التميز خلال 24 ساعة

 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميز لهذا اليوم 
قريبا Im glad I finally signed up
بقلم :    
قريبا


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حياة قصيرة، وإبداع غزير

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    الدولة
    SANA'A - YEMEN
    العمر
    46
    المشاركات
    357
    معدل تقييم المستوى
    255

    Thumbs up حياة قصيرة، وإبداع غزير

    حياة قصيرة، وإبداع غزير

    للشاعر أبو القاسم الشابي

    تونس 24/2/1909 - تونس 9/10/1934


    لا يُقاس عطاء الإنسان بالسنين التي يعيشها، فمنهم من يُعمِّر ثمانين حولاً أو يزيد، فيقضي حياته بملل وسأم، ومنهم من تُكتب له حياة قصيرة، يملؤها نشاطاً وعطاءً. إنَّه عطاء من الله، ومنَّة من القدر، مع بيئة مناسبة، ورعاية جيدة. هي التي هيأت لشاعرنا الكبير أبو القاسم الشابي الظروف ليكون مبدعاً. فلم يعش أكثر من خمسة وعشرين عاماً، مليئة بالنشاط والعمل والإبداع، تاركاً بعد وفاته هذا العدد الوفير من مؤلفاته وآثاره وهي:

    1- ديوان شعري رائع بعنوان (أغاني الحياة)

    2- كتاب نقد أدبي بعنوان (الخيال الشعري عند العرب)

    3- قصائد كثيرة نشرت في الصحف والمجلات قبل موته وبعدها.

    4- مقالات ومحاضرات ومذكَّرات نشرت في الصحف والمجلات.

    5- رسائل متبادلة مع الأصدقاء لها قيمة أدبية.

    6- مخطوطات لا تزال غير محققة ولا مطبوعة.

    7- جميل بثينة (قصة)

    8- المقبرة (رواية)

    9- صفحات دامية (قصة)

    10- السكِّير (مسرحية) وهناك عدة قصص إضافة إلى مذكَّراته الخاصة.

    في الحقيقة يقف الإنسان مبهوراً أمام هذه العبقرية الفائقة، وهذه الشاعرية الفذّّة التي ضنَّ الزمان بمثيلٍ لها. كما أنَّ الإنسان يذهل عندما يعرف ما وصل إليه هذا الرجل من ثقافة واسعة ومن رؤى أدبية واجتماعية عزَّ أن تجتمع في شخص واحد في تلك السن المبكر من العمر.

    فنحن إذا استثنينا فعل البيئة الأسريَّة باعتباره من أسرة علم وشعر كبيرتين، وإذا استثنينا ملاصقته لوالده القاضي والأديب، وتأثره به، وإذا استثنينا حرص والده على تعليمه وتنشئته تنشئةً معرفية منذ نعومة أظافره، فإنَّ ما يتمتع به أبو القاسم الشابي من استعداد فطري لاختزال كل هذا وصهره في بوتقة من العبقرية فائقة، هو ما كان له الأثر الأكبر في نبوغه المبكر. فيكفينا أنَّ أبا القاسم الشابي قد استطاع رغم اقتصاره على لغة واحدة هي اللغة العربية، أنْ يطَّلع على كل ما يُكتب من جديد الشعر والنثر في الغرب وفي المشرق العربي بكافة القضايا المطروحة على النخب الأدبية والسياسية والاجتماعية شرقاً وغرباً.

    كما استطاع أن يصهر بفكره الخلاَّق كافة الاتجاهات الإبداعية في مجال الشعر والنثر، وأن يدخل بفكره وقلمه في نقاش كافة القضايا المطروحة على الساحة الوطنية والقومية.

    فهو يدعو إلى تجديد الموروث الثقافي التقليدي، ويدعو إلى تحرر المرأة، وتنوير المجتمع بالقضايا الحساسة والمصيرية ويسعى إلى التجديد في مجال الأدب.

    وهكذا كان عطاؤه مبكراً. فقد نظم الشعر وهو لا يزال طفلاً، كما بدأ كتاباته الأدبية وهو في الثامنة عشرة من عمره. ونُشر له أول ديوان شعر وهو في التاسعة عشرة وذلك في المجلد الأول من كتاب "الأدب التونسي في القرن الرابع عشر – الموافق لسنة 1927 م" وفي السنة التالية، صدر له الكتاب النقدي "الخيال الشعري عند العرب" بعد أن ألقى محاضرة في الموضوع ذاته أمام قدماء المدرسة الصادقية. وقد تسببت له الآراء التي نشرها في هذا الكتاب في حملة صحفية شعواء شُنت عليه، وصمد في وجهها صمود الطود أمام الطوفان. ليخرج منها أكثر صلابة وأنضج رؤى.

    غير أن الموت المفاجئ لوالده وانكشافه أمام مصاعب الحياة، وإصابته بداء تضخم القلب. كلها أمور قد أصابت الشاعر في المقتل. فكان من أثرها مضاعفته لإنتاجه الأدبي، مصدقاً بذلك مقولة "المسعدي" الشهيرة: "الأدب مأساة أو لا يكون".

    فهو رغم اعتكافه في "توزر" (المدينة التي عاش فيها) نتيجة مرضه، فقد واصل نشر قصائده الرومانسية في المشرق بمجلة "أبولو" المصرية. ثم قدَّم لديوان صديقه أحمد زكي أبو شادي "الينبوع" مقدمته الرائعة، وقام بنظم ديوانه الشهير "أغاني الحياة" الذي اختطفته يد المنون قبل أن يقوم بطباعته ونشره.

    انصرف الشابي إلى نظم الشعر الذي يُشعر الإنسان بالتشبث بالحياة كمخلِّص له. وهذا دليل على التمسك بإرادة الحياة. حيث يقول:

    إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدَّ أنْ يستجيب القدر

    ولا بدَّ لليـل أن ينجـلي ولا بدَّ للقيـد أنْ ينكسر

    فمنْ لم يُعانقه شوق الحياة تبخَّر في جـوها واندثـر

    كذلك قالت لي الكائنات وحدَّثني روحها المستـتر

    فمن خلال هذه الأشعار التي تنبض بالحياة، نتذكَّر أنَّ الاستعمار الفرنسي كان يجثم على صدر تونس الخضراء (وهي موطن الشاعر) وأن الشاعر كان مريضاً مرض الموت، لهذا كانت إرادة الحياة تنطلق من نفسه المتألمة لتتواصل مع شعبه الذي ينشد الحرية ويعاني في سبيلها.

    فيبدأ الشاعر قصيدته بخلاصة تجربة، وهي أن الشعب إذا أراد أن يعيش حريته وكرامته، فلا بد أن يحقق القدر له إرادته.

    وكما يطلع الفجر بعد الليل، هكذا سيزول الظلم والظلام وينكسر القيد وتتحقق الأماني.أمَّا أولئك الخاملون اليائسون، فإنَّهم سرعان ما يزولون وتذوب آثارهم.فويل لمن لا يُقبل على الحياة بشوق وأمل، فإنَّ العدم (الزوال والموت) سيصفعه وينتصر عليه.

    وهذه الآراء قد استقاها الشاعر من المخلوقات في الطبيعة،يتخيل أن روح هذه الكائنات المختفية هي التي ساقته إلى هذا التصور. وأول هذه الكائنات-الريح: فقد كان صوتها غاضباً بين الطرق الواسعة وفوق الجبال وتحت الشجر كانت تقول: عند طموحي لتحقيق غاياتي فإني أتشبث بالآمال ولا أخاف ولا أحذر شيئاً، فلا أبتعد عن الطرق الجبلية الوعرة ولا عن شدة النار المتقدة. وحكمة الحياة عندي:

    ومن لا يحبُّ صعود الجبال يعشْ أبد الدهر بين الحفر

    وعندما سمع صوت الريح اشتدت بقلبه دماء الشباب. إنَّها رياح الرفض للواقع والتحفز للتغيير.ومع هذه الحركة الداخلية العنيفة عند الشاعر، فإنه كان ساكتاً يصغي لأصوات خارجية ملائمة لما في نفسيته وهي أصوات الرعود والرياح والمطر.

