لقد غدت الولايات المتحدة الأمريكية تشكل قوة تثير الفزع وتهدد بالخطر حتى ذاتها ، وذلك أن القوة عندما تصل إلى هذا الحد فإنها تصبح فوق طاقة البشر وتأتى لحظة يعجزون عن السيطرة عليها ويصعب عليهم اتخاذ القرارات الصحيحة لتسيرها ، كما إنها تترك على نفوس أصحابها انطبع يوحي لهم بالعظمة والجنون مما يولد لدى الآخرين الشعور بالكراهية والعداء ضد أصحابها ، وكثرة الأعداء وتشعب الصراعات لا بد سيوقع الكثير من الأخطاء التي تشكل كارثة عندما تقع من قوة بهذا الحجم .

إن أمريكا تملك قوة عسكرية جبارة نشرتها في جميع أنحاء العالم وتملك قوة اقتصادية تمكنها من تمويل جيوشها أينما كانت فغدونا جميعا نشبه جزيرة صغيرة تحيط بها أمريكا من كل اتجاه وكان نتيجة تلك القوتين قوة سياسية طاغية دفعت بالرئيس الأمريكي كلينتون إلى أن يقول بصفاقة نادرة بأنه عندما يأتي اليوم الذي تصبح فيه قوانين التجارة العالمية لا تصب في مصلحة أمريكا انهم سيقومون بتغيرها ... ودفعت بالرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن إلى القول بان الأمم المتحدة إذا لم تتخذ القرارات التي توافق الأهواء الأمريكية فانهم سيضربون بها عرض الحائط ويفعلون ما يريدون .

وتلك الأقوال وغيرها تظهر بجلاء أثار القوة المطلقة لمن يملكها ، فان انفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقوة على مستوى العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي سيؤدي بها هي نفسها إلى الدمار بلا شك .

لطالما كانت نهاية الضعفاء على أيدي الأقوياء ونهاية الأقوياء على أيدي من هم اكثر قوة منهم ، فمن أقوى من أمريكا سوى أمريكا ذاتها ؟!.... التي ستذكرنا نهايتها بذلك الشاعر الذي احترف الهجاء فعندما لم يجد أحدا يهجوه قام بهجاء نفسه ، وهذا ما ستفعله أمريكا عندما تدمر العالم ثم تلتفت على ذاتها لتأكل كبدها كما تفعل النار إن لم تجد ما تحرقه ، وعندما يحدث ذلك سنتطلع بعدها إلى عصرا جديد بخارطة عالمية جديدة .