اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: فَاِنَّ آَيَاتِ الْقُرْآَن ِالْكَرِيمَةِ تَحْتَاجُ اِلَى فَهْمِ مِنَ الْمُسْلِمِ حَتَّى يَتَدَبَّرَ كِتَابَ رَبِّهِ الَّذِي مَا اَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ اِلَّا لِيَقْرَاَهُ وَيَتَدَبَّرَهُ وَيَفْهَمَهُ وَلِيُطَبِّقَهُ، وَهَذِهِ هِيَ مُعَامَلَةُ الْمُؤْمِنِ مَعَ كِتَابِ الله، فَاِذَا لَمْ يَفْهَمْ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ سَيُطَبِّقُهُ!؟ وَرُبَّمَا اَخْطَاَ فِي فَهْمِهِ بِغَيْرِ مُرَادِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! نَعَمْ اَخِي: يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي اَوَاخِرِ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَة{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ، اَللهُ اَعْلَمُ بِاِيمَانِهِنَّ، فَاِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ، فَلَاتَرْجِعُوهُنَّ اِلَى الْكُفَّارِ، لَاهُنَّ حِلٌّ لَهُمْ، وَلَاهُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وَآَتُوهُمْ مَااَنْفَقُوا، وَلَاتُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، وَسْاَلُوا مَااَنْفَقْتُمْ، وَلْيَسْاَلُوا مَااَنْفَقُوا، ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيم( نَعَمْ اَخِي: هَذِهِ السُّورَةُ: تُسَمَّى سُورَةَ الْمُمْتَحَنَة، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ الْمُمْتَحَنِ، وَكَلِمَةُ الْمُمْتَحَنَةِ، هَلْ هُمَا اسْمُ فَاعِلٍ؟ اَمِ اسْمُ مَفْعُول؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُمَا اسْمُ مَفْعُول، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُمْتَحِنُ، وَالْمُمْتَحِنَةُ، فَهُمَا اسْمُ فَاعِل، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا فِي الْآَيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا شَرْحاً وَتَفْسِيراً، فَاِنَّ فِيهَا الْمُمْتَحِنُ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ، وَفِيهَا اَيْضاً الْمُمْتَحَنَةُ وَهِيَ اسْمُ مَفْعُول، نَعَمْ اَخِي: وَلِمَاذَا يَمْتَحِنُكَ هَذَا الْمُمْتَحِنُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُظْهِرَ لَهُ مَاتَعْلَمُ؟ لِيَضَعَ لَكَ الدَّرَجَةَ الَّتِي تَسْتَحِقُّهَا، نَعَمْ اَخِي: وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مَثَلاً وَلِلهِ الْمَثَلُ الْاَعْلَى، فَمَثَلاً: اِنْسَانٌ طَالِبٌ دَخَلَ اِلَى لَجْنَةِ الِامْتِحَان، نَعَمْ اَخِي: وَمِنَ الْجَائِزِ اَنَّ الْمُدَرِّسَ الَّذِي سَيَمْتَحِنُهُ، يَعْلَمُ بِاَنَّهُ اِنْسَانٌ ذَكِيٌّ وَعِنْدَهُ مَعْلُومَاتٌ وَدَارِسٌ تَمَاماً، فَيَسْاَلُهُ، فَاِذَا لَمْ يُجِبْ، هَلْ يَسْتَحِقُّ الدَّرَجَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَسْتَحِقُّهَا وَلَوْ كَانَ يَعْلَم، نَعَمْ اَخِي: وَ كَذَلِكَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ، حِينَمَا يَمْتَحِنُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ اَلَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ اَيُّكُمْ اَحْسَنُ عَمَلاً( أَيْ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْمَوْتَ الَّذِي سَمَحَ بِهِ لِلظَّالِمِينَ اَنْ يُدَمِّرُوا الْبُيُوتَ عَلَى رُؤُوسِ اَصْحَابِهَا؟ لِيَبْلُوكُمْ؟ أَيْ لِيَخْتَبِرَكُمْ{اَيُّكُمْ اَحْسَنُ عَمَلاً(فِي مُسَاعَدَةِ الْمَنْكُوبِين، وَلِذَلِكَ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ قَوْلَهُ{آَتُوا الزَّكَاةَ(وَاَعَادَهُ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ اِعَادَةً! وَاَكَّدَ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعاً! فَاِذَا لَمْ تَكْفِ الزَّكَاةُ مِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ الْمَنْكُوبِينَ[ فَاِنَّ فِي الْمُالِ حَقّاً سِوَى الزَّكَاة(كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ{لِيَبْلُوَكُمْ اَيُّكُمْ اَحْسَنُ عَمَلاً(أَيْ لِيَخْتَبِرَكُمْ، نَعَمْ اَخِي: فَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَمَا يَخْتَبِرُنَا، يَخْتَبِرُنَا؟ لِيُظْهِرَ مَافِي نُفُوسِنَا مِنْ طَاعَةٍ اَوْ عِصْيَان، نَعَمْ اَخِي: وَمَا يَنْتُجُ اَوْ يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الظُّهُورِ، هُوَ الَّذِي يُنَجِّي الْاِنْسَانَ اَوْ يُهْلِكُهُ، فَاِنْ اَطَاعَ كَانَ نَاجِياً، وَاِنْ عَصَى كَانَ هَالِكاً، وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لِلهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَنْ يَخْلُقَ الشَّرَّ كَمَا خَلَقَ الْخَيْرَ لِمَاذَا؟ حَتَّى يَتَعَبَّدَنَا بِمَحْظُورَاتِ الشَّرِّ وَنَوَاهِيهِ كَمَا يَتَعَبَّدُنَا بِمَكَارِمِ الْخَيْرِ وَالْاَخْلَاقِ وَمَحَامِدِهِمَا وَاَوَامِرِهِ فِيهِمَا، وَلِذَلِكَ يُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْنَا مِنَ الْبَلَاءِ وَالنَّكَبَاتِ وَالْمَصَائِبِ وَالْمَآَسِي؟ حَتَّى يَخْتَبِرَنَا وَيَتَعَبَّدَنَا جَمِيعاً فُقَرَاءَ وَاَغْنِيَاء، نَعَمْ: يَخْتَبِرُنَا فُقَرَاءَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ نَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ اَمْثَالِنَا، وَيَخْتَبِرُنَا اَيْضاً اَغْنِيَاءَ بِمَا وَسَّعَ اللهُ عَلَيْنَا مِنَ الرِّزْقِ ضِمْنَ حُدُودِ النِّصَابِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الزَّكَاةِ، فَاِنْ لَمْ تَكْفِ الزَّكَاةُ{فَاِنَّ فِي الْمَالِ حَقّاً سِوَى الزَّكَاةِ(وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّاْكِيدُ عَلَى فَرِيضَةِ الزَّكَاةِ وَاِقَامَةِ الْفَرِيضَةِ مِنَ الصَّلَاةِ اَيْضاً اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَرَّةً فِي اَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعاً فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ كَمَا اَسْلَفْنَا، نَعَمْ اَخِي: وَلَوْ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُرِدْ اَنْ يَخْلُقَ الشَّرَّ، لِمَاذَا اِذاً خَلَقَ شَجَرَةَ الشَّرِّ الَّتِي نَهَى اللهُ تَعَالَى آَدَمَ وَحَوَّاءَ عَنِ الْقُرْبِ مِنْهَا، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ قَالَ اللهُ لَهُمَا{وَيَاآَدَمُ اسْكُنْ اَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا(وَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا{كُلَا وَاشْرَبَا وَلَاتُسْرِفَا، اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(لِمَاذَا؟ لِيُعَلِّمَنَا سُبْحَانَهُ مِنْ خِلَالِ مَاحَصَل مَعَهُمَا: اَنَّ الْاِسْرَافَ وَلَوْ فِي الطَّعَامِ اَوِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ يُؤَدِّي بِنَا اِلَى كُلِّ شَرٍّ، وَلِذَلِكَ اَدَّى بِهِمَا اِلَى اَنْ يَاْكُلَا مِنْ شَجَرَةِ الشّرّ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا كَانَ هَذَا فِي الْحَلَالِ! فَمَابَالُكَ اَخِي فِي الْاِسْرَافِ فِي الْحَرَام! اِنَّهُ بِالتَّاْكِيدِ سَيُؤَدِّي اِلَى غَضَبٍ وَلَعْنَةٍ مِنَ اللهِ لَامَثِيلَ لَهَا عَلَى مَنْ يَرْتَكِبُونَ الْحَرَامَ وَيُسْرِفُونَ فِي ارْتِكَابِهِ اِنْ لَمْ يَقْبَلِ اللهُ تَوْبَتَهُمْ، نَعَمْ اَخِي: فَاِنِ احْتَجَّ الظَّالِمُونَ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْلِهِمْ: اَنْتَ اَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ! فَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَ اَنْ تَخْلُقَ الشَّرَّ! فَاِنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ: خَلَقْتُ الشَّرَّ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ عَدْلاً بِدَلِيلِ قَوْلِي{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا(وَهُنَا جَاءَ شَرُّ الِاعْتِدَاءِ مِنْكُمْ ظُلْماً لِبَعْضِكُمْ بَعْضاً! وَجَاءَ شَرُّ الِاعْتِدَاءِ مِنِّي عَدْلاً، وَبِدَلِيلِ قَوْلِي{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا(وَهُنَا اَيْضاً جَاءَ شَرُّ السَّيِّئَةِ مِنْكُمْ ظُلْماً لِبَعْضِكُمْ بَعْضاً، وَجَاءَ مِنِّي شَرُّ السَّيِّئَةِ هَذَا عَدْلاً عَلَى بَعْضِكُمْ بَعْضاً{قُلْ فَلِلهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ(عَلَى هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ وَاَمْثَالِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَبْلَ اَنْ يَخْتَبِرَنَا، يَعْلَمُ اِنْ كُنَّا سَنُطِيعُ اَوْ اِنْ كُنَّا سَنَعْصِي، وَلِذَلِكَ حِينَمَا اَرْسَلَ سُبْحَانَهُ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اِلَى فِرْعَوْنَ، كَانَ يَعْلَمُ قَبْلَ اَنْ يُرْسِلَهُمَا: اَنَّ فِرْعَوْنَ لَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُمَا، قَدْ يَقُولُ قَائِل: لِمَاذَا اَرْسَلَهُمَا اِذاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ لِاَنَّ الطَّبِيبَ الْمَخْلُوقَ لَايَبْخَلُ عَلَى مَرِيضِهِ بِالْعِلَاجِ وَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ اَنَّ مَرِيضَهُ بِشَحْمِهِ وَلَحْمِهِ لَنْ يَسْتَجِيبَ لِلْعِلَاجِ مَهْمَا قَدَّمَ لَهُ مِنَ الدَّوَاءِ وَالْعَمَلِ الْجِرَاحِيِّ، فَمَابَالُكَ اَخِي بِالطَّبِيبِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ اَكْرَمِ الْاَكْرَمِينَ عَلَى مَخْلُوقِهِ الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ؟ نَعَمْ اَخِي: اَللهُ تَعَالَى كَانَ يَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ اَنَّ فِرْعَوْنَ لَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُمَا اِلَّا حِينَ{اَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ اَنَّهُ لَا اِلَهَ اِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو اِسْرَائِيلَ وَاَنَا مِنَ الْمُسْلِمِين(وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَافِرْعَوْنَ اَنْ تَنْجُوَ مِنْ تَدَاعِيَاتِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّآَتِ حَتَّى اِذَا حَضَرَ اَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ اِنِّي تُبْتُ الْآَنَ، وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ،اُولَئِكَ اَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً اَلِيمَا(نَعَمْ اَخِي: اَللهُ تَعَالَى كَانَ يَعْلَمُ مُسْبَقاً: اَنَّ فِرْعَوْنَ لَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُمَا، وَلَكِنْ رُبَّمَا فِرْعَوْنُ وَاَمْثَالُهُ مِنَ النَّاسِ يَحْتَجُّونَ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْلِهِمْ: يَارَبّ اَنْتَ قَاضِي الْقُضَاةِ! وَالْقَاضِي يَارَبِّ لَايَجُوزُ اَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ الْاَزَلِيِّ فِينَا مُسْبَقاً اَنَّنَا لَنْ نَسْتَجِيبَ لَهُ! وَلِذَلِكَ يَارَبِّ! كَيْفَ تُعَذِّبُنَا وَتُعَذِّبُ فِرْعَوْنَ وَاَمْثَالَهُ قَبْلَ اَنْ تُرْسِلَ اِلَيْهِمَا رَسُولاً!؟ فَيَقُولُ اللهُ: قَدْ اَرْسَلْتُ لِفِرْعَوْنَ رَسُولَيْنِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِمَا! وَقَدْ اَرْسَلْتُ اِلَيْكُمْ اَنْتُمْ اَيْضاً اَيُّهَا النَّاسُ{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُعَذِّبَ فِرْعَوْنَ قَبْلَ اَنْ يُرْسِلَ اِلَيْهِ رَسُولاً، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي اَخَذَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ اَنْ يَاْخُذَهُ عَلَى مَخْلُوقَاتِهِ جَمِيعاً وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة( وَلِذَلِكَ اَرْسَلَ سُبْحَانَهُ مُوسَى رَحْمَةً لِبَنِي اِسْرَائِيلَ، وَاَرْسَلَ مُحَمَّداً رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ وَمِنْ غَيْرِ بَنِي اِسْرَائِيلَ، بَلْ رَحْمَةً لِلْمَخْلُوقَاتِ جَمِيعاً مِنَ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ، عَلَيْهِ وَعَلَى اَخِيهِ مُوسَى الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى سَبَبٍ مِنْ اَسْبَابِ نُزُولِ الْآَيَاتِ فِي سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ وَهُوَ مَايُسَمَّى بِصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَمَاهِيَ قِصَّةُ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ هَذَا؟ نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا جَاءَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِيَعْتَمِرَ وَمُنِعَ مِنْ دُخُولِ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ! ثُمَّ حَصَلَتْ مُفَاوَضَاتٌ مَابَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ وَمَابَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَرْاَسُهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ نَتِيجَةُ هَذِهِ الْمُفَاوَضَاتِ: اَنَّهَا تَمَخَّضَتْ عَنْ صُلْحٍ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَهَذَا الصُّلْحُ مُدَّتُهُ عَشْرُ سَنَوَاتٍ، وَكَانَ مِنْ بُنُودِ الصُّلْحِ الَّذِي اَثَارَ مَشَاعِرَ الْمُسْلِمِينَ وَاَثَارَ اعْتِرَاضَهُمْ عَلَيْهِ: اَنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ اَهْلِ مَكَّةَ اِلَى الْمُسْلِمِينَ؟ فَمَثَلاً: رَجُلٌ مُشْرِكٌ كَافِرٌ فِي مَكَّةَ اَسْلَمَ وَاَرَادَ اَنْ يَلْحَقَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْمَدِينَةِ، فَعَلَى رَسُولِ اللهِ اَنْ يَرُدَّهُ اِلَى الْمُشْرِكِين! نَعَمْ اَخِي: وَبِالْعَكْسِ: لَوْ اَنَّ مُسْلِماً مَثَلاً اِرْتَدَّ فِي الْمَدِينَةِ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ فِي مَكَّةَ، فَلَا تُلْزَمُ قُرَيْشٌ بِاَنْ تُعِيدَهُ اِلَى رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، نَعَمْ اَخِي: وَطَبْعاً حينما نَنْظُرُ نَظْرَةً عَابِرَةً اِلَى هَذَا الصُّلْحِ الْحُدَيْبِيِّ ،فَاِنَّ هَذَا فِيهِ ظُلْمٌ كَبِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ حِينَمَا يَرُدُّ الْمُسْلِمُونَ مَنْ اَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِلَى الْمُشْرِكِينَ وَالْعَكْسُ غَيْرُ صَحِيح!!! وَلِذَلِكَ كَانَ هُنَاكَ مِنَ الْمُعْتَرِضِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَلَى رَاْسِهِمْ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، نَعَمْ اَخِي: فَذَهَبَ عُمَرُ يَشْكُو مَافِي نَفْسِهِ اِلَى اَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا! فَمَاذَا قَالَ لَهُ اَبُو بَكْرٍ؟ نَعَمْ اَخِي: قَالَ لَهُ: اِلْزَمْ غِرْزَهُ فَاِنَّهُ رَسُولُ الله، نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا تَصْعَدُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، فَاِنَّكَ تَضَعُ رِجْلَكَ فِي رِكَابِهَا، وَهَذَا الرِّكَابُ يُسَمَّى الْغِرْزَ، وَالْمَعْنَى: اَنَّ اَبَا بَكْرٍ يَقُولُ لِعُمَرَ: كُنْ وَرَاءَهُ وَلَاتُخَالِفْهُ فِي شَيْء، نَعَمْ اَخِي: فَلَمْ يَشْفِ هَذَا الْكَلَامُ مَافِي صَدْرِ عُمَرَ مِنَ الْغَيْظِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَذَهَبَ اِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُغْضَباً مُغْتَاظاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ اَشَدَّ الْغَيْظِ! فَاَجَابَهُ الرَّسُولُ الدَّاعِيَةُ اِلَى اللهِ بِكُلِّ تُؤَدَةٍ وَهُدُوءٍ؟ لِاَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَعْلَمُ: اَنَّ عُمَرَ اِنْسَانٌ يُرِيدُ اَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ وَالْحَقِيقَةَ وَاِنْ كَانَ اُسْلُوبُهُ قَاسِياً فِي التَّحَرِّي وَالتَّفْتِيشِ عَنِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُعَنِّفْهُ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ! وَلَمْ يُوَبِّخْهُ، وَلَمْ يَحْقِدْ عَلَيْهِ* (فَلِمَاذَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ نُعَنِّفُ الدُّعَاةَ اِلَى اللهِ وَنُوَبِّخُهُمْ وَنَحْقِدُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُرْشِدُونَنَا اِلَى الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ وَاِنْ كَانَ اُسْلُوبُهُمْ قَاسِياً فِي الدَّعْوَةِ اِلَى الله!؟ لِمَاذَا نَتَحَمَّلُ الطَّبِيبَ الْمُعَالِجَ حِينَمَا يُعَنِّفُنَا بِاَقْسَى الْكَلَامِ مِنْ اَجْلِ اَنْ نَتْرُكَ التَّدْخِينَ! اَوْ مِنْ اَجْلِ اَنْ نَحْتَمِيَ مِنْ اَكْلِ الْحَلْوَى الَّتِي تَزِيدُ الدَّاءَ السُّكَّرِيَّ لِلْمُصَابِينَ بِهِ خُطُورَةً! وَلَانَتَحَمَّلُ الدُّعَاةَ اِلَى اللهِ حِينَمَا يُعَنِّفُونَنَا بِاَقْسَى الْكَلَامِ مِنْ اَجْلِ اَنْ نَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ! نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَدْ يَحْتَجُّ عَلَيَّ الْبَعْضُ مِنْكُمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ مَادَخَلَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ اِلَّا زَانَه! وَمَانُزِعَ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا شَانَه( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَقَدْ يَحْتَجُّ عَلَيَّ الْبَعْضُ مِنْكُمْ اَيْضاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُون{اِذْهَبَا اِلَى فِرْعَوْنَ اِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ اَوْ يَخْشَى(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَلَكِنَّكُمْ مَعَ الْاَسَفِ دَائِماً وَاَبَداً تَتَجَاهَلُونَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى اَرْسَلَ مُوسَى وَهَارُونَ اِلَى فِرْعَوْنَ بِالْعَصَا! وَالْعَصَا لِمَنْ عَصَى! قَبْلَ اَنْ يُرْسِلَهُمَا بِالْقَوْلِ اللَّيِّنِ الى فرعون! بَلْ قَبْلَ اَنْ يَذْكُرَ لَهُمَا سُبْحَانَهُ شَيْئاً عَنِ الْقَوْلِ اللَّيِّنِ! فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِل{وَمَاتِلْكَ بِيَمِينِكَ يَاموُسَى(اِلَى اَنْ قَالَ{اذْهَبَا اِلَى فِرْعَوْنَ(بِهَذِهِ الْعَصَا{اِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ( نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ لَعَلَّهُ: يَقُولُ عَنْهَا عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ اَنَّهَا اِذَا قَالَهَا اللهُ تَعَالَى فَقَدْ وَجَبَتْ! بِمَعْنَى اَنَّ فِرْعَوْنَ لَابُدَّ اَنْ يَتَذَكَّرَ اَوْ يَخْشَى! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاء: نَعَمْ لَقَدْ وَجَبَتْ اِلَّا مَعَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ اَمْثَالَ فِرْعَوْن، وَفِعْلاً: فقَدْ وَجَبَتْ حِينَمَا مَرَّتْ لَحَظَاتٌ خَاطِفَةٌ وَسَرِيعَةٌ مِنَ الْغَرَقِ مَعَ الظَّالِمِينَ اَمْثَالِ فِرْعَوْنَ تَذَكَّرُوا فِيهَا وَخَشُوا مِنَ اللهِ وَخَافُوا مِنْهُ اَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِمْ سَخَطَهُ وَعَذَابَهُ، وَلَكِنَّهُمْ مَالَبِثُوا اَنْ عَانَدُوا وَاَصَرُّوا عَلَى ضَلَالِهِمْ وَكُفْرِهِمْ! بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ اِبْرَاهِيمَ{فَرَجَعُوا اِلَى اَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا: اِنَّكُمْ اَنْتُمُ الظَّالِمُونَ! ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ! لَقَدْ عَلِمْتَ مَاهَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ( وَلِذَلِكَ نَحْنُ نَقُولُ عَنْ كَلِمَةِ لَعَلَّهُ: اَنَّهَا وَجَبَتْ مِنَ اللهِ مَعَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ بِخَوْفِهِمْ وَخَشْيَتِهِمْ مِنَ اللهِ! وَلَكِنْ بِلَحَظَاتٍ خَاطِفَةٍ سَرِيعَةٍ لَاتَلْبَثُ اَنْ تَضْمَحِلَّ وَتَتَبَخَّرَ وَتَتَلَاشَى وَتَخْتَفِي، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ: قَدْ يَصْحُو ضَمِيرُهُمْ لِفَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ اِلَى مَنْ يُثَبِّتُ لَهُمْ هَذَا الصَّحْوَ الضَّمِيرِيَّ وَهَذَا الْاِيمَانَ الَّذِي جَاءَهُمْ فَجْاَةً، فَعَلَى الدُّعَاةِ اِلَى اللهِ هُنَا اَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ فِي دَعْوَتِهِمْ اِلَى اللهِ؟ لِاَنَّهَا فُرْصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ جَاءَتْ لِهَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ لِيُعْلِنُوا تَوْبَتَهُمْ وَرُبَّمَا لَنْ تَتَكَرَّرَ بَعْدَهَا اَبَداً! وَلَاشَكَّ اَنَّ عَلَى الدُّعَاةِ هُنَا عِبْئاً كَبِيراً وَحِمْلاً ثَقِيلاً فِيمَا سَيُوَاجِهُونَهُ مِنْ اَصْعَبِ الْاَسَالِيبِ فِي دَعْوَتِهِمْ اِلَى اللهِ؟ لِتَثْبِيتِ اِيمَانِهِمْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ عَلَى الدُّعَاةِ هُنَا: اَنْ يَنْتَقُوا مِنَ الْكَلِمَاتِ الْمُؤَثِّرَةِ مَايُثَبِّتُ اِيمَانَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ اَكْثَرَ فَاَكْثَر اِلَى اَنْ يَرْبِطَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِالتَّوْبَةِ وَالْاِيمَانِ وَلاَيُفْلِتَ شَيْءٌ مِنْهُمَا مِنْ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ اَبَداً، وَعَلَى الدُّعَاةِ اَنْ يَعْمَلُوا دَائِماً بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ! وَهِيَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ اِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ فِي قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ غِلَّاً وَحِقْداً وَضَغِينَةً وَكُرْهاً وَحَسَداً وَعَدَاءً عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ وَفِي يَدِ اَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ اَوْ بِذْرَةٌ صَغِيرَةٌ جِدّاً مِنَ الْخَيْرِ لَاتَكُادُ تُرَى بِالْعَيْنِ الْمُجْرَّدَةِ، فَلْيَغْرِسْهَا فِي قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ وَلَايَقْطَعِ الْاَمَلَ مِنْ هَدَايَتِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ اِلَى اللهِ اَبَداً(اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، وَعَلَى الدُّعَاةِ هُنَا: اَنْ يَدْعُوا لَهُمْ دَائِماً بِقَوْلِهِمْ: اَللَّهُمَّ يَامُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ عَلَى الْاِيمَانِ، وَلَايَيْاَسُوا مِنْ هِدَايَتِهِمْ اَبَداً، فَلَقَدْ اَسْلَمَ ابْنُ الْخَطَّابِ وَكَانَ النَّاسُ جَمِيعاً يَتَوَقَّعُونَ اَنْ يُسْلِمَ حِمَارُ ابْنُ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَكُونُوا اَبَداً يَتَوَقَّعُونَ اَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الَّذِي كَانَ فِرْعَوْنَ قُرَيْشٍ قَبْلَ اَنْ يُسْلِمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)* نَعَمْ اَخِي: فَقَالَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ: اَلَسْتَ بِرَسُولِ الله! فَقَالَ: نَعَمْ اَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه! فَقَالَ عُمَرُ: اَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِل! فَقَالَ: بَلَى نَحْنُ عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِل! فَقَالَ: اِذاً لِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا!(نَعَمْ اَخِي: وَالدَّنِيَّةُ هِيَ الذُّلُّ، وَالْمَعْنَى: لِمَاذَا نُذِلُّ اَنْفُسَنَا طَالَمَا نَحْنُ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى بَاطِل! فَقَالَ: اَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَلَنْ يَخْذُلَنِي الله!(وَالْمَعْنَى: اَنَّهُ سَيَحْدُثُ شَيْءٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُقَدِّرُهُ اللهُ، وَسَيَتَبَيَّنُ لَكُمْ اَيُّهَا الْمُعْتَرِضُونَ وَاَنْتَ مِنْهُمْ يَاعُمَرُ: اَنِّي عَلَى حَقّ! نَعَمْ اَخِي: فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ نَعَمْ اَخِي: حَدَثَ اَنَّ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُكْنَى اَبَا بَصِيرٍ، اَسْلَمَ فِي مَكَّةَ، وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ فِي الْمَدِينَةِ، وَطَبْعاً تَبِعَهُ الْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَهُ تَنْفِيذاً لِبُنُودِ الصُّلْحِ الْحُدَيْبِيِّ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ: نَعَمْ سَاُعْطِيكُمْ اِيَّاهُ! فَقَالَ اَبُو بَصِيرٍ: يَارَسُولَ اللهِ! اَتُسَلِّمُنِي لَهُمْ بِهَذِهِ الْبَسَاطَة! فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: نَعَمْ مَعَ الْاَسَفِ؟ لِاَنَّ الْعَهْدَ لَابُدَّ اَنْ يُنَفَّذَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَدُوِّنَا، نَعَمْ اَخِي: وَاتَّفَقَ اَنْ جَاءَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلَانِ، فَاَخَذَا اَبَا بَصِيرٍ هَذَا لِيُسْلِمَاهُ اِلَى الْعَذَابِ فِي مَكَّةَ؟ بِسَبَبِ تَرْكِهِ دِينَ آَبَائِهِمْ وَاَجْدَادِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، وَبَيْنَما هُمَا يَمْشِيَانِ بِهِ اِلَى مَكَّةَ، نَزَلُوا جَمِيعاً تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ؟ لِيَرْتَاحُوا مِنْ عَنَاءِ السَّفَرِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ اَبُو بَصِيرٍ يَعْلَمُ اَنَّ خَارِجَ الْمَدِينَةِ لَيْسَ لِرَسُولِ اللهِ حُكْمٌ وَلَاسُلْطَةٌ عَلَيْهِ، فَمَاذَا قَالَ اَبُو بَصِير لِهَذَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ الْكَافِرَيْنِ؟ نَعَمْ اَخِي: قَالَ لِاَحَدِهِمَا الَّذِي يَحْمِلُ السَّيْفَ: مَاشَاءَ اللهُ! مَاهَذَا السَّيْفُ الرَّائِعُ الَّذِي مَعَكَ! هَذَا فِعْلاً سَيْفٌ لَاتَسْتَحِقُّهُ اِلَّا هَذِهِ الْيَدُ الَّتِي تُمْسِكُ بِهِ! وَيَبْدُو اَنَّكَ مُحَارِبٌ شُجَاعٌ! وَاَنَّكَ ضَرَّابُ سَيْفٍ! وَاَنَّ سَيْفَكَ هذا حُسَامٌ بَتَّارٌ قَاطِعٌ! وَاَنَّهُ كَذَا وَكَذَا! وَاَنَّكَ كَذَا وَكَذَا! نَعَمْ اَخِي: فَاَخَذَ اَبُو بَصِيرٍ يَخْدَعُهُ وَيَمْكُرُ بِهِ وَيُرَاوِدُهُ عَنْ سَيْفِهِ حَتَّى اَلَانَهُ وَجَعَلَهُ يَاْمَنُ جَانِبَهُ بِمَا اَشْبَعَهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمَعْسُولِ الَّذِي يَجْلِبُ لِمَنْ يَسْمَعُهُ مَزِيداً مِنَ الْغُرُورِ وَالذُّهُولِ الَّذِي يُغَطِّي عَلَى عَقْلِ اَكْبَرِ عَبْقَرِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَيَجْعَلُهُ اَحْمَقَ غَبِيّاً! فَقَالَ لَهُ اَبُو بَصِيرٍ: اَرِنِي هَذَا السَّيْفَ، نَعَمْ اَخِي: فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْمُشْرِكِ الْغَبِيِّ اِلَّا اَنْ اَعْطَاهُ السَّيْفَ! فَاَمْسَكَ اَبُو بَصِيرٍ بِالسَّيْفِ! فَقَطَعَ رَاْسَ هذا الْمُشْرِكِ الْغَبِيِّ! فَمَا كَانَ مِنْ صَاحِبِهِ الْمُشْرِكِ الْآَخَرِ اِلَّا اَنْ وَلَّى الْاَدْبَارَ وَفَرَّ هَارِباً اِلَى مَكَّة، نَعَمْ اَخِي: فَعَادَ اَبُو بَصِيرٍ اِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ لَا ! لَايَجُوزُ اَنْ اُبْقِيَكَ هُنَا! نَعَمْ اَخِي: فَمَا كَانَ مِنْ اَبُو بَصِيرٍ هَذَا اِلَّا اَنْ خَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ مَكْسُورَ الْخَاطِرِ وَاسْتَوْطَنَ فِي مَكَانٍ مَابَيْنَ الشَّامِ وَمَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْقَوَافِل، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْتَضْعَفُونَ فِي مَكَّةَ اَنَّ اَبَا بَصِيرٍ هَذَا مَوْجُودٌ فِي مَكَانِ كَذَا، اَخَذُوا يَهْرُبُونَ اِلَيْهِ وَيُعَفِّرُونَ عِنْدَهُ وَيَتَعَرَّضُونَ لِقَوَافِلِ قُرَيْشٍ غَصْباً وَسَلْباً وَنَهْباً؟ مِنْ اَجْلِ اسْتِرْجَاعِ حُقُوقِهِمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الَّتِي اَخَذَهَا الْكُفَّارُ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي مَكَّةَ وَعَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ، فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ، سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا( نَعَمْ اَخِي: فَمَا كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ؟ اِلَّا اَنْ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ(ضُمَّهُمْ اِلَيْكَ! وَاَرِحْنَا مِنْهُمْ! نَعَمْ اَخِي: وَمَرَّتِ الْاَيَّامُ، وَمَازَالَ اَبُو بَصِيرٍ مُعَسْكِراً خَارِجَ الْمَدِينَةِ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، فَلَمَّا جَاءَ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَاْمُرُهُمْ بِاَنْ يَنْضَمُّوا اِلَى الْمَدِينَةِ، كَانَ اَبُو بَصِيرٍ يُنَازِعُ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، فَاَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ، فَقَرَاَهُ، وَشَمَّهُ، وَقَبَّلَهُ، وَضَمَّهُ اِلَى صَدْرِهِ، وَمَا اِنِ انْتَهَى مِنْهُ اِلَّا وَقَدْ فَارَقَ الْحَيَاةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ، فَقَدْ كَانَ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ، وَبِفَضْلِ اللهِ، ثُمَّ بِفَضْلِ رَسُولِهِ وَصَحَابَتِهِ وَآَلِهِ، ثُمَّ بِفَضْلِ اَبُو بَصِيرٍ، قَوِيَتْ شَوْكَةُ الْاِسْلَامِ كَثِيراً بَعْدَ ذَلِكَ، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى نَظْرَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَيْفَ كَانَتْ نَظْرَةً حَكِيمَة! نَعَمْ اَخِي: وَنَتَحَوَّلُ الْآَنَ تَحَوُّلاً سَرِيعاً عَوْداً عَلَى بَدْءٍ اِلَى بُنُودِ هَذَا الصُّلْحِ الْحُدَيْبِيِّ، وَمِنْهَا بَنْدٌ ظَالِمٌ يُرَدُّ بِمُوجَبِهِ الْمُسْلِمُ اِلَى مَكَّةَ، وَلَاتُلْزَمُ قُرَيْشٌ بِاِعَادَةِ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ اِلَى الْمَدِينَة، نَعَمْ اَخِي: وَالشَّيْءُ الْمُلْفِتُ لِلنَّظَرِ هُنَا: هُوَ اَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يُذْكَرْنَ فِي هَذَا الصُّلْحِ الْحُدَيْبِيِّ! فَلَوْ اَنَّ امْرَاَةً مُشْرِكَةً اَسْلَمَتْ وَجَاءَتْ اِلَى مُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَدِينَةِ، وَبِالْعَكْسِ فِيمَا لَوْ اَنَّ امْرَاَةً مُسْلِمَةً اِرْتَدَّتْ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ وَلَحِقَتْ بِمُعَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ فِي مَكَّةَ، فَمَاذَا تَكُونُ النَّتِيجَةُ؟ هَلْ تُلْزَمُ قُرَيْشٌ بِاِعَادَةِ الْمَرْاَةِ الْمُرْتَدَّةِ عَنْ دِينِهَا اِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُسْتَتَابَ وَيُخَلَّى سَبِيلُهَا فِيمَا لَوْ تَابَتْ اَوْ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُقْتَلَ فِيمَا لَوْ اَصَرَّتْ عَلَى رِدَّتِهَا؟ وَهَلْ يُلْزَمُ رَسُولُ اللهِ بِاِعَادَةِ الْمَرْاَةِ الْمُشْرِكَةِ الَّتِي اَسْلَمَتْ اِلَى قَوْمِهَا مِنْ اَجْلِ اَنْ تَنَالَ حِصَّتَهَا مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعَذَابِ بِسَبَبِ تَرْكِهَا دِينَ الْآَبَاءِ وَالْاَجْدَادِ الْكَافِرين؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: دَعْنَا الْآَنَ نَعُودُ بِعَقَارِبِ السَّاعَةِ اَيْضاً شَيْئاً قَلِيلاً اِلَى الْوَرَاءِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ حَصَلَ فِيهِ هَذَا الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ تُذْكَرِ النِّسَاءُ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ مِنَ الصُّلْحِ الْحُدَيْبِيِّ! وَلِذَلِكَ حَاوَلَتْ بَعْضُ النِّسَاءِ اللَّحَاقَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي وَقْتٍ كَانَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ مَازَالُوا قَرِيبِينَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَخْرُجُوا بَعِيداً عَنْهَا، فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا: نَحْنُ نُرِيدُ هَؤُلَاءِ النِّسَاءَ، فَاَرَادَ اللهُ تَعَالَى اَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ: اَنَّ لِهَؤُلَاءِ النِّسَاءِ حُكْماً خَاصَّاً يَسْتَثْنِي النِّسَاءَ مِنْ بُنُودِ الْمُعَاهَدَةِ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَيْهَا مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي الَّذِي نَزَلَ مِنْ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ(مِنَ الِامْتِحَانِ وَهُوَ الِاخْتِبَارُ، أَيْ فَاخْتَبِرُوهُنَّ{فَاِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ، فَلَاتَرْجِعُوهُنَّ اِلَى الْكُفَّار(نَعَمْ اَخِي: فَكَانَ يُؤْتَى بِهَذِهِ الْمَرْاَةِ، وَتُسْتَحْلَفُ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: اَنَّهَا مَاخَرَجَتْ اِلَّا هَارِبَةً فَارَّةً بِدِينِهَا، وَلَاتُرِيدُ اَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ اَرْضٍ اِلَى اَرْضٍ مِنْ اَجْلِ النُّزْهَةِ وَالسِّيَاحَةِ، وَلَاهِيَ تَكْرَهُ زَوْجَهَا الْمُشْرِكَ؟؟ وَلَاتُرِيدُ الدُّنْيَا فِي هِجْرَتِهَا اِلَى الْمَدِينَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَطَبْعاً اِذَا اَرَدْنَا اَنْ نَعُودَ بِعَقَارِبِ السَّاعَةِ مَرَّةً اُخْرَى اِلَى الْوَرَاءِ، سَنَجِدُ اَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ شَرْعاً اَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ مُشْرِكٍ كَافِرٍ! لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ زَوَاجٍ وَطَلَاقٍ وَحَلَالٍ وَحَرَامٍ، لَمْ تَاْتِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الظُّرُوفَ الْحَرِجَةَ الَّتِي كَانَ يَمُرُّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَّةَ وَهُمَ فِي حَالَةٍ مِنَ الضَّعْفِ الشَّدِيدِ، كَانَتْ لَاتُسَاعِدُهُمْ عَلَى اَنْ يَاْمُرُوا هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ بِمُفَارَقَةِ اَزْوَاجِهِنَّ الْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ، وَاِنَّمَا حَصَلَ التَّحْرِيمُ لِزَوَاجِ الْمُؤْمِنَةِ مِنَ الْكَافِرِ الْمُشْرِكِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اِلَى الْمَدِينَة، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتِ الْمَرْاَةُ تُسْتَحْلَفُ بِذَلِكَ، فَاِذَا حَلَفَتْ وَاَقْسَمَتْ بِاللهِ، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى{فَاِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ اِلَى الْكُفَّار(نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا اُرِيدُ اَنْ اَسْاَلَكَ سُؤَالاً مُهِمّاً جِدّاً وَهُوَ التَّالِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{فَاِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات(فَهَلْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ اَنِ امْتَحَنُوهُنَّ اَنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ مُؤْمَنَاتٍ حَقَّ الْاِيمَانِ مِنْ قُلُوبِهِنَّ؟ اَمْ رُبَّمَا هُنَّ مُؤْمِنَاتٍ بِاَلْسِنَتِهِنَّ فَقَطْ كَاِيمَانِ الْمُنَافِقَات؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ عَلِمُوا ذَلِكُمُ الْاِيمَانَ بِاَلْسِنَتِهِنَّ فَقَطْ! لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْقَلْبَ لَايَطَّلِعُ عَلَيْهِ اِلَّا الله! وَلِذَلِكَ يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام:[ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ! وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِر!( نَعَمْ اَخِي: سَرِيرَةُ الْاِنْسَانِ: اَللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهَا! نَعَمْ اَخِي: وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَاءَ اَيْضاً قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَرِيباً مِنْ مَعْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَنْ خَدَعَنَا فِي اللهِ، انْخَدَعْنَا لَهُ، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَلَّا نَكُونَ عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رُبَّمَا آَمَنُوا بِاَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{فَاِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ(وَلَوْ بِالظَّاهِرِ{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ اِلَى الْكُفَّارِ، لَاهُنَّ حِلٌّ لَهُمْ، وَلَاهُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ(نَعَمْ اَخِي: اِعْتِبَاراً مِنَ الْآَنَ فَصَاعِداً، لَايَجُوزُ لِلْمَرْاَةِ الْمُسْلِمَةِ اَنْ تَكُونَ تَحْتَ عِصْمَةِ مُشْرِكٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ اَعْجَبَكُمْ(نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{وَآَتُوهُمْ مَااَنْفَقُوا(يَاسَلَامْ عَلَى عَدَالَةِ الْاِسْلَام!!! فَاِذَا حَصَلَتْ مُفَارَقَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَةِ وَالْمُشْرِكِ، وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ هَذِهِ الظُّرُوفِ الْحَرِجَةِ الَّتِي مَرَّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، وَالَّتِي رُبَّمَا يَتَقَوَّى بِهَا اَعْدَاءُ الْاِسْلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْاَمْوَالِ الَّتِي يَاْخُذُونَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ: فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى الْعَدْلَ مُقْتَرِناً بِاَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ السَّمْحَاءِ! فَمَاهُوَ هَذَا الْعَدْلُ! هُنَا؟
المفضلات