    فعجَّت بقلبي دمـاء الشبـاب وضجَّت بصدري رياح أُخر

    وأطرقتُ، أصغي لقصف الرعود وعزف الرياح، ووقع المطر

    ويشرك الشاعر الأرض التي يعتبرها أم البشر، إن كانت تكره البشر؟ وكأنَّه يريد استجوابها لتحدد موقفها من الطامحين والخاملين. فأجابت الأرض: إنني أبارك أهل الطموح والذين يلتذون بالمغامرات والكفاح، وتلعن أولئك الناس القانعين بالقليل، وكأن الواحد منهم جماد. فهذا الكون يقدم خيراته للأحياء وينبذ الموتى مهما كانت أهميتهم.

    وتضرب الأرض أمثلة من الطبيعة: فالأفق يستقبل الطائر ما دام حياً ولكنه يتخلى عنه ميتاً، والنحل يقبل على الزهرة ما دامت حية ويتخلى عنها حين تذبل، ولولا حنان الأمومة عند الأرض وهي تشعر بمحبة أبنائها، لرفضت دفن الموتى في ترابها.

    وقالت ليَ الأرض- لمَّا سألت "أيا أمُّ هل تكرهين البشر؟"

    أبارك في الناس أهل الطموح ومنْ يستلذُّ ركوب الخطر

    وألعن من لا يماشي الزمـان ويقنع بالعيش عيش الحجر

    هو الكون حيٌّ يُحبُّ الحياة ويحتقر الميت، مهما كـبر

    فلا الأفق يحضن ميت الطيور ولا النحل يلثم ميت الزهر

    ولولا أمومة قلبي الرؤوم لما ضمَّت الميت تلك الحفـر

    فويل لمن لم تشقه الحيــاة من لعنة العـدم المنتصـر

    يتضمن شعر أبو القاسم الشابي الكثير من المعاني الجميلة والمصطلحات القوية، ويستعمل أسلوب الفرَضية والإقناع، إضافة إلى الحكمة التي تنتشر بين أبياته، إلى جانب الموسيقى التي ترافق أبياته الشعرية، حيث القصيدة على البحر المتقارب وهو وزن فيه تنغيم وتدرج يبعث على الانتصار والوصول.

    ثم يأتي الحوار مع الكائنات، وهي سمة رومانتيكية تلتزم التشخيص في الطبيعة، بحيث يجعل الأشياء ذات روح. وأيضاً هناك توظيف اللغة بتكرار اللفظة الواحدة مما يضفي الموسيقية ويعززها.

    كل هذا يعطينا المعرفة والإشارة عن الإبداع الأدبي في روعة المعاني، ورقة التصوير، وسلاسة الألفاظ، وبساطة اللغة، وحسن التعبير، الذي كان يتحلى به هذا الرجل على صغر سنِّه.

    لقد كانت لأبي القاسم الشابي طباع إنسانية غاية في الرقة، والوداعة واللطف، مثلما كانت له ملكة الشعر والأدب غاية في الرهافة والإبداع.

    والشابي شاعر وجداني أيضاً، اصطبغ شعره بنفحة رومانسية، فقد نشر مصطفى ربج سلسلة من المقالات عن الشابي بعنوان "الرومانتيكية والشابي" فهو يلجأ في كثير من الأحيان إلى الطبيعة فيحاكيها، وذلك كالغابة، والعصفور، والزنبقة، والخريف، والمساء، وغير ذلك. ففي الحياة الاجتماعية، يخاطب السياسة، والوطنية، والحياة الأدبية، أما في الحياة الماورائية، فيخاطب الله، والموت. وفي الموضوعات النفسانية، يخاطب الكآبة، والشعر، والأمومة والطفولة، ثم الغزل والحب.

    فهذه بعض أبيات من قصيدته الشهيرة "صلوات في هيكل الحب" بما تشعُّ به من إبداع في كافة اتجاهات الإبداع الشعري وصفاً ومعنى ولغة وعروضاً. فيقول:

    عذبـة أنتِ كالطفـولة، كالأحلام كاللحن، كالمصبـاح الجديـد

    كالسـماء الضحوك كالليلة القمراء كالـورد، كابتسـام الوليـد

    يا لهـا من وداعــةٍ وجمــالٍ وشبـابٍ منعَّـمٍ أملـــود!

    أنتَ يا شـعر فلـذة من فـؤادي تتغنى وقطعــة من وجـودي

    هكذا إذاً نرى الشابي لا يريد الانفصال عن ماهية الشعر وكينونته، فكلُّ شعر جميل هو تعبير عن الشابي وإن لم يكن قائله. لذلك الشعر مطلقاً كائناً محسوساً يعبر بالقوة والفعل عن شخص الشابي الشاعر المحصور في الزمان والمكان. ومن هنا استطاع الشابي أن يخلد ذاته الشعرية، ويجعلها دائمة التنسّك في معبد الإبداع.

    أمَّا الحب في حياة الشابي فكان عبارة عن لقطات خاطفة وصور شاعرية لعدد من الفتيات اللواتي لقيهن في المدن التي عاش وتنقل بينها بسبب وظيفة والده، وما إن استقرت به الحياة وتزوج بناء على رغبة من والده، فلا نرى قصيدة شعرية واحدة يذكر فيها هذه الزوجة، إنما ما نظمه عن الحب يحتار القارئ فيه، إن كان حباً رمزياً مجرداً عن الذات؟ أم أنَّه أحبَّ فعلاً ولكنه بقي هذا الحب عذرياً يلفه الطهر والنقاء. فقد ذكر الباحثون في شعره بعض الفتيات اللواتي ظهرن في حياته، ولكن لا يوجد دليل قاطع على تبادله الحب معهم. فغزل الشابي وجداني كسائر شعره، صادق التعبير عمَّا يجيش في نفس صاحبه. وفي جميع الأحوال لم يمهله القدر كثيرا لكي يتمتع بهذا الحب إن وُجد! فإن خمسة وعشرين سنة ليست كافية للتمتع بالحب أو الحياة.

    يقول في ذكرى وفاة والده:

    ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي ومشاعري عمياء كالأحزان

    أني سأظمأ للحيــاة وأحتسي من نهرها المتوهج النشـوان

    وأعود للدنيــا بقـلبٍ خافق للحب والأفراح والألحـان

    ولكل ما في الكون من صور المنى وغرائب الأهواء والأشجان

    حتى تحركت السنـون وأقبـلت فتن الحياة بسحرها الفتَّـان

    فإذا أنا ما زلت طفـلاً مولعـاً بتعقب الأضواء والألـوان

    وإذا التشاؤم بالحياة ورفضـها ضرب من البهتـان والهذيان

    إنّ ابـن آدم في قرارة نفسـه عبد الحياة الصادق الإيمـان

    منقول عن مقالة للأخ / يوسف السيد أحمد
    سأبقى ناسكا في العشق دوما .. مقيما عند محرابي نجيا

    سأبقى مخلصا للحب عمري ... وبرا بالهوى ما دمت حيا

  2. #2


    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    العمر
    39
    المشاركات
    652
    معدل تقييم المستوى
    256

    Thumbs up رد: حياة قصيرة، وإبداع غزير

    سلاااااااااااام

    بصراحة بصراحة اصبحت عاجزة عن الحديث والتعبير عن رأي حول كتاباتك إن كانت مختارة وان كنت انت من يقوم بكتاباتها يا اخي الطيب

    الله يحفظك ...

    سلاااااااااااااااام

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فن وإبداع بمعرض إشراقات التفرغ
    بواسطة موقع قناة الجزيرة في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-02-2012, 06:40 PM
  2. شاعر الحرية.. شعر وإبداع وحرية
    بواسطة موقع قناة الجزيرة في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-11-2011, 07:01 AM
  3. حياة وإبداع المغني مصطفى الكرد.. في سطور
    بواسطة أخبار موقع روسيا اليوم في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-01-2011, 10:40 PM
  4. المجنات الحميرية في المناطق اليمنية براعة وإبداع
    بواسطة أخبار التغيير نت في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-06-2010, 09:50 AM
  5. الإنترنت ترفيه.. أم رقي وإبداع
    بواسطة رضوان حمدان في المنتدى ملتقى المواضيع العـامـة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 30-06-2007, 10:32 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •