الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن تبعهم باحسان وبعد: فَاِنَّنَا نَسْاَلُ اللهَ اَنْ يُعِيدَ هَذَا الْأَضْحَى الْمُبَارَك أَعْوَاماً عَدِيدَةً وَاَزْمِنَةً مَدِيدَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ شَارَكُونَا فِي الطَّعَامِ مِنْ ثُلُثٍ مُخَصَّصٍ هَدِيَّةً اَوْ هِبَةً لِفُقَرَائِهِمْ اَوْ اَغْنِيَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْاُضْحِيَةِ الْمُبَارَكَةِ الَّتِي جَعَلَ اللهُ بُدْنَهَا مِنْ شَعَائِرِهِ سُبْحَانَه: وَثُلُثٌ آَخَرُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةً: وَثُلُثٌ أَخِيرٌ لَكَ وَلِاَهْلِ بَيْتِكَ اَخِي الْمُضَحِّي اُضْحِيَةً {لَنْ يَنَالَ اللهَ لَحُومُهَا وَلَادِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ(وَهُوَ مَاوَقَعَ مِنْ اَجْرِكَ عَلَى اللهِ بِمَكَانٍ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى بِعُمُومِ لَفْظِهِ سُبْحَانَهُ لَا ِلخُصُوصِ سَبَبِ نُزُولِ الْآَيَةِ فَقَطْ{فَقَدْ وَقَعْ اَجْرُكَ عَلَى الله(وَهِيَ هَذِهِ التَّقْوَى الَّتِي نَالَتْ مِنْ هَيْبَةِ اللهِ فِي قَلْبِكَ تَعْظِيماً{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اَفْضَلَ عَمَلٍ تَقُومُ بِهِ فِي اَفْضَلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ: هُوَ دَمٌ تُرِيقُهُ خَالِصاً لِوَجْهِ اللهِ: وَهُوَ هَذِهِ الْاُضْحِيَةُ الْمُبَارَكَةُ الْقُرْبَانُ الَّذِي يُقَرِّبُكَ اِلَى اللهِ زُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ: وَالَّتِي مَاشَرَعَ هَذَا الْعِيدَ الْاَكْبَرَ اِلَّا مِنْ اَجْلِهَا وَبِسَبَبِهَا: وَلِيَبْقَى اللهُ تَعَالَى اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ: مُتَّخِذَاً لِاِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً: وَمُذَكِّراً لِلنَّاسِ جَمِيعاً بِمَا اَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ*: وَعَلَى وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ جَدِّ الْعَرَبِ: وَجَدِّ خَيْرِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ :*مِنْ هَذِهِ الْخُلَّةِ الْمُبَارَكَةِ: بعد ذلك أيها الاخوة: فَاِنَّنَا نَنْصَحُ الْاِخْوَةَ فِي إِيطَالْيَا بِالِاسْتِنْفَارِ اِلَى اَعْلَى دَرَجَةٍ قُصْوَى لِاَنَّ الدَّوْرَ سَيَاَتِي عَلَيْهِمْ بَعْدَ اِسْبَانْيَا بِعَمَلِيَّاتٍ اِرْهَابِيَّةٍ وَحْشِيَّةٍ هَائِلَةٍ لَمْ يَشْهَدِ التَّارِيخُ لَهَا مَثِيلاً: ونقول للاخوة في إيطاليا: لَاتَرْتَكِبُوا نَفْسَ الْحَمَاقَةِ الَّتِي تَرْتَكِبُهَا دُولُ الْغَرْبِ الصَّلِيبِي: فَاِنَّهَا حَرِيصَةٌ عَلَى تَدْرِيبِ الْعَسْكَرِيِّينَ: ضَارِبَةً بِالْمَدَنِيِّينَ وَتَدْرِيبِهِمْ عُرْضَ الْحَائِطِ: مُتَجَاهِلِينَ اَنَّ هَذِهِ الْخَلَايَا الْإِرْهَابيَّةَ النَّائِمَةَ وَالصَّاحِيَةَ: لَاتَسْتَهْدِفُ الْعَسْكَرِيِّينَ: وَلَاتَسْتَهْدِفُ اِلَّا الْمَدَنِيِّينَ الضُّعَفَاءَ الْأَبْرِيَاءَ: وَمَعَ الْأَسَفِ: وَنَقُولُهَا وَالْاَلَمُ يَعْتَصِرُ قُلُوبَنَا: فَهُنَاكَ دُوَلٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَاطِئَةٌ مَعَ هَؤُلَاءِ الْإِرْهَابِيِّينَ: وَتَقُومُ بِتَمْوِيلِهِمْ وَإِعَادَةِ مَجْرَى مِيَاهِ الْإِرْهَابِ اَضْعَافاً مُضَاعَفَةً اِلَى مَنْ يَقُومُ بِتَجْفِيفِ مَنَابِعِهَا مَهْمَا جَفَّفُوهَا وَمَهْمَا خَسِرَتْ مِنْ هَذِهِ الْمِيَاهِ: وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَانَعْلَمُ عَنْ هَذِهِ الدُّوَلِ: لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً: وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً عَلَى مَاتَجْهَلُونَ اِلَى الْآَنَ مِنْ مَعْلُومَاتٍ عَنْ هَذِهِ الدُّوَلِ الَّتِي لَاتَخْطُرُ عَلَى بَالِ شَيْطَان: وَمَعَ الْأَسَفِ: فَاِنَّكُمْ اِلَى يَوْمِنَا هَذَا{مَااُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ اِلَّا قَلِيلاً( وَمَعَ ذَلِكَ فَنَحْنُ مُتَفَائِلُونَ وَمَسْرُورُونَ جِدّاً مِنَ السُّلُطَاتِ الْاِسْبَانِيَّةِ الَّتِي اَخَذَتْ تَحْذِيرَاتِنَا بعَيْنِ الِاعْتِبَارِ: وَلَمْ تَدَّخِرْ جُهْدَاً فِي التَّغَلُّبِ عَلَى الْخَوْفِ الَّذِي يَمْنَعُهَا مِنَ التَّصَدِّي لِلْاِرْهَابِ بِكُلِّ اَشْكَالِهِ وَلَوْ بِاَقَلِّ الْخَسَائِرِ الْبَشَرِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ: فَبَارَكَ اللهُ بِهَا وَبِالْمَلِكِ الْاِسْبَانِيِّ الَّذِي يَقُودُهَا:نعم أيها الاخوة في إيطاليا: لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ الدَّوَاعِشُ عَرْضاً يَحْقِنُ دِمَاءَكُمْ: وَهُوَ اَنَّ اَيَّ مَدِينَةٍ صَلِيبِيَّةٍ فِي جَمِيعِ اَنْحَاء ِالْعَالَمِ تَتَعَاطَفُ مَعَهُمْ كَمَا تَتَعَاطَفُ مَعَ الدُّبِّ الْمُتَوَحِّشِ خَوْفاً عَلَيْهِ مِنَ الِانْقِرَاضِ: فَاِنَّهُمْ سَيَحْقِنُونَ دِمَاءَهَا وَلَنْ يَمَسُّوهَا بِسُوء: وَهُمْ جَادُّونَ فِيمَا يَقُولُون: فَقَدْ قَالُوا لَنَا اَنَّهُمْ لَايُرِيدُونَ مِنْكُمْ اَنْ تَنْضَمُّوا اِلَى صُفُوفِهِمْ: وَلَا اَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ: فَقَطْ هُمْ يُرِيدُونَ مِنْ عُقَلَائِكُمْ خِطَاباً عَاطِفِيّاً مُؤَثِّراً عَلَى ضَمَائِرِهِمْ وَوُجْدَانِهِمْ يَجْعَلُهُمْ مُحَافِظِينَ عَلَى جُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ اِنْسَانِيَّتِهِمْ دُونَ اَنْ يَخْسَرُوهُ لِيَكُفُّوا شَرَّهُمْ عَنْكُمْ: وَاَنْ تَكُونُوا حَرِيصِينَ جِدّاً عَلَى التَّاْثِيرِ عَلَى ضَمَائِرِهِمْ وَاِنْسَانِيَّتِهِمْ: وَالْاَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ اَنَّهُمْ يُرِيدُونَ جَوَاباً مُقْنِعاً عَلَى هَذَا السُّؤَال: وَهُوَ لِمَاذَا تُرِيدُونَ مِنْهُمْ اَنْ يَكُفُّوا شَرَّهُمْ عَنْكُمْ: وَكَيْفَ تَنْظُرُونَ اِلَيْهِمْ: هَلْ هُمْ بَشَرٌ اِنْسَانِيُّونَ مِثْلَكُمْ يَسْتَطِيعُونَ التَّعَايُشَ مَعَكُمْ: اَمْ هُمْ مَخْلُوقَاتٌ وَحْشِيَّةٌ غَرِيبَةٌ قَادِمَةٌ مِنَ الْفَضَاءِ مِنْ اَجْلِ غَزْوِ الْأَرْضِ:نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة وَأَخِيراً قَالُوا لَنَا عَلَى مَسْمَعٍ وَمَرْاَى مِنْ قَائِدِنَا بَشَّار وَحَسَنْ نَصْرُ الله: اِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مِنْكُمْ اَنْ تَبْحَثُوا لَهُمْ عَمَّنْ يَسْتَطِيعُ التَّاْثِيرَ عَلَى عُقُولِهِمْ بِالْحِجَجِ الشَّرْعِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمُقْنِعَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَشْرِقِينَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ دَرَسُوا الْإِسْلَامَ جَيِّداً: وَهُمْ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ وَقَّافُونَ عِنْدَ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ: وَاِلَّا فَاِنَّهُمْ سَيُقَاتِلُونَ حَتَّى الْمَوْتِ وَلَنْ يَسْتَسْلِمُوا لِاَحَدٍ مَهْمَا عَظُمَ شَاْنُهُ: لِاَنَّهُمْ لَمْ يَعُودُوا يُطِيقُونَ الْحَيَاةَ مِنْ دُونِ مَرْجِعِيَّةٍ يَرْجِعُونَ اِلَيْهَا وَهُوَ قَائِدُهُمُ الْبَغْدَادِيُّ الَّذِي لَايَعْلَمُونَ عَنْهُ شَيْئاً وَلَايَدْرُونَ اَيْنَ اخْتَفَى:وَاِنَّهُم ْسَيُعْطُونَ جَائِزَةً كَبِيرَةً لِمَنْ يُدُلُّهُمْ عَلَى مَكَانِهِ: نعم ايها الاخوة: وَنَحْنُ لَانَدْرِي مِنْ اَيْنَ جَاءَ قَادَةُ دَاعِشْ الْحَمْقَى بِهَذِهِ الْأَفْكَارِ الْغَرِيبَة: بعد ذلك أيها الاخوة:عَلَيْنَا اَنْ نَتَّقِيَ الْإِرْهَابَ الصَّادِرَ مِنْ خَالِقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْإِرْهَابِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الضَّارِّ النَّافِعِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ مَهْمَا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالْإِرْهَابِ: قَبْلَ اَنْ نَتَّقِيَ الْإِرْهَابَ الصَّادِرَ مِنْ مَخْلُوقِيهِ الَّذِينَ لَايَرْحَمُونَ أَحَداً: نعم ايها الاخوة: اِنَّهُ اللهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْئٌ: بَلْ يَتَحَكَّمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَهُ: وَفِي رَحْمَتِهِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ غَضَبِهِ: وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَهُ: وَلَمْ تَكُنْ اَيْضاً كَالْخَلِيَّةِ النَّائِمَةِ الَّتِي يَغْفَلُ عَنْهَا: وَلَمْ يَكُنْ سُبْحَانَهُ أَيْضاً غَافِلاً عَنْهَا بِسِنَةٍ وَلَانَوْمٍ: نعم اخي: وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ اَحْيَاناً لَاتُولَدُ عِنْدَ الْبَشَرِ لِتَرْحَمَهُمْ اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَنَالَهُمْ بِمَخَاضٍ عَسِيرٍ مِنَ الْاَوْجَاعِ وَالْآَلَامِ الَّتِي نَتَجَتْ عَنْ ذُنُوبِنَا اَوْ ابْتِلَاءِ اللهِ لَنَا وَلَوْ كُنَّا طَاهِرِينَ مِنْ هَذِهِ الذُّنُوب: وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ الْاُمَّ تَنْسَى وَجَعَهَا وَآَلَامَهَا بِمُجَرَّدِ اَنْ تَرَى وَلَدَهَا: فَلِمَاذَا نَحْنُ أَيْضاً نَنْسَى وَجَعَنَا وَاَلَمَنَا حِينَمَا نَرَى هَذِهِ النِّعْمَةَ وَاَثَرَهَا الطَّيِّبَ عَلَى نُفُوسِنَا: وَلِمَاذَا لَانَنْسَى وَجَعَنَا وَاَلَمَنَا حِينَمَا نَذْكُرُ خَالِقَ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْمُنْعِمَ الْمُتَفَضِّلَ سُبْحَانَهُ مُتَّهِمِينَ لِدِينِهِ بِالْإِرْهَابِ وَالتَّطَرُّفِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْعُنْفِ وَالْكَرَاهِيَةِ مُتَجَاهِلِينَ مَايَفْعَلُهُ أَعْدَاءُ اللهِ مِنْ آَلاَمٍ وَاَوْجَاعٍ وَقَتْلٍ وَتَنْكِيلٍ بِحَقِّ الْأَبْرِيَاءِ وَمَاتَحْمِلُ قُلُوبُهُمُ الْقَذِرَةُ مِنْ عُنْفٍ وَكَرَاهِيَةٍ وَتَحْرِيضٍ عَلَيْهِمَا مَعاً بَيْنَ اَوْسَاطِهِمْ فِي الْخَفَاءِ وَمِنْ تَحْتِ الطَّاوِلَةِ وَمِنْ وَرَاءِ الْكَوَالِيسِ وَاَنَّ الْإِسْلَامَ مَهْمَا فَعَلَ مِنْ إِرْهَابٍ بِحَقِّ أَعْدَاءِ اللِه اَوْ بِحَقِّ الْأَبْرِيَاءِ عَنْ طَريِق ِالْخَطَاِ: اَوْ مَهْمَا افْتَرَوْا عَلَيْهِ مِنْ أَكَاذِيبَ: فَلَنْ يَكُونَ نُقْطَةً فِي بَحْرِ اِرْهَابِهِمْ: اَلَيْسَ لَدَيْنَا مَوَازِينُ مُنْصِفَةٌ عَادِلَةٌ نَزِنُ بِهَا الْأُمُورَ وَنُقَارِنُ بِهَا بَيْنَ مَافَعَلَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ إِرْهَابٍ بِزَعْمِهِمْ وَبَيْنَ مَافَعَلُوهُ هُمْ مِنْ إِرْهَابٍ قَذِرٍ يُنْدِي جَبِينَ الْإِنْسَانِيَّة: نعم ايها الاخوة: هَاتُوا لَنَا اِلَى أَيَّامِنَا هَذِهِ اَقْوَى مُنَظَّمَةٍ إِرْهَابِيَّةٍ فِي الْعَالَمِ وَهُمُ الدَّوَاعِشُ الْخَوَنَةُ: هَلْ سَمِعْتُمْ اِلَى الْآَنَ اَنَّ وَاحِداً مِنَ الدَّوَاعِشِ الْخَوَنَةِ حَلَّقَ بِطَائِرَةٍ مَسْرُوقَةٍ وَقَامَ بِرَمْيِ الْأَبْرِيَاءِ بِالْبَرَامِيلِ الْمُتَفَجِّرَةِ وَدَفْنِهِمْ تَحْتَ الْأَنْقَاضِ أَطْفَالاً وَنِسَاءً وَرِجَالاً وَشُيُوخاً أَشْلَاءً مُبَعْثَرَةً دُونَ اَنْ يَجِدُوا مَنْ يُكْرِمُهُمْ بِدَفْنٍ لَائِقٍ يَلِيقُ بِكَرَامَةِ الْمَيِّتِ: اَيْنَ عُقُولُنَا أَيُّهَا الْاِخْوَة: اَلَيْسَ لَدَيْنَا الا المَوَازِينُ الْحَمْقَاءُ الَّتِي نَزِنُ بِهَا الْأُمُور: نَعَمْ لَقَدْ تَعَامَلَ مَعَنَا أَعْدَاءُ اللهِ وَحُلَفَاؤُهُمْ بِفَوْضَى قِتَالِيَّةٍ لَامَثِيلَ لَهَا مِنَ الْقَتْلِ الْعَشْوَائِيِّ دُونَ اَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ عَدُوٍّ وَصَدِيقٍ لَهُمْ: وَدُونَ اَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ ظَالِمٍ لَئِيمٍ وَمَظْلُومٍ بَرِيءٍ: فَلِمَاذَا تَسْتَغْرِبُونَ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنْ يُسَلِّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذِهِ الْخَلَايَا الْإِرْهَابِيَّةِ الَّتِي لَاتُمَيِّزُ اَيْضاً: وَاِلَى مَتَى سَنَبْقَى نُسَاوِي بَيْنَ الْمُجْرِمِ وَالضَّحِيَّة: نعم ايها الاخوة: هَلْ سَمِعْتُمْ مِنْ اَحَدٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَنِ اتَّهَمَ اللهَ بِاَنَّهُ إِرْهَابِيّ: نعم اخي: اَللهُ تَعَالَى كَمَا يَزْعُمُ النَّصَارَى وَالْعَيَاذُ بِاللهِ اَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ الْبَرِيءَ الطَّاهِرَ بَلْ هُوَ رَمْزُ الطَّهَارَةِ وَالْبَرَاءَةِ لِيَتَحَمَّلَ مَا تَحَمَّلَ مِنْ آَلَامٍ وَاَوْجَاعٍ تَفُوقُ الْآَلَامَ الَّتِي كَانَ سَيَتَحَمَّلُهَا إِسْمَاعِيلُ لَوْ قَامَ وَالِدُهُ إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِهِ:فَهَلْ سَمِعْتُمْ اَنَّ أَحَداً مِنَ النَّصَارَى اتَّهَمَ اللهَ بِاَنَّهُ مَارَسَ الْعُنْفَ وَالْكَرَاهِيَةَ وَالْإِرْهَابَ وَالتَّطَرُّفَ عَلَى ابْنِهِ الْوَحِيدِ الْمَسِيحِ بِدِينِهِ الْمَسِيحِيِّ: اَمْ اَنَّهُمْ قَالُوا: اَللهُ مَحَبَّة: وَيُحَرِّضُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالسَّلَامِ: لَا عَلَى الْعُنْفِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَالتَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ الَّذِي يُحَرِّضُ عَلَيْهِ صَلِيبُ الْآَلَامِ وَالْاَوْجَاعِ لِيَصِلَ بِالنَّاسِ جَمِيعاً اِلَى اَعْلَى سَقْفٍ خَلَقَهُ اللهُ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ: نعم ايها الاخوة: وَاَمَّا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ فَمَا اَسْهَلَ اَنْ نَتَّهِمَ الْإِسْلَامَ بِالْإِرْهَابِ بِتُهْمَةٍ حَاضِرَةٍ جَاهِزَةٍ مُوَقَّعَةٍ وَمُصَادَقٍ عَلَيْهَا لِمُجَرَّدِ هَفْوَةٍ اَوْ غَلْطَةٍ صَغِيرَةٍ لَسْنَا مَعْصُومِينَ مِنْهَا وَلَيْسَ الْوَقِحُ الْقَذِرُ النَّجِسُ الَّذِي يَتَّهِمُ الْاِسْلَامَ مَعْصُوماً مِنْهَا اَيْضاً: نعم ايها الاخوة: وَنَحْنُ مَعَ سَخَافَةِ عُقُولِهِمْ: لَانَتَحَمَّلُ اَنْ يَضْحَكُوا عَلَى عُقُولِنَا بِهَذَا السُّخْفِ وَالْهُرَاءِ وَالْهَرْطَقَةِ وَالتَّجْدِيفِ: فَكَيْفَ يَقُومُ اللهُ بِفِدَاءِ بَشَرٍ كَاِسْمَاعِيلَ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ مِنْ اَجْلِ اَلَّا يُحْرِقَ قَلْبَهُ وَقَلْبَ وَالِدِهِ اِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ نَاحِيَة: وَمِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى: كَيْفَ يَقُومُ اللهُ بِحَرْقِ قَلْبِهِ عَلَى ابْنِهِ الْوَحِيدِ وَبِحَرْقِ قَلْبِ ابْنِهِ الْوَحِيدِ عَلَى الصَّلِيبِ فِدَاءً لِخَطَايَا بَشَرِيَّةٍ قَذِرَةٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الْفِدَاءَ وَلِمَنْ لَايَسْتَحِقُّهُ أَيْضاً مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَتَلَةِ الَّذِينَ يُقَدِّسُهُمُ النَّصَارَى لَا لِشَيْءٍ اِلَّا لِاَنَّهُمْ خَلَّصُوا لَاهُوتَ الْمَسِيحِ مِنْ نَاسُوتِهِ عَلَى الصَّلِيبِ بِزَعْمِ النَّصَارَى: وَلِذَلِكَ اَعْطَى بَابَا الْفَاتِيكَانِ صَكّاً مِنْ صُكُوكِ الْغُفْرَانِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ دَمِ الْمَسِيحِ لِهَؤُلَاءِ الْقَتَلَةِ الْمَزْعُومِين: نعم ايها الاخوة: اِنَّهُ الِاسْتِخْفَافُ الْمَسِيحِيُّ الْأَكْبَرُ بِعُقُولِنَا مِنْ حَيْثُ لَانَشْعُرُ: وَلِذَلِكَ نَحْنُ جَلَسْنَا مَعَ رِجَالِ دِينِهِمْ وَنَاقَشْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ: فَقَالُوا لَنَا لَنْ تَصِلُوا مَعَنَا اِلَى نَتِيجَةٍ اِلَّا اَنْ تُلْغُوا عُقُولَكُمْ: فَاِذَا كَانَتِ الرُّوحُ الْبَشَرِيَّةُ عَلَى مُسْتَوَى الْبَشَرِ الْمَخْلُوقِ لَايُمْكِنُ فَهْمُهَا فِي دِينِكُمْ اِلَّا بِعِلْمٍ قَلِيلٍ يُشِيرُ اِلَيْهِ قُرْآَنُكُمْ فِي سُورَةِ الْاِسْرَاءِ فِي الْآَيَةِ رَقْم 85: فَكَيْفَ يُمْكِنُ فَهْمُ الرُّوحِ الْقُدُسِ عَلَى مُسْتَوَى خَالِقِ كُلِّ شَيْءٍ فِي دِينِنَا بِعِلْمٍ كَثِيرٍ اَوْ قَلِيلٍ اِلَّا بِاِلْغَائِهِ مِنْ عُقُولِنَا وَعُقُولِكُمْ: فَنَحْنُ عُلَمَاءُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ بِلَا عِلْمٍ: وَحُكَمَاءُ بِلَا حِكْمَةٍ: وَنَحْنُ آَبَاؤُكُمْ وَنُرِيدُ الْخَيْرَ لَكُمْ: فَقُلْنَا لَهُمْ: وَلَكِنَّ اللهَ اَمَرَنَا اَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ آَبَائِنَا عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى اَنْ تُشْرِكَ بِي مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا( وَنَحْنُ لَانَشُمُّ اِلَّا رَائِحَةَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ فِي دِينِكُمْ:وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ عُلَمَاءَ النَّصَارَى بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ الْخَطِيرَةِ جِدّاً عَلَى مُسْتَقْبَلِ الْاِسْلَامِ اَوْقَعُونَا فِي حَيْرَةٍ مِنْ اَمْرِنَا فَنَرْجُو مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ الِاسْتِنْفَارَ اِلَى اَعْلَى دَرَجَةٍ مِنَ التَّحْصِيلِ الْعِلْمِيِّ مِنْ اَجْلِ الرَّدِّ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَة: ونترك القلم الآن لمشايخنا المعارضين قائلين:بَعْدَ ذَلِكَ أَيُّهَا الْاِخْوَة سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ: لِمَاذَا يَقْتُلُ بَعْضُنَا بَعْضاً: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ{سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلَا(نعم اخي: وَالَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ: وَنَحْنُ أَيْضاً فِي أَيَّامِنَا نَعْبُدُ عِجْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الذَّهَبِيَّ{وَاُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهُمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ(وَنَحْنُ أَيْضاً اُشْرِبْنَا فِي قُلُوبِنَا حُبَّ الْمَادَّةِ الَّتِي صَنَعُوا مِنْهَا عِجْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحُلِيِّ وَالْمُجَوْهَرَاتِ وَمَايَقُومُ مَقَامَهُمَا فِي أَيَّامِنَا مِنَ الْأَوْرَاقِ النَّقْدِيَّة ِحَتَّى دَبَّقَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى قُلُوبِنَا كَمَا دَبَّقَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ قَبْلُ حِينَمَا اُشْرِبُوهَا وَلَمْ نَعُدْ نَسْتَطِيعُ اِلَى إِخْرَاجِهَا مِنْ قُلُوبِنَا سَبِيلاً حَتَّى قَسَتْ قُلُوبُنَا كَمَا قَسَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ قَبْلُ فَاَصْبَحَتْ كَالْحِجَارَةِ اَوْ اَشَدَّ قَسْوَةً وَلِذَلِكَ يَقْتُلُ بَعْضُنَا بَعْضاً: وَنَحْنُ حِينَمَا رَخَّصْنَا اِلَهَنَا وَمَعْبُودَنَا فِي قُلُوبِنَا وَجَعَلْنَاهُ مَادَّةً مَعْبُودَةً: رَخَّصَ اللهُ دِمَاءَنَا جَزَاءً وِفَاقاً وَلَوْ لَمْ يَاْمُرْنَا اَنْ نَقْتُلَ بَعْضَنَا بَعْضاً كَمَا اَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ بِقَوْلِهِ{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا اِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ( وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ فِي تَقْدِيرِهِ الْحَكِيمِ رَضِيَ اَنْ نَقْتُلَ اَنْفُسَنَا وَاَنْ يَأْخُذَ مِنْ دِمَائِنَا حَتَّى يَرْضَى وَيَهْدَاَ غَضَبُهُ عَلَيْنَا وَلَوْ لَمْ يَاْمُرْ بِذَلِكَ فِي تَشْرِيعِهِ الْحَكِيمِ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ بِحَقِّ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ حَذَّرَنَا وَلَكِنَّنَا لَمْ نَحْذَرْ: نَعَمْ لَقَدْ حَذَّرَنَا سُبْحَانَهُ جَادّاً فِي قَوْلِهِ{لَايَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ اِلَّا اَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ(اَنْ يَغْضَبَ عَلَيْكُمْ وَيَجْعَلَكُمْ تَقْتُلُونَ بَعْضَكُمْ بَعْضاً بِسَبَبِ هَذِهِ الْوَلَايَةِ الْكَافِرَةِ الَّتِي مَارَضِيَهَا سُبْحَانَهُ مِنْ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ بِحَقِّ{مَنِ اسْتَغْنَى فَاَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(بَلْ اَمَرَهُ اَنْ يَتَوَلَّى الْمُؤْمِنَ وَلَوْ كَانَ اَعْمَى: نعم ايها الاخوة: وَهُنَاكَ نَهْفَةٌ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ لَايَنْتَبِهُ اِلَيْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{ وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ(هَلْ هَذَا التَّحْذِيرُ مِنْ اَجْلِ الْعَزِيمَةِ اَمْ ِمِنْ اَجْلِ الرُّخْصَةِ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: مِنْ اَجْلِ كِلَيْهِمَا مَعاً: بِمَعْنَى اَنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ لَوْ أَدَّتْ اِلَى الْفِتْنَةِ الَّتِي لَا تُؤَدِّي اِلَيْهَا الْعَزِيمَةُ: فَاِنَّ الرُّخْصَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بِهَذَا التَّحْذِيرِ الْمُخِيفِ الْقَرِيبِ اِلَى سِيَاقِ الرُّخْصَةِ فِي الْآَيَةِ اَكْثَرَ مِنْ قُرْبِهِ اِلَى سِيَاقِ الْعَزِيمَةِ: وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ: اَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ: وَلَكِنَّ الضَّرُورَةَ مَعَ ذَلِكَ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا: فَاِنْ تَجَاوَزَتْ قَدْرَهَا اِلَى وَلَايَةٍ كَافِرَةٍ خَطِيرَةٍ تُشَتِّتُ اَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَتُفَرِّقُهُمْ: فَاِنَّهَا دَاخِلَةٌ أَيْضاً فِي هَذَا التَّحْذِير: نعم اخي: وَاَمَّا السَّبَبُ الثَّانِي الَّذِي يَجْعَلُنَا نَقْتُلُ بَعْضَنَا بَعْضاً: فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا اِنَّا نَصَارَى اَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَاَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(نعم اخي: لَكِنْ مَاعَلَاقَةُ هَذِهِ الْآَيَةِ بِمَا نَقُومُ بِهِ مِنْ قَتْلِ بَعْضِنَا بَعْضاً نَحْنُ كَمُسْلِمِين: مَاعَلَاقَةُ الْوَقِيعَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ الَّتِي اَغْرَاهُمُ اللهُ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَنَحْنُ نَرَى بِاُمِّ اَعْيُنِنَا مَااَغْرَاهُ اللهُ مِنَ الْوَقِيعَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ فِيمَا بَيْنَنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِين: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ مُخِيفٌ وَمُرْعِبٌ جِدّاً: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَاِنَّهُ مِنْهُمْ اِنَّ اللهَ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ اَنْ اِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَاُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ: اِنَّكُمْ اِذاً مِثْلُهُمْ(وَنَحْنُ لَانُؤَكِّدُ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى اَحَدٍ مِمَّنْ تَوَلَّاهُمْ اِلَّا عَلَى{مَنْ شَرَحَ بِكُفْرِهِمْ صَدْراً: فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيم: ذَلِكَ بِاَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَاللهُ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين( وَنَحْنُ لَانُؤَكِّدُ هَذَا الْجَوَابَ اَيْضاً اِلَّا عَلَى مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ اِلَى دَرَجَةٍ حَقِيرَةٍ مُخْزِيَةٍ تَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَامَحَلَّ لَهُمْ مِنَ الْاِعْرَابِ وَالْوَلَايَةِ: بَلْ وَصَلَ اِلَى دَرَجَةٍ وَقِحَةٍ تَجْعَلُهُ يَرَى نَفْسَهُ وَقُوَّةَ شَوْكَتِهِ لَا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ بِمَنْ تَوَلَّاهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمُسَالِمِينَ وَالْمُحَارِبِينَ لِيَرَى نَفْسَهُ بِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعُدْ لِاَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ وَزْنٌ وَلَا خَاطِرٌ يُجْبَرُ بَلْ لَاهَمَّ لَهُ اِلَّا جَبْرَ الْخَوَاطِرِ الْكَافِرَة: ونحن ايها الاخوة نَقُولُ بِرَاْيِنَا فِي هَذِهِ الْآَيَةِ فَاِنْ يَكُ صَوَاباً فَمِنَّا وَمِنَ اللهِ وَاِنْ يَكُ بَعِيداً عَنِ الصَّوَابِ فَمِنَّا وَمِنَ الشَّيْطَانِ وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَانِ: ونقول والله اعلم: يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاً كَانَ اَوِ امْرَاَةً فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ اَنْ يَتَوَلَّى غَيْرَ مُسْلِمٍ اِلَّا بِاِذْنٍ مِنْ جَمِيعِ مَعَارِفِهِ وَاَصْدِقَائِهِ وَاَصْحَابِهِ وَاَرْحَامِهِ وَوَالِدَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ عَلَى مُسْتَوَى الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: اِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ مِنْ اَجْلِ اَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ: فَكَيْفَ بِكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ بِالْحُزْنِ الشَّدِيدِ عَلَى مُسْتَوَى الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفِيمَا بَيْنَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ: وَمَنْ اَحْزَنَ مُسْلِماً اَحْزَنَهُ اللهُ: وَمَنْ لَوَّعَ مُسْلِماً وَلَوْ عَلَى حِذَائِهِ لَوَّعَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...وَلَقَدْ قُلْنَا لَكُمْ مِرَاراً وَتَكْرَاراً أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: اَنَّ دِينَ اللهِ الْإِسْلَامِيَّ: لَيْسَ سِلْعَةً رَخِيصَةً تُبَاعُ وَتُشْتَرىَ مِنْ اَجْلِ تَاْمِينِ لُقْمَةِ الْعَيْشِ مِنْ حَمَلَاتِ التَّبْشِيرِ الصَّلِيبِيَّةِ: اِلَّا فِي الْحُدُودِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا لِلْمُضْطَّرِّ الَّذِي يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنَ الْهَلَاكِ اَوِ الْمَوْتِ جُوعاً دُونَ اَنْ يَتْرُكَ دِينَهُ الْإِسْلَامِيَّ مَهْمَا حَصَلَ: وَنَقُولُ لِمَنْ يَحْتَجُّ عَلَيْنَا بِعَمَّارَ بْنِ يَاسِرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: اِنَّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَاْمُرْ عَمَّاراً اَنْ يُفَارِقَ دِينَهُ اَوْ اَنْ يَرْتَدَّ عَنْهُ: وَاِنَّمَا اَمَرَهُ اَنْ يَطْعَنَ فَقَطْ بِمَا يَمَسُّ دِينَهُ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ رَسُولُ اللهِ: وَلَمْ يَاْمُرْهُ اَنْ يَطْعَنَ بِبَقِيَّةِ رُمُوزِ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ: بَلْ اَمَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِضَرُورَةٍ قَدَّرَ لَهُ قَدْرَهَا وَلَمْ يَشْرَحْ صَدْرَهُ بِهَا وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا اِلَى شَيْءٍ آَخَرَ: بَلْ سَاَلَهُ كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ :فَقَالَ مُطْمَئِنّاً بِالْاِيمَانِ: فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اِنْ عَادُوا اِلَى تَعْذِيبِكَ: فَعُدْ اِلَى مَاكُنْتَ تَقُولُهُ مُضْطّراً مِنْ هَذَا الطَّعْنِ عَلَيَّ دُونَ اَنْ يَكُونَ نَابِعاً مِنْ اَعْمَاقِ قَلْبِكَ: نعم أيها الاخوة: اَخْوَفُ مَانَخَافُ عَلَيْكُمْ هُوَ اَنَّكُمْ اَصْبَحْتُمْ نَصَارَى عَلَى دِينِهِمْ بَعْدَ اَنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ لَا لِشَيْءٍ اِلَّا بِسَبَبِ تَوَلِّيكُمْ لَهُمْ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ (اَيْ مِنْ دُونِ اِذْنٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وَمَايَاْخُذُكُمْ بِسَبَبِ هَذَا التَّوَلِّي مِنْ عِزَّةٍ بِاِثْمِكُمْ وَاِثْمِهِمْ وَكُفْرِهِمْ مُتَجَاهِلِينَ اَنَّ{الْعِزَّةَ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَايَعْلَمُون(فَهَلْ اَدْرَكْتُمُ الْآَنَ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ لِمَاذَا يَجْعَلُكُمْ سُبْحَانَهُ تَقْتُلُونَ بَعْضَكُمْ بَعْضاً عَدَاوَةً وَبَغْضَاءَ تَوَعَّدَ بِهَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِيمَا بَيْنَهُمْ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: مَعَ الْأَسَفِ أَيُّهَا الْاِخْوَة: رُبَّمَا اَصْبَحْتُمْ مِثْلَهُمْ وَعَلَى دِينِهِمْ كَمَا تَقُولُ الْآَيَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَاتَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَاِنَّهُ مِنْهُمْ: بَعْضُهُمْ اَوْلِيَاءُ بَعْضٍ(وَلَهُمْ دِينُهُمُ الَّذِي يُمَيِّزُهُمْ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَدْيَانِ: وَاَمّا اَنْتُمْ فَاَيْنَ دِينُكُمُ الْحَقُّ الَّذِي يُمَيِّزُكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ اَنْ يُظْهِرَهُ عَلَى دِينِهِمْ بَلْ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ: فَكَيْفَ سَتَكُونُونَ شَامَةً اَوْعَلَامَةً مُمَيَّزَةً بَيْنَ النَّاسِ بِدِينِكُمُ الْحَقِّ اِنْ كُنْتُمْ اَذْنَاباً لَهُمْ اَوْ خُرُوقاً فَلَابُدَّ اَنْ يَبْدَاَ اللهُ اَوَّلاً بِقَطْعِ هَذِهِ الْاَذْنَابِ الَّتِي يَشْمَخُونَ بِهَا عَلَى النَّاسِ عُلُوّاً فِي الْاَرْضِ وَفَسَاداً وَلَوْ قَتَلَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ اِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى( نعم ايها الاخوة: وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ نَحْنُ نَظْلِمُ اللهَ فِي جَمِيعِ مَانَكْتُبُ: فَمَاهُوَ ذَنْبُ اللهِ: بَلْ كَيْفَ سَتَتَّفِقُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ دُونَ اَنْ يَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَاَنْتُمْ تَتَحَالَفُونَ تَحَالُفاً فَوْضَوِيّاً عَشْوَائِيّاً عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ مُهَلْهَلاً رَكِيكاً غَيْرَ مَدْعُومٍ مَعَ مُعَسْكَرَيْنِ يَهُودِيَّيْنِ صَلِيبِيَّيْنِ مُتَصَارِعَيْنِ اَلْقَى اللهُ بَيْنَهُمَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَاْمُرْهُمْ اَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بَلْ شَنَّعَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ{ثُمَّ اَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ اَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْاِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاِنْ يَاْتُوكُمْ اُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ اِخْرَاجُهُمْ اَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ(...نعم ايها الاخوة: هَلْ تُرِيدُونَ اَنْ تَذُوبُوا بِدِينِكُمْ فِي مَعْمَعَةِ مُجْتَمَعَاتِهِمْ وَاَدْيَانِهِمْ وَهَرْطَقَتِهَا وَتَجْدِيفِهَا وَهُرَائِهَا: هَلْ تُرِيدُونَ اَنْ تُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى اِطْفَائِهِ بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ اِلَيْهِ: فَاِذَا كَانَ لَدَيْهِ وَلَدٌ يُعِينُهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَيَنُوبُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْأُمُورِ وَفِي فِدَاءِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ: فَمَا حَاجَتُنَا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى اَنْ نَسْتَغْفِرَ اللهَ: وَمَاحَاجَتُنَا اِلَى اَنْ يَسْتَغْفِرَ لَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ لَوْ كَانَ حَيّاً: بَلْ مَاحَاجَتُنَا اِلَى اتِّبَاعِهِ: بَلْ مَاحَاجَتُنَا اِلَى النُّورِ الَّذِي اُنْزِلَ مَعَهُ: وَهُمْ مَازَالُوا يَعْمَلُونَ قَدِيماً وَحَدِيثاً عَلَى اِطْفَائِهِ بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ: وَبِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لَنَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الْيَسُوعِ اِلَّا صَلْبُهُ وَقِيَامَتُهُ: فَهَلْ هَذِهِ هِيَ فَلْسَفَةُ الْحَيَاةِ الْوَحِيدَةِ الَّتِي خَلَقَنَا اللهُ مِنْ اَجْلِهَا: وَمَاذَا يَعْنِي لَنَا صَلْبُهُ وَمَاذَا تَعْنِي لَنَا قِيَامَتُهُ اَمَامَ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَاصَلَبُوهُ وَمَاظَلَمُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلَا{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثَا{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ بْنُ اللهِ: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ بْنُ اللهِ: ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِاَفْوَاهِهِمْ(لَايَقُولُونَهُ يَقِيناً مِنْ أَعْمَاقِ قُلُوبِهِمْ اِلَّا مَنْ زَادَهُ اللهُ مَرَضاً فِي قَلْبِهِ مِنْهُمْ{يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ(أَيْ اَنَّهُمْ يُمَاثِلُونَ وَيُشْبِهُونَ بَلْ يُصَادِقُونَ بِقَوْلِهِمْ هَذَا عَلَى قَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ وَهُمْ أَصْحَابُ الْمُعْتَقَدَاتِ الْوَثَنِيَّةِ الْقَدِيمَةِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ وَ هُبَلَ وَاللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى زَاعِمِينَ اَنَّهَا بَنَاتُ اللهِ وَقَدْ اَخَذُوا هَذِهِ الْعَقِيدَةَ الْوَثَنِيَّةَ الصَّنَمِيَّةَ مِنْ أَيَّامِ آَزَرَ وَالِدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى اَبِيهِ مَايَسْتَحِقُّ: وَمَعْلُومٌ لَدَيْكُمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنَّ اَصْلَ عَقِيدَةِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الصَّنَمِيِّينَ الْبَنَاتِيَّةِ فِي عَهْدِ اِبْرَاهِيمَ كَانَتْ قَبْلَ الْيَهُودِيَّةِ وَقَبْلَ النَّصْرَانِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{مَاكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلَانَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين(فَجَاءَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَعْدَ ذَلِكَ لِيُكْمِلُوا تَشْكِيلَةَ الْبَنَاتِ الصَّنَمِيَّةَ هَذِهِ الَّتِي لَاتَاْكُلُ وَلَاتَشْرَبُ وَلَاتُخْرِجُ الْفَضَلَاتِ: بِتَشْكِيلَةٍ بَشَرِيَّةٍ بَنِينِيَّةٍ تَاْكُلُ الطَّعَامَ وَتُخْرِجُ الْفَضَلَاتِ: فَاَكْمَلَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِذَلِكَ الدَّزِّينَةَ الصَّنَمِيَّةَ الْوَثَنِيَّةَ الْجَامِعَةَ لِلْبَنَاتِ وَالْبَنِينِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيرَا:وَمِنَ الْمَعْلُومِ لَدَيْكُمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَمْ يَتَّفِقْ مَعَ اَهْلِهِ وَنَاسِهِ وَقَبِيلَتِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَمَسْقَطِ رَاْسِهِ فِيمَا زَعَمُوهُ مِنْ مَسْاَلَةِ بَنَاتِ اللهِ: فَكَيْفَ سَيَتَّفِقُ مَعَ الْغُرَبَاءِ عَنْ قَوْمِهِ وَأَهْلِهِ وَنَاسِهِ وَعَشِيرَتِهِ فِيمَا زَعَمُوهُ مِنْ مَسْاَلَةِ أَبْنَاءِ اللهِ وَنَعْنِي بِهِمُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى: ثُمَّ هُنَاكَ اَيْضاً مَسْاَلَةٌ أُخْرَى لَابُدَّ لِلْاِخْوَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اَنْ يُجِيبُونَا عَلَيْهَا: فَاِذَا كَانَ الْمَسِيحُ بْنُ اللهِ بِزَعْمِكُمْ قَادِراً عَلَى اِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَاِبْرَاءِ الْاَكْمَهِ وَالْاَبْرَصِ وَالضَّرْبِ عَلَى الْمَنْدَلِ بِمَا نَاْكُلُ وَمَانَشْرَبُ وَمَا نَسْرِقُ وَمَانَدَّخِرُ فِي بُيُوتِنَا: فَلِمَاذَا نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ أَيْضاً بِزَعْمِكُمْ لَانَسْتَطِيعُ اِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ سَبِيلاً: وَنَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ: وَنَاْخُذُ الْآَنَ اسْتِرَاحَةً قَصِيرَةً نَخْتُمُ بِهَا الْمُشَارَكَةَ مَعَ الْفَنَّانِ اَحْمَدَ الْفِيشَاوِيِّ فِي بَرْنَامَجِ شَبَابْ تِكْ عَلَى فَضَائِيَّةِ اَلْمَانْيَا النَّاطِقَةِ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة: نعم ايها الاخوة: يَقُولُ الْفَنَّانُ اَحْمَدُ فِيشَاوِي: اَنَا أُوَافِقُ عَلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ وَلَااُومِنُ بِهِ: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّكَ اِنْ كُنْتَ تُرِيدُ اَنَّكَ لَاتُؤْمِنُ بِهِ مِنْ اَصْلِهِ اَنْ يَكُونَ تَشْرِيعاً: فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ{وَمَاكَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَامُؤْمِنَةٍ اِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ اَمْراً اَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ اَمْرِهِمْ(وَنَحْنُ لَانُخْرِجُكَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ هُنَا بِسَبَبِ جَهْلِكَ:لِاَنَّكَ لَاتَجِدُ مَنْ يُوقِظُكَ مِنْ غَفْلَتِكَ اِلَّا اِذَا وَجَدْتَّ فَاَصْرَرْتَ عَلَى عَنَادِكَ: فَتَبْقَى مَعْذُوراً اِلَى اَنْ تَجِدَ مَنْ يُوقِظُكَ مِنْ غَفْلَتِكَ وَنَوْمِكَ وَسُبَاتِكَ الْعَمِيقِ وَاِدْمَانِكَ عَلَى الْمُخَدِّرَاتِ: لَكِنْ اِيَّاكَ اَنْ تَحْلُمَ اَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ الَّتِي اَنْتَ عَلَيْهَا مِنَ السُّكْرِ وَالْهَذَيَانِ وَرُبَّمَا لَاتَدْرِي مَاتَقُولُ: سَتَشْفَعُ لَكَ عِنْدَ الله: وَنُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَاللهُ عَلَى مَانَقُولُ شَهِيد: اَنَّكَ اِنْ كُنْتَ مُدْرِكاً وَوَاعِياً لِمَا تَقُولُ وَمُمَيِّزاً وَتَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مَسْؤُولٍ: فَاَنْتَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ: وَلَانَخْشَى فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فِيمَا نَقُولُ وَمَهْمَا تَطَاوَلَ عَلَيْنَا جُحُوشُ التَّكْفِيرِ وَالتَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ وَحَمِيرُهُمْ: وَاَمَّا اِنْ كُنْتَ تُرِيدُ اَنَّكَ لَاتُؤْمِنُ بِمَا يُمَارِسُهُ الرَّجُلُ مِنْ حَقٍّ تَعَسُّفِيٍّ عَلَى زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ وَظُلْمِهِ لَهُنَّ وَعَدَمِ الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ: فَاِنَّ اِيمَانَكَ هُنَا أَيْضاً عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ: وَنَخْشَى عَلَيْكَ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْكُفْرِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ{وَاِنِ امْرَاَةٌ(مِنْ هَذِهِ الزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعِ{خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً اَوْ اِعْرَاضاً(وَهُوَ هَذَا الْحَقُّ التَّعَسُّفِيُّ الظَّالِمُ لَهُنَّ{فَلَاجُنَاحَ عَلَيْهِمَا اَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ(نعم ايها الاخوة: وَنَاْخُذُ الْآَنَ اسْتِرَاحَةً قَصِيرَةً مَعَ صُورَةٍ عَلَى الْفَايْسْبُوكْ: اَخَذَتْ ضَجَّةً كَبِيرَةً: وَاَحْدَثَتْ جَدَلاً كَبِيراً وَاسْتِنْكَاراً وَاسِعاً فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ الْمُحَافِظِينَ عَلَى الشَّرَفِ وَالْأَخْلَاق: نعم ايها الاخوة: اِنَّهَا صُورَةٌ لِفَنَّانَةٍ عَارِيَةٍ تَظْهَرُ بِالْمَيُّوهِ: ضَارِبَةً بِعُرْضِ الْحَائِطِ جَمِيعَ الْقُيُودِ الَّتِي يَفْرِضُهَا عَلَيْهَا اللهُ فِي َقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ{يَابَنِي آَدَمَ لَايَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا اَخْرَجَ اَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا: اِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَاتَرَوْنَهُمْ: اِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَايُؤْمِنُون(نَعَمْ لَايُؤْمِنُونَ بِالْحِشْمَةِ: وَلَا بِالْعَفَافِ: وَلَا بِالْحِجَابِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ: وَلَابِسَتْرِ الْعَوْرَاتِ{وَمَاكَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَامُؤْمِنَةٍ اِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ اَمْراً(فِي هَذَا الْحِجَابِ الَّذِي يَسْتُرُ الْعَوْرَاتِ{اَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ اَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينَا(نَعَمْ لَيْسَ لَكِ اَنْ تَخْتَارِي مَابَيْنَ الْحِجَابِ وَالسَّتْرِ: وَمَابَيْنَ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ اِذَا قَضَى اللهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ كَمَا قَضَى اَلَّا تَعْبُدُوا اِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَاناً: بَلْ عَلَيْكِ اُخْتِي اَنْ تَلْتَزِمِي بِمَا قَضَاهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَالْأَحْزَابِ{ يَااَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِاَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيهِنَّ{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ(فَهَذِهِ اَمَانَةٌ عُظْمَى جَعَلَهَا اللهُ اُخْتِي فِي رَقَبَتِكِ: فَلَا تَحْمِلِيهَا كَمَا حَمَلَهَا ذَلِكَ{الْاِنْسَانُ اِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً: لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ: وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ: وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ( نعم ايها الاخوة: هَذِهِ هِيَ تَغْرِيدَتُنَا فِي مُنْتَدَاكُمْ عَلَى مَارَاَيْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الصُّورَة: وَاَمَّا تَغْرِيدَةُ اَحْمَدْ فِيشَاوِي تَعْلِيقاً عَلَى مَااَحْدَثَتْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ ضَجَّةٍ كَبِيرَةٍ: فَاِنَّهَا تَغْرِيدَةُ الْمُتْرَفِينَ الَّذِينَ لَمْ يَشْبَعُوا مِنْ تَرَفِ الْمَالِ وَالْمُخَدِّرَاتِ: بَلْ وَصَلَ بِهِمْ جُوعُ الطَّمَعِ الَّذِي لَايَشْبَعُ عِنْدَهُمْ: اِلَى التَّرَفِ الْجِنْسِيِّ الْفَاحِشِ بِكُلِّ اَشْكَالِهِ الْإِبَاحِيَّةِ: وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالثَّرَاءِ الْفَاحِشِ الْمُتْرَفِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ: بَلْ لَمْ يَكْتَفُوا بِاتِّخَاذِ الْخَدِينَاتِ وَالْاَخْدَانِ سِرّاً: بَلْ يُرِيدُونَ تَرَفاً شَيْطَانِيّاً لَاحُدُودَ لَهُ مِنَ التَّحْرِيضِ عَلَى السِّفَاحِ الْعَلَنِيِّ الْجِنْسِيِّ الْمُخَالِفِ وَالْمِثْلِيِّ الَّذِي لَايَخْجَلُ وَلَايَسْتَحِي وَلَايَخَافُ مِنَ اللهِ: اِلَى اَنْ يَجْعَلَهُمُ اللهُ يَمُوتُونَ بِمَا يُسَمَّى مَوْتَ الْحَسْرَةِ: اَوْ يَمُوتُونَ بِمَا يُسَمَّى مَوْتَ الْفَرْحَةِ: اِلَى اَنْ يَرِدُوا مَوَارِدَ التَّهْلُكَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا اَصْحَابُ الشِّمَال: فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ: لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ: اِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِين(نَعَمْ هَذِهِ الْمُكَيِّفَاتُ الْكُونْدِشِنْ وَالتَّرَفُ الَّذِي كَانُوا يَعِيشُونَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا: سَيَفْتَقِدُونَهُ كَثِيراً فِي جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: وَلَنْ يَجِدُوا طَعَاماً سَاخِناً وَلَا شَرَاباً بَارِداً: بَلْ{اِنَّ لَدَيْنَا اَنْكَالاً وَجَحِيماً: وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً اَلِيماً{اِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ اَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا(بِالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا عَنْ طَرِيقِ كَشْفِ عَوْرَاتِهِمْ وَلَوْ بِصَفَاءِ نِيَّةٍ: وَلَوْ بِنِيَّةِ التَّعْلِيمِ لِلثَّقَافَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْحَلَالِ: وَلَوْ مِنْ اَجْلِ الطَّبَابَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ: وَلَوْ مِنْ اَجْلِ إِشَاعَةِ جِنْسٍ حَلَالٍ حَقٍّ أَرَادُوا بِهِ الْوُصُولَ اِلَى جِنْسٍ حَرَامٍ بَاطِلٍ: فَهَؤُلَاءِ جَمِيعاً غَايَتُهُمُ الْحَلَالُ: لَاتُبَرِّرُ وَسِيلَتَهُمُ الْحَرَامَ: وَهُمْ دَاخِلُونَ جَمِيعاً اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي مِنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ{وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ(وَلَوْ كاَنَ فِعْلُهُمَا حَلَالاً وَبِصَفَاءِ نِيَّةٍ وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي اِلَى مَفْسَدَةٍ كَبِيرَةٍ لَاتُحْمَدُ عُقْبَاهَا: فَكَمَا اَنَّ وَلِيَّ الْاَمْرِ يُقَيِّدُ الصَّيْدَ الْحَلَالَ مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى الثَّرْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ: فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ حِفَاظاً عَلَى الثَّرْوَةِ الْأَخْلَاقِيَّةِ: اَنْ يُقَيِّدَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَصْطَادُونَ النَّاسَ وَيُوقِعُونَهُمْ فِي شِرَاكِ الْفَاحِشَةِ الْحَرَامِ بِاسْمِ الزَّوَاجِ الْحَلَالِ الَّذِي رُبَّمَا يَحْصَلُ: وَرُبَّمَا يَضْحَكُ عَلَيْهَا وَلَايَحْصَلُ تَارِكاً إِيَّاهَا مَعَ وَلَدِهِ مِنَ الزِّنَا: وَرُبَّمَا يَحْصَلُ بِعَقْدٍ عُرْفِيٍّ بَرَّانِيٍّ تَارِكاً إِيَّاهَا مَعَ وَلَدِهِ الشَّرْعِيِّ : لِتَتَحَمَّلَ الْمِسْكِينَةُ وَحْدَهَا مَصَارِيفَهُ طَوَالَ حَيَاتِهَا: مُرِيحَةً إِيَّاهُ مِنْ عِبْءٍ ثَقِيلٍ كَانَ سَيَحْمِلُهُ عَلَى كَاهِلِهِ لَوْ سَجَّلَتِ الْحَمْقَاءُ زَوَاجَهَا فِي الْمَحْكَمَة: نعم ايها الاخوة: يَقُولُ اَحْمَد فِيشَاوِي تَعْلِيقاً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي تَغْرِيدَتِهِ الْعَاهِرَةِ عَلَى فَضَائِيَّةِ اَلْمَانْيَا فِي بَرْنَامِجْ شَبَابْ نِكْ: لِمَاذَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ تَرَكْنَا الدُّنْيَا: وَالْآَخِرَةَ: وَالتَّوْرَاةَ: وَالْاِنْجِيلَ: وَالْقُرْآَنَ: وَالصَّلَاةَ: وَالزَّكَاةَ: وَالصَّوْمَ: وَالْحَجَّ: وَالذِّكْرَ: وَالْعِبَادَةَ: وَلَمْ نَلْتِفِتْ اِلَّا اِلَى هَذِهِ الصُّورَة: مَاذَا فَعَلَتْ بِنَا هَذِهِ الصُّورَة؟ وَنَقُولُ لِاَحْمَدْ فِيشَاوِي: يَالَيْتَهَا صُورَةُ الْمَلِيحَةِ ذِي الْخِمَارِ الْأَسْوَدِ الَّتِي لَاتُبِيحُ لَحْمَهَا رَخِيصاً لِتَاْكُلَهُ اَعْيُنُ الذِّئَابِ الْبَشَرِيَّةِ لِنَقُولَ لَهَا: مَاذَا فَعَلْتِ بِنَاسِكٍ مُتَعَبِّدِ:وَنَقُولُ لِلْفِيشَاوِي الَّذِي فَشَا بِفُحْشِهِ وَانْتَشَى وَفَاحَتْ رَائِحَتُهُ الْقَذِرَةُ: نَعَمْ اَيُّهَا الْمَعْتُوهُ: نَحْنُ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَلَمْ نَلْتَفِتْ اِلَّا اِلَى هَذِهِ الصُّورَة: وَمَاذَا سَتَنْفَعُنَا الدُّنْيَا: بَلْ مَاذَا سَتَنْفَعُنَا الْآَخِرَةُ: بَلْ مَاذَا سَيَنْفَعُنَا جَمِيعُ مَاذَكَرْتَ اِذَا لَمْ نَلْتَفِتْ اِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَسْتَنْكِرْهَا:اَلَمْ تَعْلَمْ اَنَّ اسْتِغْفَارَكَ مِنَ الذَّنْبِ بِاسْتِنْكَارٍ لَهُ يَجْعَلُهُ صَغِيراً عِنْدَ اللهِ مَهْمَا كَانَ كَبِيراً: اَلَمْ تَعْلَمْ اَنَّ اِصْرَارَكَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ اَنْ تَسْتَنْكِرَهَا يَجْعَلُ ذَنْبَ سُكُوتِكَ وَصَمْتِكَ عَنْهَا كَبِيراً عِنْدَ اللهِ مَهْمَا كَانَ صَغِيراً وَتَافِهاً فِي نَظَرِكَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تَعْلِيقاً عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَافَعَلُوا( اَلَمْ تَعْلَمْ اَنَّ كَاشِفَ الْعَوْرَةِ عِنْدَ اللهِ وَلَوْ كَانَ رَجُلاً فَهُوَ مَلْعُونٌ: وَاَنَّ النَّاظِرَ اِلَيْهَا وَلَوْ صُدْفَةً دُونَ اَنْ يَسْتَنْكِرَهَا مَلْعُونٌ اَيْضاً كَمَا اَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: اَلَمْ تَقْرَاْ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا(مِنْ اَرْبَابِ الْأَزْيَاءِ وَكَشْفِ الْعَوْرَاتِ{مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ: ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ{نَعَمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مَنْ يُحِبُّونَ وَعَلَى لِسَانِ مَنْ يَكْرَهُونَ لِمَاذَا{كَانُوا لَايَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ(فَمَاذَا سَتَنْفَعُنَا الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ اِذَا كُنَّا مَلْعُونِينَ مُفْتَقِرِينَ اِلَى رَحْمَةِ اللهِ لِاَنَّنَا لَانَتَنَاهَى عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلْنَاهُ فِي الْبَرِّ اَوْ فِي الْبَحْرِ اَوْ فِي الْجَوِّ اَوْ فِي الْفَضَاءِ اَوْ عَلَى وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ اَوْ فِي السِّرْدَابِ لِنَقُولَ لِلْمَهْدِيِّ مَاقَالَهُ اللهُ تَعَالَى{وَلَاتَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ اِلَّا بِالْحَقِّ(نَعَمْ اَيُّهَا الْمَهْدِيّ يَايَعْفُورَ الشِّيعَةِ اللَّئِيم: اَمَا تَخْجَلُ: اَمَا تَسْتَحِي مِنْ نَفْسِك: اَلَيْسَ لَدَيْكَ عِرْضٌ وَشَرَف: لَقَدْ كَشَفْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ وَسَوْآَتِهِمْ حِينَمَا جَعَلْتَهَا اَشْلَاءً مُتَنَاثِرَةً لَاتَجِدُ مَنْ يَدْفِنُهَا دَفْناً لَائِقاً كَرِيماً: بَلْ مَاذَا سَيَنْفَعُنَا ذَلِكَ كُلُّهُ ايها الاخوة اِذَا كُنَّا لَانَغَارُ عَلَى حُرُمَاتِ اللهِ اَنْ تُنْتَهَكَ عَلَناً وَعَلَى مَرْاَى مِنْ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ دُونَ اَنْ نَسْتَنْكِرَهَا: اَمَا تَكْفِيكَ لَعْنَةُ الْوَشْمِ الَّتِي عَمَّتْ جَمِيعَ جَسَدِكَ: هَلْ تُرِيدُنَا نَحْنُ أَيْضاً اَنْ نَكُونَ مَلْعُونِينَ مِثْلَكَ: لِمَاذَا لَاتُشَجِّعُنَا عَلَى التَّوْبَةِ وَالْاِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْحِشْمَةِ وَالْعَفَافِ وَتُشَجِّعُ نَفْسَكَ أَيْضاً لِتَكُونَ قُدْوَةً لَنَا بَدَلَ اَنْ تُشَجِّعَنَا عَلَى لَعْنَةٍ مِنَ اللهِ لَاحُدُودَ لَهَا: نَسْاَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ والصلاةَ والسلامَ على نَبِيِّنَا محمد رسول الله: وكل عام وانتم بخير: وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين