شباب يلجأ إلى الزواج عبر الصور فقط
يمنيات يقعن ضحية الزواج السياحي ويفقدن شبابهن على أيدي مجهولين

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

يمنيات في أحد الأسواق
(تصوير: سمر المقرن)


المصدر: جريدة الوطن السعودية-الأربعاء 13 شعبان 1427هـ الموافق 6 سبتمبر 2006م العدد (2168) السنة السادسة

صنعاء: نسيبة عبدالله غشيم

تعاني العديد من اليمنيات من ظاهرة ما سمي "بالزواج السياحي"، عندما يزور سياح من السعودية أو دول الخليج اليمن، ويتزوجون بشكل سريع من يمنيات، وبعد فترة قصيرة يتركون زوجاتهم إلى غير رجعة، وهي الظاهرة التي بدأت تقلق السلطات الاجتماعية اليمنية مؤخرا، وأخذت مكانها على مائدة النقاش.
وظاهرة الزواج السياحي تتم بعيدا عن الجهات المختصة والسفارة السعودية في صنعاء التي تكون مسؤولة عن إلزام الزوج بالحضور، لكن معظم السياح القادمين للزواج يفضلون عدم اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية، حتى لا يلتزموا بالحقوق والواجبات الزوجية.
لم تدم فرحة "رملة.ع.ي"من مدينة إب اليمنية بعرسها أكثر من شهر، فقد تركها زوجها وعاد إلى وطنه دون أن يترك لها غير ذكريات فقدت بريقها، وحسرات لفقدان شبابها على يد مجهول، لم يجبر خاطرها حتى باتصال رغم مرور أكثر من سنتين على سفره.
تقول "رملة" وهي إحدى ضحايا ما يعرف بالزواج السياحي إنها صدقت في البداية أن "محمد عبدالله" وهو الاسم الوهمي الذي زودها به - هو فارس أحلامها، خاصة أنه جاء برفقة شخص يمني معروف لدى الأسرة قام بتقديم محمد لهم على أنه شخص ذو دين وأخلاق وسمعة حسنة، وتمت مراسيم الزواج وسط حفل بهيج، وتم الزفاف ووعدها بأنه سيأخذها معه إلى السعودية ولما قرر المغادرة وعدها أنه لن يطيل إقامته لأكثر من ستة أشهر، وترك لها أرقاماً جميعها وهمية تماما مثل اسمه الموجود في العقد.
كثيرات مثل رملة " وقعن ضحية ما يعرف بالزواج السياحي في اليمن وقليلات يتحدثن عن مأساتهن، أما الغالبية فتفضل الصمت وكأن شيئا لم يحدث.
"حياة.س" متزوجة منذ ثلاث سنوات لكن دون زوج، فقد كانت إحدى ضحايا الزواج السياحي قالت إن أسرتها لم تطلب من خطيبها السعودي أي أوراق رسمية، حتى إنهم لم يطلبوا هويته بحجة أن ذلك عيب في حق شاب يطلب النسب من هذه الأسرة، ولذا تم العقد عند رجل عدل وعد بتعميد العقد في المحكمة، إلا أنه لم يفعل شيئا، وتتهم "حياة "كاتب العقد بأنه سبب رئيسي في المشكلة، فقد استلم حوالي ألفي ريال سعودي مقابل عدم طلب الأوراق الرسمية.
ويؤكد القاضي في إحدى المحاكم اليمنية عبده حمود صالح أن هناك من يقبل بكتابة عقد زواج لأجنبي دون أن يطلب منه الأوراق الرسمية للزواج، ويقول إنه عرض عليه عدة مرات عمل عقود من هذا النوع مقابل مبالغ مالية إلا أنه رفض متمسكا بأن تكون جميع الإجراءات التي يعدها بموافقة وزارة الداخلية والخارجية اليمنيتين وموافقة السفارة السعودية ووزارة الداخلية السعودية ووزارة العدل اليمنية، بالإضافة إلى وجود ورقة معتمدة من جهة عمل الزوج تؤكد أن باستطاعته إعالة أسرته، ولا يتم العقد إذا نقصت وثيقة من هذه الوثائق.
"للأسف الأسر والفتيات لا يعرفون شيئا عن هذه الشروط إلا بعد فوات الأوان" هكذا قالت "رشا.ع" والتي طلقها القاضي منذ ثلاثة أشهر بعد أن يئست من عودة زوجها الذي لم يستمر زواجه منها شهرا، ليسافر ليلا دون أن تعرف وجهته، وانتظرت عودته سنة كاملة، واعتقدت أن غيابه راجع لمكروه قد أصابه، إلى أن اتصل يوما صديق له في السعودية مكلف من الزوج يقول لها إن كل شيء قد انتهى، فلجأت حينها إلى القضاء الذي طلب الوثائق، فلم يجد معها سوى ورقة عقد دون تعميد كتبها ما يعرف بأمين عدل، وشهد عليها ثلاثة شهود، وهي الطريقة المتبعة للزواج في اليمن.
من ناحية أخرى ابتكر المصورون المتجولون في العاصمة اليمنية صنعاء طريقة جديدة لإسعاد الشباب غير القادرين على تكاليف الزواج، وذلك بتصويرهم على كراسي العرس المزينة بالورود والزهور المختلفة والمتواجدة وسط حدائق التحرير "أشهر حدائق العاصمة، ولا يشترط الجلوس على هذا الكرسي أي نوع من الشروط المعقدة، فهو يقبلك للتصوير كما أنت.
المصور المتجول طاهر أحمد يقول إنه يلتقط أكثر من 50 صورة في اليوم معظمها لشباب يقصدون المكان للتصوير على كراسي الفرح. وتكلّف الصورة مئة إلى مئة وخمسين ريالاً يمنياً- أي ما يعادل ريالين إلى ثلاثة ريالاً سعودياً- ويقبل عليها الشباب من سن 16-26 ويستخدمها البعض منهم للتفاخر بأنه جلس على الكوشة فقط، ويحتفظ بالصورة كذكريات له، بينما البعض الآخر يؤكدون أنهم يحسون بالسعادة التي يشعر بها العرسان يوم فرحهم عندما يتهيؤون لالتقاط الصورة كما يقول "فؤاد حمود عبده- 24 سنة-وخصوصا أن المصور لا يبخل عليه بالتهاني والتبريكات.
ورغم الفترة القليلة التي بدأت فيها هذه الظاهرة إلا أنها لاقت رواجا وإقبالا مرتفعا من الشباب الذين يجدون في ذلك، كما يبدو إشباعا ولو مؤقتاً لرغبة الجلوس الحقيقي على كرسي الفرح.
وبالنظر إلى النواحي الاقتصادية فإن هذا النوع من العمل يدر دخلا لا بأس به لما يزيد عن خمسين مصوراً متجولا يعملون في حديقة واحدة، ويقول أحد المصورين إنه يفكر في تطوير الفكرة بإحضار دمية على شكل امرأة تلبس رداء الفرح التقليدي - يوم الحناء - أو حتى الثوب الأبيض، ليجعل الصورة أكثر تعبيرا وميلا للواقع لدى الشباب الذين حرمتهم الظروف المعيشية الصعبة من الزواج والفرح الحقيقي.