الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن والاهم وبعد: فَاِنَّنَا نَشْعُرُ بِقَلَقٍ كَبِيرٍ حَيَالَ دُوَلِ الْخَلِيجِ وَالسُّعُودِيَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ جَاهِزَةً جَمِيعاً بَعْدُ لِصَدِّ أَيِّ هُجُومٍ نَوَوِيٍّ مُحْتَمِلٍ! مُتَّكِلِينَ جَمِيعاً عَلَى حَمِيَّةِ الْمُحَارِبِ الْمُتَرَدِّدِ الْجَبَانِ اُوبَامَا! وَمَنْ سَيَاْتِي بَعْدَهُ اَيْضاً مِنْ اَمْثَالِهِ مِنَ الْجُبَنَاءِ! وَمُتَجَاهِلِينَ جَمِيعاً لِلتَّسَابُقِ الْمَحْمُومِ عَلَى التَّسَلُّحِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ( وَضَارِبِينَ بِعُرْضِ الْحَائِطِ مَايَنْتَظِرُهُمْ مِنْ الخِيَانَةِ الْعُظْمَى لِلْخَنَازِيرِ الْمُتَصَهْيِنِينَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّفَوِيِّينَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِاَيْدِيهِمْ وَاَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ، فَاعْتَبِرُوا يَااُولِي الْاَبْصَار(مِنْ دُوَلِ الْخَلِيجِ وَالسُّعُودِيَّةِ فِي اَنَّ الَّذِي يَهُونُ عَلَيْهِ خَرَابُ بَيْتِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ: لَنْ يَتَرَدَّدَ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي خَرَابِ بُيُوتِكُمْ وَلَوْ بِالنَّوَوِيِّ اِنِ اسْتَطَاعَ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً عَاجِلاً اَوْ آَجِلاً{فَاعْتَبِرُوا يَااُولِي الْاَبْصَارِ(وَلَا تَظَلُّوا نَائِمِينَ فِي عَسَلِ الْاَفْلَامِ الْخَادِعَةِ فِي هُولِيوُودْ وَبُولِيوُود{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً(وَلِذَلِكَ لَابُدَّ مِنَ الْاَخْذِ بِجَمِيعِ الْاَسْبَابِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ الَّتِي تُفْشِلُ جَمِيعَ مَشَارِيعِ هَؤُلَاءِ التَّدْمِيرِيَّةِ التَّوَسُّعِيَّةِ التَّغْيِيرِيَّةِ الدِّيمُوغْرَافِيَّة، فَاِذَا انْعَدَمَتْ جَمِيعُ الْاَسْبَابِ وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا اِلَيْهَا سَبِيلاً: فَاِنَّ اللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ مُعِيناً وَنَاصِراً سُبْحَانَهُ، لَكِنْ اِيَّاكُمْ اَنْ تَحْلُمُوا بِنَصْرِهِ فِي حَالِ وُجُودِ هَذِهِ الْاَسْبَابِ وَعَدَمِ اسْتِغْلَالِهَا بِذَكَاءٍ وَحَبْكَةٍ شَرْعِيَّةٍ نَاجِحَةٍ اَمَرَ اللهُ بِهَا، وَلِذَلِكَ لَابُدَّ اَنْ تَتَحَالَفَ دُوَلُ الْخَلِيجِ جَمِيعُهَا مَعَ السُّعُودِيَّةِ وَالْجَارَتَيْنِ النَّوَوِيَّتَيْنِ الْهِنْدِ وَبَاكِسْتَانَ وَكُورْيَا الشِّمَالِيَّة اِنِ اسْتَطَعْتُمْ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً؟ مِنْ اَجْلِ الِاسْتِعَانَةِ بِجَمِيعِ الْخِبْرَاتِ النَّوَوِيَّة السِّلْمِيَّةِ وَغَيْرِ السِّلْمِيَّةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الدَّوَاءَ وَلَوْ كَانَ سَامّاً قَاتِلاً مُمِيتاً: فَلَابُدَّ مِنَ الِاحْتِفَاظِ بِهِ فِي اَرْشِيفِ الصَّيْدَلِيَّةِ؟ مِنْ اَجْلِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عِنْدَ اللُّزُومِ وَالْحَاجَةِ اِلَيْهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْبَعْضَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُخَرِّبِينَ التَّدْمِيرِيِّينَ اَحْيَاناً: لَايُجْدِي مَعَهُمْ اِلَّا دَوَاءٌ مِنَ الْعِيَارِ الثَّقِيلِ: وَهُوَ مَايَقْذِفُ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ: وَلَنْ يَكُونَ رُعْباً مُجْدِياً نَافِعاً: اِلَّا اِذَا كَانَ رُعْباً مُتَسَاوِياً بَيْنَ جَمِيعِ الْاَطْرَافِ الْخَائِفَةِ، بَلْ رُبَّمَا لَنْ يُجْدِيَ نَفْعاً اَيْضاً اِلَّا اِذَا كَانَ رُعْباً عِنْدَ طَرَفٍ مَا يَفُوقُ الرُّعْبَ الَّذِي عِنْدَ الطَّرَفِ الْآَخَرِ، وَلِذَلِكَ لَابُدَّ مِنْ وُجُودِ مَايُسَمَّى بِتَوَازُنِ الرُّعْبِ بَيْنَ جَمِيعِ الْاَطْرَافِ؟ لِيَعْلَمَ الْجَمِيعُ اَنَّ الَّذِي يَسْهُلُ اخْتِرَاقُهُ مِنْهُمْ بِالنَّوَوِيِّ لَايَنْبَغِي لَهُ اَنْ يَخْتَرِقَ غَيْرَهُ بِمَا دُونَ النَّوِوِيِّ، وَاِيَّاكُمْ يَادُوَلَ الْخَلِيجِ وَالسُّعُودِيَّةِ اَنْ تَحْرِمُوا اَنْفُسَكُمْ مِنْ شَيْءٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ عَدُوِّكُمْ وَلَاوُجُودَ لَهُ عِنْدَكُمْ مَهْمَا كَانَ الثَّمَنُ: اِلَّا اِذَا كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَنْ تَعِيشُوا تَحْتَ رَحْمَةِ عَدُوِّكُم الَّذِي لَنْ يُوَفِّرَ جُهْداً مِنْ اَجْلِ امْتِصَاصِ خَيْرَاتِكُمْ، ثُمَّ نُوَجِّهُ خِطَابَنَا اِلَى الْاِخْوَةِ فِي تُونُسَ مِنْ اَجْلِ مُعَالَجَةِ مُشْكِلَةِ الْبَطَالَةِ بِالْهِجْرَةِ اِلَى السُّودَانِ لِاَنَّهَا تَحْتَاجُ اِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْاَيَادِي الْعَامِلَةِ وَالْاِعْمَارِ وَسَيَفْتَحُ اللهُ عَلَيْكُمْ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا اللهُ مَهْمَا كَانَتْ اُجُورُكُمْ قَلِيلَة، بعد ذلك هناك سؤال من اوباما يقول فيه: لَمْ اَفْهَمْ عَلَيْكُمْ حَرْفاً وَاحِداً مِمَّا ذَكَرَهُ مَشَايِخُكُمُ الْمُعَارِضُونَ فِي قَضِيَّةِ التَّكْفِيرِ فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَةٍ بِعُنَوَان(مَاذَا تَقُولُونَ فِي الْوَهَّابِيَّةِ التَّكْفِيرِيِّين: وَنَقُولُ لِاُوبَامَا: فِعْلاً هَذِهِ الْقَضِيَّةُ الْمُعَقَّدَةُ تَحْتَاجُ اِلَى عُلَمَاءَ وَقُضَاةٍ مُخْتَصِّينَ لِيَفْهَمُوا عَلَى مَشَايِخِنَا الْمُعَارِضِين، وَلَكِنَّ مَافَهِمْنَاهُ مِنْهُمْ: اَنَّ تَكْفِيرَ النَّاسِ يَحْتَاجُ اِلَى ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ وَقَانُونِيَّة، وَكَذَلِكَ اتِّهَامُ النَّاسِ بِهَذَا التَّكْفِيرِ يَحْتَاجُ اِلَى ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ وَقَانُونِيَّةٍ اَيْضاً؟ حَتَّى لَايَكُونَ اتِّهَاماً ظَالِماً عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهُ، فَرُبَّمَا اَرَادَ الْمُتَّهَمُ التَّكْفِيرِيُّ بِهَذَا التَّكْفِيرِ الْوَهْمِيِّ الَّذِي اَطْلَقَهُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعاً مَااَطْلَقَهُ اللهُ عَلَى الْاَيْدِي جَمِيعاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا( بِمَعْنَى اَنَّ هَذَا الْمُتَّهَمَ التَّكْفِيرِيَّ اَرَادَ تَكْفِيراً جُزْئِيّاً وَلَمْ يُرِدْ تَكْفِيراً كُلِّيّاً يُعَمِّمُهُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعاً اَوْ عَلَى اِقْلِيمٍ مِنَ الْاَقَالِيمِ اَوْ عَلَى بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ بِدَلِيلِ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ اَرَادَ قَطْعاً جُزْئِيّاً لِيَدِ السَّارِقِ وَهُوَ الْكَفُّ فَقَطْ وَلَمْ يُرِدْ سُبْحَانَهُ قَطْعاً كُلِّيّاً يُعَمِّمُهُ عَلَى الذِّرَاعِ وَالْكُوعِ وَالْكَتِفِ، نعم اخي اوباما: وَبِالْعَكْسِ فَرُبَّمَا اَرَادَ هَذَا الْمُتَّهَمُ التَّكْفِيرِيُّ بِنِيَّتِهِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي لَايَعْلَمُهَا اِلَّا اللهُ *(وَلَايَعْلَمُهَا الْقَاضِي وَلَايَسْتَطِيعُ الْقَاضِي اَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ اَوْ يُحَاسِبَهُ عَلَى نِيَّةٍ تَكْفِيرِيَّةٍ يَجْهَلُهَا(* اَنْ يُعَمِّمَ التَّكْفِيرَ عَلَى النَّاسِ جَمِيعاً وَلَوِ اكْتَفَى بِتَكْفِيرِ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَكُّ رَقَبَة( وَالَّتِي اَرَادَ اللهُ اَلَّا يُكْتَفَى بِفَكِّهَا وَحْدَهَا فَقَطْ بَلْ جَسَدُ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ كَامِلاً مَفْكُوكاً مُحَرَّراً اَيْضاً، نعم اخي اوباما: وَرُبَّمَا اَرَادَ هَذَا الْمُتَّهَمُ التَّكْفِيرِيُّ تَكْفِيراً لَايُخْرِجُ النَّاسَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ مَااَرَادَ بِتَكْفِيرِهِ هَذَا اَنْ يُعَبِّرَ عَنْ كُفْرِ الْعَقِيدَةِ بِحَقِّ مَنْ قَامَ بِتَكْفِيرِهِ وَلَكِنَّهُ اَرَادَ اَنْ يُعَبِّرَ عَنْ كُفْرِ النِّعْمَةِ وَجُحُودِهَا بِحَقِّ مَنْ كَفَّرَهُ اَوْ قَامَ بِتَكْفِيرِهِ، وَرُبَّمَا اَرَادَ كُفْرَ الْعَقِيدَةِ، لَكِنْ مَايُدْرِينَا اَخِي الْقَاضِي اُوبَامَا اَنَّهُ اَرَادَ كُفْراً عَقَائِدِيّاً يُخْرِجُ النَّاسَ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ هَلْ نَحْنُ شَقَقْنَا عَنْ قَلْبِهِ؟ وَمَايُدْرِينَا اَنَّهُ اَرَادَ بِالْكُفْرِ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً(مَايُدْرِينَا اَنَّهُ اَرَادَ كُفْراً فِي عَقِيدَةِ مَنْ يَقْرَاُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآَيَةَ لِيُخْرِجَهُ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ، وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنَّ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ تَحْتَمِلُ بِمَعْنَاهَا كُفْرَ الْعَقِيدَةِ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ لَكِنَّهَا تَحْتَمِلُ مَعْنىً آَخَرَ لَانَدْرِي اِنْ اَرَادَهُ هَذَا الْمُتَّهَمُ التَّكْفِيرِيُّ وَهُوَ كُفْرُ النِّعْمَةِ الَّذِي لَايُخْرِجُ اَحَداً عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ لِاَنَّ الْمَسْجِدَ هُوَ اَكْبَرُ نِعْمَةٍ اَنْعَمَهَا اللهُ عَلَى هَذِهِ الْاَرْضِ{فِي بُيُوتٍ اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ( مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي دِينِ اللهِ وَالتِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ لَا لِيَشْهَدُوا ضِرَاراً وَكُفْراً(بِنِعْمَةِ الْمَسْجِدِ وَبِنِعْمَةِ الْاُخُوَّةِ الْاِيمَانِيَّةِ{ وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ( فِي سَرِقَةِ وَقْتِهِمُ الثَّمِين{وَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ اَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ(وَلَوْ بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ الَّتِي اَدَاؤُهَا فِي الْبَيْتِ اَفْضَلُ مِنْ اَدَائِهَا فِي الْمَسْجِدِ{وَسَعَى فِي خَرَابِهَا(أَيْ جَعَلَهَا مَقَابِرَ خَالِيَةً مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَسُنَنِ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا، نعم ايها الاخوة: رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُول[ لَاتَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِر( نَعَمْ نَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَكِنَّ هَذَا لَايَعْنِي اَنْ نَجْعَلَ مِنَ الْمَسَاجِدِ مَقَابِرَ خَالِيَةً مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَسُنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَالِاعْتِكَافِ وَالتَّهَجُّدِ وَالْقِيَامِ، وَالطَّوَافِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الَّذِي لَايَجُوزُ شَرْعاً لِخَطِيبِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اَنْ يَاْمُرَ بِاِيقَافِهِ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ(اِلَّا فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ النَّافِلَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ خَوْفاً مِنَ الزِّحَامِ وَلِلضَّرَورَةِ الْقُصْوَى( مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ شَعَائِرَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اَقْوَى بِكَثِيرٍ جِدّاً مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِمَا فِيهَا مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ الطَّوَافُ لَيْلاً وَنَهَاراً دُونَ تَوَقُّفٍ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؟ لِاَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ فَرْضاً عَلَى الْمُسَافِرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ، بَلْ رَخَّصَ اللهُ لَهُ مَالَمْ يُرَخِّصْ لِلْمُقِيمِ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ؟ لِاَنَّ السَّفَرَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ قَدْ يَمُوتُ الْمُسَافِرُ بِسَبَبِهَا مِنَ الْجُوعِ اِنْ لَمْ يُتَاجِرْ بَيْعاً اَوْ شِرَاءً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ اَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ(بِالتِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ وَفِي جَمِيعِ الْاَوْقَاتِ مَاعَدَا وَقْتُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَرَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَالصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ جَمْعاً وَقَصْراً بِمَا فِيهَا مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ الثُّلَاثِيَّةِ، وَصَلَاةِ الْفَجْرِ جَمَاعَةً مِنْ دُونِ جَمْعٍ لَهَا مَعَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ اِلَّا اِذَا كَانَ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ الْمُسَافِرُ مُضْطّرّاً اِلَى جَمْعِ تَاْخِيرٍ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ اِلَى مَاقَبْلَ اَذَانِ الْفَجْرِ بِسَاعَة، نعم اخي: وَكَذَلِكَ رَخَّصَ اللهُ لِلْمُسَافِرِ الْحَاجِّ اَوِ الْمُعْتَمِرِ اَيْضاً اَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَكَانَ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرَ جَمْعاً وَقَصْراً عَلَى رَاْيِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ، لَكِنْ اِنْ اَرَادَ اَنْ يَقْطَعَ الطَّوَافَ مِنْ اَجْلِ الِاسْتِمَاعِ اِلَى خُطْبَتَيِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةِ مَعَ الْاِمَامِ الْخَطِيبِ جَمَاعَةً فَذَلِكَ اَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ، نعم اخي: ثُمَّ يَقُومُ الْمُسَافِرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الْعَصْرِ قَصْراً بِرَكْعَتَيْنِ، ونترك القلم الآن لمشايخنا المعارضين قائلين: بعد ذلك هناك سؤال من احد الاخوة يقول فيه: اَنَا اِنْسَانٌ اُسَخِّرُ كُلَّ وَقْتِي لِخِدْمَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ، وَلَكِنَّنِي لَااُصَلِّي! فَمَا قِيمَتِي عِنْدَ الله؟ ونقول لك اخي: قِيمَتُكَ عِنْدَ اللهِ كَقِيمَةِ الْحِذَاءِ الَّذِي تَنْتَعِلُهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَبْلَ اَنْ يَقُولَ{آَتُوا الزَّكَاةَ(مَاذَا قَال؟ وَنَقُولُ لَكَ اَخِي: قَالَ{اَقِيمُوا الصَّلَاةَ(فِي اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعاً فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ وَهَذِهِ نَاحِيَة، وَاَمَّا مِنَ النَّاحِيَةِ الْاُخْرَى: فَاَنْتَ تُسَخِّرُ كُلَّ وَقْتِكَ لِلْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ، وَلَكِنَّكَ لَمْ تُسَخِّرْ وَلَوْ دَقِيقَةً وَاحِدَةً لِرَبِّكَ وَلِرَبِّ هَذِهِ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ وَرَبِّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ اَجْلِ الِاتِّجَاهِ اِلَى قِبْلَتِهِ سُبْحَانَهُ! وَلَا مِنْ اَجْلِ الصَّلَاةِ لَهُ وَشُكْرِهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ لَكَ اِلَى هَذِهِ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ، وَهَذِهِ نَاحِيَة، وَاَمَّا مِنَ النَّاحِيَةِ الْاُخْرَى: فَمَا يُدْرِينَا اَنَّكَ اَرَدْتَّ بِهَذِهِ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي تَزْعُمُهَا وَجْهَ اللهِ الَّذِي لَمْ تَرْكَعْ وَلَمْ تَسْجُدْ لَهُ سَجْدَةً وَاحِدَة؟ وَلِذَلِكَ اَنْتَ كَاذِبٌ! لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ لَوْ اَرَدْتَّ وَجْهَ اللهِ حَقّاً! لَرَكَعْتَ وَسَجَدْتَّ تَعْظِيماً لِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِي تَاْبَى وَتَتَكَبَّرُ عَنِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ لَهُ! كَمَا تُعَظِّمُ اَعْمَالَكَ الْخَيْرِيَّةَ وَكَمَا تُعَظِّمُ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ الَّذِينَ تَجُودُ عَلَيْهِمْ بِهَا وَرُبَّمَا كَمَا تُعَظِّمُ اَيْضاً شَعِيرَةً مِنْ شَعَائِرِ اللهِ وَهِيَ الزَّكَاةُ وَلَكِنَّكَ لَمْ تُعَظِّمِ الشَّعِيرَةَ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ مِفْتَاحٌ اِلَى الزَّكَاةِ بَلْ هِيَ مِفْتَاحٌ اِلَى الْاَمْرِ بِكُلِّ خَيْرٍ بَلْ هِيَ مِفْتَاحٌ لِلنَّهْيِ عَنْ كُلِّ شَرٍّ مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ اَنْتَ مَااَرَدْتَّ بِاَعْمَالِكَ الْخَيْرِيَّةِ هَذِهِ اِلَّا الرِّيَاءَ وَالْمُفَاخَرَةَ بِهَا اَمَامَ النَّاسِ لِيَمْدَحُوا بِكَرَمِ حَاتِمِ طَيٍّ مِنْ اَمْثَالِكَ وَقَدْ مَدَحُوا وَقَالُوا فَخُذْ اُجْرَتَكَ مِنْهُمْ وَلَا اَجْرَ لَكَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَاللهُ اَعْلَمُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ اِلَى السُّجُودِ فَلَايَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً اَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا(فِي الدُّنْيَا{يُدْعَوْنَ اِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ(وَلَكِنَّهُمْ يَرْفُضُونَ وَيَتَكَبَّرُونَ عَلَى الله، (نعم اخي: وَلِذَلِكَ حِينَمَا حَارَبَ اَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْمُرْتَدِّينَ: لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ اَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنَّهُ حِينَمَا حَارَبَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، لَمْ يُحَارِبْهُمْ لِاَجْلِ الزَّكَاةِ فَقَطْ، بَلْ حَارَبَهُمْ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُؤَدُّوا صَّلَاةً حَقِيقِيَّةً مُسْتَقِيمَةً قَوِيمَةً طَاهِرَةً اَدَّاهَا شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَبْلُ لِيَتَحَرَّرُوا مِنَ الصَّلَاةِ النَّجِسَةِ الزَّائِفَةِ الَّتِي يُصَلِّيهَا الْمُنَافِقُونَ وَالْكُفَّارُ الَّذِينَ قَالُوا لِشُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَام{ اَصَلَاتُكَ تَاْمُرُكَ اَنْ نَتْرُكَ مَايَعْبُدُ آَبَاؤُنَا(مِنْ هَذِهِ الْاَصْنَامِ وَالشَّجَرِوَالْاَمْوَالِ{اَوْ اَنْ نَفْعَلَ فِي اَمْوَالِنَا مَانَشَاءُ(نَحْنُ لَامَاشَاءَ اللهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَتَحْرِيمِ الْبُخْلِ وَ الطَّمَعِ الَّذِي لَايَشْبَعُ بِمَا يَبْخَسُ النَّاسَ مِنْ اَشْيَائِهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ اعْتَرَضَ عَلَى اَبِي بَكْرٍ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَوْلَتَهُ الْمَشْهُورَة: لَاُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَوَافَقَهُ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَمِنْ جُمْلَةِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ: الْاِمَامُ عَلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْجَمِيع، نعم اخي: وَلَوْ قُدِّرَ لِاَبِي بَكْرٍ قِتَالُ تَارِكِي الصَّلَاةِ وَقْتَهَا لَقَاتَلَهُمْ بِحُكْمِ اَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ وَلَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ اَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَوْ كَانُوا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ اَمْوَالِهِمْ وَيَقُومُونَ بِاَعْمَالٍ خَيْرِيَّةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْغَالِبِيَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ الَّذِينَ جَاؤُوا بَعْدَهُمْ يَعْتَبِرُونَ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِراً مُرْتَدّاً عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ سَوَاءٌ تَرَكَهَا نَاكِراً لَهَا اَوْ تَرَكَهَا مُعْتَرِفاً بِهَا وَبِتَقْصِيرِهِ فِي تَرْكِهَا، نعم اخي: وَاَمَّا الزَّكَاةُ: فَاِنْ اَنْكَرَهَا فَقَدْ كَفَرَ وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ، وَاَمَّا اِنْ مَنَعَهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا فَهُوَ فَاسِقٌ وَلَكِنَّهُ لَايَخْرُجُ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ قِتَالُهُ وَاعْتِبَارُهُ مِنَ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ الْمُؤْمِنَةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِهَا فِي الْقُرْآَنِ حَتَّى تَفِيءَ اِلَى اَمْرِ اللهِ وَهُوَ اِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَعَدَمُ مَنْعِهَا عَمَّنْ يَسْتَحِقُّهَا، نعم اخي: وَلِمَاذَا هَذَا التَّشْدِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ خَاصَّةً؟ ونقول لك اخي: لِاَنَّ الصَّلَاةَ لَاتَسْقُطُ عَنْكَ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَبَداً: اِلَّا فِي حَالَةِ الْجُنُونِ وَالْمَوْتِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاس، وَاَمَّا الزَّكَاةُ: فَاِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْكَ فِي حَالِ لَمْ تَمْلِكْ نِصَابَهَا، بعد ذلك ايها الاخوة هناك سؤال آخر من احد الاخوة يقول فيه: مَابَالُ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين( ونقول لك اخي{اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُون(أَيْ غَافِلُونَ عَمَّا تَاْمُرُهُمْ بِهِ صَلَاتُهُمْ مِنْ تَقْوَى اللهِ، وَغَافِلُونَ عَمَّا تَنْهَاهُمْ عَنْهُ مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَغَافِلُونَ عَنِ الْاِخْلَاصِ فِيهَا لِوَجْهِ اللهِ وَحْدَهُ، وَلِذَلِكَ هَؤُلَاءِ{الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(اَيْ يَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ وَالْخَيْرَ عَنِ النَّاسِ، وَلَايَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ: بَلْ يَمْنَعُونَ الْاِبْرَةَ وَالْخَيْطَ عَنْ جِيرَانِهِمْ وَلَايُعِيرُونَهُمْ شَيْئاً مِنْهَا، بَلْ اِذَا اسْتَعَارُوهَا مِنْ جِيرَانِهِمْ يَخُونُونَ الْاَمَانَةَ وَلَا يَرُدُّونَ شَيْئاً مِنْهَا اِلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ جِيرَانُهُمْ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ اِلَيْهَا، نعم اخي: وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْبُخْلِ الشَّدِيدِ لَدَى هَؤُلَاء، فَاِذَا كَانَتْ خِيَانَةُ الْاَمَانَةِ حَاصِلَةً مِنْهُمْ عَلَى مُسْتَوَى اِبْرَةٍ وَخَيْطٍ، بَلْ وَعُودِ كِبْرِيتٍ، بَلْ وَكَمِّيَّةٍ قَلِيلَةٍ مِنَ الْمِلْحِ، فَكَيْفَ سَيُحَافِظُ هَؤُلَاءِ بِاَمَانَةٍ عَلَى مَالَدَى الْفُقَرَاءِ فِي اَمْوَالِهِمْ مِنْ حُقُوق، نعم اخي: وَالْاَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ: اَنَّهُمْ يَنْهَقُونَ كَالْحَمِيرِ قَائِلِين: عُودُ الْكِبْرِيتِ يُسَاوِي مِلْيُونَ لَيْرَةٍ وَقْتَ الْحَاجَةِ اِلَيْهِ، نعم اخي: وَاَمَّا جَارُهُ الَّذِي اَعَارَهُ هَذَا الْعُودَ مِنَ الْكِبْرِيتِ يَوْماً، فَلَايُسَاوِي عِنْدَهُ شَيْئاً حِينَمَا يَحْتَاجُ جَارُهُ اِلَى هَذَا الْعُودِ لِمَاذَا، لِاَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ اَلْفِ اُمٍّ مِنْ اُمَّهَاتِ جِيرَانِهِ اَنْ تَبْكِيَ، وَلَا اُمُّهُ تَبْكِي، نعم اخي: فَاِذَا كَانَ قَلْبُ هَذَا اَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ عَلَى اُمَّهَاتِ جِيرَانِهِ، فَكَيْفَ سَيَكُونُ قَلْبُهُ حَنُوناً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْيَتَامَى وَالْاَرَامِلِ مِنْ جِيرَانِهِ الْاَقْرَبِينَ وَالْاَبْعَدِين، نعم اخي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ سَيَحْتَرِقُ فِي جَهَنَّمَ مَعَ الْمُحْتَرِقِينَ اِنْ لَمْ يَتُبْ اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً يَرُدُّ بِمُوجَبِهَا جَمِيعَ الْحُقُوقِ الَّتِي حَبَسَهَا اَوْ مَنَعَهَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْبَائِسِين، وَلَكِنْ هَلْ عَذَابُهُ فِي جَهَنَّمَ كَعَذَابِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ تَارِكُ الصَّلَاةِ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَيَقُومُ بِالْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّة؟ ونقول لك اخي: اِنَّ عَذَابَ تَارِكِ الصَّلَاةِ فِي الدَّرْكِ الْاَسْفَلِ مِنَ النَّارِ مَعَ فِرْعَوْنِ مُوسَى وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَاُبَيِّ بْنِ خَلَفَ وَفِرْعَوْنِ هَذِهِ الْاُمَّةِ اَبُو جَهْلٍ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي{اَلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ: اَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ اَشَدَّ الْعَذَاب( وَاَمَّا الَّذِي يُصَلِّي وَيَسْهُو عَنْ صَلَاتِهِ وَيُرَائِي وَيَمْنَعُ الْمَاعُونَ، فَاِنَّ صَلَاتَهُ تَشْفَعُ لَهُ لِتُخَفِّفَ عَنْهُ الْعَذَابَ: فَيَقِفُ عَلَى جَمْرَتَيْنِ مِنْ جِمَارِ جَهَنَّمَ تَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، نعم اخي: وَهَذَا هُوَ اَخَفُّ عَذَابٍ لِاَهْلِ النَّارِ وَاَيْسَرُهُ، فَمَابَالُكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةِ بِاَشَدِّ عَذَابٍ لِاَهْلِ النَّارِ وَاَقْوَاهُ وَهُوَ عَذَابُ تَارِكِ الصَّلَاة!!!!! عَافَانَا اللهُ وَاِيَّاكُمْ، نَعَمْ اَخِي وَدَلِيلُنَا عَلَى اَنَّ الصَّلَاةَ تَشْفَعُ لَهُ لِتُخَفِّفَ مِنْ عَذَابِهِ هُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وُجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ(وَهُوَ اَيْضاً قَوْلُهُ تَعَالَى{اَلْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ(وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالزَّكَاةُ وَبَقِيَّةُ اَرْكَانِ الْاِسْلَامِ{خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ اَمَلاً(لِهَذَا الْمُحْتَرِقِ فِي