الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن والاهم وبعد: فَاِنَّنَا قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَةِ نُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلُمْعَةِ الِاعْتِقَادِ بِتَسْلِيطِ شَيْءٍ مِنَ الضَّوْءِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى{اَاَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ(وَ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [رَبُّنَا اللهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ( وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْجَارِيَةِ: اَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ: فَقَالَ اَعْتِقْهَا فَاِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ: رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ اَنَسٍ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْاَئِمَّةِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقُصَيّ: كَمْ اِلَهاً تَعْبُدُ؟ قَالَ: سَبْعَة: سِتَّةٌ فِي الْاَرْضِ: وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ: فَقَالَ مَنْ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟ قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ: قَالَ فَاتْرُكِ السِّتَّةَ: وَاعْبُدِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ: وَاَنَا اُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْنِ: نَعَمْ اَخِي: فَاَسْلَمَ: وَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنْ يَقُولَ: اَللَّهُمَّ اَلْهِمْنِي رُشْدِي: وَقِنِي شَرَّ نَفْسِي: نَعَمْ اَخِي: وَفِيمَا نُقِلَ مِنْ عَلَامَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَصْحَابِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ: اَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ فِي الْاَرْضِ وَيَزْعُمُونَ اَنَّ اِلَهَهُمْ فِي السَّمَاءِ(أَيْ يَزْعُمُونَ زَعْماً حَقّاً: لَا زَعْماً بَاطِلاً: نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ(يَزْعُمُ) تَحْتَمِلُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَعْنَى الزَّعْمِ الْحَقِّ: وَتَحْتَمِلُ اَيْضاً مَعْنَى الزَّعْمِ الْبَاطِلِ: بِدَلِيلِ قَوْلِ الْكُفَّارِ لِاَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَزْعُمُ صَاحِبُكَ(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) اَنَّهُ اُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ مِنَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ اِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ يَزْعُمُ زَعْماً حَقَّاً: وَاِنْ كَانَ يَزْعُمُ زَعْماً بَاطِلاً فِي نَظَرِ الْكُفَّارِ: بِدَلِيلِ قَوْلِ اَبِي بَكْرٍ لِلْكُفَّارِ: اَنَا اُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ اَبْعَدُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: وَهُوَ خَبَرُ السَّمَاءِ الَّذِي يَسْرِي نُزُولاً عَلَى قَلْبِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَحْياً صَادِقاً مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ بَعِيدَةٍ جِدّاً بُعْداً هَائِلاً عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: نَعَمْ اَخِي: وَرَوَى اَبُو دَاوُودَ فِي سُنَنِهِ: اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اِنَّ مَابَيْنَ سَمَاءٍ اِلَى سَمَاءٍ؟مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا: وَذَكَرَ الْخَبَرَ اِلَى قَوْلِهِ: وَفَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ: وَاللهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ ذَلِكَ: نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا وَمَااَشْبَهَهُ: مِمَّا اَجْمَعَ السَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللهُ: عَلَى نَقْلِهِ وَقَبُولِهِ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِرَدِّهِ وَلَا تَاْوِيلِهِ وَلَا تَشْبِيهِهِ وَلَا تَمْثِيلِهِ: نَعَمْ اَخِي: وَسُئِلَ الْاِمَامُ مَالِكُ بْنُ اَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ: فَقِيلَ لَهُ: يَااَبَا عَبْدِ اللهِ: اَلرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى: كَيْفَ اسْتَوَى: فَقَالَ: اَلِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ: وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ(أَيْ لَايُمْكِنُ اِدْرَاكُهُ بِالْعَقْلِ(وَالْاِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ: وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ: نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ اَمَرَ بِالرَّجُلِ الَّذِي سَاَلَهُ: فَاُخْرِجَ مِنْ مَجْلِسِهِ: وَقَدْ بَدَا عَلَى الْاِمَامِ مَالِكٍ عَلَامَاتُ الْمُنْزَعِجِ مِنْ سُؤَالِهِ: نَعَمْ اَخِي: هَذِهِ الْآَيَاتُ وَالْاَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا اَعْلَاهُ: فِيهَا اِثْبَاتُ صِفَةِ الْعُلُوِّ لِلهِ تَعَالَى: فَذَكَرَ اسْتِوَاءَ اللهِ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ: ثُمَّ ذَكَرَ صِفَةَ الْعُلُوِّ: وَاسْتَدَلَّ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {اَاَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ( وَبِحَدِيثِ (حُصَيْنٍ) الْمَعْرُوفِ: وَبِوَصْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَصْحَابِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ: نَعَمْ اَخِي: وَصِفَةُ الْعُلُوِّ لِلهِ جَلَّ وَعَلَا: ثَابِتَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْاِجْمَاعِ: وَبِدَلَالَةِ الْفِطْرَةِ عَلَى ذَلِكَ: فَاِنَّ عُلُوَّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا: مَرْكُوزٌ وَمَغْرُوزٌ فِي الْفِطَرِ: وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْاَدِلَّةِ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَايَزِيدُ عَلَى اَلْفِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى اَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ: نَعَمْ اَخِي: وَالْعُلُوُّ ثَلَاثَةُ اَقْسَامٍ: عُلُوُّ الذَّاتِ: وَعُلُوُّ الْقَهْرِ: وَعُلُوُّ الْقَدْرِ: نَعَمْ اَخِي: وَاَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: يُثْبِتُونَ عُلُوَّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا بِاَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ: فَهُوَ جَلَّ وَعَلَا :عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ بِذَاتِهِ: كَمَا اَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا: عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ بِقَدْرِهِ: كَمَا اَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا: عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ بِقَهْرِهِ وَبِجَبَرُوتِهِ: نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ: فَاِنَّهُمْ يُؤَوِّلُونَ الْعُلُوَّ: بِعُلُوِّ الْقَهْرِ وَالْقَدْرِ فَقَطْ :وَيَنْفُونَ وَيُنْكِرُونَ عُلُوَّ الذَّاتِ: نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْمَسْاَلَةُ: مِنَ الْمَسَائِلِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الِامْتِحَانُ بَيْنَ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: وَبَيْنَ الْمُبْتَدِعَةِ الضُّلَّالِ: نَعَمْ اَخِي: فَمَنْ اَنْكَرَ الْعُلُوَّ: فَهَذَا مِنْ اَهْلِ الضَّلَالِ: وَمِنْ اَهْلِ الزَّيْغِ: بَلْ قَدْ حَكَمَ طَائِفَةٌ مِنْ اَهْلِ الْعِلْمِ بِكُفْرِهِ؟ لِاَنَّهُ يَنْفِي مَادَلَّ الْقُرْآَنُ عَلَيْهِ وَدَلَّتْ نُصُوصُ السُّنَّةِ عَلَيْهِ بِاَكْثَرَ مِنْ دَلِيل: نَعَمْ اَخِي: فَمَسْاَلَةُ الْعُلُوِّ: هِيَ مِنْ اَظْهَرِ مَسَائِلِ الصِّفَاتِ وَاَوْضَحِهَا: وَلِذَلِكَ مَنْ اَنْكَرَ الْعُلُوَّ: فَهُوَ عَلَى شَفِيرِ هَلَكَةٍ: وَ هُوَ مُبْتَدِعٌ بِدَعاً مُغَلَّظَةً: اِنْ لَمْ يَصِلْ بِهِ اَمْرُهُ اِلَى الْكُفْرِ بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا : نَعَمْ اَخِي: قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْجَارِيَةِ: اَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ: كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اَاَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ (فِي) فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: هِيَ حَرْفُ جَرِّ مُتَعَلِّقٍ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي (اَمِنْتُمْ) وَمُعَدَّى بِهِ: وَاَلصَّحِيحُ اَنَّهَا بِمَعْنَى: عَلَى: {اَاَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ(يَعْنِي: مَنْ عَلَى السَّمَاءِ: نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْمَعْنَى: فِيهِ اِثْبَاتُ الْعُلُوِّ: نَعَمْ اَخِي: وَمَجِيءُ (فِي) بِمَعْنَى (عَلَى) ثَابِتٌ مَعْرُوفٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: وَجَاءَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ اَيْضاً فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ فِرْعَوْنَ قَائِلاً لِسَحَرَتِهِ{وَلَاُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ(وَمَعْلُومٌ اَنَّ التَّصْلِيبَ اِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْجُذُوعِ: لَا اَنْ تُجْعَلَ الْجُذُوعُ ظَرْفاً لِلْمُصَلَّبِينَ: وَاِنَّمَا يُصَلَّبُونَ عَلَيْهَا لَا فِيهَا: نَعَمْ اَخِي: فَقَوْلُهُ تَعَالَى {اَاَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ(يَعْنِي: مَنْ عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: مُسْتَوِياً عَلَى عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ: فَوْقَ الْمَاءِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ؟ لِيَبْلُوَكُمْ(لِيَخْتَبِرَكُمْ{ اَيُّكُمْ اَحْسَنُ عَمَلاً(فَكَمَا اَحْسَنَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنَ الْمَاءِ وَجَعَلَهُ حَيّاً{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٌّ(فَاَحْسِنُوا اَنْتُمْ اَيْضاً اَعْمَالَكُمْ{اِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(بِمَعْنَى اَنَّ الْمَاءَ يَطْغَى عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مِنْ فَوْقِهَا فَاصِلاً بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِمَسَافَاتٍ هَائِلَةٍ لَايَعْلَمُ قَدْرَهَا اِلَّا اللهُ: بِمَعْنَى اَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ وَمَلائِكَةَ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ: يَحْتَاجُونَ اِلَى الْغَوْصِ فِي هَذَا الْمَاءِ: حَتىَّ يَصِلُوا اِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: ثُمَّ السَّادِسَةِ: ثُمَّ الْخَامِسَةِ: ثُمَّ الرَّابِعَةِ: ثُمَّ الثَّالِثَةِ: ثُمَّ الثَّانِيَةِ: ثُمَّ الْاُولَى: ثُمَّ سَمَاءِ الدُّنْيَا: وَكُلُّ ذَلِكَ بِمَسَافَاتٍ هَائِلَةٍ اَيْضاً مَابَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ لَايَعْلَمُ قَدْرَهَا اِلَّا اللهُ: ثُمَّ يَحْتَاجُونَ اِلَى الْغَوْصِ فِي بِحَارِ الدُّنْيَا وَاَنْهَارِهَا وَيَابِسَتِهَا: لِيَصِلُوا اِلَى الْاَرْضِ السَّابِعَةِ: بِمَسَافَاتٍ هَائِلَةٍ اَيْضاً لَايَعْلَمُ قَدْرَهَا اِلَّا اللهُ: وَرُبَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الْاَرَضِينُ السَّبْعُ تَحْتَ الْكُرَةِ الْاَرْضِيَّةِ وَلَيْسَ فِي طَبَقَاتِهَا كَمَا يَتَصَوَّرُ الْبَعْضُ اِلَى اَنْ نَصِلَ اِلَى سِجِّينَ بَلْ اِلَى مَالَانِهَايَةَ وَسُبْحَانَ الله: نَعَمْ اَخِي: فَكَلِمَةُ السَّمَاءِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: تُفَسَّرُ تَارَةً بِالْعُلُوِّ: لِاَنَّ السَّمَاءَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ هِيَ اسْمٌ لِمَا عَلَا: نَعَمْ اَخِي: وَالْعُلُوُّ يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: اَلسَّمَاءُ: بَلْ كُلُّ مَاعَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ: السَّمَاءُ: نعم اخي: وَالْعُلُوُّ الْقَرِيبُ وَالْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ الْبَعِيدُ بَلْ مَهْمَا كَانَ بَعِيداً اَوْ قَرِيباً يُطْلَقُ عَلَيْهِ: السَّمَاءُ اَيْضاً: وَسُمِّيَتِ السَّمَوَاتُ بِهَذَا الِاسْمِ؟ لِعُلُوِّهَا: وَكَذَلِكَ سُمِّيَ الْمَطَرُ سَمَاءً؟ لِاَجْلِ عُلُوِّهِ وَارْتِفَاعِهِ: بِدَلِيلٍ لُغَوِيٍّ عَرَبِيٍّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ: اِذَا نَزَل َالسَّمَاءُ بِاَرْضِ قَوْمٍ: رَاَيْنَاهُ وَاِنْ كَانُوا غِضَابَا: نَعَمْ اَخِي: وَيَعْنِي الشَّاعِرُ بِالسَّمَاءِ هُنَا: اَلْمَطَرُ: وَهَذَا لِاَنَّهُ يَاْتِي مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ: نعم اخي: فَالسَّمَاءُ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ: نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَالَ بَعْضُ اَهْلِ الْعِلْمِ: اَلْمُرَادُ هُنَا بِالسَّمَاءِ: لَيْسَ هُوَ الْعُلُوُّ: وَلَكِنْ جِنْسُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ: فَيَكُونُ الْمُرَادُ بالْمَعْنَى هُنَا مَنْ عَلَا السَّمَوَاتِ سُبْحَانَهُ: وَذَلِكَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِاَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ الْعَظِيمِ عَلَى السَّمَوَاتِ وَعَالِياً وَعَلِيّاً عَلَيْهَا: نَعَمْ اَخِي: وَالِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْش ِاَخَصُّ مِنَ الْعُلُوِّ كَمَا سَيَاْتِي: نَعَمْ اَخِي: وَالْعَرْشُ فِي اللُّغَةِ هُوَ سَرِيرُ الْمُلْكِ: وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الِارْتِفَاعِ: وَسُمِّيَ الْعَرْشُ عَرْشاً؟ لِارْتِفَاعِهِ؟ وَلِعُلُوِّهِ: بِدَليلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَهُوَ الَّذِي اَنْشَاَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ: وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ( وَهَذِهِ الْآَيَةُ فِيهَا مَعْنَى الِارْتِفَاعِ وَالْعُلُوِّ لِبَعْضِ النَّبَاتَاتِ:نَعَمْ اَخِي: فَاللهُ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ: وَهُوَ سَرِيرُ مُلْكِهِ جَلَّ وَعَلَا: اِسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ: نَعَمْ اَخِي: وَالِاسْتِوَاءُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: اَلْعُلُوُّ: وَكَلِمَةُ اسْتَوَى بِمَعْنَى: عَلَا: قَالَ جَلَّ وَعَلَا{فَاِذَا اسْتَوَيْتَ اَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ(أَيْ عَلَوْتُمْ وَارْتَقَيْتُمْ وَارْتَفَعْتُمْ عَلَى الْفُلْكِ{فَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( نَعَمْ اَخِي: وَهُنَاكَ دَلِيلٌ لُغَوِيٌّ عَلَى صِحَّةِ مَانَقُولُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْاَعْرَابِيِّ اَحَدُ اَئِمَّةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَعْرُوفُونَ: كُنَّا عِنْدَ اَحَدِ الْاَعْرَابِ: فَاَطَلَّ عَلَيْنَا مِنْ بَيْتِهِ وَقَالَ: اِسْتَوُوا اِلَيَّ: أَيِ ارْتَفِعُوا اِلَيَّ: وَاصْعَدُوا اِلَيَّ؟ لِتَكُونُوا مُسَاوِينَ لِي فِي الرِّفْعَةِ الْمَكَانِيَّةِ: نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: اَنَّ اسْتَوَى بِمَعْنَى: عَلَا عَلَى الشَّيْءِ: لَكِنْ قَدْ يُضَمَّنُ هَذَا الْعُلُوُّ مَعْنىً آَخَرَ: بِحَسَبِ الْحَرْفِ الَّذِي يُعَدَّى اِلَيْهِ الْفِعْلُ: كَمَا قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى اِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ(نَعَمْ اَخِي: وَالْحَرْفُ الَّذِي عُدِّيَ اِلَيْهِ الْفِعْلُ الْمَاضِي(اسْتَوَى) هُنَا فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: هُوَ حَرْفُ الْجَرِّ(اِلَى): نَعَمْ اَخِي: بَعْضُ السَّلَفِ وَاَهْلِ الْعِلْمِ يُفَسِّرُ{اسْتَوَى اِلَى السَّمَاءِ(أَيْ قَصَدَ وَعَمَدَ: وَهَذَا مِمَّا يُسَمَّى: التَّفْسِيرَ بِاللَّازِمِ: فَاِنَّهُ مَعَ الْعُلُوِّ هُنَاكَ قَصْدٌ وَعَمْدٌ اَيْضاً: وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{ اِلَى السَّمَاءِ(فَلَمَّا عَدَّى الْفِعْلَ بِاِلَى وَقَالَ{اسْتَوَى اِلَى السَّمَاءِ( عَلِمْنَا بِاَنَّهُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الْقَصْدِ وَالْعَمْدِ: نَعَمْ اَخِي: وَالتَّضْمِينُ فِيهِ اِثْبَاتٌ لِاَصْلِ الْمَعْنَى: مَعَ زِيَادَةِ مَادَلَّ عَلَيْهِ الْحَرْفُ الَّذِي عُدِّيَ الْفعْلُ بِهِ: نَعَمْ اَخِي: وَاِثْبَاتُ الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَعَلَى قَاعِدَةِ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( هُوَ مِمَّا تَمَيَّزَ بِهِ اَهْلُ السُّنَّةِ: وَاَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ: فَاِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ اسْتِوَاءَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى عَرْشِهِ: فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَجْعَلُونَ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ: عِبَارَةً عَنِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ: وَهَذَا فِيهِ تَنَقُّصٌ لِلهِ جَلَّ وَعَلَا وَانْتِقَاصٌ مِنْ قَدْرِهِ وَجَلَالِهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ لِاَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا قَال:{اِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضَ فِي سِتَّةِ اَيَّامٍ: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ(فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ هُنَا: اَنَّ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ: كَانَ بَعْدَ اَنْ لَمْ يَكُنْ: نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا فُسِّرَ الِاسْتِوَاءُ بِالِاسْتِيلَاءِ: دَلَّ هَذَا:عَلَى اَنَّ الِاسْتِيلَاءَ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْعَرْشِ: لَمْ يَكُنْ: ثُمَّ كَانَ: وَهَذَا فِيهِ تَنَقُّصٌ لِلهِ جَلَّ وَعَلَا: وَانْتِقَاصٌ مِنْ قَدْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ لِاَنَّ فِيهِ سَلْباً لِقَهْرِهِ وَجَبَرُوتِهِ عَلَى خَلْقِهِ اَجْمَعِينَ مُنْذُ الْاَزَلِ: وَاِلَى مَالَانِهَايَةَ مِنَ الْاَزَلِ وَالْمَاضِي الْبَعِيدِ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى بِزَعْمِ هَؤُلَاءِ: مَرَّتْ عَلَيْهِ فَتْرَةٌ زَمَنِيَّةٌ مُنْذُ الْاَزَلِ وَالْمَاضِي الْبَعِيدِ: كَانَ عَاجِزاً فِيهَا عَنِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى عَرْشِهِ وَعَنِ الْوُصُولِ اِلَيْهِ: وَرُبَّمَا كَانَ تَائِهاً عَنْهُ بِزَعْمِ هَؤُلَاءِ اَيْضاً: وَرُبَّمَا كَانَتْ قُوَّةٌ هَائِلَةٌ خَفِيَّةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ تَسْتَوْلِي عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيلَائِهِ سُبْحَانَهُ وَقَبْلَ اَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّغَلُّبِ عَلَيْهَا: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيرَا: نعم اخي: فَهَذَا يُبَيِّنُ وَيُقَرِّرُ: اَنَّ الِاسْتِوَاءَ وَالِاسْتِيلَاءَ: لَيْسَ اِلَّا بِمَعْنَى الْعُلُوِّ: نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ: بِاَنَّهُ الْعِلْمُ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ حَازَ الْعِلْمَ: وَكَمُلَ لَهُ الْعِلْمُ: حِينَمَا اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: وَهَذَا اَيْضاً تَفْسِيرٌ بَاطِلٌ: لِاَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَقْصِ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ: وَفِي هَذَا انْتِقَاصٌ اَيْضاً مِنْ قَدْرِهِ وَجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ: نَعَمْ اَخِي: وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ الْعَرْشَ: بِالْكُرْسِيِّ: وَهَذِهِ الْاَقْوَالُ كُلُّهَا: لَيْسَتْ هَذِهِ الْمُشَارَكَةُ مَوْضِعاً لِتَفْصِيلِهَا: وَلَا لِلرَّدِّ عَلَيْهَا وَ لَاعَلَى قَائِلِيهَا: لَكِنَّهَا جَمِيعاً: مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقْتَضِيهِ الْاَدِلَّةُ: وَلِمَا هُوَ ظَاهِرُ الْاَدِلَّةِ: وَلِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ وَالسُّنَّة: نَعَمْ اَخِي: وَالِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ: يَخْتَلِفُ عَنِ الْعُلُوِّ؟ لِاَنَّهُ اَخَصُّ مِنْهُ: نَعَمْ اَخِي: فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا: مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ: الْعُلُوُّ: بِمَعْنَى اَنَّ الْعُلُوَّ كَانَ مُرَافِقاً لِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ مُنْذُ الْاَزَلِ وَاِلَى مَالَا بِدَايَةَ وَلَا نِهَايَةَ اَيْضاً مِنَ الْمَاضِي الْبَعِيدِ: وَاِلَى مَالَابِدَايَةَ وَلَانِهَايَةَ اَيْضاً مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ: وَاَمَّا الِاسْتِوَاءُ: فَهُوَ صِفَةٌ فِعْلِيَّةٌ: بِاعْتِبَارِ اَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا: لَمْ يَكُنْ مُسْتَوِياً عَلَى الْعَرْشِ: ثُمَّ اسْتَوَى: لَكِنَّهُ اَيْضاً صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ وَلَوْ اَنَّهَا غَيْرُ اَزَلِيَّةٍ وَلَيْسَتْ مِنَ الْمَاضِي الْبَعِيدِ: وَلَكِنَّهَا صِفَةٌ ذَاتِيَةٌ لَهَا بِدَايَةٌ وَلَيْسَ لَهَا نِهَايَةٌ بِاعْتِبَارِ اَنَّ اللَهَ جَلَّ وَعَلَا: لَمْ يَزَلْ مُسْتَوِياً عَلَى عَرْشِهِ مُنْذُ اسْتَوَى عَلَيْهِ اِلَى مَالَانِهَايَةَ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ اِلَّا مَاشَاءَ اللهُ: بِمَعْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ: لَايَسْتَوِي فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ: بَلْ هُوَ جَلَّ وَعَلَا: مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ: وَلَايَنْفَكُّ عَنْ هَذَا الْوَصْفِ اِلَّا مَاشَاءَ اللُهُ كَقَوْلِهِ مَثَلاً{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً(مَجِيئاً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ مُسْتَوِياً عَلَى عَرْشِهِ اَوْ غَيْرَ مُسْتَوٍ وَاللهُ اَعْلَم: ونكتفي بهذا القدر ونبدا بالمشاركة على بركة الله: ولكن قبل البدء نُجِيبُ اَوَّلاً فِي عُجَالَةٍ عَلَى سُؤَالٍ اَرْسَلَهُ اِلَيْنَا اَحَدُ الْاِخْوَةِ يَطْلُبُ فِيهِ شَرْحاً بَسِيطاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى{عَلِمَ اللهُ اَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ اَنْفُسَكُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ تَخْتَانُونَ اَنْفُسَكُمْ: أَيْ تُخَادِعُونَهَا: وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْهَا هُوَ: اِخْتَانَ نَفْسَهُ: اَوْ خَادَعَهَا: وَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ: يُخْطِىءُ: وَلَايَعْتَرِفُ بِخَطَئِهِ: وَيُكَابِرُ عَلَيْهِ: وَيُرِيدُ اَنْ يَسْتُرَهُ: وَهَذَا هُوَ مَعْنَى تَخْتَانُونَ اَنْفُسَكُمْ: نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآَيَةِ: يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْجِمَاعُ الْحَلَالُ الْمَعْرُوفُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ: وَفِي لَيْلِ رَمَضَانَ اَيْضاً عِنْدَ النَّوْمِ: فَكَانُوا بِمُجَرَّدِ اَنْ يَنَامُوا بَاكِراً بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْاِفْطَارِ اَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مُبَاشَرَةً وَالتَّرَاوِيحِ: فَاِذَا اسْتَيْقَظَ اَحَدُهُمْ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ وَعَادَ اِلَى بَيْتِهِ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْهُمَا فَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ الْمُعَاشَرَةَ الْحَلَالَ الْمَعْرُوفَةَ فِي لَيْلِ رَمَضَانَ: وَلَا فِي نَهَارِهِ: نَعَمْ اَخِي: فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُخَالِفُ ذَلِكَ: وَيُعَاشِرُ زَوْجَتَهُ: وَيَخْجَلُ وَيَخَافُ وَيَسْتَحِي اَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى{عَلِمَ اللهُ اَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ اَنْفُسَكُمْ: فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ: فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ: وَابْتَغُوا مَاكَتَبَ اللهُ لَكُمْ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْاَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْاَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ: ثُمَّ اَتِمُّوا الصِّيَامَ اِلَى اللَّيْلِ( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَنَبْدَاُ بِالْمُشَارَكَةِ عَلَى بَرَكَةِ الله: نَعَمْ اَخِي: اَلْاِسْلَامُ اَقَامَ حَيَاتَنَا الِاجْتِمَاعِيَّةَ عَلَى اَسَاسٍ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ: وَلَاسِيَّمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة( لَكِنْ اَحْيَاناً تَذْهَبُ اَسْبَابُ الْمَوَدَّةِ: وَلَايَبْقَى لِلزَّوْجَيْنِ اِلَّا الْرَّحْمَة: لَكِنْ اَحْيَاناً تَضِيقُ اَسْبَابُ هَذِهِ الرَّحْمَةِ اِلَى دَرَجَةٍ تَسْتَحِيلُ مَعَهَا الْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ اَنْ تَسْتَمِرَّ: وَلَايَبْقَى لِلزَّوْجَيْنِ اِلَّا الطَّلَاقُ الَّذِي شَرَعَهُ الْاِسْلَامُ بِمَا فِيهِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمُرَافِقَةِ لَهُ اَيْضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فَاِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ: اَوْ تَسْرِيحٌ بِاِحْسَانٍ(وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لَنَا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنْ نُسَلِّطَ شَيْئاً مِنَ الضَّوْءِ عَلَى الطَّلَاقِ وَمَايُرَافِقُهُ مِنْ مُخَالَفَاتٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ عِنْدَ اَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ اِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي فِي سُؤَالٍ اَرْسَلَهُ اِلَيْنَا اَحَدُ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيهِ: قَرَاْتُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ: اَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ اِلَى: طَلَاقٍ سُنِّيٍّ: وَاِلَى طَلَاقٍ بِدْعِيٍّ: فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلطَّلَاقُ السُّنِّيُّ: هُوَ اَنْ تَتَّبِعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّلَاقِ: وَمَاهِيَ سُنَّةُ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ فِي الطَّلَاقِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هِيَ اَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ فِي حَالَةِ الْهُدُوءِ النَّفْسِيِّ: وَاَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ عَلَى مَرَاحِلَ: وَاَنْ يَتَقَدَّمَ الطَّلَاقَ اُمُورٌ قَبْلَ اَنْ يَحْدُثَ الطَّلَاقُ: وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ: فَعِظُوهُنَّ: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ: وَاضْرِبُوهُنَّ: فَاِنْ اَطَعْنَكُمْ: فَلَاتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً: اِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً(نَعَمْ اَخِي{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَالنُّشُوزُ مَاْخُوذٌ مِنْ نَشَزَ اِذَا تَرَفَّعَ: كَمَا نَقُولُ مَثَلاً: مَكَانٌ نَاشِزٌ: أَيْ مُرْتَفِع: وَالْمَعْنَى اَنَّ الْمَرْاَةَ اِذَا تَكَبَّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَمْ تُطِعْهُ فِيمَا اَمَرَهَا اللهُ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ: فَهَذِهِ تُسَمَّى نَاشِزاً: نَعَمْ اَخِي: اَللهُ تَعَالَى اَمَرَ الزّوْجَةَ اَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا فِي حُدُودِ الشَّرْعِ: مُرَاعِياً سُبْحَانَهُ اَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّاعَةُ ضِمْنَ طَاقَتِهَا وَلَيْسَ خَارِجَ حُدُودِ الشَّرْعِ: وَلَيْسَ فَوْقَ طَاقَتِهَا اَيْضاً: نَعَمْ اَخِي: فَلَوْ اَمَرَهَا زَوْجُهَا مَثَلاً بِالِاخْتِلَاطِ الْفَاضِحِ: هَلْ يَجُوزُ لَهَا شَرْعاً اَنْ تُطِيعَهُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَجُوزُ لَهَا: فَاِذَا اَطَاعَتْهُ: فَهِيَ آَثِمَةٌ: وَهُوَ آَثِمٌ اَيْضاً: فَلَوْ قَالَ لَهَا مَثَلاً: لَاتُصَلِّي: لَاتَتَحَجَّبِي: اَنَا عِنْدِي مَرْكَزٌ اجْتِمَاعِيٌّ: وَذُو مَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ بَيْنَ النَّاسِ: لَايَتَنَاسَبُ مَعَهَا اَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي وَاَنْتِ مُتَحَجِّبَةٌ: اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَسْمَعُهُ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ وَالْآَفَاتِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى: نَعَمْ اَختي: لَاتُطِيعِيهِ لِاَنَّهُ لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ: اَوْ كَمَا يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ لَكِ شَرْعاً اُخْتِي اَنْ تُطِيعِي هَذَا الزَّوْجَ الْمَرِيضَ الَّذِي يُعَانِي مِنْ نَقْصِ الشَّخْصِيَّةِ الْاِسْلَامِيَّةِ وَعَدَمِ وُثُوقِهِ بِاَيِّ مَظْهَرٍ اَوْ تُرَاثٍ اِسْلَامِيٍّ: وَرُبَّمَا يَصُبُّ جَامَّ غَضَبِهِ عَلَى الْاِسْلَامِ وَلَوْ لِمُجَرَّدِ هَفْوَةٍ اَوْ غَلْطَةٍ صَغِيرَةٍ قَامَ بِهَا اَحَدُ الْمُنْتَسِبِينَ الْجُهَلَاءِ اِلَيْهِ بِحَقِّهِ: نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ الْمُرْجِفُونَ الَّذِينَ يَصُبُّونَ جَامَّ غَضَبِهِمْ عَلَى الْاِسْلَامِ بِغَيْرِ حَقٍّ: يُمَثِّلُونَ الْاِرْهَابَ الْفِكْرِيَّ وَالْعَقَائِدِيَّ بِكُلِّ اَشْكَالِهِ الَّتِي يُمَارِسُونَهَا عَلَى النَّاسِ؟ لِاَنَّهُمْ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ: فَهَؤُلَاءِ يَحْمِلُونَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاَنْفُسِهِمْ مِنَ الْاِرْهَابِ الْاَكْبَرِ الَّذِي لَايُسَاوِيهِ اِرْهَابٌ عِنْدَ اللهِ: وَهُوَ مَايَفْعَلُونَهُ مِنْ مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالْفِتْنَةُ اَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ(بَلْ اِنَّ اِرْهَابَهُمْ عِنْدَ اللهِ: اَكْبَرُ مِنْ اِرْهَابِ الدَّوَاعِشِ الْخَوَنَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَطَرِفِين: نعم اخي: ثَانِياً: اَنْ يَكُونَ تَكْلِيفُ الزَّوْجِ لَهَا ضِمْنَ طَاقَتِهَا: فَاِذَا كَلَّفَهَا بِمَا يُشْعِرُهَا اَنَّهُ فَوْقَ طَاقَتِهَا وَلَوْ فِي قَطِيعَةِ اَرْحَامِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ: فَلَيْسَتْ مَجْبُورَةً بِاَنْ تُطِيعَهُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْاَرْحَامِ وَفِي غَيْرِ الْاَرْحَامِ{لَايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا وُسْعَهَا(وَاَمَّا اِذَا كَانَتْ قَطِيعَةُ اَرْحَامِهَا ضِمْنَ طَاقَتِهَا وَتَسْتَطِيعُ اَنْ تَتَحَمَّلَ قَطِيعَةَ اَشِقَّائِهَا وَوَالِدَيْهَا الَّذِينَ تَرَبَّتْ وَنَشَاَتْ مَعَهُمْ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ مِنْ عُمُرِهَا: فَاِنْ رَاَتْ مَصْلَحَةً شَرْعِيَّةً فِي تِلْكَ الْقَطِيعَةِ لَهَا وَلِاَوْلَادِهَا وَهِيَ عَدَمُ خَرَابِ بَيْتِهَا: فَعَلَيْهَا اَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا الْمَلْعُونَ مُكْرَهَةً اِلَى اَنْ يَقْضِيَ اللهُ اَمْرَاً كَانَ مَفْعُولاً وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً( وَاِلَّا{لَايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا مَاآَتَاهَا( مِنْ قُوَّةِ التَّحَمُّلِ وَالْاِرَادَةِ وَضَبْطِ الْاَحَاسِيسِ وَالْمَشَاعِرِ فِيمَا تُحِبُّ وَفِيمَا تَكْرَهُ: فَلَابُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ لِتَكُونَ الطَّاعَةُ وَاجِبَةً عَلَى الزَّوْجَةِ: وَهُمَا مَطْلُوبَانِ شَرْعاً لَكِنْ ضِمْنَ حُدُودِ الشَّرْعِ: وَضِمْنَ طَاقَةِ الْمَرْاَةِ اَيْضاً: نَعَمْ اَخِي: نَحْنُ آَفَتُنَا وَهِيَ آَفَةُ اَكْثَرِ النَّاسِ مَعَ الْاَسَفِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ: اَنَّهُ يُرِيدُ اَنْ يَاْخُذَ حَقَّهُ كَامِلاً مِنْ دُونِ نُقْصَانٍ: وَلَكِنْ لَايُرِيدُ اَنْ يُعْطِيَ الْآَخَرِينَ حُقُوقَهُمْ: وَلِذَلِكَ يَاْتِي الزَّوْجُ اِلَى زَوْجَتِهِ وَيَقُولُ لَهَا: يَجِبُ عَلَيْكِ اَنْ تَفْعَلِي كَذَا وَكَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّاعَةِ بِمَا لِي مِنْ حُقُوقٍ عَلَيْكِ: وَهُوَ لَايَقُومُ بِمَا اَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ: وَيَتَنَاسَى قَوْلَ اللهِ وَيَتَجَاهَلُهُ وَيَضْرِبُ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ: وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ(أَيْ لَهُنَّ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى الزَّوْجِ: مِثْلُ مَاعَلَيْهِنَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ فِي طَاعَتِهِ بِمَا يُرْضِي اللهَ: نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا نَشَزَتِ الزَّوْجَةُ: فَمَاذَا يَفْعَلُ الزَّوْجُ: هَلْ بِمُجَرَّدِ هَذَا النُّشُوزِ: يَلْجَاُ اِلَى الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ فَوْراً: وَاِلَى مَايَحْدُثُ فِي اَيَّامِنَا مِنَ الْغَوْغَاءِ: وَمِنَ السَّفَاهَةِ وَالسُّفَهَاءِ الْحَمِيرِ: اَنَّهُمْ بِمُجَرَّدِ هَفْوَةٍ مِنَ النُّشُوزِ وَلَوْ بَسِيطَةٍ: يُطَلِّقُهَا فَوْراً: فَاَيْنَ هَذَا الْحِمَارُ السَّفِيهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[لَايَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً: اِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً: رَضِيَ مِنْهَا آَخَرَ(نَعَمْ اَخِي: اَلْاِسْلَامُ دَائِماً يَضَعُ الْعِلَاجَ الْمُنَاسِبَ لِهَذَا النُّشُوزِ: لَكِنْ هَلِ الْعِلَاجُ الَّذِي وَضَعَهُ الْاِسْلَامُ لِهَذَا النُّشُوزِ الْاِرْهَابِيِّ الَّذِي يَجْعَلُ الْبَيْتَ اَحْيَاناً جَحِيماً اِرْهَابِيّاً لَايُطَاقُ: هَلْ هُوَ مَايَفْعَلُهُ الصُّلْبَانُ الْخَنَازِيرُ الْخَوَنَةُ مِنَ الرَّحْمَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا(وَاِنَّمَا جَعَلُوهَا عَلَى الْحَيَوَانَاتِ النَّاشِزَةِ فَقَطْ! بَاذِلِينَ كُلَّ طَاقَتِهِمْ مِنْ اَجْلِ مُحَاوَلَةِ تَرْوِيضِهَا! وَمُعَامَلَتِهَا كَمَا يُعَامِلُونَ الْكِلَابَ الْمُدَلَّلَةَ! بَلْ وَخَوْفَهُمْ عَلَيْهَا مِنَ الِانْقِرَاضِ فِي جِنْسِهَا الْحَيَوَانِيِّ النَّادِرِ! وَخَاصَّةً الدِّبَبَةُ الْمُتَوَحِّشَةُ! مَهْمَا عَضَّتْهُمْ! وَمَهْمَا آَذَتْهُمْ! وَمَهْمَا اَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَشَوَّهَتْهُمْ! نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْاِنْسَانُ الْمُتَوَحِّشُ! وَاَمَّا جِنْسُ الْاِنْسَانِ! فَاِنَّهُمْ حَرِيصُونَ دَائِماً عَلَى عَدَمِ تَرْوِيضِهِ! بَلْ عَلَى اسْتِفْزَازِهِ بِاَحْقَرِ اسْتِفْزَازَاتٍ عَرَفَتْهَا الْبَشَرِيَّةُ: مِنَ الْمُخَدِّرَاتِ: وَغَيْرِهَا مِنْ اَسَالِيبِ التَّلْوِيع ِوَالتَّعْذِيبِ: وَالْاِبَادَةِ بِالْبَرَامِيلِ الْمُتَفَجِّرَةِ: وَغَيْرِهَا مِنَ الْقَصْفِ الْوَحْشِيِّ: بِالطَّائِرَاتِ الْمُتَوَحِّشَةِ الَّتِي تَقْتُلُ الْاَطْفَالَ وَالْاَبْرِيَاءَ: اَكْثَرَ مِمَّا تَقْتُلُ الْاِرْهَابِيِّينَ الْمُتَوَحِّشِينَ: نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ هَذِهِ الرَّحْمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ{مَارَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا( فَمَرَّةً تَرْحَمُ الْمُجْرِمَ وَلَاتَرْحَمُ ضَحَايَاهُ: وَمَرَّةً اُخْرَى تَرْحَمُ الْحَيَوَانَ مَهْمَا كَانَ مُتَوَحِّشاً! مُنَادِيَةً بِصَوْتٍ اَنْكَرَ مِنْ اَصْوَاتِ الْحَمِيرِ: اَنْ دَعُوا الطَّبِيعَةَ تَاْخُذُ مَجْرَاهَا عَلَى الْوُحُوشِ الْاَقْوِيَاءِ وَعَلَى الْحِمْلَانِ الْوَدِيعَةِ الضَّعِيفَةِ سَوَاءً: وَلَكِنَّهَا لَاتَدَعُ الطَّبِيعَةَ الْبَشَرِيَّةَ تَاْخُذُ مَجْرَاهَا عَلَى الْاِنْسَانِ اَبَداً: بَلْ لَا تَرْحَمُ الْاِنْسَانَ: بَلْ تَصُبُّ جَامَّ غَضَبِهَا عَلَى الْاِنْسَانِ الْمُتَوَحِّشِ: وَلَوْ اَدَّى ذَلِكَ اِلَى قَتْلِ الْاَبْرِيَاءِ مِنَ الْاَطْفَالِ رَمْزِ الْبَرَاءَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالسَّلَام: نَعَمْ اَخِي{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا: وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَافِي قَلْبِهِ: وَهُوَ اَلَدُّ الْخِصَام(وَهُمُ الصَّفَوِيَّةُ الصَّلِيبِيَّةُ الْيَهُودِيَّةُ الشُّيُوعِيَّةُ الْبَلْشَفِيَّةُ الْخَبِيثَة الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلنَّاسِ: تَعَالَوْا وَاتَّحِدُوا مَعَنَا؟ وَانْضَمُّوا اِلَى صُفُوفِنَا؟ مِنْ اَجْلِ الْمُقَاوَمَةِ وَالْمُمَانَعَةِ؟ وَالتِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ بِقَضِيَّةِ فِلَسْطِينَ وَالْجُولَانِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْاَرَاضِي الْمُغْتَصَبَةِ؟ وَمَايُسَمَّى بِحُقُوقِ الْاَقَلِّيَّاتِ اَيْضاً (ضَارِبِينَ بِعُرْضَ الْحَائِطِ حُقُوقَ الْاَكْثَرِيَّاتِ وَبِالْبَوْلِ وَالْخَرَاءِ اَيْضاً: وَلَاعِبِينَ عَلَى وَتَرِ الطَّائِفِيَّةِ وَالْمَهْدَوِيَّةِ وَالْاِمَامِيَّةِ الشِّيعِيَّةِ الْبَغِيضَةِ الَّتِي تَعْتَنِقُ دِيناً مَلَالِيّاً مُمِلّاً مُقْرِفاً مُنْتِناً قَذِراً خَبِيثاً جَدِيداً: يَجْعَلُنَا نَشْعُرُ بِالْغَثَيَانِ وَالْقَرَفِ وَالِاشْمِئْزَازِ :لَمْ نَسْمَعْ بِهِ مِنْ قَبْلُ: مُخْلِصاً لِلصَّلِيبِيَّةِ الصَّفَوِيَّةِ الْمُتَصَهْيِنَةِ اِلَى اَبْعَدِ الْحُدُودِ وَمُعَادِياً لِلْاِسْلَامِ بِكُلِّ صُوَرَهِ وَاَشْكَالِهِ: بَلْ يُرِيدُ الْقَضَاءَ عَلَى كُلِّ مَظْهَرٍ اِسْلَامِيٍّ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ( مِنْ اَجْلِ اَنْ نُحَقِّقَ مَايُسَمَّى بِتَوَازُنِ الرُّعْبِ؟ مِنْ اَجْلِ رَوَاجِ التِّجَارَةِ فِي الْاَسْلِحَةِ الْخَفِيفَةِ وَالثَّقِيلَةِ وَالْمَسْمُوحَةِ وَالْمُحَرَّمَةِ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ؟ لِتَدُرَّ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْاَرْبَاحِ الْهَائِلَةِ وَالْاَمْوَالِ الْحَرَامِ: وَلَكِنَّهُ مِنْ تَحْتِ الطَّاوِلَةِ: وَمِنْ وَرَاءِ الْكَوَالِيسِ: نَسْاَلُ اللهَ اَنْ يَسْحَبَ الْبِسَاطَ مِنْ تَحْتِهَا جَمِيعاً وَيَقْلِبَ الطَّاوِلَةَ عَلَى رُؤُوسِ هَؤُلَاءِ الْخُبَثَاءِ اَعْدَاءِ الْاِنْسَانِيَّةِ وَالْاَطْفَالِ الْاَبْرِيَاءِ وَاَصْدِقَاءِ الْحَيَوَانِ وَلَوْ كَانَ مُتَوَحِّشاً اِرْهَابِيّاً: بَلْ وَلَوْ كَشَّرَ لَهُمْ عَنْ اَنْيَابِهِ وَمَزَّقَهُمْ اِرْباً اِرْباً: نعم اخي: وَلَكِنَّهُ من تحت الطاولة ومن وراء الكواليس{اِذَا تَوَلَّى: سَعَى فِي الْاَرْضِ: لِيُفْسِدَ فِيهَا: وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ( أَيْ يَقْتُلَ الْاَطْفَالَ وَالضُّعَفَاءَ الْاَبْرِيَاء: نَعَمْ اَخِي: اِنَّ الْاِسْلَامَ يُعَالِجُ هَذَا النُّشُوزَ بِطَرِيقَةٍ اُخْرَى غَيْرِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَتَّبِعُهَا الصُّلْبَانُ الْخَنَازِيرُ الْمُتَصَهْيِنُونَ الْخَوَنَةُ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى صُلْبَانِهِمُ الْقَذِرَةِ: وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ: فَعِظُوهُنَّ(اَوّلاً: عَلَيْكَ اَخِي الزَّوْجُ: اَنْ تَسْتَعْمِلَ مَعَ زَوْجَتِكَ: اُسْلُوبَ الْوَعْظِ وَالْاِرْشَادِ: فَرُبَّمَا تَكُونُ نَائِمَةً فِي الْعَسَلِ: اَوْ بِحَاجَةٍ اِلَى مَنْ يُوقِظُهَا مِنْ اَحْلَامِ الْيَقَظَةِ الَّتِي تَحْلُمُ مِنْ خِلَالِهَا بِزَوْجٍ اَحْسَنَ حَالاً وَوَسَامَةً شَيْطَانِيَّةً خَبِيثَةً وَيُشْبِهُ اِلَى حَدٍّ مَا (مُهَنَّدَ التُّرْكِيِّ( الَّذِي لَنْ يُعَبِّرَهَا مَهْمَا حَلُمَتْ بِهِ: بَلْ وَلَنْ يَلْتَكِشَ بِهَا بِحِذَائِهِ: بَلْ كُلُّ هَمِّهِ التَّرْويجُ لِلدَّعَارَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَالشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ: اَوْ رُبَّمَا تَحْلُمُ بِسَيَّارَةِ مَرْسِيدِسْ شَبَحْ: اَوْ رُبَّمَا تَحْلُمُ بِمَا تَشْتَهِيهِ مِنْ حَالِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَعِشْنَ عَلَى رِيشِ النَّعَامِ وَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاَحْدَثِ الْمُوضَاتِ وَالْاَزْيَاءِ وَالصَّرْعَاتِ: مِمَّا يَجْعَلُ لُعَابَهَا يَسِيلُ دَائِماً: حِينَمَا تَرَى اَثَرَ النِّعْمَةِ عَلَى زَمِيلَاتِ السُّوءِ: وَلَاتَرَاهُ عَلَيْهَا: وَلَا عَلَى زَوْجِهَا:قَانِعَةً بِهِ: بَلْ تُرِيدُ اَنْ تُحَمِّلَ زَوْجَهَا فَوْقَ طَاقَتِهِ: لِيُحَقِّقَ اُمْنِيَاتِهَا الْمُسْتَحِيلَةَ وَغَيْرَ الْمَعْقُولَةِ: نَعَمْ اُخْتِي: رُبَّمَا تَجِدِينَ رَاحَتَكِ النَّفْسِيَّةَ مَعَ جَسَدِ زَوْجِكِ الْفَقِيرِ الَّذِي يُعَاشِرُكِ مُسْتَجْمِعاً كُلَّ اَحَاسِيسِهِ وَمَشَاعِرِهِ بِتَحْرِيضٍ لَامَثِيلَ لَهُ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّغْبَةِ الْجِنْسِيَّةِ: مَالَاتَجِدِينَهُ عِنْدَ رَجُلٍ غَنِيٍّ يَشْتَهِي اَنْ يَجِدَ فِي فِرَاشِهِ كُلَّ يَوْمٍ امْرَاَةً جَدِيدَة: نَعَمْ اَخِي: عَلَيْكَ اَوّلاً اَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَى زَوْجَتِكَ الْوَعْظَ: نَعَمْ اَخِي: وَالْوَعْظُ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ: لَهُ اُسْلُوبَانِ: اُسْلُوبٌ فِيهِ رِقَّةٌ: وَاُسْلُوبٌ آَخَرُ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الشِّدَّةِ: فَاَوَّلاً عَلَيْكَ اَخِي: اَنْ تَسْتَعْمِلَ مَعَهَا الْاُسْلُوبَ الَّذِي فِيهِ رِقَّةٌ: فَرُبَّمَا تَسْتَجِيبُ لِذَلِكَ: فَاِذَا لَمْ تَسْتَجِبْ: فَعَلَيْكَ اَنْ تَعِظَهَا بِاُسْلُوبٍ آَخَرَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّهْدِيدِ الْاَدَبِيِّ الْخَفِيفِ: بِمَعْنَى اَنَّكَ تَقُولُ لَهَا: اِذَا لَمْ تَسْتَجِيبِي لِذَلِكَ: فَاَنْتِ مُعَرَّضَةٌ اِلَى اَنْ اُطَلِّقَكِ: نَعَمْ اَخِي: يَنْبَغِي عَلَيْكَ اَنْ تَقُولَ لَهَا هَذَا الْكَلَامَ: مِنْ دُونِ سَبٍّ: وَلَا شَتْمٍ: وَلَا اَبُوكِ: وَلَا اَبُو اَبُوكِ: وَلَا اَبُو الَّذِي جَلَبَكِ: وَلَا اَبُو الَّذِي عَرَّفَنِي عَلَيْكِ: اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنَ الْاَلْفَاظِ الْبَذِيئَةِ الَّتِي لَاتَلِيقُ بِحَقِّ الْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ: نَعَمْ اَخِي: هُوَ يَكِيلُ لَهَا: وَهِيَ تَكِيلُ لَهُ بِمِكْيَالٍ آَخَرَ مِنَ السِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ وَالْاَلْفَاظِ الْبَذِيئَةِ الْمُقْرِفَةِ: وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ مِنْ اَخْلَاقِ الْاِسْلَامِ فِي شَيْءٍ:
Bookmarks