الشرعية الدولية لم ولن تهديكم دولة الجنوب ( د. فاروق حمزة )




صنعاء / لندن "عدن برس " : 9/1/2007
في الواقع كثيرة هي الأحوال في الوهم أو التوهم، عندما يحاول سياسيو أي نظام في العالم، أن يستمدوا في تعاملاتهم مع الواقع الموضوعي، من خلال وهم واقعهم السياسي الشخصي، أي أنهم ينطلقون به من مجرد تفكيرهم الذاتي، ليطبقونه على الواقع الموضوع والمتشبع بالرفض


، وهنا تعكس المعادلة وتكون نتيجتها الفشل المحتوم، لأن هكذا تفكير يبقى مجرد معلق بالهواء ويظل حبيس الدهن ليس إلا، ولا له أية ارتباطات بالواقع الموضوعي إطلاقاً، والذي هو أصلاً موضوع التعاملات والتفكير، لأن الحقيقة وعلى الدوام لا تتطلب إلا شئ واحد فقط ولا غيره وهو أن الواقع الموضوع هو الذي يفترض أن يرسم، أو يصبغ تفكير الدهن في خلق سياسات التفكير بالواقع الموضوعي.
ويبدو لي بأن هذا هو ما أوقع نظام صنعاء في هكذا تفكير خاطئ، أستمده لنفسه من واقع تفكيره الذاتي ليس إلا، والذي به وكأنه قد أفتكر لنفسه بأن الشرعية الدولية، قد أهدته دولتنا، دولة جمهورية اليمن الديمقراطية وأبناءها، ولأنه بهكذا تفكير، أستمده من مستوى واقعه السياسي وتفكيره الذاتي، وكأنه وبهكذا تحليقاً بالهواء، قد أفتكر لنفسه، بأن نظامه أي نظام الشمال، هو نظام ديمقراطي بل وشبيه بأنظمة الدول الإسكندنافية والتي قد وصلت إلى مستوى كبير في الحضارة والرقي، ولذا وبهكذا وكأنه أيضاً قد ارتأت الشرعية الدولية بجعلنا مجرد رهائن وعندهم ليتصرفوا بنا وبدولتنا كما يشاؤن ... لذا نجده وبالذات وفي إعلامه لا يذكر شيئا على الإطلاق، عن شئ أسمه شعب الجنوب ودولة الجنوب، ملتزماً بهكذا مدخرات قد أُهديت له، محتفظا بها لنفسه، متناسياً أو بالأصح وكأنه متجاهلاً قرارات دولية قد أُصدرت من قبل هذه الشرعية الدولية نفسها، في الإنصاف لشعبنا ودولتنا من هكذا عبث واحتلال بل واغتصاب. والحقيقة إن نظام صنعاء يبدو لي أنه مجرد يغالط نفسه قبل الآخرين، لأننا كنا نتوقع منه أن يتساءل أكثر من غيره في هكذا صمت، وأسبابه، بل وعن أحيانا التجاهل السابق اللاحق، والذي يبدو لي بأنه كان ولا يزال متعمداً وللغاية، بالرغم من التوازي في التفاقم المتلاحق، إن لم نقل في الغليان الشعبي الجنوبي المتفاقم، والذي أصبح لا يفكر إلا بأن يتركوا شعب الجنوب وشأنه ليعيش إلى جانبهم وجوارهم وإلى جوار غيرهم في المنطقة في جيرة تسودها المحبة والتعاون والتكافؤ والعلاقات المتبادلة بين الدولتين والبلدين والشعبين الشقيقين لما يخدم مصلحة بلد كل منا، والذي أصبح لا يطالب إلا بأن أن يعودوا إلى صوابهم وأن يدركوا أن وجودهم بقوتهم في بلادنا، غير مرغوب فيه وغير شرعي ولا قانوني ولا يمكن لهذا الاحتلال أن يدوم، وباختصار شديد فالمطلوب هو إعادة حقنا المغتصب ولاشي سواه.

كما أنه لم يكن هذا ليأتي من فراغ، لأن الواقع الموضوعي هو الذي يملئ فهمنا الذاتي في خيار الرد الطبيعي لكل ما تعملونه وعملتونه فينا نحن معشر الجنوبيين، فأنتم يا جيراننا الطيبين قد فرضتم على كل خيوطكم الأمنية، ممثلاً بشركاتكم العامة والخاصة، أيضا وبالذات الموالية لنظامكم، بأن يعملوا قصارى جهدهم في نهش الجنوب وتعذيب أهله، فنظامكم الرسمي قد قام بتحويل كل شئ في بلادنا إلى شمالي.
فهذا النظام والذي يفتقر لأبسط مقومات نظام الدولة وقوانينها ودستورها، نجده بأنه وهكذا يسئ لنفسه كثيراً ... مستغلاً ظروف دولية كانت معقدة وللغاية، فأرسأ لنفسه تفكير وهمي في أنه قد أستطاع الدخول في لعبة دولية كبيرة، وأنه قد أستطاع بأن يصف للآخرين بأن دولة الجنوب وشعب الجنوب شأنهما مجرد شأن حزبي، وفي الوقت الذي حتى الحزب الذي كان يحكم الجنوب حوله إلى حزب شمالي، وبهكذا دواليك قد أفتكر نظام صنعاء، بأنه أيضاً قد أستطاع ترسيخ مفاهيم الدولة القومية والإسلامية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وتحديداً في محاذية القرن الأفريقي.
والحقيقة الواضحة للعيان هو أن هذا النظام صار يتخبط كثيراً ويتوه أكثر فأكثر، بل وليتمادى أكثر فأكثر في عنصريته وتماديه الفج على شعبنا الجنوبي البطل وعلى دولتنا جمهورية اليمن الديمقراطية... كما أن ما تسمى بشركاته ومؤسساته المبنية على السلب والتهب، عملت ولا زالت تعمل جاهدة وحتى اللحظة في المشاركة الفعلية في عملية الطمس المتعمد والمستقصد عنوة لكافة مؤسساتنا الجنوبية وكلها دون استثناء، بما في ذلك الاستخدام المحكم في استغلال البعض من ضعفاء النفوس من الجنوبيين وبالذات ممن ليسّ لا يزالون وحسب المثل الجنوبي القائل "ساهنون من الضبية لبن" لعمل كهذا، وأيضاً ترسيخاً في فبركة الشطارة السياسية، المهم كل شئ يسخر في نهش الجنوب، متناسيين بأن الجنوب كان دولة ولا زال دولة وسيبقى الدولة.

فهؤلاء العتاولة وممن هم في هكذا تفكير وبمسلسل الإبادة هذه لنا ولدولتنا، يبدو أنهم يتوهمون في تنصيب أنفسهم لنا، وكأسياد متناسيين حقاً في واقع مرسخ بأنهم عبارة عن مجرد غزاة ومغتصبين لبلادنا وأهلنا ... فكل مؤسسات وشركات الجنوب قد أذابوها في شركاتهم وفي البعض لما تسمى بمؤسساتهم، يعني بأنها قد صارت مجرد تابعة لهم بل ويفتكرون بأنها حقهم... وهذا هو والذي لا يرض به لا الله ولا رسوله، ولا محلياً ولا دولياً ولا أخلاقياً ولا إنسانياً ... كما أن ثروتنا قد تحولت لهم ولأهاليهم وما نجدهم الآن إلا أنهم يسخرون بنا وبدولتنا بل وبأهالينا، وكأن الأمور كلها قد وقفت لهم وبهكذا مفاهيم، وهكذا تفكير يبدو لي بأنه هو الذي سيجعلهم به يحبكون لأنفسهم قبلنا المطبات، والتي لا محالة ستوقعهم فيه قبل غيرهم.

فهؤلاء الناس يدفنون الجنوب وأهله في أعز الظهيرة، بل ويتبجحون في هكذا تصرف وبهكذا تمادي مفتكرين بأن الدنيا كلها قد أعطتهم دولة الجنوب لتكون لهم مجرد هبة أو منه وبل ومستعمرة، وأن أهلها قد صار لهم عبيد ... وهذا هو تفكير هؤلاء الناس، بل ويبدو لي بأنه هذا هو مستوى تفكيرهم.

صنعاء في يناير 9 2007
dr.farook@yemen.net.ye