جَهَنَّمَ لِيَخْرُجَ مِنْهَا بَعْدَ عَذَابٍ طَوِيلٍ رُبَّمَا يَسْتَغْرِقُ مَلَايِينَ السِّنِين(نعم اخي: لَكِنَّ الزَّكَاةَ وَحْدَهَا لَاتَكْفِي لِتَارِكِ الصَّلَاةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ يَخْضَعُ لِشَفَاعَةِ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي اَجْرَاهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ اِلَّا بِاِذْنِهِ( وَرُبَّمَا يَاْذَنُ لَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالشَّفَاعَةِ وَرُبَّمَا لَايَاْذَنُ لَهُمْ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاَمَلَ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ بِشَفَاعَتِهِمْ غَيْرُ مَضْمُونٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ مَرْهُونٌ بِاِذْنِهِ لَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالشَّفَاعَةِ لِتَارِكِ الصَّلَاة، وَاَمَّا الَّذِي يُصَلِّي وَيُرَائِي وَيَمْنَعُ الْمَاعُونَ فَاِنَّ صَلَاتَهُ يَاْذَنُ اللهُ لَهَا بِالشَّفَاعَةِ لَهُ بِدَلِيلِ الْاَمَلِ الْمَضْمُونِ الَّذِي ذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ{خَيْرٌ اَمَلَا( وَبِدَلِيلِ قُرَّةِ الْعَيْنِ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ اَيْضاً وَفِيهَا مَافِيهَا مِنَ الْاَمَلِ الْكَبِيرِ الْمَضْمُونِ لِمَنْ يُصَلِّي اَنْ يَخْرُجَ مِنْ جَهَنَّمَ وَلَوْ بَعْدَ عَذَابٍ طَوِيلٍ بِسَبَبِ مَافِي الصَّلَاةِ مِنْ بَرَكَةٍ هَائِلَةٍ عَظِيمَةٍ جِدّاً لَامَثِيلَ لَهَا فِي بَقِيَّةِ اَرْكَانِ الْاِسْلَامِ، وَلِاَنَّهُ لَادِينَ لَمَنْ لَاصَلَاةَ لَهُ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ لِاَنَّهَا الْاَسَاسُ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ جَمِيعُ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي يَتَشَدَّقُ بِهَا السَّائِلُ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة، فَاِذَا فُقِدَ هَذَا الْاَسَاسُ اَوْ ضَاعَ اَوْ ضَيَّعَ الصَّلَاةَ صَاحِبُهَا فَرُبَّمَا تَضِيعُ مَعَهَا اَيْضاً جَمِيعُ الْاَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ هَبَاءً مَنْثُوراً عِنْدَ اللهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ اَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيَّا( بِمَعْنَى اَنَّهُمْ سَيَلْقَوْنَ مَايَلِي{اِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَايَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، وَاِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً(فَهَلْ تَارِكُ الصَّلَاةِ اِنْسَانٌ رَاشِدٌ مَهْمَا قَامَ بِاَعْمَالٍ خَيْرِيَّةٍ اَمْ هُوَ اِنْسَانٌ سَفِيهٌ{غَوِيٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ(بِنَصِّ هَذِهِ الْآَيَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا؟ وَنَحْنُ لَانَقُولُ شَيْئاً مِنْ عِنْدِنَا وَاِنَّمَا الْقُرْآَنُ الْكَرِيمُ هُوَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ ذَلِكَ وَاَخْبَرَنَا بِضَلَالِهِ وَاِجْرَامِهِ بِقَوْلِهِ عَنْ اَصْحَابِ الْيَمِينِ الَّذِينَ{يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَاسَلَكَكُمْ فِي سَقَر؟! قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين( بَلْ اِنَّهُ يُضِلُّ غَيْرَهُ اَيْضاً بِتَشْجِيعِهِمْ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَاَخِيراً هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: اَنَا لَااُصَلِّي بِسَبَبِ شُعُورِي بِالْقَرَفِ وَالِاشْمِئْزَازِ وَالْغَثَيَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ وَلَا تَنْهَاهُمْ صَلَاتُهُمْ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُمْ اَخْطَؤُوا خَطَاً شَنِيعاً فَاحِشاً نَعَمْ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّكَ اَنْتَ اَخِي بِالْمُقَابِلِ اَخْطَاْتَ اَخْطَاءً كَثِيرَةً هِيَ اَخْطَرُ عَلَيْكَ عِنْدَ اللهِ بِكَثِيرٍ هَائِلٍ جِدّاً مِنْ اَخْطَائِهِمْ وَنَذْكُرُ بَعْضاً مِنْهَا وَلَاتَتَّسِعُ الْمُشَارَكَةُ لِلْبَاقِي: نَعَمْ اَخِي: اَمَّا الْخَطَاُ الْاَوَّلُ الْفَادِحُ الْخَطِيرُ: فَهُوَ اَنَّكَ لَمْ تُصَلِّ مَعَهُمْ لِتَنْهَهُمْ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ! فَكَيْفَ سَيَنْتَهُونَ اِذَا جَافَيْتَهُمْ وَقَاطَعْتَهُمْ وَلَمْ تُصَلِّ مَعَهُمْ! وَلِذَلِكَ حَرَمْتَ نَفْسَكَ اَخِي مِنْ شَهَادَةِ فَخْرٍ وَاعْتِزَازٍ بِكَ عِنْدَ اللهِ اَمَامَ مَلَائِكَتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَاْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر( وَاَمَّا الْخَطَاُ الثَّانِي: فَهُوَ اَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ هِيَ شَهَادَةُ شَرَفٍ لَكَ عِنْدَ اللهِ وَفَخْرٍ وَاعْتِزَازٍ اَنَّكَ لَاتَفْعَلُ الْفَحْشَاءَ وَالْمُنْكَرَ مِثْلَهُمْ وَلَكِنَّكَ حَرَمْتَ نَفْسَكَ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ لِاَنَّكَ لَاتُصَلِّي، وَاَمَّا الْخَطَاُ الثَّالِثُ الْاَخْطَرُ فَهُوَ اَنَّكَ نَهَيْتَ نَفْسَكَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ بَدَلَ اَنْ تَنْهَى غَيْرَكَ عَنْ مَحْظُورَاتِهَا مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَوْ كُنْتَ اَخِي حَاجّاً اِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ لَنَهَيْتَ غَيْرَكَ عَنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِرَحَابَةِ صَدْرٍ وَكَرَمِ ضِيَافَةٍ وَاِعَانَةٍ وَحَفَاوَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَتَرْحِيبٍ لَامَثِيلَ لَهُ وَرُبَّمَا تَعْذُرُهُمْ لِاَنَّهُمْ جُهَّالٌ كَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ وَيَجْهَلُونَ مَحْظُورَاتِ الصَّلَاةِ وَاِحْرَامَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ تَكْبِيرَةِ التَّحْرِيمَةِ الَّتِي تَحْظُرُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ دَاخِلَ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ وَ فِي الْمَسْجِدِ بَلْ وَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ اَيْضاً فِي اَسْوَاقِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ بَعْدَ انْتِهَاءِ الصَّلَاةِ، بَلْ رُبَّمَا يَجْهَلُونَ مَحْظُوَرَاتِ الصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ اَيْضاً، بَلْ رُبَّمَا يَجْهَلُونَ مَحْظُورَاتِ التَّوْحِيدِ اَيْضاً وَمَابَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالْاِشْرَاكِ مِنْ شَعْرَةٍ، بَلْ وَمَابَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ شَعْرَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ اَخِي فَاَنْتَ تَعْذُرُهُمْ جَمِيعاً وَتَنْصَحُهُمْ وَتُوَجِّهُهُمْ وَلَوْ بِالْمَطْوِيَّاتِ مِنَ الْكُتُبِ اِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ يُصِيبُكَ مَايُصِيبُكَ مِنَ الْقَرَفِ وَالِاشْمِئْزَازِ مِنْهُمْ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ الْمُصَلِّينَ هُمْ اَكْثَرُ النَّاسِ حَاجَةً اِلَى نَصَائِحِكَ وَمَوَاعِظِكَ وَتَوْعِيَتِكَ لَهُمْ كَمَا تَقُومُ بِتَوْعِيَةِ الْجَالِيَاتِ غَيْرِ الْمُسْلِمَةِ وَاَنْتَ تَعْلَمُ جَيِّداً اَنَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ اَوْلَى بِالتَّوْعِيَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْخَطَاُ الرَّابِعُ فَهُوَ اَنَّكَ حِينَمَا نَهَيْتَ نَفْسَكَ نَهَيْتَ غَيْرَكَ اَيْضاً بِتَشْجِيعِهِمْ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ! وَلِذَلِكَ فَاَنْتَ اِنْ لَمْ تَتُبْ اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً فاَنْتَ تَسْتَحِقُّ شَهَادَةَ الْخِزْيِ وَالذُّلِّ وَالْعَارِ وَالتَّحْقِيرِ وَالْعَذَابِ الْاَلِيمِ الْمُهِينِ الْحَقِيرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَرَاَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً اِذَا صَلَّى! اَرَاَيْتَ اِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى اَوْ اَمَرَ بِالتَّقْوَى! اَرَاَيْتَ اِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى اَلَمْ يَعْلَمْ بِاَنَّ اللهَ يَرَى! كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، فَلْيَدْعُ نَادِيَه، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة، كَلَّا لَاتُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{ وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين