نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
صدرت تعليمات من وزارة الإعلام اليمنية بمنع نشر مقالات وزير الثقافة اليمني الأسبق خالد الرويشان في الصحف الرسمية، بعد كتابته مقال بعنوان الدولة الرخوة أرسله لصحيفة الثورة الرسمية التي امتنعت عن نشره، في حين تداولته عدد من المواقع الأخبارية والصحف المستقلة.في المقال حاول الرويشان ان يجد وصفا دقيقا للأوضاع في اليمن ما اضطره لاستدعاء المفكر الكبير نعوم تشومسكي لتحديد الأسماء بمسمياتها في دولة اعتبرها الوزير الأسبق رخوة وفاشلة ومعتمة ومفلسة وخائرة ومكلومة ومسمومة ودائحة ومدرعة.إليكم المقال:

الدولة الرخوة

حاولتُ أن أجدَ توصيفاً لِما هو حاصلٌ في اليمن فعَجَزت ! وكنتُ أظن أن توصيف " الدولة الرخوة " كافٍ ومُلخص ، لأكتشف أن عجائبنا أكبر من هذا

التعريف ، وأن غرائبنا أشمل من هذا التوصيف . ولسوءِ الحظ ، فإن تعريف " الدولة الفاشلة " أيضا لم يتسع هو الآخر لعجائبِ ما نعيشهُ وغرائبِ ما

نراه ونسمعُه !
الدولةُ الرخوة هي الدولة التي ترهلت بفقدان الإرادة ، وتساقطت بسوء الإدارة ، وانعدام الحزم والعزم . . دولةٌ غير قادرة على تنفيذ

القانون وأحكام القضاء . .
أما الدولة الفاشلة فهي تلك التي لا تسيطر على مُعظم أراضيها . ويعتقد المفكر الأمريكي الشهير تشومسكي أن الدولة

الفاشلة هي العاجزة أو غير الراغبة في حماية شعبها من العنف والفوضى والدمار .
لم يخطُر ببال تشومسكي ولم يُشِر في تعريفه إلى الدولة

المُعتِمة أو المُظلِمَة ! وهي تلك الدولة التي يعيش مُعظم مواطنيها بلا ضوء أو كهرباء مُعظم حياتهم !
ولم يُشِر إلى الدولة المُفلسة ! وهي تلك

الدولة التي تعجز عن دفع مرتبات موظفيها . رغم ان سفريات وزرائها اكثر سفريات في تاريخ الدولة .
ولم يُشِر إلى الدولة الخائرة ! مِنَ الخَوَر ! أي

الضعف . . وهي تلك الدولة التي يُنذرُها بالتهديد بعضُ مواطنيها وتتوعدها بالوعيد جماعاتٌ من قطاع الطرق وشراذمُ من الأفاقين ! فتستكينُ وتغض

الطرف وتنتظر حتى يفرجها الله من عنده بدعاء الوالدَين !
ولم يُشِر إلى الدولة الحائرة ! وهي تلك الدولة التي لا تعرف ما تُريد ! دولة تائهة . . تحكم

بلا هدف ، وتُدير بلا رؤية !
ولم يُشِر تشومسكي أو يخطر بباله مُصطلح الدولة المَكلُومة أو الدولة الثكلى ! وهي تلك الدولة التي لا شُغل لها أو عَمَل

إلا إذاعة برقيات العزاء ! يُصحُ عليها الشعب وينام !
ولم يُشِ إلى الدولة ذات الخمسمائة وكيل محافظة ووزارة ! وهو عددٌ كافٍ لأن يحكم ويُدير

إمبراطورية !
ولم تُشِر تلك التعريفات إلى الدولة المريضة ! وهي تلك الدولة التي فاضَت مستشفياتها بالمرضى حتى أنك لا تجد موطئاً لِقدَم ،

وامتلأت مطاراتُها بالمغادرين وطائراتُها بالعيانين حتى أنك لا تجد مِقعداً خالياً !
ونسي تشومسكي أن يُشيرَ إلى الدولة المسمومة ! وهي تلك الدولة

التي يتناول شعبُها أكثرَ أنواع السموم فتكاً في العالم . . السُم الإسرائيلي ! وإذا اكتشفتهُ الدولة فإنها تعجز عن دفنهِ أو إخراجه من ضاحية

الجِراف بالعاصمة ! وتعجز حتى عن عقاب أو محاكمة التاجر المُستورِد حتى هذه اللحظة !
ولم تُشِر تلك التعريفات إلى الدولة الدائخة ! وهي تلك

الدولة المصابة بفقر الدم ! مِن كثرة مصاصي دمائها وناهشي لحمها !
ولم يُشِر تشومسكي إلى الدولة المُدرعة ! وهي تلك الدولة التي تصرِف أكبرَ

عددٍ من السيارات الفخمة المُدرعة حمايةً لوزرائها وموظفيها الكبار ولا تكاد تصرف شيئا لجنودها المغدورين ، وضُباطها المقتولين كل يوم !
وأخيراً ,

فإن ما لم يخطُر بباله ولن يخطُر هوَ الدولة المُهجِرة أو المُحَكِمة ! وهي تلك الدولة التي تُهجر القتلة بالثيران وتُحَكم المارقين بالبنادق ! وبالطبع ،

فإن تشومسكي يحتاج إلى معجزة كي يفهم ! وإذا فهم فإنه قد يُغمى عليه ! وسنحتاج إلى جردل ماء كي نصبهُ على أُم رأسه كي ينتبه أو يُفِق

مِن هَول ما سَمِعَ . . وما رأى !