بسم الله الرحمن الرحيم
في حمى الانتخابات اليمنية المقرر أن تشهدها البلاد في العشرين من شهر سبتمبر الجاري استخدمت الأطراف المشاركة في الانتخابات، بخاصة الرئيسة فيها مثل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم والمعارضة التي يتزعمها حزب التجمع اليمني للإصلاح كل الوسائل لبلوغ هدفها.
ومن أبرز الوسائل التي تعج بها الساحة الانتخابية في اليمن هذه الأيام أشرطة الكاسيت، التي تلقى رواجاً كبيراً بين المواطنين، إذ إن الأغنية الساخرة وتوظيف بعض الأغاني الشعبية المعروفة تصل إلى الناس أسرع من الخطب السياسية، وبالذات في الريف، الذي يشكل75 % من سكان اليمن.
ويقدم"غريم الشعب"، وهو عنوان كاسيت للمونولوجست اليمني فهد القرني خمس أغنيات تسخر كل منها من خطاب ألقاه الرئيس صالح المرشح مؤخرا أحدها سخر من ابتسامته العريضة في بعض صوره.
وبيع شريط القرني أول الأمر بمئة ريال، قبل أن يقوم جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) بملاحقة وتفتيش الباعة الجائلين الذين يقومون ببيعه ومنعهم من ذلك، ليرتفع سعر النسخة إلى 150 ريالاً ومن نفس الباعة لكن بعد التأكد من أنك لست من رجال الأمن. أحدهم قال:"إنهم يفتشوننا كل لحظة ويأخذون أية نسخ"، ومؤخرا أصدرت اللجنة العليا للانتخابات قرارا بسحب الشريط مع بدء فترة الدعاية الانتخابية بشكل رسمي باعتباره مخالفاً لوثيقة "ضبط المبادئ" التي وقعت عليها الأحزاب والخاصة بالتزام شروط نزاهة الانتخابات، وبسبب القرار ارتفع سعر الشريط إلى 200 ريال، ويؤكد الباعة أن الطلب على الشريط تضاعف.
وتعتبر أشرطة الكاسيت هي إحدى ابتكارات أحزاب المعارضة في"اللقاء المشترك" خصوصا حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهي من وجهة نظرهم بديل في حدوده الدنيا لعدم سماح القانون للأحزاب أو القطاع الخاص بإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
أما حزب المؤتمر الشعبي فرغم سيطرته على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وكبريات الصحف في البلاد ، لاذ هو الآخر بالكاسيت كإحدى وسائل دعايته في الانتخابات الرئاسية والمحلية، ولديه في السوق حاليا أربعة كاسيتات من ستة تتحدث عن الانتخابات، وهو ما لم يحدث في أي انتخابات سابقة.
وقد أصبحت الكاسيتات تغنى بألحان تراثية وأحيانا بأغان عربية مثل أغاني فرقة ميامي، بعد استبدال الكلمات الأصلية للأغنية بقصائد سياسية ساخرة ولاذعة. وتتضمن بعض الأشرطة "اسكتشات" مسرحيات لها نفس الطابع السياسي الساخر ، بالإضافة إلى أشرطة لسجالات بالشعر الشعبي.
ومع تطور تجربة أشرطة الكاسيت السياسية خلال السنوات الماضية أصبح لها فنانون شعبيون ذائعو الصيت أبرزهم محمد الأضرعي وفهد القرني، وأصبحت قادرة على الانتشار في نطاق واسع من المدن الرئيسية وحتى الأرياف البعيدة جدا، وهو ما لم يستطع مسؤولو حملة حزب المؤتمر (الحاكم) الدعائية تجاهله حسب مراقبين.
ومع تزايد تأثيرها اتخذت وزارة الثقافة منذ عامين إجراءات لمنع صدورها دون تراخيص، غير أن الكثير منها يصدر دون مصدر وبأسماء شركات إنتاج وهمية حسب رئيس مسؤول قطاع الإعلام والتوعية الانتخابية في اللجنة العليا للانتخابات عبده الجندي، موضحا أن قرار اللجنة سحب شريط القرني يتعلق بمحتواه وليس لأن استخدام الأشرطة في الحملات الدعائية ممنوع، وقال:"لقد تضمن إساءات شخصية وغير لائقة لبعض مرشحي الرئاسة"، ووصف محتواه بأنه "تهريج".
وتصدر أشرطة الحزب الحاكم مرخصة، بعكس أشرطة المعارضة التي يتم تسريبها دون تراخيص وبأسماء مؤسسات فنية وهمية.
وحسب أحد المسؤولين في الحملة الدعائية للمعارضة فإنه"من المستحيل أن تمنح وزارة الثقافة أشرطة المعارضة ترخيصاً في كل الأحوال".
وقد عرض تأثير هذه الأشرطة أبرز فنانيها خلال الفترة الماضية إلى ملاحقة الجهات الأمنية، فقد اعتقل محمد الأضرعي لأيام في جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) بعد إحيائه حفلا لصالح المعارضة، وبعده اعتقل زميله فهد القرني على خلفية إصدار كاسيت"شابعين1" و"شابعين2" وكانت التهمة هي"التطاول على شخص الرئيس"
وفيما يصف المعارضون هذه الكاسيتات بأنها " مذاق الحرية " تثير شعبيتها قلق الكثيرين في المؤتمر (الحاكم) خصوصا أنها من وجهة نظرهم كانت وراء انتصار حزب الإصلاح ( الإسلامي) بشكل كبير في آخر انتخابات نيابية عام 2003 خصوصا داخل صنعاء .
منقول
Bookmarks