحدة، وأنه بتوقيعنا على مشروع الإتفاق الذي ينص على تشكيل لجان الوحدة فإننا نخطو الخطوة الأولى على طريق الوحدة، وفعلاً تم التوقيع على الإتفاقية التاريخية الأولى للوحدة.

    وتوالت بعدها الأحداث، كما توالت اللقاءات بين لجان الوحدة، وكان واضحاً لكل مراقب أن هذه الخطوات المتواضعة، التي تتم على طريق الوحدة، خاصة ما يتعلق بالدستور، لم تكن مجرد حوارات في الهواء أو مغالطات، بل أنها تمهد لشيء حقيقي، لكن لم يكن أحد يعلم متى سيأتي هذا الشيء، غير أننا كنا جميعاً واثقين من أن الوحدة ستتحقق ذات يوم، على الرغم من معرفتنا بأن الأوضاع الدولية في ذلك الوقت لم تكن بأي حال من الأحوال لتسمح بقيام دولة الوحدة بين الشطرين.

    بعد أحداث الثالث عشر من يناير 1986، في عدن، وتدهور الأوضاع في الإتحاد السوفيتي وتوقفه عن تقديم الدعم لعدن، وتقارب المسؤولين في الشطرين، كان من الواضح أن الأمور تسير نحو الوحدة، إضافة إلى ذلك كان لاستقرار الوضع في الشمال، خاصة بين 1980-1990، واستخراج البترول والروح التي سادت العلاقات بين صنعاء وعدن والطريقة التي كان يتعامل بها الرئيس علي عبدالله صالح مع الإخوة في عدن، عاملاً مساعداً لتحقيق الوحدة في أجلها الصحيح في العام 1990.



    * هل كانت الوحدة في رأيكم متكافئة، أم أنه كان هناك شعور بأن طرفاً مهزوم والأخر منتصر ؟


    ـ صدقني، لقد كانت الوحدة متكافئة إلى أبعد الحدود، لأنك لو أخذت المسألة من حيث السكان أو القضية المادية أو اعتبارات أخرى لأمكن القول إن عناصر التكافؤ غير متوفرة، ولكن الإرادة المشتركة لقيادتي الشطرين والتوزيع المتكافئ للمسؤوليات في دولة الوحدة بينهما، حالت دون وجود منتصر ومهزوم، وبرغم معارضة كثير ممن كانوا حول الرئيس علي عبدالله صالح بشأن شكل قيام الوحدة، إلا أنه تجاهل ما كان يطرحه المعارضون من محاذير، وما ينصحون به من تجنب القبول بتوزيع السلطات على مبدأ المساواة مع الطرف الأخر، بل إنه كان مستعداً لتنازلات أكبر من منطلق الإيمان بأننا شعب واحد وأنه يهون أي شيء من أجل الوحدة ومن أجل تحقيق منجز تاريخي تحلم به الجماهير اليمنية عبر القرون.

    ولو عدت قليلاً إلى قوائم التعيينات لمسؤولي دولة الوحدة، وإلى القبول بأية شروط كان الإخوة في الإشتراكي يضعونها لوجدت أن الرئيس تقبل كل شيء، وهذه الروح هي التي ساعدت على قيام دولة الوحدة.



    * قيل يومها، ولا يزال يقال إلى اليوم إن الوحدة قامت بإتفاق شخصين وليس بإتفاق دولتين، وأن علي البيض وعلي عبدالله صالح هما اللذان حسما المسألة أكثر مما حسمتها المؤسسات، ما تعليقكم ؟


    ـ أنت تعرف إننا جزء من العالم الثالث، والشخصان كانا رأسي الدولتين، فمن يتمتع بنفوذ يخوله حق إتخاذ القرار نيابة عن الدولة فهو رأس الدولة، وربما كان الرئيس علي عبدالله صالح أكثر ديمقراطية في هذه القضية، لأنه تشاور مع جميع القوى السياسية الحزبية وغير الحزبية، وعلى الرغم من أن قيادة أحد هذه الأحزاب كانت لديه ثمة تحفظات، لكنه أصر عليهم بالنزول إلى عدن والمشاركة سواء في المحادثات التي سبقت يوم الوحدة أو يوم إعلان الوحدة في 22 مايو 1990، كما أنه أحال مشروع إتفاقية الوحدة لمناقشته وإقراره من قبل مجلس الشورى، وأقر بعد معارضة محدودة من بعض ممثلي الإصلاح.



    * من كان يعارض الرئيس في ذلك ؟



    ـ بعض القيادات في حزب الإصلاح وبعض السياسيين الآخرين، وللتاريخ فإن المعارضة لم تكن ضد الوحدة ولكن ضد إتفاقية الوحدة، التي كان لها معارضون أيضاً في الحزب الإشتراكي.



    * لماذا لم يستمر هذا الحلم الجميل، الذي كان يؤمل منه أن تكون دولة الوحدة عاملاً قوياً ورافداً أقوى لبناء دولة أخرى غير الدولتين في شمال اليمن وجنوبه ؟


    ـ الوحدة الحلم الذي تحقق لا يزال ماثلاً أمامنا يكبر ويتطور يوماً بعد يوم، لكن ما يتعلق بكابوس محاولة الإنفصال الفاشلة فلست قادراً، ولا غيري سيكون قادراً في الوقت القريب على الرد على أسبابها وحقائقها وسيكون التاريخ كفيلاً بإظهارها، ولو بعد حين.



    * نريد شهادتكم أنتم ؟


    ـ كانت هناك أسباب عديدة لتدهور العلاقات بين صناع الوحدة وقادتها لا يمكن حصرها، وكان أهمها الأنانية والشك اللذين سيطرا على قيادات دولة الوحدة، وعلى الأخص الأمين العام للحزب الإشتراكي علي سالم البيض، كما أن هناك ثمة عوامل يجب أن لا نتجاهلها، وتكمن في وجود جهات خارجية لم تكن راضية عن قيام دولة واحدة في اليمن، ولعبت دورها المدمر للوحدة بشكل مباشر أو غير مباشر، وعندما وجدت أن أحد طرفي الوحدة غير راض عن وضعه في دولة الوحدة شجعته على التمرد على هذا الوضع وأمدته بالأسلحة والأموال من أجل دفعه للإنفصال.



    * ولكن سبقت الحرب أزمة سياسية، هل كانت برأيكم هذه الأزمة موضوعية أم ذاتية ؟


    ـ في عز الأزمة السياسية التي نشبت كنت وزيراً للداخلية في حكومة حيدر العطاس، وكنت على إطلاع على كل الأمور، وكيف تسير، فقد كنت على مقربة من الرئيس علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض، والأخوة في الحكومة وخاصة حيدر العطاس.

    كان مريحاً للنفس في بداية الأمر أن الانسجام كان تاماً، وأن المنغصات لم يكن يعيرها لا الرئيس ولا النائب أية اهتمامات، بل يتجاوزانها ويغضان الطرف عنها، وكانت قيادة الحزب الإشتراكي والمؤتمر الشعبي العام تتعاونان على خلق مناخ حزبي بناء بينهما أولاً وبينهما وبين الأحزاب الأخرى التي أشهرت نفسها بعد انفصالها عن المؤتمر أو التي تكونت حديثاً.

    لكن الحزب الإشتراكي دخل الساحة في دولة الوحدة بكل إرثه السياسي والإيديولوجي والتنظيمي وكافة العقد والمشاكل التي تراكمت منذ الإستقلال ؛ فيما كان المؤتمر الشعبي العام حديث العهد بالحزبية لأنه قبل الوحدة كان عبارة عن إطار انضوى تحت لوائه العديد من التيارات الحزبية، وفي ظل التعددية الحزبية انشغل المؤتمر بإعادة بناء نفسه من الصفر، وفي الوقت ذاته حاول القيام بدوره السياسي في بناء دولة الوحدة وفي خوض معاركه السياسية والحزبية التي أفرزتها التعددية الحزبية، وخوض الإنتخابات النيابية الأولى.

    وبرغم تمكنه من إنجاز بنائه التنظيمي في وقت وجيز، وبرغم نجاحه في خوض الإنتخابات بنجاح، إلا أنه لم يكن يشكل عامل ضغط على الرئيس علي عبدالله صالح بل عامل عون ودعم على عكس الحزب.

    الاختبار الأول للأحزاب السياسية في البلاد تمثل في إنتخابات العام 1993، وكانت هذه الإنتخابات هي المحطة التي بدأت عندها المشاكل المستعصية، فقبلها كانت هناك مشاكل التقاسم التي كان يشكو منها كثيرون داخل المؤتمر الشعبي العام والأحزاب الأخرى، لكن الرئيس لم يسمح بتفاقم المشكلة ولم يعر المسألة إهتماماً على اعتبار أن ذلك من مقتضيات الوحدة، غير أن المشكلة التي واجهناها قبل إنتخابات 93، وخلالها والمتمثلة في التنافس الإنتخابي كانت أكبر من أن نحتويها، فقد تسببت في إيجاد الشرخ الأول في علاقات المؤتمر والاشتراكي، خاصة بعد فشل محاولات دمج التنظيمين.

    وفي مطلع العام 1993 عندما جاءت الإنتخابات لم يكن الحزب الإشتراكي متحمساً لقيامها في ذلك العام، على الرغم من أنها كانت بحسب إتفاقية الوحدة مقرراً قيامها في العام 1992، وقد تم تأجيلها بعد أخذ ورد بين الحزب والمؤتمر، وكان الحزب يطمح أن تطول الفترة الإنتقالية لأربع سنوات لحساباته المتمثلة في إحتياجه إلى مزيد من الوقت داخل السلطة، ولكي ينتشر أكثر في المحافظات الشمالية، بينما لم يكن لدى المؤتمر بتجربته المحدودة وبعمره القصير نفس خبرة وحنكة الحزب الإشتراكي وعقده ومشاكله، وبالكاد كان يستطيع الانتشار واستقطاب أعضاء جدد في إطار المحافظات الشمالية، أما المحافظات الجنوبية، فكان ذلك مجالاً مغلقاً في البداية بسبب سيطرة الحزب الإشتراكي الكاملة فيها وقد حالت هذه السيطرة دون أي تواجد فعلي للمؤتمر أو للأحزاب الأخرى قبل العام 1994.

    وأخيراً حان موعد الاستحقاق الإنتخابي في أبريل 93، وسط تنافس محموم بين المؤتمر والاشتراكي والإصلاح بعد فشل المؤتمر والحزب في التنسيق الذي تحاورنا حوله طويلاً وجاءت المفاجأة التي لم يكن يتوقعها الحزب الإشتراكي عندما أعلنت نتائج الإنتخابات 1993، التي جاءت مخيبة لآماله، فبدلاً من حصوله على نسبة (40-50%) التي كان يتوقعها إذا بالنتيجة لا تزيد عن (25%) من المقاعد بينما حصل المؤتمر على (50%) من مقاعد المجلس الجديد وحصل المنافس الجديد للاشتراكي حزب الإصلاح على نسبة (25%) من المقاعد.

    وعلى الرغم من أن هذه النتائج أزعجت الإشتراكي فإن الرئيس علي عبدالله صالح لم يفكر في تشكيل الإئتلاف الجديد في ضوء هذه النتائج، وأصر على أن يظل الحزب في الإئتلاف على ما كان عليه قبل الإنتخابات تقريباً، وكان ذلك يعني تمتعه بنفوذه السابق، بإستثناء بعض الوزارات التي أعطيت لحزب الإصلاح، وكانت من حصة المؤتمر والاشتراكي، إلا أن هذا الوضع لم يكن مريحاً لنائب الرئيس علي سالم البيض، كما أنه كان غير مرض للكثيرين ممن كانوا غير متحمسين لدخول الإصلاح في أي إئتلاف.

    وهكذا بدأت في 1993، المماحكات التي لم تكن كبيرة في البداية لكنها كانت تتراكم من يوم لأخر، وكانت المواقف الرافضة للوضع الجديد من قبل نائب الرئيس علي سالم البيض، وردود أفعاله الشديدة واعتكافه في عدن وما تسبب كل ذلك فيه من ردود أفعال مضادة، في الفترة الممتدة من 27 إبريل 1993 إلى 19 أغسطس من نفس العام هي التي ولدت القاعدة والعناصر اللازمة لقيام الأزمة السياسية التي امتدت حتى 27 أبريل العام 94 حينما انفجر الموقف في عمران.



    * هل تواصلت حوارات الرئيس مع نائبه في ذلك الوقت ؟


    ـ كانت حواراتهما لا تنقطع أبداً، وكان العمل المشترك للاثنين يجعلهما يتحاوران كل يوم حول مختلف القضايا، لكن بعد انتخابات العام 93، وذهاب نائب الرئيس إلى عدن ثم ذهابه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعودته إلى عدن انقطعت الحوارات وحل الانقطاع محل التواصل الذي كان في الماضي يكاد يكون تواصلاً يومياً، ثم تحول إلى قطيعة، وبرغم القطيعة حاول الرئيس بشتى السبل الخروج من المأزق، واستئناف اللقاء أو التواصل، لكن البيض كان رافضاً أي لقاء أو تواصل مع الرئيس بدون قبول شروطه العسيرة.



    * البعض من المقربين من علي سالم البيض يقول إن الرجل خدع ؟


    ـ في اعتقادي أن هذه المأساة لم يخرج منها أحد وهو يشعر بالانتصار، فالبلد خسرت الكثير، لكنها، والحمد لله ربحت الوحدة، وقد استطاعت أن تقف على قدميها، ولكم كنا نتمنى أن لا يصيب الوحدة مثل هذه الجروح الغائرة التي خلفتها الحرب.

    أما عن الخديعة الكبرى، فلا شك أنها كانت من صنع الذين شجعوا على الإنفصال ولا شك أن علي سالم البيض وقع في حبائلها مع من آزروه في قرار الانفصال.



    * هل تعتقدون أستاذ يحي أن الوحدات العسكرية الجنوبية التي تمركزت في الشمال والعكس كانت من عوامل الإنفجار في حرب 1994 ؟


    ـ ليس ذلك هو السبب على الإطلاق، ولكن عوامل أخرى عديدة كانت أسباباً رئيسية للانفصال، من أهمها بقاء القوات المسلحة منقسمة ؛ فالوحدات الجنوبية كانت لوحدها والشمالية لوحدها، بمعنى آخر عدم شمول القوات المسلحة بقرارات الوحدة ؛ فكما تعلم حصل دمج في المؤسسات المدنية وحتى الأمنية وحولت إلى مؤسسات ذات شخصية اعتبارية واحدة ؛ فيما عدا القوات المسلحة التي رغم أنها كانت إسمياً مرتبطة بوزير الدفاع ورئيس الأركان، إلا أنها ظلت مرتبطة بالحزب أو الجهة التي تدين لها بالولاء.

    هذا في نظري كان عاملاً هاماً تسبب في تلك لكارثة، لأنه لو حدث اندماج للوحدات العسكرية منذ البداية، وكانت بمنأى عن هذه الخلافات، لم يكن أحد ليجرؤ على الإقدام بشن حرب ضد الوحدة أو يفكر في إعلان الإنفصال.



    * هل تعتقدون أن عدم الثقة بين الرجلين كانت وراء الأزمة والحرب ؟


    ـ لفترة طويلة سادت بين الرئيس ونائبة ثقة، بل ومودة كبيرة، ولكن لم تكن نتائج انتخابات 1993 مرضية لعلي سالم البيض، وما تبع ذلك من مماحكات جعلت الرجل مستفزاً، إضافة إلى ما أحاط ذلك من جو التشكيك والتحريض، والذي دفعه إلى رفض أي نوع من محاولات رد هذه الهوة أو عودة الحوار بينه وبين الرئيس إلى ما كان عليه في السابق.



    * ألم يكن حزب الإصلاح الذي يتزعمه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر سبباً في إيجاد هذه الهوة بين الرئيس ونائبه ؟


    ـ للإنصاف ؛ فالإصلاح لم يكن سبباً في الخلاف بين الرجلين، لأن الإصلاح، شأنه شأن الحزب الإشتراكي والمؤتمر الشعبي حزب سياسي يناضل للدخول في المعترك السياسي لإثبات وجوده مثل الآخرين، والإصلاح بقدر ما كانت له مآخذ على الحزب الإشتراكي، كانت له مآخذ على المؤتمر الشعبي العام أيضاً، لكن قيادات الحزب الإشتراكي وخاصة أمينه العام علي سالم البيض كانت غير راضيه عن دخول الإصلاح كشريك ثالث، ربما اعتقاداً منه أن الإصلاح هو الوجه الآخر للمؤتمر، وأنه سيأخذ جزءاً من حصته بالتواطؤ مع المؤتمر.



    * هل تتهمون أشخاصاً محددين ؟


    ـ لا أريد أن أحمل أشخاصاً بعينهم، ولكن من خلال الوثائق التي تظهر كل يوم تتكشف معلومات جديدة وأشخاص كانت لهم صلة بهذه المسألة، وأنا أقول بصراحة إن من كانت الأموال هدفاً بالنسبة إليهم ومن كانت لهم تحفظات على الوحدة نفسها منذ البداية كانوا وراء تصعيد الخلاف بين الرئيس ونائبه وبين التنظيمين ( المؤتمر والاشتراكي ) تمهيداً للانفصال.



    * قبل فترة بسيطة من اندلاع الحرب عقد لقاء في سلطنة عمان بين الرئيس ونائبه لتفادي الحرب ماذا حدث في هذا اللقاء ؟


    ـ نعم، حدث هذا اللقاء في مسقط بين الأخ الرئيس وعلي سالم البيض، وحضره الدكتور عبد الكريم الإرياني من المؤتمر وعبد الوهاب الآنسي من الإصلاح، والدكتور ياسين سعيد نعمان والدكتور عبد العزيز الدالي من الحزب الإشتراكي، وفي اللقاء الذي تم بحضور السلطان قابوس لبعض الوقت، جرى حوار طويل بين الرئيس ونائبه، ويذكر الأخ الرئيس أنه حاول بكل جهده إقناع علي سالم البيض بعودة المياه إلى مجاريها وأن يعودا معاً إلى صنعاء وعدن لتطبيع الحياة السياسية من جديد، لكن البيض رفض ذلك، وكانت شروطه كثيرة وغير واضحة، مثل إعادة الوحدات الشمالية المرابطة في الجنوب إلى الشمال والعكس، بالإضافة إلى جملة من الترتيبات الأخرى التي تتعلق بالوحدة.



    * كيف عالجتم اللحظات الأخيرة قبل إنفجار الوضع العسكري ؟


    ـ سبقت الحرب مشاكل كثيرة ؛ فقد وقعت حوادث هنا وهناك، ودخلت أسلحة إلى عدن وحضرموت بعيداً عن علم الجهات الرسمية المعنية في الحكومة، وجاءت حادثة ( دوفس ) في أبين ثم ذهاب البيض إلى السعودية وسالم صالح إلى الكويت بعد التوقيع على وثيقة العهد والإتفاق في عمان، لتعطي مؤشرات صارخة وقوية من أن الوحدة في خطر، وأن هناك ثمة ترتيبات تهدف إلى الإضرار بها، ثم تلاحقت الأهداف والمواقف السياسية والعسكرية لتصعيد الموقف نحو الإنفجار، برغم استمرار الرحلات المكوكية للوسطاء بين صنعاء وعدن بهدف احتواء الأزمة وإعادة المياه إلى مجاريها.

    وجاءت حادثة اشتباك لوائي الدبابات في عمران يوم 27 إبريل بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، كما يقال، خاصة بعد أن توترت الأمور ووصلت إلى طريق مسدود.

    يوم إنفجار الوضع في عمران وخلال اجتماعنا في مكتب الرئيس في القيادة العامة، حاول الرئيس الإتصال بالنائب ولم يفلح ؛ فأجرينا اتصالاً بوزير الدفاع، وطلبنا منه تعاوناً لاحتواء الموقف ووقف إطلاق النار في معسكر عمران بين المتقاتلين، كما اتصل الأستاذ محمد باسندوة بالسفير الأمريكي لشرح الموقف ومطالبته بالاتصال من جانبه بالبيض لضبط النفس ومنع أية تداعيات، أما الرئيس فقد وجه أوامر صارمة للمتقاتلين بالتوقف عن القتال ولكن بدون نتيجة.



    * كيف وجدتم قيادة الحزب الإشتراكي في هذه الأثناء ؟


    ـ على مستوى بعض القيادات في الحزب الإشتراكي، لم أجد بصراحة ما يدعوني للشك في ضلوعها فيما يجري، لكنني شعرت أن هناك إرادة للتصعيد لا يستطيعون مقاومتها ؛ فمن الواضح أن القرار داخل الحزب لم يعد جماعياً وأن عدداً قليلاً من أعضاء المكتب السياسي يشاركون في إدارة الأزمة.



    * وهل التقيتم علي سالم البيض ؟


    ـ أتيحت لي فرصة اللقاء بعلي سالم البيض أكثر من مرة ولم أسمع منه ما يدل فعلاً على أنه ينوي إعلان الإنفصال، صحيح كانت له شكاوي من تصرفات كان يعتبر أنها تستهدف الحزب ومشاركته في الحياة السياسية، ويعبر عن رفضه بصراحة، لكن لم تكن تدور في خلد أحد أن تصل الأمور بعلي سالم البيض إلى أن يعلن الإنفصال بنفسه، وهو الذي شارك علي عبد الله صالح في صنع الوحدة.



    * كيف تداعت الأحداث، خاصة في 27 إبريل ؟


    ـ صباح يوم 27 إبريل ألقى الرئيس خطاباً بمناسبة يوم الديمقراطية في جمهور غفير في ميدان السبعين، وكان يومها واضحاً وصريحاً وشديداً، وهو يرد على ما جاء في خطابات على سالم البيض التي اتهمت الرئيس والمؤتمر بالتآمر على الحزب الإشتراكي والخروج على اتفاقية الوحدة، وبعد عصر نفس اليوم أنفجر الموقف في معسكر عمران بين اللوائين الأول والثالث مدرع، وقد صعقنا جميعاً، ودعيت القيادة للاجتماع كما جرت محاولة بالقيادة للاتصال للقيادة العسكرية في عمران لوقف القتال، وتم الاتصال بهيثم قاسم طاهر، الذي كان موجوداً في عدن، وطلب منه أن يتواصل مع علي سالم البيض للاتصال بالرئيس حتى نمنع تداعيات الموقف، وحصره وتم اتخاذ قرارات عاجلة لإجراء عملية تحقيق سريعة لتطويق الموقف.

    وبعد حوالي 24 ساعة انتهى القتال بخسائر فادحة من الطرفين، ثم توالت الأحداث بشكل سريع، ولم يمض أسبوع بعد اشتعال الاقتتال في عمران إلا وقد انفجر على جبهات عديدة بداية في ذمار، عدن وأبين وكان ذلك اليوم المشؤوم يصادف الخامس من مايو 94.


    يتبع ......
    [IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/CENTER]
    لنقف صفآ واحدآ ضد العنصريه والطائفيه والمناطقيه

  2. #2

    فارس محمد's Avatar
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    13,816
    Rep Power
    1197

    الحرب ـ الكارثة
    مداواة الجراح





    بدأت الحرب الشاملة؛ فكيف تعاملتم مع ذلك اليوم المشؤوم ؟


    ـ دعاني الأخ الرئيس بصفتي وزيراً للداخلية مع عدد من الوزراء للاجتماع في مقر القيادة، وبنفس الطريقة التي تعاملنا معها في حادثة عمران تعاملنا مع أحداث ذلك اليوم، فحاولت الإتصال بوزير الدفاع هيثم قاسم طاهر ليأمر بوقف إطلاق النار في ذمار، ولم أنجح، وحاول الأستاذ محمد باسندوة الإتصال به، فلم ينجح هو الآخر، كما وجه الرئيس السلطات في ذمار بمنع أي فوضى أو تداعيات، لكن الأمر خرج عن سيطرة الجميع، وبدلاً من تهدئة الأمور في ذمار اندلعت الحرب في يريم.

    حدثت تداعيات هنا وهناك وانتهت الاشتباكات اليوم التالي، والقي القبض على قائد لواء باصهيب الذي حاول الفرار، كما اتصل قائد الأمن المركزي في عدن العميد الموشكي يشكو من تعرض معسكره للهجوم من قبل قوات عسكرية كثيفة، كما تعرضت قوات العمالقة في أبين للمضايقات وإطلاق النار على أفرادها، وسيطر المحاصرون على الأمن المركزي في عدن واعتقل الموشكي وضباط وأفراده.

    وحاول العديد من الأطراف التدخل، منها أمريكية وفلسطينية بهدف وقف تداعيات الموقف، لكن الوضع كان خارج نطاق السيطرة، وهكذا اشتعلت نيران الفتنة لتبلغ ذروتها عند إعلان قرار الانفصال المشؤوم الذي أعلن بعد مرور حوالي أسبوعين على بداية القتال، ولتتواصل بدون انقطاع حتى دخول المكلا في 5 يوليو وبعدها عدن يوم 7 يوليو بعد حرب استمرت 67 يوماً تقريباً.


    ألا يعني لكم ذلك مفارقة من نوع ما.. حصار صنعاء عام 67، استمر 70 يوماً وحرب الإنفصال استمر أيضاً 70 يوماً ؟


    ـ الرقم ليس له دلالة معينة برغم توارده في خاطري أكثر من مرة، وكأننا قد ابتلينا برقم السبعين، التشابه أن الحرب في الحالتين كانت بين الأخوة، ولكنها هذه المرة كانت أكثر شراسة، على الرغم من أنها انتهت كسابقتها بخاتمة سعيدة، حيث انتصرت الوحدة كما انتصرت صنعاء المحاصرة والجمهورية الفتية على قوى الملكية المتخلفة.


    لو عدنا قليلاً إلى الوراء، ونسألكم عن رأي وزير الدفاع هيثم قاسم طاهر بشأن طلبكم وقف إطلاق النار ؟


    ـ هيثم، للأسف كان يتعاطى مع كل ما يطرح عليه بأنه شأن يخص القيادة في الحزب الإشتراكي، وكان يقول لنا : اتصلوا بعلي سالم البيض، وقبل سقوط عدن تم الاتصال به خلال القتال على مشارف المدينة، وإبلاغه تعليمات الرئيس القاضية بالعفو عنه وتفويضه مسؤولية حفظ أمن عدن، إذا هو أوقف إطلاق النار وأيد الوحدة، لكن رده كان مخيباً : اتصلوا بمن في يده القرار، ولو كان قبل هيثم يومها بهذا العرض، لكان بإمكانه التخفيف من الفوضى التي انتهت إليها الأحداث، وخاصة هروب الآلاف إلى جيبوتي وعمان.


    كنتم من المشاركين الأساسيين في إدارة العمليات العسكرية، وسمعنا أنكم كلفتم بالاتصال بالقيادة في عدن وسط لهيب الحرب، للإتفاق على خطة لوقف إطلاق النار.. ما صحة الأمر ؟


    ـ طوال فترة الحرب وخلال ساعات النهار كنت إلى جانب الرئيس في مقر القيادة العامة، وقد أتاح لي ذلك المتابعة المستمرة لما يجري، والمشاركة بالرأي والاتصال وكان الرئيس يعقد إجتماعاً يومياً أحضره مع الإخوة الأستاذ محمد سالم باسندوة، الدكتور عبدالكريم الإرياني وعبد العزيز عبدالغني وبعض قيادات حزب الإصلاح بهدف دراسة ومتابعة المساعي الطيبة، التي كان يقوم بها أكثر من شخص وأكثر من جهة، ولنتابع التقارير عن سير المعركة، ونستمع إلى المواقف التي كانت تعبر عنها بعض الأطراف الدولية وخاصة الأمريكيين والأمم المتحدة.

    كان الأخ الرئيس يدعم أي جهد لوقف إطلاق النار ويوافق على ما يصدر من قرارات الأمم المتحدة، بعد مناقشتها، وذلك برغم معارضة بعض قياد الإصلاح واستياء القيادة العسكرية في الميدان، خاصة وأن الطرف الآخر لم يكن يلتزم بوقف إطلاق النار.

    من جهة أخرى تزايدت الضغوط علينا من الأمم المتحدة، كما أن الأمريكيين كانوا يمارسون ضغطاً علينا عبر رسائل شديدة اللهجة، وكان من الواضح أن الطرف الآخر في قيادة الانفصال بسبب الوعود الخارجية بالاعتراف، لم يكن مستعداً بأي حال من الأحوال لا للمفاوضات ولا لوقف إطلاق النار.

    هل لاحت فرصة لوقف إطلاق النار أثناء سير المعارك ؟

    ـ كانت هناك فرص عديدة، فقد كنا حتى آخر لحظة نتصل بقيادات عسكرية وبصفة خاصة وزير الدفاع هيثم قاسم طاهر، نؤكد عليه اغتنام فرصة وقف إطلاق النار، وإعلان ولائه للوحدة، وتنتهي المشكلة، وكنا نطرح عليه أنه إذا فعل ذلك فلن تدخل القوات العسكرية عدن، لكن رده كان سلبياً كما كانت شروط بعض قادة الحزب، وعلى وجه الخصوص علي سالم البيض غير معقولة ولا مقبولة، فقد كان يشترط عودة القوات المسلحة إلى كرش، أي إلى ما كان عليه الوضع قبل الوحدة، وهذه المطالب في حقيقة الأمر إما أنها كانت قائمة على حسابات مغلوطة ومبالغ فيها، أو أنها محكومة بإرادة خارجية لم يكن بوسع قيادة الانفصال لأسباب لا نعرفها، رفضها أو مقاومتها، ولا شك أن دعوة الرئيس لهيثم وزملائه لوقف إطلاق النار كانت جادة، ولم يكن لديه من شروط حتى آخر لحظة سوى الإعلان عن تأييدهم للوحدة.

    كيف تقبلتم إعلان الانفصال من قبل علي سالم البيض ؟

    ـ أصبنا بصدمة شديدة عندما سمعنا ذلك الإعلان، يومها كنا في مبنى القيادة، وعندما شاهدنا في التلفزيون نائب الرئيس يعلن الانفصال كان لنا ذلك فاجعة، ولا أخفيك القول؛ فقد أثار الإعلان مخاوف الجميع بعودة شبح الانفصال ليجثم على رؤوس اليمنيين من جديد.

    وأشهد للرئيس علي عبدالله صالح أنه كان أكثرنا تماسكاً في هذا الموقف، وأكثر تفاؤلاً، على الرغم من أن الكثير منا كان متشائماً، ويشعر بفقدان الأمل، وفي فجر اليوم التالي ذهبنا جميعاً إلى جامع الشهداء لصلاة عيد الأضحى، ويومها ألقى الأخ الرئيس خطابه المشهور، الذي أكد فيه تمسك اليمنيين بالوحدة، والقتال من أجل صيانتها حتى آخر رجل فينا، وكان خطابه صيحة مدوية أستجاب لها عامة الناس بحماس منقطع النظير.

    هل كانت لديكم أنباء سابقة من أن البيض سيعلن الانفصال ؟

    ـ قبل إعلان البيض للإنفصال كان الرئيس أجرى إتصالين أو ثلاثة بالملك فهد بن عبدالعزيز يطلب منه بذل مساعيه لإقناع علي سالم البيض بالعدول عن قرار إعلان الإنفصال، وأننا من جانبنا مستعدون للتفاوض للوصول إلى حل، وقد رحب الملك فهد بهذا المقترح وأبدى حماساً استبشرنا خيراً، لكن لم تكد تمر ساعة حتى جاء إعلان الإنفصال لينزل علينا كالصاعقة.


    هل كانت لدى القيادة اليمنية مخاوف من أن يصبح أمراً واقعاً، وأن تستجيب له بعض الدول، وخاصة الدول الإقليمية ؟

    ـ بالطبع كانت لدينا مخاوف من إطالة أمد الحرب ومن احتمال تدخلات خارجية، وكان في قرارة نفس كل واحد منا غضب شديد على البيض وإدراك واع بأن الخطر كبير، وعلى الرغم من قناعتنا بأن الوحدة خيار لا تراجع عنه، كان البيض يعتقد أن الإنفصال يمكن أن ينتصر لبعض الوقت، وينجح في بعض المحافظات، وان ذلك قد يجلب تدخلاً خارجياً يحول دون استمرار القتال، وقد يؤدي إلى فرض صيغة أخرى للوحدة، ولهذا كنا نتوقع كل الاحتمالات، وحتى ما لا يمكن حدوثه وضعناه بعين الإعتبار في أذهاننا، وفي نقاشاتنا.

    ما هي الإستراتيجية التي اعتمدها الرئيس صالح لامتصاص هذه المخاوف ؟

    ـ الإستراتيجية التي اتبعها الرئيس بصفة خاصة، كانت تقوم على مخاطبة المواطنين في الجنوب كما في الشمال واستنفارهم للدفاع عن الوحدة والمبادرة في الحركة وعدم الوقوف أو التردد أمام أية تهديدات أو مخاوف، وكان التجهيز والإعداد للمقاتلين يجري أولاً بأول، بالإضافة إلى تشجيع الوحدات العسكرية الجنوبية على مقاتلة أعداء الوحدة وخاصة التي وقفت مع الشرعية أو تلك التي انضمت إلى الشمال من الجنوب عقب أحداث 1986، بالإضافة إلى الشخصيات العسكرية الأخرى.

    وقد ساهم الزخم الشعبي والدعم الكاسح للوحدة برفع معنويات الجميع، حيث تلقى المقاتلون الدعم من المواطنين بشكل مواد غذائية مختلفة أو من خلال ما تجسد من التزامهم بالسكينة والهدوء، وكوزير داخلية حينها يمكنني القول إن الفترة الوحيدة التي نزل فيها منسوب الجريمة إلى أدنى حد ممكن كانت فترة الحرب ؛ فالذين كانوا يقومون في الماضي بأعمال عنف وجهوا كل اهتمامهم إلى المعركة لحماية الوحدة والدفاع عنها.



    كيف أدرتم المعركة الدبلوماسية مع الخـارج، بخاصة مع تزايد الانتقادات لطول أمد الحرب ؟


    ـ هذه المعركة لم تكن تقل شراسة عن المعركة التي كنا نخوضها في الميدان، فقد كان هناك نشاط مكثف لجيراننا، وكل الذين كانوا يدعمون ويمولون الانفصاليين، يتمثل في الضغط على الأمم المتحدة وعلى مجلس الأمن ودول أوروبا والولايات المتحدة لإصدار تلك القرارات المتتالية الداعية لوقف القتال وإرسال مبعوث الأمين العام لزيارة الطرفين، وغيرها من القرارات الضاغطة على صنعاء يتصاعد هذا الموقف، وبدأنا نشعر أنها كما لو كانت مؤامرة دولية على اليمن وليست إقليمية.

    وقد خاضت القيادة السياسية بمهارة أكثر منها في خوض المعركة العسكرية، وكنا نقوم بدراسة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ونقبل بها دون تحفظ، وهو ما لم يكن منتظراً أو متوقعاً منا قبوله سواء بإستقبال مبعوث الأمم المتحدة أو بوقف إطلاق النار والبدء في تطبيقه أو غيره، لأننا كنا متأكدين أن الطرف الآخر لن يلتزم أبداً بهذه القرارات وأننا إذا لم نوافق عليها ستكون مبرراً للتدخل.

    وأذكر أنه عندما تقرر إرسال مبعوث للأمم المتحدة وهو الأخ الأخضر الإبراهيمي أعتبر كثيرون أن هذا تدخل، بل كان هناك في القيادة من يرفض إستقباله، ويرى أن ذلك بداية النهاية بالنسبة للمعركة لصالح الطرف الآخر، غير أننا استقبلنا الأخضر الإبراهيمي، والذي أوفد كمبعوث للأمم المتحدة وأطلعناه على حقيقة الوضع، ولحسن الحظ كان الإبراهيمي متفهماً ومستوعباً لموقف صنعاء، كما كان على علم باللعبة الخارجية التي تحاك ضد الوحدة، وقد وقف مع الحق ومع رغبات الشعب اليمني.

    وخضنا معركة أخرى تمثلت في منع النقل الجوي وتوقف الخطوط الجوية من الطيران إلى اليمن لأسباب السلامة، وبالنسبة للنقل العسكري الجوي فقد استمر النزول في مطار المكلا وكذا النقل البحري لدعم الطرف الآخر، حيث كانت الطائرات والبواخر تحمل إمدادات عسكرية لمساعدته، وظهرت طائرات ( ميج 29 ) ومدافع ودبابات حديثة الصنع لم تكن موجودة أصلاً في المؤسسة العسكرية للبلاد، كما توفرت أغذية هائلة وراقية في كل من حضرموت وعدن، بينما توقف عنا الإمداد وحجزت بواخرنا في البحر بسبب الحظر، وكان علينا من جانب آخر أن نذهب إلى الأمم المتحدة وواشنطن وأوروبا وموسكو لمواجهة المعركة الخارجية والدبلوماسية في ميادينها وذهب للقيام بهذه المهمة الأستاذ محمد سالم باسندوة والدكتور عبدالكريم الإرياني والأستاذ عبدالعزيز عبدالغني والأستاذ عبدالله غانم وغيرهم.



    ماذا طرح لكم الأخضر الإبراهيمي عند وصوله إلى صنعاء ؟


    ـ كانت هناك مساع للمصالحة ولوقف إطلاق النار ووضع ترتيبات لهذا الأمر، وبدء التفاوض واللقاءات مع الطرف الآخر، واكتفينا بشرح شرعية موقفنا، وتوافقه مع القانون الدولي، مؤكدين له أن الوحدة قدر يمني لا يمكن التراجع عنه أو التفريط به، لأن وحدة اليمن تمت باتفاق الأطراف المعنية بإرادة شعبية ورسمية، وأنه ليس لدينا ما يمنع من وقف إطلاق النار وأن نسمع وجهة نظر الطرف الآخر.

    وقد ذهب الإبراهيمي إلى حضرموت للالتقاء بعلي سالم البيض، واعدت له مظاهرات خاصة في المكلا، ولكن المعارك تسارعت فلم تترك فرصة لأية ترتيبات أو إجراءات طالب بها البيض وكانت الأمم المتحدة تزمع القبول بها مثل إرسال مراقبين ميدانيين لوقف إطلاق النار والفصل بين القوات.

    يتبع...............
    [IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/CENTER]
    لنقف صفآ واحدآ ضد العنصريه والطائفيه والمناطقيه

  3. #3

    فارس محمد's Avatar
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    13,816
    Rep Power
    1197


    هل كانت من ضمن الترتيبات التي يعدها الإبراهيمي أن يلتقي الرئيس والبيض ؟

    ـ كان اللقاء متعذراً ومتأخراً ولم تكن المسألة مسألة لقاء، فقد كان الأهم من ذلك هو كيف يتم توقيف إطلاق النار ثم البدء بالمحادثات.

    كيف كان الموقف الأمريكي من هذه التطورات ؟

    ـ اعتقد أن الموقف الأمريكي كان أميل إلى دعم الوحدة، ولكن مع طول مدة الحرب ومع الضغوط التي كانت تمارس على الأمريكيين من قبل الجيران ومن آخرين بدأت تظهر ردود أفعال متباينة حيال الموقف داخل واشنطن نفسها، وقد انعكس ذلك في المحادثات التي أجراها الدكتور الإرياني مع وزيرة الخارجية الأمريكية وفي الرسائل التي تلقاها الرئيس علي عبد الله صالح من الإدارة الأمريكية، والتي اتسمت بالضغط من أجل وقف الزحف على عدن، وخاصة بعدما تردد عن انقطاع المياه والكهرباء وظهور بعض الأوبئة وخاصة الرسالة الأخيرة، التي أكدت أن واشنطن تعتبر المكان الذي يفصل القوات الزاحفة على عدن وبين مدينة عدن خط أحمر لا تقبل بتجاوزه أو اختراقه من قبل القوات الحكومية.


    وماذا كان موقف الرئيس ؟


    ـ كان الرئيس يومها واضحاً وصريحاً مع الأمريكيين، وقال لهم إن هذه بلادنا ونحن لا نعترف لا بخط أحمر ولا بخط أخضر، وقال للسفير الأمريكي آرثر هيوز إن على الأمريكيين أن يتذكروا تاريخهم في الحرب الأهلية الأمريكية قبل 200 عام ليدركوا طبيعة المعركة التي سنستمر في خوضها حتى انتصار الوحدة، كما أكد لهم أنه لا يمانع من وقف إطلاق النار وإفساح المجال لأي نوع من المساعي الطيبة، لكننا لا نقبل بقرار خارجي يفرض علينا ونرفضه رفضاً تماماً.

    ومن حسن الحظ فقد تزامنت هذه الرسالة مع اقتراب دخول قواتنا مدينة المكلا في الخامس من يوليو 1994، وبالتالي جاءت الرسالة بعدها بـ 48 ساعة شفوية تبحث في إمكانيات أن يتوقف إطلاق النار حتى تنتقل شخصيات القيادات من عدن على قوارب إلى جيبوتي أو مكان آخر فقال لهم الأخ الرئيس إن ذلك أمراً ممكناً ولا اعتراض عليه.


    في تلك الأيام خاطب الرئيس قادة الإشتراكي، بأن عليهم
    الرحيل عبر البحر، فهل هذه المسألة كانت بترتيب كامل مع الأمريكيين ؟

    ـ أريد أن أؤكد لك، أنه رغم أن الرئيس وافق على أية ترتيبات لتأمين انسحاب قيادة الانفصال، لكنه لم تحدث أية ترتيبات من هذا النوع مع إقتراب القوات من عدن بعد دخول المكلا، فقد غادرت القيادات الانفصالية بحراً، وتركت كل شيء وراءها وكما نذكر جميعاً، أشعلت النيران في كثير من الأماكن التي كانت فيها مواد متفجرة أو ذخائر أو حتى مواد تموينية.



    ألم تحدث اتصالات مع أي من القيادات في عدن قبل دخولها ؟


    ـ جرى الاتصال باسم الرئيس بوزير الدفاع هيثم قاسم طاهر، وكان ذلك بعد دخول المكلا، يقول أنه بإمكانك إعلان إدانتك للانفصال ورفضك له باسمك وباسم من يريد في عدن وحضرموت وسيتوقف إطلاق النار وتعتبر مسؤولاً عن السيطرة على الموقف، وسنعتبر كأن شيئاً لم يحدث، فكان رد هيثم مثل الرد السابق: تخاطبوا مع قيادتنا، التي عندها حق اتخاذ القرار، وبذلك فوت هيثم فرصة تاريخية في نظري لإصلاح الوضع حينها.

    وبدلت جهود مع قيادات عسكرية أخرى في محاولة لإقناعها بإدانة الانفصال والانضمام إلى الشرعية، لكنها كلها فضلت خيار المغادرة وترك البلاد.

    كيف تم التنسيق والترتيب لخروج علي سالم البيض إلى مسقط، هل جرى ذلك مع سلطنة عمان ؟
    ـ لم يتم أي ترتيب من أي نوع لا مع عمان ولا مع غيرها، وما أعلمه أنه عندما قتل وزير النفط صالح أبوبكر بن حسينون، وبعد أن حضر البيض جنازته، جمع أشيائه واصطحب زوجته ومن معه وغادروا في قافلة واحدة إلى الحدود العمانية، التي فتحت لهم أبوابها وسمحت للبيض بالإقامة في مسقط، فيما جمعت كل الذين نزحوا إليها في أماكن معينة داخل أراضيها تمهيداً لإعادتهم إلى اليمن.

    كيف تم تحديد قائمة الـ16 المسؤولين عن الانفصال والحرب ؟

    ـ في ضوء المواقف المعلنة وغير المعلنة وفي ضوء الأدلة التي توفرت عبر الوثائق التي حصلت عليها الدولة وشهادات الذين عادوا مستفيدين من العفو العام أمكن للقيادة تحديد العناصر المخططة والمنفذة للانفصال، وفي ضوئه تم تحديد المتهمين، خاصة بعد مغادرتهم للبلاد وإصرارهم على التمسك بمواقفهم من الوحدة.


    ألم يكن إختياراً عشوائياً ؟


    ـ لا، لم يكن إختياراً عشوائياً، فقد جرى للقائمة نقاش طويل، حيث كانت القائمة تصغر وتصغر إلى أن وصل العدد إلى 16.

    كم كان العدد في بداية الأمر ؟

    ـ في البداية كان الرقم يصل إلى نحو 40 ثم إلى 30 إلى أن وصل إلى 16.

    بعد 70 يوماً من الحرب، كيف وجدتم البلاد، وكيف عالجتم آثارها ؟

    ـ لا شك أن الحرب ألحقت خراباً واسعاً بالبلاد بدءاً من عمران وحرف سفيان وانتهاء بالمهرة، ولم يكن هذا الخراب على صعيد المؤسسات والمصالح العامة ومصالح الناس فقط، بل في القوات المسلحة أيضاً، التي فقدت عشرات الطائرات ومئات الدبابات ومئات المدافع واستشهد فيها آلاف الجنود والضباط وأصيب عشرات الآلاف وهي خسارة لا يمكن تعويضها لزمن طويل قادم ناهيك عن الخراب الواسع الذي مس كل مرافق الدولة ولا تزال آثاره موجودة حتى اليوم في مطار عدن وغيره من المرافق.

    ولمعالجة الأضرار التي مست مرافق الخدمات مثل الكهرباء والمياه قام الدكتور محمد سعيد العطار القائم بأعمال رئيس الوزراء بزيارة المكلا وعدن ومعه الحكومة، وأقام فيهما للإشراف مع الوزراء على الإصلاحات والتأكد من عودة الخدمات وبحكم منصبي كوزير داخلية وبتكليف من الرئيس والحكومة أقمت في عدن بعد الحرب لترتيب الأوضاع وإعادة الخدمات وطمأنت المواطنين وكان معي الأخوان رئيس هيئة الأركان حينها العميد عبدالملك السياني، ورئيس جهاز الأمن السياسي اللواء غالب مطهر القمش وآخرون.

    وقد كرسنا إهتمامنا في عدن على تهدئة خواطر الناس والعمل على توفير المواد الغذائية، سواءً تلك التي تبرع بها للمدينة مواطنون أو تجار أو من الدولة، بالإضافة إلى القيام بإصلاح المرافق الرئيسية، مثل المياه والكهرباء وغيرها من المؤسسات الهامة.

    كما واصلنا ما قام به قبل طلوعه إلى صنعاء وزير الدفاع الفريق عبد ربه منصور من تطمين قيادات الإشتراكي الذين بقوا في عدن مثل الأخ يحي الشامي وعبد الواسع سلام وآخرين حيث أعطاهم تصاريح مرور وحمل سلاح شخصي، كما حثهم على القيام بدورهم في تهدئة خواطر الناس وأعضاء الحزب وتشجيعهم على الخروج إلى الحياة والإستفادة من العفو الشامل الذي أعلنه الرئيس علي عبدالله صالح.

    وجاء الرئيس إلى عدن قبل مرور شهر من انتهاء الحرب، حيث التقى بقيادة الإشتراكي المقيمة في عدن، وحثهم على إتخاذ موقف شجاع من الانفصال ووعدهم بالعمل على تذليل المشاكل التي يواجهونها جراء أحداث الانفصال.


    هل حدثت عمليات إنتقام في عدن بعد الحرب، سواءً من عناصر حكومية أو من عناصر كانت لها خصومات سابقة مع الحزب الإشتراكي ؟


    ـ من حسن الحظ لم تقع مثل هذه الحوادث، لأننا تحوطنا لها، من خلال منع حمل السلاح، خاصة في عدن وفي المدن الأخرى، وفي التشديد على تحرك الذين لهم ثارات قديمة بسبب الأحداث التي شهدتها عدن في فترات سابقة.

    لا شك أنه كان لدى بعض الإخوة من أعضاء الحزب الإشتراكي الذين نزحوا عام 1986، من يعتبر أن له الحق في استعادة منزله الذي أخذه خصومه، سواءً من قيادات الانفصال أو التي نزحت إلى خارج البلاد، ومع ذلك عملنا كل ما بوسعنا لمنع الإحتلال العشوائي للمنازل، إلى أن صدر قرار مجلس الدفاع الأعلى الذي ينص على أنه يحق لمن أخذ منزله استعادته، ولكن بشرط أن يتم تعويض الساكن بما يوازي السكن الذي أخذ منه، أما عملية الإنتقام كتلك التي حصلت في الماضي فلم تحدث إطلاقاً.


    كيف حوفظ على ممتلكات نائب الرئيس علي سالم البيض في عدن ؟


    ـ كان البيض كنائب للرئيس يقيم في المعاشيق وفي المنزل المطل على قاعة فلسطين، وخلال الحرب أقامت قيادة جبهة عدن برئاسة عبدالرحمن الجفري في هذه الدار وفي المعاشيق، ولم يكن فيه سوى الأثاث الحكومي، وعند دخول عدن أقامت القيادة الشرعية فيها هي الأخرى، ولكنها كانت شبه خالية من الأثاث بعد أن نهب وأتلف معظمه خلال الحرب.


    كم تقدرون الخسائر التي لحقت باليمن من جراء الحرب ؟

    ـ صدقني أنها لا تقل عن 10 مليارات دولار أمريكي، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار الخسائر البشرية والعسكرية والمادية، فالخسائر لا شك، كانت رهيبة، ولو راجعنا مراجعة بسيطة لخسارة اليمن من توقف عجلة التنمية وحجم الأموال التي ضاعت والمساعدات والأموال التي حجبت عن مشاريع كانت تحت الإنشاء لأدركنا كم كانت الخسارة هائلة ومؤلمة.



    لو سألتكم بصراحة عمن كان له الدور الأكبر والأساس في إيصال الأمور إلى هذه الدرجة من التوتر، سواءً في الأزمة السياسية أو الحرب.. أقصد مساهمة الآخرين من كانوا خارج السلطة، أسأل مثلاً عن عبدالرحمن الجفري ودوره ؟


    ـ أعتقد أن عبدالرحمن الجفري عندما كان موجوداً في صنعاء خلال الأزمة السياسية وفي اللقاءات التي تمت لإنجاز وثيقة العهد والإتفاق كان وحدوياً، لكن أن يحدث ما حدث وهو في عدن ويتحول مرة واحدة في اتجاه معاكس، هذا وضع محير ولا يستطيع تفسيره غير الجفري نفسه.

    أما عن الآخرين فقد وضحت مواقفهم وخاصة ممثلي الأحزاب الذين كانوا قبل الحرب وخلال الأزمة مؤيدين لمطالب الحزب، فإنهم بعد نشوب الحرب وقفوا مع الوحدة، سواءً أحسنا أو أخطأنا الظن، فالماضي يجب ما قبله ولا زلت أتمنى أن نلتف جميعاً حول الوحدة، ونعمل على بناء اليمن الجديد في ظل الديمقراطية والتعددية الحزبية التي تنعم بها بلادنا اليوم.



    هناك من يطرح أن الرئيس والجفري كانا متفقين على أن يصلا بالأمور إلى هذه الدرجة من التوتر حتى يتخلص الجميع من العدو والخصم المشترك وهو الحزب الإشتراكي ؟ ما ردكم ؟

    ـ هذه الافتراضات والإتهامات غير صحيحة فقد جبت الوحدة ما قبلها وترسخت علاقات المودة بين صناع الوحدة من الإشتراكي والمؤتمر ومن الأحزاب الأخرى إلى أن نزغ الشيطان بين الإخوة وتداعت الأمور ووقع البعض في حبائل المؤامرة التي كبدت اليمن خسائر لا تعوض.

    وكيف تقيمون دور حيدر أبو بكر العطاس ؟

    ـ حيدر العطاس كان رجل دولة من الطراز الأول، فخلال رئاسته للحكومة، كان فعلاً على مستوى المسؤولية ولا يمكن أن ننكر حنكته في إدارة شؤون الحكومة، ومرونته في التعامل مع وزراء الحكومة الائتلافية من الإشتراكي والمؤتمر والإصلاح برغم تباين رؤاهم واختلاف مواقفهم.

    أما ما يتعلق باشتراكه في الانفصال وتنكره للوحدة فهو أمر مفروغ منه، وفي إجاباته على أسئلة جريدة " الخليج " ما يغني عن شرح دوره.

    وماذا عن الآخرين.. علي ناصر محمد مثلاً، هل أجريت إتصالات مع الرجل ؟

    ـ علي ناصر محمد مناضل قديم وسياسي مجرب، ولا شك أن أحداث يناير 1986 تركت لديه الاقتناع بأن الخوض في صراع جديد ليس في مصلحة اليمن ولا في مصلحته، لهذا وقف موقفاً مؤيداً للوحدة، ولا شك أن هذا الموقف كان بالنسبة له مدروساً ومحسوماً، ولم يبد حماساً لإقحام نفسه في المعركة نفسها سواء سياسياً أو عسكرياً.


    لكن عرض عليه علي سالم البيض منصب نائب الرئيس في الدولة الإنفصالية ؛ فهل تشاور مع الرئيس علي عبد الله صالح في الأمر ؟

    ـ لا شك أن اتصالات جرت بين الرجلين، لكنه كان قد حدد موقفه من الانفصال عندما وقف إلى جانب الوحدة منذ البداية، ويهتم الأستاذ علي ناصر محمد بالتاريخ، لذا فهو لا يقدم على إتخاذ أي موقف دون دراسة متأنية، وكان تواصله مع الأخ الرئيس مستمراً، وكان يبدي قلقه من استمرار الحرب ويرغب في إنهائها في أسرع وقت.



    في إجاباتكم الصريحة والواضحة عن المصالحة العام 1970، قلتم إنكم استقبلتم العائدين من الملكيين الذين خاضوا حرباً مع النظام لثمان سنوات بالأحضان، وكأن شيئاً لم يحدث.. هل يمكن لهذه اللحظات أن تتكرر في مصالحة أخرى بعد حرب 1994 ؟


    ـ المقارنة بين حرب 1962-1970 التي خاضها الشعب اليمني للدفاع عن نظامه الجمهوري وبين حرب العام 1994، التي خاضها الشعب اليمني للدفاع عن وحدته، صعبة وغير منصفة، برغم وجود أوجه شبه ؛ فمن جهات المقارنة لا يمكن مساومة جريمة شن حرب لزعزعة نظام جمهوري والعمل على هدمه وإحلال نظام ملكي متخلف محله بحجم جريمة شن حرب لتقسيم شعب والقضاء على وحدته التي ناضل من أجل تحقيقها مئات السنين ؛ فالأخيرة أكثر فداحة وأشد ضرراً على الوطن، لكن من ناحية التشابه فثمة أوجه تشابه بين الحربين، مثل اقتتال الإخوة، وإدعاء كل طرف أنه على حق وانتصار القضية العادلة في نهاية المطاف واعتراف المخطئ بخطه وعفو الفائز عن الخاسر وانتصار أواصر الأخوة وروابط القربى على الحزازات والأحقاد، لتعود الألفة من جديد بين الإخوة المتصارعين تظللهم جميعاً شجرة الوطن الوارفة.

    ولا شك إن ما شهدناه من عودة آلاف السياسيين والعسكريين النازحين بعد حرب 94 إلى أعمالهم برغم مشاركتهم في حرب ضد دولة الوحدة يكرر ما حدث عام 1970 حينما عاد الملكيون إلى صنعاء للمشاركة في إدارة البلاد تحت ظل النظام الجمهوري الذي حاربوه لمدة ثمان سنوات وإني أتطلع إلى عودة المتخلفين في الخارج إلى الوطن وعودة المياه إلى مجاريها تحت ظل راية الوحدة التي لا انفصام لها.



    يتبع................
    [IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/CENTER]
    لنقف صفآ واحدآ ضد العنصريه والطائفيه والمناطقيه

  4. #4

    فارس محمد's Avatar
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    13,816
    Rep Power
    1197


    هل تريدون القول إن علي سالم البيض يتساوى مع الإمام البدر وأسرة آل حميد الدين ؟

    ـ كل منهم له قضيته، والفارق أن القضيتين لهما علاقة بالزمن وبالأيديولوجية والعقيدة، فالبدر كان يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء كي يحكم اليمن بعقلية الماضي وعلي سالم البيض خطأه الأكيد أنه حاول التفريط بعمل عظيم شارك في إنجازه ونسى أنه لم يعد صاحب الحق في التصرف به، لأن ما عمله أصبح من حق الشعب والأمة ولم يعد من حقه، ولا من حق علي عبدالله صالح أو أية جهة أخرى تريد التفريط به، وبالنسبة للمقارنة فلا مجال لها هنا، فعلي سالم البيض لا يمكن إنكار دوره النضالي ومساهمته في صنع الوحدة برغم تفريطه بها.



    لو سألتكم عن رأيكم الصريح بعلي سالم البيض، فماذا يمكنكم قوله، وكيف تشهدون للرجل من واقع معايشتكم له ؟


    ـ علي سالم البيض كان له دور نضالي في ثورة 14 أكتوبر وفي بناء الدولة في الجنوب، وأبرز وأهم أدواره التي دخل بها التاريخ من أوسع أبوابه مشاركته في صنع دولة الوحدة وبإرادة لا أشك لحظة واحدة بأنها كانت صادقة، لكن البيض الذي أعرفه معرفة جيدة كان مليئاً بالشك وخضع لعملية تشكيك مدروسة هدفت إلى تضليله، فأثرت عليه وغيرت علي سالم البيض الذي كنا نعرفه وجعلت منه شخصاً آخر حاد الطباع، شديد الجفوة، كثير الشكوك بالآخرين، وأنا على ثقة أن التوفيق خانه فأقدم على عمل لا يمكن أن يرضى عنه لا هو ولا التاريخ.



    ما هو تقيمكم لدور اثنين من أبرز القادة العرب في أزمة اليمن الأخيرة : الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومحمد حسني مبارك ؟


    ـ أنا من المعجبين جداً بالشيخ زايد بن سلطان، الذي يعتبر رائداً عربياً وحدوياً وصاحب رؤية مستقبلية، وذلك لما نعلمه من إنجازه لهذه المعجزة التي تعرف بـ " دولة الإمارات العربية المتحدة " ولا شك أنه يعد في تاريخ الأمة العربية فارساً، لم يعد له وجود في هذه الأيام، سواء في تعاطفه مع العرب أم في تعاطفه معنا خاصة خلال سنوات ما قبل الوحدة أو ما أنجزه لشعبه أو في ما ساهم به من تنمية عربية في مصر وغير مصر.

    وكذلك الرئيس محمد حسني مبارك فهو شخصية عربية لا يقل عطاؤها ودورها عن عظمة مصر وما عمله لا يمكن الإستهانة به، مع أنه لم يكن يتوقع أحد أن يستطيع مبارك قيادة السفينة بهذه المهارة بعد السادات وعبد الناصر.

    لكن فيما يتعلق بالوحدة، فباعتقادي أن أحداث الخليج والموقف اليمني من هذه الأحداث، والذي للأسف الشديد أسيء فهمه حتى من قبل الشيخ زايد بن سلطان، أثرت على موقفه ومواقف قيادات بلدان الخليج من دولة الوحدة، خاصة أثناء الحرب عام 1994.. موقف الإمارات مثل موقف بلدان أخرى لم يكن رافضاً لهذا الإنفصال، سواء بدوافع لها علاقة بحرب الخليج، أو بدوافع لا نعلمها قد تكون لها علاقة بمعلومات مغلوطة، هذا طبعاً رأيي الشخصي ونفس الرأي بالنسبة لموقف الرئيس محمد حسني مبارك الذي كانت اليمن تتوقع منه الدفاع عن الوحدة امتداداً لدعم مصر الدائم لقضايا العروبة والوحدة، ولكن الموقف كان محايداً تحت تأثير حملة التضليل التي استهدفت الوحدة.


    أكتفي بهذا القدر ....

    أتمنى أن يتمعن الشخص منا في قرأت هذه المقابله .....

    فهناك حقائق كثيره وضعت هنا ...


    خالص التحيه والتقدير
    [IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/CENTER]
    لنقف صفآ واحدآ ضد العنصريه والطائفيه والمناطقيه

  5. #5
    الوحيشي's Avatar
    Join Date
    Apr 2003
    Location
    Riyadh, Saudi Arabia, Saudi Arabia
    العمر
    40
    Posts
    16,667
    Rep Power
    1044
    يقال ويشاع أن سبب إغتياله المفبرك المعتاد عليه في اليمن للتخلص من القادة السياسيين من قديم الأزل ( فتح الفرامل - إنقلاب في خط سفر - حادث ) وهذه المقابلة وما نشأ بعدها من خلاف واتساع هوه على أثرها بينه وبين السلطة الحاكمة وأوصل المسألة إلى ما وصلت إليه .... وإن كنت أظن أن موته طبيعياً أكيد ولستُ أؤمن كثيراً بالإشاعات .

    أحببت أن أطيل ولكني منشغل جدا في هذه الأيام واعتذر منك ومن الجميع أخي العزيز فارس محمد على القصور في الحضور والمشاركة ولكنها غمه وستزول إن شاء الله .

    تحياتي لك ودمت بود
    Last edited by الوحيشي; 29-04-2007 at 01:03 AM.

  6. #6

    السـ عربي ــيد's Avatar
    Join Date
    Nov 2006
    Location
    بين اورقي المبعثره
    العمر
    40
    Posts
    483
    Rep Power
    237
    هذه الشخصيه كانتنموذج ورمز يفتقر اليه اليمن هذه الايام

    اماحادثة اغتياله فالشائعات حدث ولا حرج

    والف رحمة الله عليه

    موضوع جميل جدا وشيق لمعرفة جزء من تاريخ هذا الرجل العظيم
    تحياتي اليك الغالي فارس
    خـــذ تعـــريف عني اذا كان يرضيــــك ***** اسمي المهاجـر ابو خــالد وارضي يمانيـة
    من نسل يافع بني قاصــد ذيب وحاميـك****** ضيف المكارم حسام وقت الشدائد والمنية
    من كلماتي

  7. #7

    فارس محمد's Avatar
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    13,816
    Rep Power
    1197
    Quote Originally Posted by الوحيشي View Post
    يقال ويشاع أن سبب إغتياله المفبرك المعتاد عليه في اليمن للتخلص من القادة السياسيين من قديم الأزل ( فتح الفرامل - إنقلاب في خط سفر - حادث ) وهذه المقابلة وما نشأ بعدها من خلاف واتساع هوه على أثرها بينه وبين السلطة الحاكمة وأوصل المسألة إلى ما وصلت إليه .... وإن كنت أظن أن موته طبيعياً أكيد ولستُ أؤمن كثيراً بالإشاعات .

    أحببت أن أطيل ولكني منشغل جدا في هذه الأيام واعتذر منك ومن الجميع أخي العزيز فارس محمد على القصور في الحضور والمشاركة ولكنها غمه وستزول إن شاء الله .

    تحياتي لك ودمت بود


    تعددت الأسباب والموت واحد .....

    قيل الكثير أخي الكريم حول هذا .....!!!

    وكل ماقيل لن يعيد الراحل رحمه الله ولن يستطيع أي حادث أو حتى موته أن يطمس رجال مثل هذا الأسطوره .

    أسعدني تواجدك أخي العزيز وأتمنى لك التوفيق وكل الخير وزوال الغمه بأذن الله .

    لك
    جل أحترامي وتقديري
    [IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/CENTER]
    لنقف صفآ واحدآ ضد العنصريه والطائفيه والمناطقيه

Thread Information

Users Browsing this Thread

There are currently 1 users browsing this thread. (0 members and 1 guests)

Similar Threads

  1. الشيخ ناجي بن عبد العزيز الشايف : باسندوة أخ كريم وصخر الوجيه ابني
    By أخبار التغيير نت in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 12-07-2012, 08:40 AM
  2. Replies: 0
    Last Post: 18-04-2012, 05:31 AM
  3. Replies: 10
    Last Post: 08-06-2010, 12:07 PM
  4. Replies: 11
    Last Post: 26-05-2009, 01:14 AM
  5. رغم الفساد بعد الوحده مازلت احب الوحده
    By الطبيب البهلولي in forum ملتقى السيـاسـة
    Replies: 6
    Last Post: 09-04-2006, 04:24 PM

Bookmarks

Posting Permissions

  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •