الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن والاهم وبعد: فَاِنَّ كَثِيراً مِنَ الْاَبْنَاءِ يَبْعَثُونَ لَنَا بِرَسَائِلَ كَثِيرَةٍ يَشْتَكُونَ فِيهَا مِنْ عُقُوقِ آَبَائِهِمْ لَهُمْ وَظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ وَجَبَرُوتِهِمْ عَلَيْهِمْ! وَقَدْ بَعَثَ اِلَيْنَا اَحَدُهُمْ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: اَنَا مُحْتَاجٌ وَفَقِيرٌ جِدّاً، وَفِي الْوَقْتِ الْحَالِي اَنَا بِحَاجَةٍ اِلَى اِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ مُكْلِفَة، وَقَدْ اَمُوتُ اِذَا لَمْ اَقُمْ بِاِجْرَائِهَا، وَقَدْ طَلَبْتُ مِنْ وَالِدِي وَسَاَلْتُهُ اَنْ يُسَاعِدَنِي، فَنَهَرَنِي بِقُوَّة، فَفَقَدْتُّ اَعْصَابِي وَنَهَرْتُهُ بِالْمِثْلِ، فَزَجَرَنِي اَحَدُ الْحَاضِرِينَ مِنْ مَشَايِخِ اَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ اَحْضَرْتُهُم لِيَكُونُوا عَوْناً لِي عَلَى طَلَبِ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ اَبِي عَسَى وَلَعَلَّ اَنْ يَرْاَفَ بِحَالَتِي؟ لِاَنِّي اَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ اَنَّ اَبِي يَمْلِكُ الْقَنَاطِيرَ الْمُقَنْطَرَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْاَنْعَامِ وَالْحَرْثِ مِنْ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدَّنْيَا وَاَنَّ بِاِمْكَانِهِ مُسَاعَدَتِي! وَلَكِنَّهُ يُسَاعِدُ بَقِيَّةَ اَبْنَائِهِ بِسَخَاءٍ! وَلَايُسَاعِدُنِي! وَاَخِيراً وَدُونَ جَدْوَى، لَمْ اَسْتَفِدْ شَيْئاً مِنْ حُضُورِ الْمَشَايِخِ الْكِرَامِ سِوَى زَجْرِهِمْ لِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى{اِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ اَحَدُهُمَا اَوْ كِلَاهُمَا، فَلَاتَقُلْ لَهُمَا اُفٍّ وَلَاتَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمَا(فَمَاذَا اَفْعَلُ؟ اَفِيدُونِي جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً، اِنْتَهَى كَلَامُ السَّائِلِ، وَنَقُولُ رَدّاً عَلَى سُؤَالِهِ:لَقَدْ بَحَثْنَا كَثِيراً يَابُنَيِّ فِي الْقُرْآَن ِالْكَرِيمِ فَلَمْ نَجِدْ لَكَ مَخْرَجاً، فَلَابُدَّ لَكَ مِنْ اَنْ تَبَرَّ اَبَاكَ وَاُمَّكَ؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي اَوَامِرَ صَارِمَةٍ جِدّاً وَقَدْ اَصْدَرَهَا سُبْحَانَهُ فِي مَحْكَمَةٍ رَبَّانِيَّةٍ مَهِيبَةٍ وَصَارِمَةٍ جِدّاً اَيْضاً وَلَامَخْرَجَ مِنْهَا اَبَداً{وَقَضَى رَبُّكَ اَلَّا تَعْبُدُوا اِلَّا اِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَانَا{اَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ اِلَيَّ الْمَصِير(وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ نَقُولُ لِمَشَايِخِ الضَّلَالِ الَّذِينَ اَحْضَرْتَهُمْ مَعَك{اَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ(اَيْنَ اَنْتُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى!؟ بَلْ كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى{وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى( أَيْ وَبِذِي الْقُرْبَى اِحْسَاناً اَيْضاً، اَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِنْ ذِي الْقُرْبَى الَّذِينَ اَمَرَ اللهُ اَبَاهُ قَبْلَ اَنْ يَاْمُرَكُمْ اَنْتُمْ اَيْضاً بِالْاِحْسَانِ اِلَيْهِ يَاعُبَّادَ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَة، بَلْ كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ(اَلَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَرْحَامِ الَّذِينَ اَمَرَ اللهُ اَبَاهُ بِالْاِحْسَانِ اِلَيْهِمْ وَصِلَتِهِمْ قَبْلَ اَنْ يَاْمُرَكُمْ يَامَنْ تَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللِه بِقَطِيعَتِكُمْ لِاَرْحَامِهِ وَاَرْحَامِكُمْ؟ اَلَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ السَّائِلُ مِنْ اَقْوَى الْاَرْحَامِ الَّذِينَ اَمَرَ اللهُ اَبَاهُ الْمَلْعُونَ بِصِلَتِهِمْ وَالْاِحْسَانِ اِلَيْهِمْ وَعَدَمِ قَطِيعَتِهِمْ؟ اَلَيْسَ اَقْوَى رَحِماً؟ بَلْ اَلَيْسَ اَقْرَبَ رَحِماً لِهَذَا الْاَبِ الظَّالِمِ مِنْ جَمِيعِ اَرْحَامِهِ بِمَا فِيهِمْ مِنْ اَخِيهِ وَاُخْتِهِ وَعَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالِهِ وَخَالَتِهِ وَابْنِ اَخِيهِ وَابْنِ اُخْتِهِ اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ اَوْلَادِ الْعُمُومَةِ وَاَوْلَادِ الْاَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَغَيْرِهِمْ؟ وَهَلْ يَقْبَلُ اللهُ صَدَقَةً مِنْ هَذَا الْاَبِ الظَّالِمِ عَلَى اَرْحَامِهِ كَاَخِيهِ وَاُخْتِهِ وَغَيْرِهِمْ وَفِي اَوْلَادِهِ اِنْسَانٌ مُحْتَاج؟ ثُمَّ مَنْ قَالَ لَكُمْ اَنَّهُ يَحِقُّ لِهَذَا الْاَبِ الظَّالِمِ شَرْعاً اَنْ يَقُولَ لِوَلَدِهِ اُفٍّ اَوْ يَنْهَرَهُ وَقَدْ سَاَلَهُ حَاجَةً مَاسَّةً تَتَعَلَّقُ بِمَسْاَلَةِ حَيَاةٍ اَوْ مَوْتٍ وَهِيَ اَنْ يُسَاعِدَهُ بِاَمْوَالِهِ فِي اِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ عَاجِلَة؟! فَكَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ قَوْلَ اللهِ فِي سُورَةِ الضُّحَى{وَاَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ(وَهَلْ نَسْتَحِقُّ نَحْنُ وَاَنْتُمْ وَهَذَا السَّائِلُ وَاَبُوهُ اَنْ نَكُونَ جَمِيعاً مِسْمَاراً وَاحِداً فِي نَعْلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله!؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِذَا كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ لَايَحِقُّ لَهُ شَرْعاً اَنْ يَقُولَ لِلسَّائِلِ اُفٍّ اَوْ يَنْهَرَه بَلْ لَايَحِقُّ لَهُ حَتَّى اَنْ يَعْبَسَ فِي وَجْهِهِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{عَبَسَ وَتَوَلَّى اَنْ جَاءَهُ الْاَعْمَى( فَكَيْفَ يَحِقُّ لَكُمْ اَوْ لِهَذَا الْاَبِ الظَّالِمِ اَنْ يَقُولَ لِوَلَدِهِ اُفٍّ اَوْ يَنْهَرَه؟! هَلْ سَتَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى اَيُّهَا الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاءُ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ{مَاكَانَ مُحَمَّدٌ اَبَا اَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ( بَلْ كَيْفَ يَحِقُّ لَكُمْ اَنْتُمْ اَنْ تَقُولُوا لَهُ اُفٍّ اَوْ تَنْهَرُوهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{فَلَاتَقُلْ لَهُمَا اُفٍّ وَلَاتَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمَا{وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَاناً(اِنَّهَا كَلِمَةُ حَقٍّ اَرَادَ بِهَا مَشَايِخُ الْحَمَاقَةِ وَالْغَبَاءِ هَؤُلَاءِ بَاطِلاً مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَل؟ لِاَنَّهُمْ تَجَاهَلُوا جَمِيعَ الْآَيَاتِ الَّتِي تَاْمُرُ بِالْاِحْسَانِ اِلَى الْاَوْلَادِ كَمَا اَمَرَتْ بِالْاِحْسَانِ اِلَى الْآَبَاءِ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمِثْلِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{هَلْ جَزَاءُ الْاِحْسَانِ اِلَّا الْاِحْسَان، فَبِاَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان( نَعَمْ يَامَشَايِخَ الْجَهْلِ وَالْحَمَاقَةِ مِنَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ كَيْفَ تُكَذِّبُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِ اللهِ الَّتِي اَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ فِي قَوْلِهِ تعالى{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً(أَيْ اَرْحَاماً{وَصِهْرَا( نَعَمْ ايها الاخوة: وَقَدْ تَاْتِي كَلِمَةُ السَّائِلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَمَّا السَّائِلَ فَلَاتَنْهَرْ(بِمَعْنَى طَالِبِ الْعِلْم وَكَمْ مِنَ الْآَبَاءِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَنْهَرُونَ اَبْنَاءَهُمْ بِاَقْبَحِ الْاَلْفَاظِ حِينَمَا يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ بِحُجَّةِ اَنَّهُ يَقْطَعُ اَرْزَاقَهُمْ وَلَايُؤَمِّنُ لَهُمْ لُقْمَةَ الْعَيْشِ وَلَكِنَّهُمْ بِالْمُقَابِلِ كَمْ يَجْلِبُونَ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ وَيَسْتَرْزِقُونَ مِنْ شَتِيمَةِ الْاِلَهِ وَمِنْ مَسَبَّةِ الدِّينِ وَالْآَلِ وَالْاَزْوَاجِ وَالْاَصْحَابِ وَالطَّعْنِ فِي الْاِسْلَامِ لَابَيَّضَ اللهُ وُجُوهَهُمْ اَمَامَ اَعْدَاءِ اللهِ الَّذِينَ تَنْشَرِحُ صُدُورُهُمْ بِهَذِهِ الشَّتَائِمِ وَيُعْطُونَهُمْ عَلَيْهَا مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ مُكَافَاَةُ لَهُمْ عَلَى شَتْمِ اللهِ وَالطَّعْنِ عَلَى دِينِ الْاِسْلَامِ وَلَابَارَكَ اللهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْاَمْوَال، وَنَقُولُ لِاَعْدَاءِ اللهِ هَؤُلَاء{لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَاتَسْتَاْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَاتَسْتَقْدِمُون{اِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللِه، فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُون، وَالَّذِينَ كَفَرُوا اِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُون( ثُمَّ نَقُولُ لِمَشَايِخِ السُّخْفِ وَالتَّفَاهَة: كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ اَيْضاً قَوْلَهُ تَعَالَى{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى(فَعَلَى أَيِّ اَسَاسٍ سَيَبْنِي هَذَا الْوَلَدُ اِحْسَانَهُ بِالْوَالِدَيْنِ اِذَا كَانَتْ اَرْضِيَّةُ الْعَدْلِ مَفْقُودَة؟ نَعَمْ اَرْضِيَّةُ الْعَدْلِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا اَبَاهُ وَاُمَّهُ اَنْ يَعْدِلَا بَيْنَ اَوْلَادِهِمَا جَمِيعاً مَفْقُودَةٌ لَاوُجُودَ لَهَا! فَكَيْفَ سَيَبْنِي هَذَا الْوَلَدُ اِحْسَانَهُ؟ هَلْ عَلَى اَرْضِيَّةٍ مِنَ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ الْاَبَوِيَّيْنِ؟! ثُمَّ كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى اَمَرَ الْوَالِدَيْنِ بِالْعَدْلِ مَعَ اَوْلَادِهِمْ قَبْلَ اَنْ يَاْمُرَ الْاَوْلَادَ بِالْاِحْسَانِ اِلَى وَالِدِيهِمْ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ الْكَرِيمَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَان( ثُمَّ كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ اَمْرَهُ تَعَالَى بِاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَقَدْ اَطْلَقَهَا هَكَذَا سُبْحَانَهُ مِنْ دُونِ تَحْدِيدٍ لِمِقْدَارِ هَذَا الْاِيتَاءِ الْقُرْبَوِيّ؟! ثُمَّ كَيْفَ تَتَجَاهَلُونَ اَيْضاً قَوْلَهُ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ [اَنَا الرَّحْمَنُ، وَاَنْتِ الرَّحِمُ، اِشْتَقَقْتُ لَكِ اسْماً مِنْ اَسْمَائِي، مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَاَصِلَنَّ مَنْ وَصَلَكِ، وَلَاَقْطَعَنَّ مَنْ قَطَعَكِ( وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ هَذَا الْاَبُ الْمَلْعُونُ الظَّالِمُ لِرَحِمِ اَوْلَادِهِ جَمِيعاً اَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اَوِ اثْنَيْنِ اَوْ ثَلَاثَة؟! ثُمَّ مَاهِيَ حُجَّةُ هَذَا الْاَبِ الظَّالِمِ الْمَلْعُونِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ عَاقّاً مَغْضُوباً مَكْرُوهاً بَغِيضاً اِلَى قَلْبِهِ شَيْطَاناً رَجِيماً؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَاحُجَّةَ لَكَ اَيُّهَا الْاَبُ الْمَلْعُونُ الْقَاطِعُ لِرَحِمِكَ فِي عَدَمِ الْعَدْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ اَوْلَادِكَ؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ{وَلَايَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى اَلَّا تَعْدِلُوا(أَيْ لَايَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُكُمْ لِاَبْنَائِكُمْ جَمِيعاً اَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اَوِ اثْنَيْنِ اَوْ ثَلَاثَةٍ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ فِيهِمْ {اِعْدِلُوا هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوَى( نعم ايها الاخوة:وَلِمَاذَا يُرَكِّزُ سُبْحَانَهُ عَلَى قَضِيَّةِ الْعَدْلِ اَكْثَرَ مِنْ تَرْكِيزِهِ عَلَى قَضِيَّةِ الْاِحْسَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: لِاَنَّ تَرْكَ الْعَدْلِ اَخْطَرُ بِكَثِيرٍ جِدّاً مِنْ تَرْكِ الْاِحْسَان؟ لِاَنَّ النُّفوُسَ جُبِلَتْ عَلىَ حُبِّهَا لِلْعَدْلِ اَكْثَرَ مِنْ حُبِّهَا لِلْاِحْسَانِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاِحْسَانَ غَالِباً يَكُونُ غَيْرَ مُفِيدٍ فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِنْسَانِي! بَلْ يَكُونُ تَرْقِيعاً لَاجَدْوَى مِنْهُ وَلَافَائِدَةَ مَعَ غِيَابِ الْعَدْلِ فِي هَذَا الْمُجْتَمَع، وَلِذَلِكَ اَدَّى تَرْكُ الْعَدْلِ دَائِماً وَتَفْعِيلُ الْاِحْسَانِ دَائِماً بِالْخَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ الْخَوَنَةِ اِلَى حَمَاقَةٍ مَعْرُوفَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا فِي هَذَا الْكَوْنِ: وَهِيَ رَحْمَتُهُمْ بِالْمُجْرِمِ دُونَ اَنْ يُفَكِّرُوا بِرَحْمَةِ الضَّحِيَّة، وَمَاذَا سَيَسْتَفِيدُ الشَّعْبُ السُّورِيُّ مِنْ جَمِيعِ اِحْسَانِهِمْ اِذَا كَانَ اَسَاسُ الْمُشْكِلَةِ وَجَوْهَرُهَا وَلُبُّهَا مَازَالَ مَوْجُوداً وَهُوَ بَقَاءُ هَذَا النِّظَامِ الْمُجْرِمِ الظَّالِمِ الَّذِي لَايَمْتَلِكُ ذَرَّةً مِنَ الْعَدْلِ وَلَا مِنَ الْاِنْسَانِيَّةِ وَلَا مِنَ الشَّفَقَةِ وَلَا مِنَ الرَّحْمَةِ جَاثِماً عَلَى صُدُورِ اَبْنَائِنَا مِنْ هَذَا الشَّعْبِ الْمِسْكِينِ الْمَظْلُومِ الْبَائِس، ثُمَّ مَنْ قَالَ لَكُمْ اَنَّهُ لَايَحِقُّ لِهَذَا الْوَلَدِ اَنْ يَقُولَ لِوَالِدِهِ اُفٍّ فِي اَحْوَالٍ خَاصَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ اِبْرَاهِيمَ لِاَبِيهِ وَقَوْمِهِ{اُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَه( وقبلَ اَنْ نَتْرُكَ القلم لمشايخنا الموالين نقول للجيش الحر: لاحجة لكَ في عَجْزِكَ عَنِ التَّصَدِّي لِلطَّائِرَاتِ الروسيةِ بِسَبَبِ عَدَمِ امْتِلَاكِكَ لِلْمُضَادَّاتِ كَمَا تَزْعُم؟ بل اِنَّ الدِّينَ الاسلاميَّ يَاْمُرُكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ تَسْتَوْلِيَ عَلَى مَزِيدٍ مِنَ الطَّائِرَاتِ وَاَنْ تُحَلِّقَ بِهَا فِي الْاَجْوَاءِ مِنْ اَجْلِ التَّصَدِّي لِطَائِرَاتِ الْخَوَنَةِ الرُّوسِ الْاُورْثُوذُكْس وَحَرْبِهِمُ الْقَذِرَةِ الْبَغِيضَةِ الْمَقِيتَةِ وَالَّتِي تَزْعُمُ الْكَنِيسَةُ الْاُورْثُوذُكْسِيَّةُ الرُّوسِيَّةُ الْحَقِيرَةُ الْعَاهِرَةُ اَنَّهَا حَرْبٌ مُقَدَّسَةٌ عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ، وَاَنْ تَكُونَ الْمُوَاجَهَاتُ جَوِّيَّةً بَيْنَ الطَّائِرَاتِ الْحَلِيفَةِ وَالطَّائِرَاتِ الْمُعَادِيَةِ، وَاَنْ تَكُونَ حَرْباً جَوِّيَّةً اِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ اِلَى الْمُضَادَّاتِ الْاَرْضِيَّةِ سَبِيلاً ، وَلَقَدْ كَانَ ثَلَاثَةٌ مِنْ كِبَارِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ حَرِيصِينَ جِدّاً عَلَى رَفْعِ رَايَةِ الْاِسْلَامِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَة اَمَامَ هَؤُلَاءِ الْاُورْثُوذُكْسِ الْخَوَنَةِ خَاصّةً؟ لِاَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ جَيِّداً اَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَةَ الْاَنْجَاسَ الْاُورْثُوذُكْسَ مِنْ اَقْوَى وَاَشَدِّ اَعْدَاءٍ لِلْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ، نَعَمْ لَقَدْ كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَرِّ وَلَوْ كَلَّفَهُمْ ذَلِكَ حَيَاتَهُمْ، بَلْ وَلَوْ كَلَّفَهُمْ اَنْ يَقُومَ هَؤُلَاءِ الْاُورْثُوذُكْسُ الْخَوَنَةُ بِتَقْطِيعِهِمْ وَتَقْطِيعِ اَوْصَالِهِمْ اِرْباً اِرْباً كَمَا حَدَثَ مَعَ الصَّحَابِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ حِبِّ رَسُولِ الله، ثُمَّ الصَّحَابِي الْآَخَرَ جَعْفَرَ بْنَ اَبِي طَالِبٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله، ثُمَّ الصَّحَابِيَّ الْاَخِيرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَة، نَعَمْ لَقَدْ كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى رَفْعِ رَايَةِ الْاِسْلَامِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَهُمْ اَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ، وَاَمَّا اَحْبَابُ رَسُولِ اللهِ الَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقْرَؤُونَ صُحُفاً مَكْتُوبَةً وَيُؤمِنُونَ بِمَا فِيهَا فَلَايَسْتَحِقُّونَ اَنْ يَكُونُوا اَحْبَاباً لِرَسُولِ اللهِ اَبَداً اِلَّا اِذَا كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى رَفْعِ رَايَةِ الْاِسْلَامِ وَالتَّوْحِيدِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْجَوِّ بِطَائِرَاتِهِمُ الَّتِي يُحَلّقُونَ بِهَا فِي الْجَوِّ لِيَصْطَدِمُوا بِهَا مَعَ الطَّائِرَاتِ الْمُعَادِيَةِ وَلَوْ بِعَمَلِيَّةٍ فِدَائِيَّةٍ بُطُولِيَّةٍ اسْتِشْهَادِيَّة وَلَانُرِيدُ اَنْ نُسَمِّيَهَا انْتِحَارِيَّة، نَعَمْ وَلَوْ قَامَ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَةُ الرُّوسُ الْاُورْثُوذُكْسُ بِتَقْطِيعِهِمْ اِرْباً اِرْباً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ وَلَاحَرَجَ بَلْ هَنِيئاً لَهُمْ؟ لِاَنَّ الْجَنَّةَ سِلعَةٌ غَالِيَةٌ جِدّاً وَكَذَلِكَ ثَمَنُهَا غَالٍ جِدّاً وَلَيْسَ رَخِيصاً بَلْ يَجِبُ اَنْ نَدْفَعَهُ مِنْ دِمَائِنَا وَاَمْوَالِنَا وَاَوْصَالِنَا الْمُقَطَّعَةِ، وَنَتْرُكُ الْقَلَمَ الْآَنَ لِمَشَايِخِنَا الْمُوَالِينَ قَائِلِين: بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: كُلَّمَا حَصَلَتْ مُشَاحَنَاتٌ بَيْنِي وَبَيْنَ اَبِي يَقُولُ لِي: اَنْتَ يَافَصْعُون! تُرِيدُ اَنْ تَرَى نَفْسَكَ عَلَيَّ وَقَدْ اَنْزَلْتُكَ مِنْ اَيْرِي! وَنَعْتَذِرُ عَلَى هَذِهِ الْاَلْفَاظِ الْبَذِيئَة! وَنَقُولُ لِهَذَا الْوَلَد: قُلْ لِوَالِدِكَ يَااَبَتَاه: هَلْ تُرِيدُ اَنْ تَسْتَعْبِدَنِي بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَمْ يَسْتَعْبِدْنِي بِهِ خَالِقِي بَلْ كَرَّمَنِي سُبْحَانَهُ وَاَنْتَ اَبِي لَمْ تُكْرِمْنِي كَمَا اَكْرَمَنِي؟ هَلْ تُرِيدُ اَنْ تُذِلَّنِي احْتِقَاراً لِي وَازْدِرَاءً؟ اَمْ بِسَبَبِ رَحْمَتِكَ عَلَيَّ شَفَقَةً وَتَاْدِيباً نَاجِحاً نَافِعاً؟ وَقُلْ لَهُ يَا اَبَتِ اِنَّ الَّذِي اَنْزَلَكَ مِنْ اَيْرِهِ وَهُوَ جَدِّي كَانَتْ تَحْصَلُ مُشَاحَنَاتٌ كَثِيرَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِي يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ اَنْزَلْتُ اَبَاكَ مِنْ اَيْرِي اَوْ اَنْزَلْتُكَ مِنْ اَيْرِي وَاِنَّمَا كَانَ يَقُولُ لِي: مَنْ اَعَزُّ مِنَ الْوَلَدِ سِوَى وَلَدِ الْوَلَد، وَاَخِيراً نَقُولُ لِهَذَا الْاَبِ التَّافِهِ: نُرِيدُ اَنْ نَسْاَلَكَ سُؤَالاً؟ وَاَنْ تُجِيبَنَا بِصَحْوَةِ ضَمِيرٍ مِنْكَ؟ كَيْفَ تَتَفَضَّلُ عَلَى وَلَدِكَ بِاَنَّكَ اَنْزَلْتَهُ مِنْ اَيْرِكَ وَاللهُ تَعَالَى الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدِكَ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ آَبَاءً وَاَبْنَاءً يَقُول{اَفَرَاَيْتُمْ مَاتُمْنُونَ، اَاَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ اَمْ نَحْنُ الْخَالِقُون(وَهَلِ انْتَهَى فَضْلُ اللهِ عَلَيْكِ وَعَلَى وَلَدِكَ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ اَيُّهَا الْاَبُ الظَّالِمُ لِخَالِقِكَ قَبْلَ اَنْ تَظْلِمَ وَلَدَك؟ لَا وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ لَمْ يَنْتَهِ وَلَنْ يَنْتَهِيَ اَبَداً، فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ اَنَّكَ لَاتَمْلِكُ ذَرَّةً مِنَ الْفَضْلِ عَلَى خَالِقِكَ وَلَا عَلَى وَلَدِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ لِوَلَدِكَ {اَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك(فَسُبْحَانَكَ مَااَعْظَمَ شَاْنَك، سُبْحَانَكَ لُانُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ اَنْتَ كَمَا اَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك، سُبْحَانَكَ لَوْ عَدَدْنَا نِعَمَكَ الَّتِي لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى مُنْذُ اَنْ خَلَقْتَ آَدَمَ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَاِنَّنَا لَنْ نُحْصِيَهَا اَبَداً، وَاَخِيراً نَقُولُ لِلْجَيْشِ الْحُرِّ نَصِيحَةً لِوَجْهِ اللهِ وَنَحْنُ صَادِقوُنَ وَجَادُّونَ فِيمَا نَقُول: وَهِيَ اَنَّكُمْ اِذَا قُمْتُمْ بِالْقَضَاءِ عَلَى جَيْشِنَا الْعَرَبِيِّ السُّورِيِّ الْبَطَلِ وَاِبَادَتِهِ عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِ فَاَيْنَ الْبَدِيل؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا بَدِيلاً عَنْهُ يَحُلُّ مَكَانَهُ فِي سُورِيَّا اِلَّا الْجَيْشَ الصَّفَوِيَّ الْاِيرَانِيَّ الْمَجُوسِيَّ وَالْمِلِيشِيَّاتِ الشَّيعِيَّةِ الطَّائِفِيَّةِ يَامَسَاكِين، وَلِذَلِكَ نَنْصَحُكُمْ بِتَاْمِينِ انْشِقَاقِهِ مَااسْتَطَعْتُمْ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَاِلَّا سَتَاْكُلُونَ اَصَابِعَكُمْ مِنَ النَّدَمِ فِي وَقْتٍ لَايَنْفَعُ فِيهِ النَّدَم، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالم