تَنكَا!!

المصدر: جريدة عكاظ السعودية-(الأربعاء 12/01/1428هـ ) 31/ يناير /2007 العدد : 2054

للكاتب: فكري قاسم -Fekry19@hotmail.com

في (تنكا) هذه المدينة المخنوقة، تتشابه الأيام، والوجوه، والمواعيد، والصحف، ونشرات الاخبار، وقرارات المسؤولين والمرافقين التابعين لهم ايضاً!! فهم يتشابهون باللباس، والبعساس !!
والهنجمة، والبنادق، والركوب المزدحم - ايضاً - في خانات السيارات الشبح؟!
في المكاتب تسمع نفس الشكاوى ... في البيوت والشوارع، وفوق باصات النقل، تلمح نفس المتاعب، وتسمع نفس الأمنيات ونفس عبارات السخط؟!
تجلس في بوفيهات ومقاهي الطريق، تجد كل الحناجر تتغرغ بنفس المواجع .. الجالس يشبه الواقف، والواقف يشبه الراقد في الرصيف .. وهذا الاخير شبه الراقد دخل صقيع البيوت القديمة .. والبيوت القديمة، تشبه وجوه اصحابها ..
كل شيء يتشابه في حياة الفقراء .. حتى جنائز الموتى - وأسباب الوفاة، والقبور ومراسم الدفن، وموالد العزاء .. والمعزين؟! حتى المصلين خلف جنازة الميت، يتشابهون طبق الأصل .. لدرجة لا تعرف من يصلي على من .. ومن هو الميت .. ومن هو الحي ومن هو المغمى عليه!!
وقديماً .. كانت (تنكا) تتغير في كل يوم .. اما الآن .. لا يتغير فيها شيء سوى رخص البلدية، والبطاقة الشخصية، ولوحات ارقام السيارات!!
في تنكا، ينتظرون المسئول الكبير متى يزورهم حتى يسرعوا في اصلاح حُفر الشوارع!!
ينتظرون الوزير حتى يزورهم .. والوزير بسلامة الله مشغول (قوي!!) .. ينتظرون المحافظ .. والمدير العام .. ومدير المكتب وكلهم بسلامة ارواحهم مشغولون، قوي قوي قوي؟!
ننتظر المواطن متى ينفجر قهراً ويصرخ .. والمواطن - نفسه - مشغول بلقمة العيش، يتخبط من مرفق الى آخر .. ومن طاهش الى ناهش الى قباض الارواح؟!
في (تنكا) كلهم مشغولون .. وكلهم على حساب ابتسامة وجوه الناس المتعبة .. امرهم لله.
هذه البلاد (تنكا) تصلح ان تكون مسابقة كاريكاتورية لرسام نشر في بطن احدى الصحف، رسمتين متشابهتين طبق الاصل .. وترك بعض الفروق تسلية، يكتشفها القارئ وهو جالس ينتظر دوره في احد صوالين الحلاقة؟!