قال تَعَالَى: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
سورة فصلت الآية 53
وقال تَعَالَى: ( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ )
سورة يونس الآية 101
وعن عطاء قال: انطلقت يومًا أنا وعُبيد بن عُمير إلى عائشة -رضي الله عنها- فكلمتنا وبيننا وبينها حجاب، فقالت: يا عُبيد، ما يمنعك من زيارتنا؟
قال: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "زُرْ غبًا تزدد حبًا"
قال ابن عُمير: فأخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: فبكت، وقالت: كل أمره كان عجبًا؛ أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ثم قال: "ذريني أتعبد لربي -عز وجل-" فقام إلى القربة فتوضأ منها ثم قام يصلي، فبكى حتى بلَّ لحيته، ثم سجد حتى بلَّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه حتى أتى بلال يُؤذنه بصلاة الصبح فقال: يا رسول الله، ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله تعالى عليَّ في هذه الليلة: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ) ثم قال: "ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها"
ماء زلال منساب فايقاع خريره كنبضات الأمل
تعمر جوانح الطبيعة الفتية
و دوح وأغصان تمايلت في دلال
فارتسمت ظلالها كلوحة رسام مبدع
وبين الأفنان والأوراق
اختبأت بلابل رقيقة المنظر عذبة الصوت
ونسيم من جهة الحياة معطر لا أزكى ولا أطيب
والناس على الضفاف
..أصناف..
منهم
من يكون نظره في محيطه وإعجابه بالجمال عبثا ولهوا..
قد يشده منظر للغروب
وقد يشدو لتغريد بلبل
وقد يبسم لخرير جدول
لكنه
يعجز فكره عن التمعن فيما هو أعمق من مجرد صورة أو صوت أو لون أمامه
البصر يعمل والبصيرة معطلة
اشتغل بجمال الخلق وغفل عن عظمة الخالق
انغمس في النعم وما عرف المنعم
اندس في الكون وما استدل به على المكون
( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ )
سورة يوسف الآية 105
و على الضفة المقابلة
يقف ذلك العارف الواعي
في مقلتيه تبرق لمعة توقدت من روحه المسترسلة في التواصل مع أسرار هذا الكون
بصره يمتد بعيدا نافذا إلى جوهر ومكنون ما أمامه
فكره وخياله المتعلق بربه يخط في داخله معان جميلة لتلك الأخيلة حوله ..
فـ تلهج الروح المؤمنة بنداء الحق:
"ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"
وإذا هو يبحث عن النفع والجمال في كل زاوية من زوايا الكون
يعلم أن الله تعالى سخرها لتعينه على أداء الأمانة و حمل الرسالة
يتعلم من نملة
من نحلة
من قطرة ماء
من ورقة خضراء أوأخرى صفراء يابسة
عقله في عمل دائم يتذوق معاني الحياة .. ونظره شفاف كشفافية قلبه الجميل
كم من آية في الآفاق
وكم من آية في نفسه
وكم من آية في كتاب ربه
ارتقى بها الدرجات صعودا صعودا
وذاق في رحابها الطمأنينة والسكينة
وارتد بصره منها راسخا ثقة وإيمانا ويقينا
لما أوقفته بباب مولاه الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
ولما عرفته عظمة الخالق وحاجة العبد له في كل آن
وأشعرته بمعيته تعالى ومراقبته له في جميع الأحوال وجعلته به متصلا
فصار في الناس
شامة
.
.
إن استوحشوا في ظلمتهم .. وتاهوا في بعدهم
فهو الراسخ الشديد..الهم لا يؤرقه .. والأمل لا يفارقه
.
.
أي نعمى تلك التي يحياها.. واي لذة تلك التي يصوغها
هنيئا له من قلب
تأمل سطور الكائنات فإنها... من الملأ الأعلى إليك رسائل
وما يزال على الضفتين
يقف الاثنان
ذلك العابث.. وصاحبنا العارف
وما يزال جدول الحياة بينهما لا يمنع هداياه عن أي منهما
كل له مشرب على مقدار غايته وجهده
.
.
والعاقبة لمن زادته الآيات آيات ربه إيمانا
Bookmarks