لِاَنَّ الصُّلْبَانَ هَرْطَقُوا وَجَدَّفُوا وَخَلَطُوا اَيْضاً بَيْنَ الْمَفْهُومِ الْآَخَرِ الْبَاطِلِ لِلرُّوحِ وَهُوَ بِمَعْنَى اَنَّ الْمَسِيحَ اِذَا كَانَ رُوحَ اللهِ كَمَا فِي قُرْآَنِكُمْ فَاِنَّنَا نَحْتَجُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرْآَنِهِمْ بِاَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْاَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْآَبُ وَالِابْنُ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ بِمَعْنَى اَنَّ الْمَسِيحَ جُزْءٌ مِنَ اللهِ بِزَعْمِهِمْ فَهُوَ بِالنَّتِيجَةِ الْمَنْطِقِيَّةِ الَّتِي تَتَّفِقُ مَعَ مَنْطِقِ الْبَاطِلِ عِنْدَهُمْ اِبْنُ اللهِ بِزَعْمِهِمْ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيرَا، نَعَمْ اَخِي وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مِثَالاً آَخَرَ فِي آَيَةٍ مُتَشَابِهَةٍ اَيْضاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّكُمْ وَمَاتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ اَنْتُمْ لَهَا وَارِدُون(فَمَاذَا فَعَلَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي مَكَّة(خَلَطُوا بَيْنَ اَصْنَامِهِمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ وَبَيْنَ مَايَعْبُدُهُ الصُّلْبَانُ الْخَنَازِيرُ مِنْ عِيسَى وَاُمِّهِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ جَيِّداً اَنَّ كَلِمَةَ {مَا} فِي الْآَيَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي لُغَتِهِمْ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ وَاَنَّ اللهَ تَعَالَى مَااَرَادَ بِهَا الْعَاقِلَ مِنْ عِيسَى وَلَا اُمِّهِ فِي الْآَيَةِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَاِنَّمَا اَرَادَ بِهَا غَيْرَ الْعَاقِلِ مِنْ اَصْنَامِهِمْ وَمَعْبُودَاتِهِمُ الَّتِي سَتَكُونُ وَقُوداً تُحْرِقُهُمْ حِينَمَا يَدْخُلُونَ{نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين( فَقَالُوا اِذَا كَانَ مُحَمَّدٌ يَزْعُمُ اَنَّنَا مَعَ مَعْبُودَاتِنَا فِي الْجَحِيمِ فَالنَّصَارَى مَعَ مَعْبُودَاتِهِمْ مِنْ عِيسَى وَاُمِّهِ اَوْلَى مِنَّا اَنْ يَكُونَا حَطَباً مُحْتَرِقاً فِي الْجَحِيم، نَعَمْ اَخِي وَمَعَ ذَلِكَ وَبَعْدَ كُلِّ هَذَا الْكَلَامِ عَنْ عِيسَى وَاُمِّهِ وَحَاشَاهُمَا فَنَحْنُ نَحْتَجُّ عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ فِي مَكَّةَ الْوَثَنِيِّينَ وَعَلَى النَّصَارَى الْوَثَنِيِّينَ اَيْضاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً اِنْ اَرَادَ اَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَاُمَّهُ وَمَنْ فِي الْاَرْضِ جَمِيعَا( بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: اَيُّ الْاَضَاحِي اَفْضَلُ عِنْدَ الله؟ هَلْ هِيَ الْغَنَمُ اَمِ الْمَاعِزُ اَمِ الْاِبِلُ اَمِ الْبَقَر؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَنَّ اَفْضَلَ الْاَضَاحِي عِنْدَ اللهِ هِيَ الْبَقَرُ لِمَاذَا؟ نكَايَةً بِاَعْدَاءِ اللهِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ وَاِغَاظَةً لَهُمْ، نعم ايها الاخوة بعد ذلك احد الاخوة يقول: ذَكَرْتُمْ فِي الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ اَنَّ اللهَ لَايَغْفِرُ لِلْاَطْهَارِ وَالْاَشْرَافِ مِنَ النَّاسِ{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْاِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ( فَلِمَاذَا لَايَغْفِرُ اللهُ لَهُمْ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَنَّ اللهَ فِعْلاً لَايَغْفِرُ لَهُمْ لِمَاذَا؟! لِاَنَّهُمْ لَايُحِبُّونَ اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ! وَالسُّؤَالُ الَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ الْآَنَ: لِمَاذَا لَايُحِبُّونَ اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ لِاَنَّهُمْ{اِذَا مَاغَضِبُوا هُمْ (لَا{يَغْفِرُونَ( لِلنَّاسِ اَخْطَاءَهُمْ مَعَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ، وَلِذَلِكَ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا(وَاَمَّا هَؤُلَاءِ الْاَشْرَافُ الْاَطْهَارُ فَلَايَعْفُونَ وَلَايَصْفَحُونَ(وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى مُسْتَنْكِراً عَلَيْهِمْ{اَلَا تُحِبُّونَ اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورُ رَحِيم(فَقَالُوا بِلِسَانِ حَالِهِمْ: نَعَمْ نَحْنُ لَانُحِبُّ اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَنَا وَلَسْنَا بِحَاجَةٍ اِلَى مَغْفِرَةِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ كَمَا اَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا بِحَاجَةٍ اِلَى مَغْفِرَتِنَا وَرَحْمَتِنَا لَهُمْ وَلَا اِلَى طَعَامِنَا وَشَرَابِنَا وَلَا اَحَدَ يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ فِي هَذِهِ الْاَيَّام وَالَّذِي يَزْعَلُ بَيْتُهُ يُرَاضِيهِ وَيَاجَارِي مَالَكَ وَمَالِي اَنْتَ بِدَارِكَ وَاَنَا بِدَارِي وَاَنْتَ بِحَالِكَ وَاَنَا بِحَالِي فَلَمْ يَعُدْ بَيْتُ الضِّيقِ يَسَعُ اَلْفَ صَدِيقٍ وَاَصْبَحَ الضَّيْفُ حِمْلُهُ ثَقِيلٌ وَلَوْ جَاءَ مُحَمَّلاً وَلَامَعْنَى لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَلِذَلِكَ{اِذَا قِيلَ لَهُمْ اَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ اَطْعَمَه(اَنَعْفُو عَمَّنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ عَفَا عَنْهُ اَنَغْفِرُ لِمَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ غَفَرَ لَهُ اَنَغْفِرُ لَهُ وَنَعْفُو عَنْهُ وَنَحْنُ نَكَادُ نَمُوتُ مِنَ الْغَيْظِ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِاِنْفَاقِنَا عَلَيْهِ وَعَلَى اَمْثَالِهِ مِنَ النَّاسِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَلَسْنَا مُضْطَّرِّينَ اِلَى اَنْ نَكُونَ مِنَ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَلَسْنَا بِحَاجَةٍ اِلَى مَحَبَّةِ اللهِ لَنَا لِاَنَّنَا لَنْ نَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ عَلَيْهِ وَعَلَى اَمْثَالِهِ بَلْ رَبِّي كَلْبِ بِيِنْفَعَكْ وَاَمَّا ابْنُ آَدَمَ فَاِذَا رَبَّيْتَهُ يَقْلَعَكْ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة لَقَدْ اَصْبَحَ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ يُنْفِقُونَ اَمْوَالَهُمْ عَلَى الْكِلَابِ وَالْقِطَطِ الْمُدَلَّلَةِ تَارِكِينَ النَّاسَ يَمُوتُونَ مِنَ الْجُوعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَشْتَهِي اَنْ يَكُونَ كَلْباً مِنْ كِلَابِهِم الْمُدَلَّلَةِ قَبْلَ اَنْ يَمُوت، فَهَلْ هَؤُلَاءِ الْاَطْهَارُالْاَشْرَافُ مِنَ النَّاسِ الَّذِين طَهَّرُوا شَرَفَهُمْ وَعِرْضَهُمْ وَلَمْ يُطَهِّرُوا اَمْوَالَهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَالْاَرْحَامِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْيَتَامَى وَالْاَرَامِلِ وَلَمْ يُطَهِّرُوا قُلُوبَهُمْ مِنَ الْغِلِّ وَالضَّغِينَةِ وَالْحِقْدِ عَلَى النَّاسِ فَهَلْ سَيَغْفِرُ اللهُ لَهُمْ؟ هَلْ حِينَمَا يَجْعَلُونَ النَّاسَ يُغَامِرُونَ بِشَرَفِهِمْ وَبِعِرْضِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ مِنْ اَجْلِ لُقْمَةِ الْعَيْشِ الَّتِي يَحْرِمُونَهُمْ مِنْهَا وَيُطْعِمُونَهَا لِكِلَابِهِمُ الْمُدَلَّلَةِ فَهَلْ هَؤُلَاءِ سَيَغْفِرُ اللهُ لَهُمْ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَمَّا مَنْ اُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ اُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ اَدْرِ مَاحِسَابِيَهْ، يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة، مَااَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه، خُذُوهُ فَغُلُّوه، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوه، اِنَّهُ كَانَ لَايُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ، وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ، وَلَاطَعَامٌ اِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ، لَايَاْكُلُهُ اِلَّا الْخَاطِئُون{اَرَاَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلَايَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين{كَلَّا بَلْ لَاتُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلَاتَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(بَلْ تُحَارِبُونَهُ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِ بِجَمِيعِ اَسَالِيبِ الْحَرْبِ وَالْاَسْلِحَةِ وَالتَّفَنُّنِ فِي اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِل{وَتَاْكُلُونَ التُّرَاثَ اَكْلاً لَمّاً، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً، كَلَّا اِذَا دُكَّتِ الْاَرْضُ دَكّاً دَكّاً، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ، يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْاِنْسَانُ وَاَنَّى لَهُ الذِّكْرَى، يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، فَيَوْمَئِذٍ لَايُعَذِّبُ عَذَابَهُ اَحَدٌ، وَلَايُوثِقُ وَثَاقَهُ اَحَد{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة، اِلَّا اَصْحَابَ الْيَمِينِ، فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ ***الْمُجْرِمِينَ*** مَاسَلَكَكُمْ فِي سَقَر، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، حَتَّى اَتَانَا الْيَقِينُ، فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِين( نعم ايها الاخوة[اَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَاَفْشُوا السَّلَامَ فِي قُلُوبِكُمْ قَبْلَ اَنْ تُفْشُوهُ فِي النَّاسِ، وَاجْعَلُوهَا خَالِيَةً مِنَ الْحِقْدِ وَالضَّغِينَةِ وَالْغِلِّ وَالْحَسَدِ وَالرِّيَاءِ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَام {وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين