الْحَمْدُ لِلهِ ثُمَّ الْحَمْدُ لِلهِ: اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي اَعَزَّنَا بِالْاِسْلَامِ: وَبَعَثَ فِينَا خَيْرَ الْاَنَامِ: فَجَمَعَنَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَة: وَاَظَلَّنَا تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ: فَسُدْنَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ: وَنَشَرْنَا بَيْنَ النَّاسِ الْخَيْرَ وَالْاَمَانَ وَالْعَدْلَ وَالْمِيزَانَ: فَكُنَّا بِذَلِكَ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنَّاس، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ: وَنَعُوذُ بِاللِه مِنَ الْفِتَنِ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ: وَنَعُوذُ بِهِ اَنْ يَتَغَلَّبَ الْبَاطِلُ عَلَى الْحَقِّ: وَنَسْاَلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَمْناً وَاَمَاناً لِاُمَّتِنَا وَدِينِنَا وَبِلَادِنَا وَعِبَادِ اللهِ جَمِيعاً: وَنُوصِي اَنْفُسَنَا جَمِيعاً بِتَقْوَى اللهِ الْعَظِيمِ وَطَاعَتِهِ: وَنُحَذِّرُهَا مِنْ مُخَالَفَتِهِ وَعِصْيَانِ اَوَامِرِهِ؟ لِاَنَّ مُخَالَفَةَ اللهِ تَجْعَلُنَا اَشْتَاتاً؟ وَلِاَنَّ طَاعَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: تَجْعَلُنَا قَلْباً وَاحِداً وَصَفّاً وَاحِداً، وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ: جَعَلَ بَيْتَهُ الْعَتِيقَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَاَمْناً: وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ: كَانَ خَيْرَ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ: اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى هَذَا الْمُصْطَفَى نَبِيِّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ: وَعَلَى آَلِ بَيْتِهِ الْكِرَامِ: وَاَصْحَابِهِ الْاَخْيَارِ: وَاَزْوَاجِهِ الْاَطْهَارِ: وَذُرِّيَّتِهِ الْاَبْرَارِ: وَعَلَى كُلِّ مَنِ اقْتَفَى اَثَرَهُ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ: وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِينَ، اَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي اَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَارَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْاَنْعَامِ: فَكُلُوا مِنْهَا: وَاَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير(صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم، اِنَّهَا ذِكْرَى الْحَجِّ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا ذِكْرَى زِيَارَةِ بَيْتِ اللهِ الْحَرَام: اِنَّهَا ذِكْرَى الْاَطْيَافِ الَّتِي تَمُرُّ بِخَاطِرِ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ يَتَنَقَّلُ هُنَاكَ مِنْ مَشْعَرٍ اِلَى مَشْعَرٍ: وَمِنْ شَعِيرَةٍ اِلَى شَعِيرَةٍ: لَايُفَارِقُهُ ذِكْرُ اللهِ اَبَداً، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَدَائِماً فِي الْحَجِّ{وَاذْكُرُوا اللهَ فِي اَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي اَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ{فَاِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ: فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ اَوْ اَشَدَّ ذِكْرَا(نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ ذِكْرُ اللهِ الَّذِي يُلَازِمُ الْحَاجَّ وَلَايُفَارِقُهُ: فَبِمُجَرَّدِ اَنْ يَرْتَدِيَ ثِيَابَ الْاِحْرَامِ: تَبْدَاُ التَّلْبِيَةُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ: كَاَنَّهُ يَقُولُ يَارَبّ: اَلْاَهْلُ يَدْعُونَنِي: وَالْمَالُ يَدْعُونِي: وَالرَّاحَةُ تَدْعُونِي: وَاَنْتَ تَدْعُونِي اِلَى زِيَارَةِ بَيْتِكَ الْعَتِيقِ: فَجَعَلْتُ كُلَّ اُولَئِكَ وَرَاءَ ظَهْرِي: وَقَصَدْتُّ بَابَكَ يَاكَرِيمُ: اَنْظُرُ اِلَى بَيْتِكَ الْعَتِيقِ: وَيَفُوحُ فِي نَفْسِي مَايَفُوحُ مِنْ ذِكْرَى اِبْرَاهِيمَ وَاِسْمَاعِيلَ: وَهُمَا يَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا اِنَّكَ اَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم: ثُمَّ يَفُوحُ فِي خَاطِرِي وَفِي مُخَيِّلَتِي: تِلْكَ الْمَشَاعِرُ الرَّائِعَةُ الْعَظِيمَةُ: الَّتِي اَشْعُرُ بِهَا فِي كُلِّ خُطْوَةٍ اَخْطُوهَا وَهِيَ تُذَكِّرُنِي بِشَيْءٍ جَدِيد، نَعَمْ اَخِي: بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: اَذْكُرُ هُنَاكَ اِسْمَاعِيلَ الرَّضِيعَ: وَاُمَّهُ هَاجَرَ: حِينَمَا كَانَ هَذَا الصَّبِيُّ الرَّضِيعُ يَظْمَاُ كَثِيراً: وَيَضْرِبُ بِرِجْلَيْهِ الْاَرْضَ: وَهَاهِيَ هَاجَرُ تِلْكَ الْمَرْاَةُ الطَّيِّبَةُ الصَّالِحَةُ: تُهَرْوِلُ مَابَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهِيَ مُحْتَارَةٌ: مَاذَا تَفْعَلُ بِنَفْسِهَا؟ وَبِهَذَا الرَّضِيعِ؟ اِنَّهَا تَسْتَرْوِحُ الْمَاءَ: وَلَكِنْ مِنْ اَيْنَ يَاْتِي الْمَاءُ فِي وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ؟! وَلَكِنْ تَذَكَّرِي يَاهَاجَرُ: اَنَّكِ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ: وَاَنَّ اِبْرَاهِيمَ لَمَّا اَرَادَ مُفَارَقَتَكِ وَمُفَارَقَةَ طِفْلِكِ مِنْهُ الرَّضِيعِ: نَظَرَ اِلَيْكُمَا بِعَيْنَيْنِ تُرَقْرِقُ فِيهِمَا الدُّمُوعُ وَهُوَ يُوَدِّعُكُمَا: وَيُودِعُكُمَا فِي آَنٍ وَاحِدٍ فِي اَمَانِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ثُمَّ تَسْاَلِينَ زَوْجَكِ اِبْرَاهِيمَ: يَااِبْرَاهِيمُ! اَتَتْرُكُنَا فِي هَذَا الْقَفْرِ الْمُوحِشِ اِلَّا مِنَ الَّذِي خَلَقَهُ سُبْحَانَهُ؟! وَلَكِنْ مَاذَا يَقُولُ اِبْرَاهِيم؟ لَقَدْ فَهِمْتِ يَاهَاجَرُ مَايَدُورُ فِي خَاطِرِ اِبْرَاهِيمَ اَنَّ اللهَ اَمَرَهُ بِذَلِكَ: فَتَقُولِينَ لَهُ: آَاللهُ اَمَرَكَ بِهَذَا! فَيَقُولُ لَكِ اِبْرَاهِيمُ: نَعَمْ، فَتَقُولِينَ بِلِسَانِ الْمُؤْمِنَةِ الصَّابِرَةِ: اِذاً لَنْ يُضَيِّعَنَا اللهُ اَبَداً، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْاِيمَانُ الَّذِي لَامَثِيلَ لَهُ: فَلْنَتَعَلَّمْ هَذَا الْاِيمَانَ: وَلْنَتَعَلَّمْ* مِنَ الشَّعْبِ السُّورِيِّ الْمُعَارِضِ الثَّائِرِ الصَّابِرِ الْمُحْتَسِبِ الَّذِي تَرَكَهُ النَّاسُ جَمِيعاً فِي هَذَا الْقَفْرِ الْمُوحِشِ وَالظَّرْفِ الْعَصِيبِ الْحَرِجِ بِنِسَائِهِ وَاَطْفَالِهِ وَشُيُوخِهِ وَضُعَفَائِهِ وَاَبْرِيَائِهِ يُوَاجِهُ مَصِيرَهُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مُعِينٍ اِلَّا اللهُ وَاُسْوَتُهُ في ذَلِكَ اِبْرَاهِيمُ وَاِسْمَاعِيلُ وَهَاجَرُ:* اَنَّ اَمَرَ اللهِ فَوْقَ الْعَوَاقِبِ كُلِّهَا مَهْمَا كَانَتْ وَخِيمَةً: وَفَوْقَ الْعَوَاطِفِ: وَفَوْقَ الْمَشَاعِرِ: وَفَوْقَ كُلِّ الصِّلَاتِ: فَاِذَا قَالَ اللهُ اِفْعَلْ: فَافْعَلْ وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةً لِلنَّاسِ جَمِيعاً وَعَادَاتِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ وَتَثْبِيطِهِمْ لِلْهِمَمِ: وَاِذَا قَالَ لَكَ لَاتَفْعَلْ: فَلَاتَفْعَلْ وَلَوْ اَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً بِمَطْلَبٍ جَمَاهِيرِيٍّ قَالُوا لَكَ افْعَلْ، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ اِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ: اِنَّهُ اِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ: اِنَّهُ ذَلِكَ الْاَوَّاهُ: اِنَّهُ ذَلِكَ الْاَوَّابُ: ذَلِكَ الْمُنِيبُ: يُذْكَرُ فِي هَذِهِ الْاَيَّامِ كَثِيراً: وَيَطُوفُ فِي خَاطِرِكَ اَخِي الْحَاجُّ ذِكْرَى اِبْرَاهِيمَ وَاِسْمَاعِيلَ مَعَ الْفِدَاءِ: نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا ذِكْرَى الْفِدَاءِ: اِنَّهَا اَعْظَمُ ابْتِلَاءٍ عَرَفَتْهُ الْبَشَرِيَّةُ: وَهُوَ اَنْ يَذْبَحَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ بِيَدِهِ: وَمَاكَانَ لِاِبْرَاهِيمَ اِلَّا اَنْ يُنَفِّذَ اَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَبَعْدَ هَذَا الضِّيقِ الشَّدِيدِ: وَبَعْدَ هَذَا الْكَرْبِ الْعَظِيمِ: يَاْتِي فَرَجُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْحُجَّاج: كُلُّ هَذَا يَمُرُّ بِخَاطِرِ الْمُؤْمِنِ: وَهُوَ يَتَنَقَّلُ فِي تِلْكَ الْجَنَبَاتِ الرَّائِعَةِ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَذْكُرُ مَنْ يَاتُرَى؟ نَعَمْ اَخِي: بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الذِّكْرِيَاتِ: لَابُدَّ اَنْ يَذْكُرَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ مُحَمَّداً: وَهُوَ بِضْعَةٌ مِنْ اِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَاَنْ يَذْكُرَ مِلَّتَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :وَاَنْ يَذْكُرَ اَصْلَهَا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{مِلَّةَ اَبِيكُمْ اِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ(نَعَمْ: لَقَدْ لَبَّى اللهُ دُعَاءَكُمَا يَااِبْرَاهِيمُ وَيَااِسْمَاعِيلُ عَلَيْكُمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَمَا قُلْتُمَا{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ(أَيْ مِنَ الْعَرَبِ{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ: اِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: لَقَدِ اسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَى دُعَاءَ خَلِيلِهِ: فَاِذَا بِرَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُولَدُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ: فِي ذَاتِ الْمَكَانِ: وَهُوَ يَدْرُجُ صَبِيّاً عَلَى قُرَى مَكَّةَ: وَهُوَ يَتَنَقَّلُ مِنْ مَكَانٍ اِلَى مَكَانٍ: وَهُوَ يَنْشَاُ وَيَبْلُغُ: وَتَكْبُرُ مَعَهُ عَظَمَتُهُ: وَيَكْبُرُ مَعَهُ اِيمَانُهُ: وَتَكْبُرُ مَعَهُ اِنْسَانِيَّتُهُ: حِينَمَا يَكُونُ حَكَماً مِنْ اَجْلِ اَنْ يُزِيلَ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ: وَهَاهُمْ يُحَكِّمُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ؟ لِيَضَعَ الْحَجَرَ الْاَسْوَدَ فِي مَكَانِهِ؟ فَيَنَالَ بِذَلِكَ الشَّرَفَ؟ وَبِذَلِكَ يَحْقِنُ دِمَاءَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ؟ وَالَّتِي كُلُّ قَبِيلَةٍ مِنْهَا اَرَادَتْ اَنْ يَكُونَ لَهَا سَبْقُ الشَّرَفِ فِي وَضْعِ الْحَجَرِ الْاَسْوَدِ فِي مَكَانِهِ؟ وَلِذَلِكَ اَلْهَمَهُمُ اللهُ تَعَالَى اَنْ يُحَكِّمُوا فِي هَذَا الْاَمْرِ الْخَطِيرِ اَوَّلَ دَاخِلٍ عَلَيْهِمْ: وَهُوَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ الله: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولاً بَعْدُ: وَلَكِنَّهُ هُيِّءَ لِلرِّسَالَةِ{اَللهُ اَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ(وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقْتَهَا: قَدْ نَاهَزَ الْخَامِسَةَ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ عُمُرِهِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام: اِنَّهُ الْحَجُّ: اِنَّهُ الْمُؤْتَمَرُ الْاِسْلَامِيُّ الْعَظِيم: اِنَّهُ الْحَرَكَةُ النَّفْسِيَّةُ الَّتِي يَشْعُرُ بِهَا الْحَاجُّ مُنْذُ اَنْ اَرَادَ اَنْ يَقْصِدَ بَيْتَ اللهِ الْعَتِيق؟ وَلِذَلِكَ تَرَاهُ اَخِي يَتَغَيَّرُ فِي حَرَكَاتِهِ: وَفِي كَلِمَاتِهِ: وَفِي تَصَرُّفَاتِهِ: فَتَرَاهُ يَاْتِيكَ وَهُوَ يُوَدِّعُكَ: وَيَطْلُبُ مِنْكَ الْمُسَامَحَةَ: وَلَنْ يَطُولَ سَفَرُهُ كَثِيراً: اِنَّهَا بِضْعَةُ اَيَّامٍ: ثُمَّ يَعُودُ اِلَيْكَ سَالِماً غَانِماً اِنْ شَاءَ الله، نَعَمْ اَخِي: وَرُبَّمَا سَافَرَ هَذَا الْحَاجُّ مِنْ قَبْلُ سَفَراً طَوِيلاً جِدّاً، نَعَمْ سَافَرَ فِي اَقْطَارِ الْمَعْمُورَةِ: وَرُبَّمَا اسْتَمَرَّ سَفَرُهُ شُهُوراً وَسَنَوَاتٍ: وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَاْتِكَ قَبْلَ اَنْ يُسَافِرَ لِيَقُولَ لَكَ سَامِحْنِي اَطْلُبُ مِنْكَ الْمُسَامَحَةَ: وَلَمْ يَاْخُذْكَ فِي اَحْضَانِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْحَجُّ: فَلَهُ هَيْبَةٌ اُخْرَى: وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ قَصِيراً: نَعَمْ اَخِي: هُنَا يَظْهَرُ سِرُّ الْعِبَادَةِ: وَهُنَا يَظْهَرُ سِرُّ الْحَجِّ: حِينَمَا يَاْتِيكَ وَيُوَدِّعُكَ: وَلَكِنْ هَلْ يُوَدِّعُكَ مِنْ اَجْلِ اَنَّهُ سَيُفَارِقُكَ اَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ؟! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَا: بَلْ اِنَّهَا شَعِيرَةُ الْحَجِّ: بِهَيْبَتِهَا وَعَظَمَتِهَا الَّتِي لَاتَنْتَهِي: بَلْ تَبْقَى مُرَافِقَةً لِلْحَاجِّ حَتَّى مَمَاتِهِ؟ لِيَعُودَ مِنْ حَجِّهِ عَلَى اَحْسَنَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ؟ وَلِيَكُونَ حَجُّهُ حَجّاً مَبْرُوراً مَقْبُولاً؟ وَسَعْيُهُ سَعْياً مَشْكُوراً: اِذَا اسْتَمَرَّ حَتَّى مَمَاتِهِ عَاكِفاً عَلَى تَفْعِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ: فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا شَعِيرَةُ الْحَجِّ الَّتِي تَجْعَلُ فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ انْقِلَاباً: فَيَاْتِيكَ وَيُوَدِّعُكَ بِقَوْلِهِ لَكَ: سَامِحْنِي يَااَخِي: وَتَرَى الدَّمْعَةَ تَتَرَقْرَقُ فِي عَيْنَيْهِ لِمَاذَا؟ اِنَّهُ الْخُشُوعُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين: فَيَااَيَّتُهَا النُّفُوسُ التَّائِهَةُ فِي عَالَمِ الْمَادِّيَّاتِ الْجَامِحَة: اَتَبْخَلِينَ عَلَى نَفْسِكِ اَنْ تَحُجِّي بَيْتَ اللهِ الْحَرَامِ وَلَوْ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً؟! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْاَغْنِيَاءِ: لَايَتْرُكُونَ بَلَداً مِنَ الْبُلْدَانِ اِلَّا وَيَزُورُونَهَا: فَاِذَا قُلْتَ لَهُ لِمَاذَا لَمْ تَحُجَّ حَتَّى الْآَن؟ فَاِنَّهُ يَقُولُ لَكَ: حَتَّى يُنَادِيَنِي: سُبْحَانَ الله!!! مَنْ نَادَاكَ اِلَى بَارِيس! مَنْ نَادَاكَ اِلَى لَنْدَنْ! مَنْ نَادَاكَ اِلَى هَاوَايْ! لِمَاذَا لَاتُنَادِي نَفْسَكَ قَبْلَ اَنْ يُنَادِيَكَ الْمَوْتُ؟ اَمَا تَخَافُ عَلَى نَفْسِكَ اَخِي{يَوْمَ التَّنَادِ: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَالَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِم: وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَالَهُ مِنْ هَاد( نَعَمْ: اَللهُ نَادَاكَ مُنْذُ اِبْرَاهِيمَ: حِينَمَا قَالَ لَهُ رَبُّهُ:{وَاَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَاْتُوكَ رِجَالاً: وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَاْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق، نَعَمْ اَيُّهَا الْبَخِيل: اَللُهُ نَادَاكَ: وَمَنْ قَالَ لَكَ اَنَّهُ لَمْ يُنِادِكَ: بَلْ نَادَاكَ مُنْذُ اِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: حِينَمَا انْتَهَى مِنْ رَفْعِ الْقَوَاعِدِ: وَمِنْ اِقَامَةِ الْبَيْتِ: قَالَ لَهُ رَبُّهُ: اِصْعَدْ يَااِبْرَاهِيمُ عَلَى جَبَلِ قُبَيْسٍ: فَصَعِدَ اِبْرَاهِيمُ: فَقَالَ لَهُ: نَادِ: فَقَالَ: وَمَنْ اُنَادِي يَارَبّ!؟ وَمَنْ يَسْمَعُنِي!؟ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: عَلَيْكَ النِّدَاءُ: وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ، فَقَالَ يَارَبّ: مَاذَا اَقُولُ: مَاهُوَ هَذَا النِّدَاءُ: فَقَالَ: نَادِ يَااِبْرَاهِيمُ وَقُلْ: اَيُّهَا النَّاسُ: اِنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا: فَنَادَى اِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَمَازَالَ صَدَى قَوْلِهِ هَذَا وَنِدَائِهِ: يَتَرَدَّدُ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ: نَقْرَؤُهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْحَجُّ: وَمَااَدْرَاكَ مَاالْحَجُّ: تَرَى الْاِنْسَانَ الْعَظِيمَ فِي نَظَرِ النَّاسِ: وَلَكِنَّهُ مُتَكَبِّرٌ، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْاِنْسَانُ الَّذِي كَانَ يَشْمَخُ بِرَاْسِهِ عَلَى النَّاسِ: فَاِذَا هُوَ فِي الْحَجِّ يُطَاْطِىءُ رَاْسَهُ وَيَتَوَاضَعُ: نَعَمْ يَتَوَاضَعُ: بَلْ لَايَتَوَاضَعُ لِجِنْسِهِ فَحَسْبُ: بَلْ يَكُونُ خَلُوقاً مَعَ النَّبَاتِ: وَمَعَ الْجَمَادِ: فَلَايَقْطَعُ شَجَرَةً: نَعَمْ اَخِي: وَيَكُونُ كَذَلِكَ خَلُوقاً مَعَ الطَّيْرِ: فَلَايَصْطَادُ شَيْئاً: وَلَايَدُلُّ عَلَيْهِ: وَلَايُشِيرُ عَلَيْهِ: بَلْ يَتَوَاضَعُ حَتَّى مَعَ اَدْنَى الْاَجْنَاسِ وَهُوَ الْحَجَرُ: فَتَرَاهُ الْاِنْسَانَ الْعَظِيمَ: يُرِيدُ وَيَتَمَنَّى اَنْ يُقَبِّلَ الْحَجَرَ الْاَسْوَدَ: وَيَتَهَافَتُ مَعَ النَّاسِ عَلَى تَقْبِيلِهِ: لَكِنْ مَاالَّذِي دَفَعَهُ اِلَى ذَلِكَ؟! اِنَّهَا عَوَامِلُ الْحَجِّ النَّفْسِيَّةُ الَّتِي تَجْعَلُ النَّفْسَ الْبَشَرِيَّةَ تُخْلَقُ مِنْ جَدِيدٍ فِي تَوَاضُعِهَا وَفِي تَمَسُّكِهَا بِالْآَدَاب: نَعَمْ آَدَابٌ مَعَ النَّاسِ جَمِيعاً: وَمَعَ بَقِيَّةِ الْمَخْلُوقَات، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهَا تَرْبِيَةُ الْحَجِّ الْاِسْلَامِيَّةِ فِي اَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ: وَعَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلْحَجُّ اَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ: فَلَا رَفَثَ: وَلَافُسُوقَ: وَلَاجِدَالَ فِي الْحَجِّ: وَمَاتَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ: وَتَزَوَّدُوا فَاِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى: وَاتَّقُونِ يَااُولِي الْاَلْبَاب(نَعَمْ كُلُّ شَيْءٍ يَتَهَاوَى: كِبْرِيَاءُ الْاِنْسَانِ يَتَهَاوَى: مَظْهَرُهُ: شَكْلُهُ: لِبَاسُهُ الْاَنِيقُ: كُلُّ ذَلِكَ يَتَخَلَّى عَنْهُ: فَلَايُغَطِّي رَاْسَهُ بِشَيْءٍ: لَا بِعِمَامَةٍ: وَلَابِعُقَالٍ: وَلَا كُوفِيَّةٍ: وَلَا شِمَاخٍ يَشْمَخُ بِهِ رَاْسَهُ وَمَازَالَ اَكْثَرُ الْعَرَبِ يَعْتَزُّونَ بِهِ اِلَى الْآَنَ: وَلَا بِاَيِّ شَيْءٍ آَخَرَ: بَلْ اِنَّهُ يَتَجَرَّدُ مِنْ ثِيَابِهِ: وَلَايَسْتُرُ اِلَّا عَوْرَتَهُ؟ لِيَتَذَكَّرَ مِنْ ذَلِكَ: اَنَّ الدُّنْيَا مَهْمَا طَالَتْ: وَمَهْمَا امْتَدَّتْ: فَاِنَّكَ يَااِنْسَانُ سَتَمُوتُ: وَسَتُكَفَّنُ: وَسَتُوضَعُ فِي حُفْرَةٍ: لَيْسَ لَكَ فِيهَا مِنْ اَنِيسٍ اِلَّا الله، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اِنَّهُ الْحَجُّ الَّذِي يُشْعِرُنَا بِالتَّوَحُّدِ: فَكُلُّ الشِّعَارَاتِ هُنَاكَ تَنْهَار: كُلُّ اُمَّةٍ: وَكُلُّ دَوْلَةٍ لَهَا شِعَارُهَا الْخَاصُّ بِهَا حِينَمَا تُحَيِّي رَمْزَهَا: حِينَمَا تُحَيِّي عَلَمَ بِلَادِهَا: وَاَمَّا فِي الْحَجِّ: فَالشِّعَارُ هُنَاكَ وَاحِدٌ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ: لَبَّيْكَ لَاشَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: يَالَيْتَ هَؤُلَاءِ النَّاسَ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَعَوْدَتِهِمْ اِلَى دِيَارِهِمْ: بَلْ لَيْتَهُمْ يَظَلُّونَ مُتَوَاضِعِينَ كَمَا كَانُوا فِي الْحَجِّ: وَيَالَيْتَهُمْ يَبْقَوْنَ خَاشِعِينَ لِلهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا شُحُنَاتُ الْاِيمَانِ الَّتِي تَمْلَاُ هَذَا الْقَلْبَ وَ الْقَالَبَ الْبَشَرِيَّ: فَتَجْعَلُهُ يَتَحَرَّكُ مِنْ اَجْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِين{وَاَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ: يَاْتُوكَ رِجَالاً: وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ: يَاْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق(نَعَمْ عَلَى كُلِّ ضَامِر: وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي ضَمُرَ بَطْنُهَا مِنْ بُعْدِ السَّفَر: سُبْحَانَ الله: وَانْظُرْ يَااَخِي اِلَى مَا يَقُولُ اَهْلُ اللَّطَائِفِ غَيْرُ الشَّاطِحِينَ بِلَطَائِفِهِمْ مِنَ التَّوْحِيدِ اِلَى الشِّرْكِ: نَعَمْ اَخِي: يَقُولُونَ: اُنْظُرْ كَيْفَ اَسْنَدَ سُبْحَانَهُ الْاِتْيَانَ لَا لِلْبَشَرِ: وَاِنَّمَا اَسْنَدَ الْاِتْيَانَ اِلَى أَيِّ شَيْءٍ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِلَى الدَّوَابِّ الضَّوَامِرِ: اِلَى النَّاقَةِ الضَّامِرِ؟ لِتَسْتَشِفَّ مِنْ هَذَا: اَنَّ الْحَنِينَ اِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ: وَاَنَّ تَقْدِيسَ هَذَا الْمَكَانِ: لَيْسَ مَقْصُوراً عَلَى النَّاسِ فَحَسْبُ: بَلْ حَتَّى الْحَيَوَانِ، نَعَمْ اَخِي: اَمَا قَرَاْتَ قِصَّةَ اَصْحَابِ الْفِيلِ الَّتِي يَحْفَظُهَا الْاَطْفَالُ الصِّغَارُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِاَصْحَابِ الْفِيلِ(حِينَمَا كَانَ فِيلُ الطَّاغِيَةِ الطَّاغُوتِ اَبْرَهَةَ الْحَبَشِيِّ يُوَجَّهُ اِلَى أَيِّ مَكَانٍ فَكَانَ يَتَوَجَّهُ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ: وَاَمَّا حِينَمَا يُوَجَّهُ اِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ: اِذَا بِهِ يَبْرُكُ وَيَقْعُدُ عَلَى الْاَرْضِ: فَيُضْرَبُ: وَيُحَمَّى لَهُ الْحَدِيدُ: وَيُكْوَى بِهِ: فَلَايَتَحَرَّكُ نَحْوَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ: وَلَايَرْفَعُ رَاْساً بِرَايَةِ الصَّلِيبِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي كَانَ اَبْرَهَةُ يَضَعُهَا عَلَى صَدْرِهِ: بَلْ يَصِيحُ بِلُغَةٍ لَايَفْهَمُهَا اَبْرَهَةُ وَلَاخَنَازِيرُهُ الصُّلْبَانُ الَّذِينَ كَانَ يَصْطَحِبُهُمْ مَعَهُ: فَكَانَ يَصِيحُ بِاَعْلَى صَوْتِهِ بِقَوْلِهِ{اِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَايَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ( نَعَمْ اَخِي: وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ اِبْرَاهِيمَ(نَعَمْ فِيهِ آَيَاتٌ قَدْ نَعْرِفُهَا: وَقَدْ لَانَعْرِفُهَا{وَمَنْ دَخَلَهُ(لَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يُرَوّعَ النَّاسَ: وَلَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يَنْتَهِكَ حُرْمَتَهُ: وَلَا مِنْ اَجْلِ{مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِاِلْحَادٍ بِظُلْمٍ: بَلْ{ وَمَنْ دَخَلَهُ{مِنْ اَجْلِ تَعْظِيمِهِ: بِالطَّوَافِ بِهِ: وَالسَّعْيِ عِنْدَهُ: وَالصَّلَاةِ فِيهِ: وَالصَّلَاةَ عِنْدَ مَقَامِ اِبْرَاهِيمَ{كَانَ آَمِناً: وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلاً: وَمَنْ كَفَرَ: فَاِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين(نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ بَيْتُ اللهِ الْعَتِيقُ: يَاْتِي اِلَيْهِ الْاِنْسَانُ وَالْحَيَوَانُ{مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ؟ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ يَشْهَدُوا: فِيهَا وَاوُ الْجَمَاعَةِ: وَهِيَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ: يَعُودُ بِمَنَافِعِهِ اِلَى الْبَشَرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ: وَاِلَى النُّوقِ فِي الدُّنْيَا: ثُمَّ تَصِيرُ تُرَاباً فِي الْآَخِرَةِ عَلَى الرَّاجِحِ: نَعَمْ اَخِي{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ(فَمَاهِيَ هَذِهِ الْمَنَافِعُ؟ نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا مَنَافِعُ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ فِي آَنٍ وَاحِدٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ هُوَ الَّذِي يُوَجِّهُ الْحَيَاةَ بِمَنَافِعِهَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ مَعاً؟ لِتَكُونَ جَمِيعاً تَحْتَ اِشْرَافِهِ، وَاَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ اَنْ يَفْصِلُوا الْاِسْلَامَ عَنِ الْحَيَاةِ: فَاِنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلاً لِهَذِهِ الْحَيَاةِ: وَلِذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ فِي مُؤَسَّسَاتِهِمُ الْحَيَاتِيَّةِ وَمَرَافِقِهُمُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ الَّتِي اغْتَصَبُوهَا مِنْ اَرْضِ اللهِ: يَرْفُضُونَ التَّحَدُّثَ بِاسْمِ دِينِهِ الْاِسْلَامِيِّ سُبْحَانَهُ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ لَسْنَا فِي مُؤَسَّسَةٍ دِينِيَّةٍ{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ اَفْوَاهِهِمْ اِنْ يَقُولُونَ اِلَّا كَذِباً(نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ دَمَاراً وَخَنْقاً وَاخْتِنَاقاً لِهَذِهِ الْحَيَاةِ الَّتِي لَاتَصْلُحُ اَنْ تَسْتَمِرَّ اِلَّا بِالْهَوَاءِ الَّذِي تَتَنَفَّسُهُ: وَهُوَ هَذَا الدِّينُ الْاِسْلَامِيُّ الْعَظِيم: نَعَمْ هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ تَسْفِيهاً لِلْبَشَرِيَّةِ جَمِيعاً بِسَفَاهَتِهِمْ وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْاِسْلَامِ؟ لِيَشْهَدُوا اَضْرَاراً فَادِحةً خَطِيرَةً لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى لَهُمْ وَلِلْبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا حُجَّاجُ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ(نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا يَرَى الْمُسْلِمُونَ اَنْفُسَهُمْ هُنَاكَ قَدْ تَوَحَّدُوا: نَعَمْ اَخِي: لَوْ كَانُوا عُقَلَاءَ: لَاتَّخَذُوا مِنَ الْحَجِّ مُؤْتَمَراً اِسْلَامِيّاً عَالَمِيّاً: وَلَاتَّخَذُوا مِنْهُ مَعْرِضاً اقْتِصَادِيّاً وَتِجَارِيّاً وَثَقَافِيّاً فِي آَنٍ وَاحِد: نَعَمْ يَااُمَّةَ مُحَمَّد: حِينَمَا تَتَوَحَّدُونَ: لَايَقْدِرُ عَلَيْكُمْ اَحَدٌ اِلَّا اللهُ: وَحِينَمَا تَتَفَرَّقُونَ: تَكُونُونَ كَالطَّيْرِ الَّذِي تَفْتَرِسُهُ السِّبَاعُ: وَمَاالَّذِي يُوَحِّدُكُمْ يَااُمَّةَ مُحَمَّد؟ اِنَّهُ كِتَابُ الله: لَا كَمَا يَفْهَمُهُ الْبَاطِنِيُّونَ مِنْ قَوْمِي النُّصَيْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِن الْاِسْمَاعِيلِيِّينَ وَالدُّرُوزِ: وَلَا كَمَا يَفْهَمُهُ الشِّيعَةُ الِاثْنَا عَشَرِيَّة: وَلَا كَمَا تَفْهَمُهُ شَطَحَاتُ الْمُتَصَوِّفَة: بَلْ كَمَا يَفْهَمُهُ اَهْلُ السُّنَّةِ الْمُسْلِمُونَ الْمُوَحِّدُونَ فِي عَاصِمَتِهِمْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَة: نَعَمْ اِنَّهُ كِتَابُ اللهِ: هُوَ الَّذِي يُوَحِّدُكُمْ يَااُمَّةَ مُحَمَّد: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللِه عَلَيْكُمْ اِذْ كُنْتُمْ اَعْدَاءً: فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ: فَاَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ اِخْوَانَا(اَمَا نَعْقِلُ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟! اَمَا تَعْقِلُونَ يَامُسْلِمُونَ عَلَى كُلِّ الْمُسْتَوَيَاتِ: اَنَّ عِزَّتَنَا: وَكَرَامَتَنَا: وَتَلَاحُمَنَا: وَقُوَّتَنَا: وَمَحَبَّتَنَا وَاِنْسَانِيَّتَنَا لَاتَكُونُ اِلَّا بِهَذَا الدِّينِ الْاِسْلَامِيِّ الْعَظِيم: نعم ايها الاخوة: وناخذ الآن استراحة قصيرة مع بعض الاسئلة التي سنجيب عنها في هذه المشاركة ان شاء الله: ومنها سؤال من احد الاخوة يقول فيه: هَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى نَقْلِ الدَّمِ مِنْ اِنْسَانٍ اِلَى آَخَرَ مَايَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّضَاعَةِ مِنَ التَّحْرِيمِ؟ وَهَلْ نَقْلُ الدَّمِ مِنْ اِنْسَانٍ اِلَى آَخَرَ يُفْطِرُ اِذَا كَانَ صَائِماً؟ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا: اَنَّ اللَهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً قَائِلاً{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ اُمَّهَاتُكُمْ: وَبَنَاتُكُمْ: وَاَخَوَاتُكُمْ: وَعَمَّاتُكُمْ: وَخَالَاتُكُمْ: وَبَنَاتُ الْاَخِ: وَبَنَاتُ الْاُخْتِ: وَاُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي اَرْضَعْنَكُمْ: وَاَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ(فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الرَّضَاعَةَ سَبَباً مِنْ اَسْبَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّد، نَعَمْ اَخِي: وَاَحْيَاناً تَكُونُ الْحُرْمَةُ مُؤَبَّدَةً: وَاَحْيَاناً تَكُونُ مُؤَقَّتَةً، نَعَمْ اَخِي: فَالْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ: هِيَ مَاذَكَرَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَحْيَاناً تَكُونُ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً: فَمَثَلاً حِينَمَا يَكُونُ رَجُلٌ مُتَزَوِّجاً مِنِ امْرَاَةٍ: فَلَايَحِلُّ لَهُ اَنْ يَتَزَوَّجَ مِنِ ابْنَتِهَا: اِلَّا اِذَا طَلَّقَ اُمَّهَا قَبْلَ اَنْ يَدْخُلَ بِاُمِّهَا هَذِهِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَاِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ( فَهَذِهِ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ مَرْبُوطَةٌ: وَلَايُفُكُّ رِبَاطُهَا شَرْعاً اَبَداً: اِلَّا بِطَلَاقِ اُمِّهَا قَبْلَ دُخُولِهِ عَلَى هَذِهِ الْاُمِّ: وَاَمَّا اِذَا دَخَلَ عَلَى اُمِّهَا: فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً اِذَا اَوْلَجَ ذَكَرَهُ التَّنَاسُلِيَّ فِي رَحِمِ اُمِّهَا: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ( نَعَمْ اَخِي: وَلَايَحِلُّ لَكَ اَيْضاً فِي حُرْمَةٍ وَلَوْ مُؤَقَّتَةٍ: اَنْ تَتَزَوَّجَ عَلَى زَوْجَتِكَ جَامِعاً مَعَهَا اُخْتَهَا اَوْعَمَّتَهَا اَوْ خَالَتَهَا: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ{اَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ(وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[لَاتُنْكَحُ الْمَرْاَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا( نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ اَيْضاً حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ مَرْبُوطَةٌ بِالتَّحْرِيمِ الْمُؤَقَّتِ: وَلَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ: اَنْ تَفُكَّ رِبَاطَهَا: اِلَّا اِذَا مَاتَتِ امْرَاَتُكَ: اَوْ طَلَّقْتَهَا طَلَاقاً رَجْعِيّاً اِنْقَضَتْ عِدَّتُهُ وَلَمْ تَقُمْ بِمُرَاجَعَتِهَا قَبْلَ اَنْ تَنْقَضِيَ هَذِهِ الْعِدَّةُ: فَهُنَا يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ اُخْتِهَا اَوْ مِنْ عَمَّتِهَا اَوْ مِنْ خَالَتِهَا: دُونَ جَمْعٍ بَيْنَ هَؤُلَاءِ اَيْضاً: بَلْ عَلَيْكَ اَنْ تَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَقَطْ ، نَعَمْ اَخِي: فَحُرْمَةُ الزَّوَاجِ هُنَا مُؤَقَّتَة، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ: فَلَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تَتَزَوَّجَ اُخْتَهَا: وَلَاعَمَّتَهَا: وَلَا خَالَتَهَا: اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّتُهَا مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؟ حَتَّى لَاتَجْمَعَ بَيْنَ الْاُخْتَيْنِ؟ وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ اَيْضاً بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَعَمَّتِهَا؟ وَحَتَّى لَاتَجْمَعَ اَيْضاً بَيْنَ زَوْجَتِكَ وَخَالَتِهَا: فَاِذَا تَزَوَّجْتَ مِنْ اُخْتِهَا اَوْ عَمَّتِهَا اَوْ خَالَتِهَا: فَعَلَيْكَ اَنْ تَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَقَطْ: دُونَ جَمْعٍ مُحَرَّمٍ بَيْنَهُنَّ: وَلَايَجُوزُ لَكَ الْعَوْدَةُ اِلَى زَوْجَتِكَ الْقَدِيمَةِ هَذِهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ: اِلَّا اِذَا طَلَّقْتَ اُخْتَهَا اَوْ عَمَّتَهَا اَوْ خَالَتَهَا: طَلَاقاً رَجْعِيّاً اِنْقَضَتْ عِدَّتُهُ وَلَمْ تَقُمْ بِمُرَاجَعَتِهَا فِيهِ: وَاَمَّا اِذَا رَاجَعْتَهَا: فَطَالَمَا هِيَ فِي الْعِدَّةِ: فَالزَّوَاجُ قَائِمٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ: وَلَايَنْقَطِعُ الزَّوَاجُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا: اِلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِكَ وَعِدَّتِهَا مَعاً مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيِّ لَمْ تَقُمْ بِمُرَاجَعَتِهَا فِيهِ: اَوْ بِالْمَوْتِ: وَفِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَقَطْ: يَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَطْ: مِنْ اُخْتِهَا: اَوْ عَمَّتِهَا: اَوْ خَالَتِهَا، نَعَمْ اَخِي: بَعْضُ النَّاسِ الْعَوَامِّ الْجُهَّالِ: يَقُولُونَ بِنَاءً عَلَى مَاذَكَرْنَاهُ: انه يَجُوزُ لِلْمَرْاَةِ شَرْعاً بِزَعْمِهِمْ: اَنْ تَظْهَرَ بِكَامِلِ زِينَتِهَا اَمَامَ زَوْجِ اُخْتِهَا!! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْحَمْقَى: مَاهَذَا الْخَلْطُ النَّاتِجُ عَنْ عَدَمِ عِلْمِكُمْ وَدِرَايَتِكُمْ اَيُّهَا الْاَغْبِيَاء!؟ اَمَا عَلِمْتُمْ اَنَّ مَنْ اَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ: لَعَنَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى حِيتَانُ الْبَحْرِ: لَكِنْ مَا هِيَ حُجَّتُكُمْ فِي ذَلِكَ! وَفِي أَيِّ كِتَابٍ فِقْهِيٍّ قَرَاْتُمُوهُ! قَالُوا: لِاَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى زَوْجِ اُخْتِهَا حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً!! وَنَقُولُ لِهَؤُلاَءِ: اَلْمَرْاَةُ حِينَمَا تَكُونُ عَازِبَةً اَوْ مُتَزَوِّجَةً: فَمَا عَدَا مَحَارِمِهَا بِسَبَبٍ نَسَبِيٍّ اَوْ رَضَاعِيٍّ اَوْ صِهْرِيٍّ: فَاِنَّ كُلَّ الرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ الْمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللهُ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ: يَكُونُونَ مُحَرَّمِينَ عَلَيْهَا حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً وَلَيْسَ زَوْجُ اُخْتِهَا فَقَطْ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا شَرْعاً اَنْ تَظْهَرَ بِكَامِلِ زِينَتِهَا اَمَامَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ بِحُجَّةِ اَنَّهُمْ مُحَرَّمُونَ عَلَيْهَا حُرْمَةً مُؤَقَّتَة!!؟ نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ: اَنَّهُ سُبْحَانَهُ: ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: اَلْمُحَرَّمَاتِ بِسَبَبِ الرَّضَاعَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الرَّضَاعَةُ: لَايَجُوزُ شَرْعاً وَلَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ: اَلْعَمَلُ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ التَّحْرِيمِ: اِلَّا بِشُرُوطٍ مِنْهَا: اَنْ تَحْصَلَ فِي مُدَّتِهَا الشَّرْعِيَّة: نَعَمْ اَخِي: فَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: اِنَّ التَّحْرِيمَ لَايَسْرِي مَفْعُولُهُ عَلَى الطِّفْلِ اِذَا تَجَاوَزَ عُمُرُهُ السَّنَتَيْنِ وَنِصْفاً: وَالْبَعْضُ الْآَخَرُ وَهُوَ الْاَكْثَرِيَّةُ السَّاحِقَةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ الْمَعْمُولِ بِرَاْيِهِمْ يَقُولُونَ: اِنَّ سِنَّ الرَّضَاعَةِ يَنْحَصِرُ فِيمَا هُوَ اَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ قَمَرِيَّتَيْنِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ يَجِبُ اَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ الَّذِي رَضَعَ عُمُرُهُ اَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ قَمَرِيَّتَيْنِ: فَاِذَا تَجَاوَزَ عُمُرُ الطِّفْلِ هَاتَيْنِ السَّنَتَيْنِ الْقَمَرِيَّتَيْنِ: فَلَايَحْصَلُ التَّحْرِيمُ بَعْدَهُمَا مَهْمَا الْتَقَمَ مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَاتِ: وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: مَاهُوَ دَلِيلُكُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ نَسْتَاْنِسُ لِهَذَا مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ اَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ اَرَادَ اَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ(نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لَهُمْ: وَمَاهُوَ وَجْهُ اسْتِدْلَالِكُمْ اَوْ اسْتِئْنَاسِكُمْ بِهَذِهِ الْآَيَةِ؟ قَالُوا:؟ لِاَنَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَتَيْنِ وَخِلَالَهُمَا: يَكُونُ هذا الطِّفْلُ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذَا الْحَلِيبِ: بَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا الْحَلِيبُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ الْغِذَائِيَّةِ: وَاَمَّا بَعْدَ اَنْ يَتَجَاوَزَ السَّنَتَيْنِ: فَيُمْكِنُ اَنْ يُفْطَمَ: وَلَايَصِيرُ هَذَا الْحَلِيبُ اَوِ اللَّبَنُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ وَمِنْ غِذَائِهِ الْاَسَاسِيِّ: نَعَمْ اَخِي: وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: رَاْيُكُمْ هُوَ الرَّاْيُ الرَّاجِحُ: وَهُوَ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ: وَهُوَ اَنَّ مَايَتَعَلَّقُ بِالتَّحْرِيمِ بِسَبَبِ الرَّضَاعَةِ: مَحْصُورٌ بِسِنِّ الرَّضَاعَةِ الَّذِي حَدَّدْتُّمُوهُ: فِيمَا بَيْنَ السَّنَتَيْنِ الْقَمَرِيَّتَيْنِ: وَاَمَّا اِذَا تَجَاوَزَ السَّنَتَيْنِ وَرَضَعَ مِنِ امْرَاَةٍ: فَلَايَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ التَّحْرِيمُ: وَلَاتَكُونُ هَذِهِ الَّتِي رَضَعَ مِنْهَا اُمّاً لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ: وَلَايَكُونُ اَبْنَاؤُهَا اِخْوَاناً وَاَخَوَاتاً لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ:
المفضلات