كان جحا ماشيا في بادية وكان جائعاً فرأى اعرابياً ومعه طعام فتقدم إليه , وكان طامعاً في أن يدعوه للأكل , ولكن الإعرابي قال له :

- من أين أقبلت يابن العم ؟
- من الثنية.
- هل أتيتنا منها بخير ؟
- سل عما بدالك.
- كيف علمك بحيي ؟
- أحسن العلم .
- هل لك علم بكلبي نفاع ؟
- حارس الحي لايستطيع أحد أن يقربه من قوته وشدته ؟
- فكيف علمك بأم عثمان ؟
- بخٍ بخ ٍ ومن مثل أم عثمان ؟ لا تدخل الباب إلا متبخترة بالثياب المعصفرات مثل الطاووس .
- وكيف أبي عثمان ؟
- وأبيك أنه شبل الأسد , يلعب بالأكرة مع الصبيان .
- وكيف جملنا السقاء ؟
- إن سنامه ليخرج من الغبيط .
- وكيف دارنا الآن ؟
- وأبيك إنها لخصيبة الجناب , عامرة الفناء . كأنها دار النعمان .
فقام عنه وقعد ياكل مطمئناً بما سمعه , ولا يدعوه للأكل معه فمرَ كلب فصاح به الآعرابي وقال :
- يا ابن العم أين هذا الكلب من نفاع ؟
- يا أسفي على نفاع , مات وقد كثر السارق في الحي بعد موته .
- وما سبب موته ؟
- أكل من لحم الجمل السقاء فاغتص بعظم منه فمات .
- إنا لله , وقد مات الجمل ؟ فما اماته ؟
- عثر بقبر أم عثمان فانكسرت رجله .
- ويل أمك , أماتت أم عثمان ؟
- أي والله , أماتها الأسف على عثمان .
- ويلك أمات عثمان ؟
- أي وعهد الله , سقطت الدار عليه .
- وهل هدمت الدار ؟
- نعم ونهبوا جميع مافيها حتى الطوب والخشب .
- إلى أين أذهب ؟
- إلى النار .
واقبل جحا يلتقط الطعام ويأكله ويهزأ به يضحك ويقول : لا أرغم الله إلا أنف اللئام