الثلاثاء القادم هو اليوم الذي نتأهب فيه لننحت على صدر الزمن مسارات مستقبل بهي مشرق، شفاف الملامح، تتوهج الحقيقة فيه، وتغمر بضوئها كل جنبات الوطن، وتغسل عن النفوس كل ما علق بفطرتها من شوائب شوفينية ضيقة الأفق، شخصانية المنحى، رجعية الفكر والهدف.
علينا جميعاً أن نحتشد صبيحة الواحد والعشرين من فبراير الحالي في ساحة الاقتراع؛ لاختيار مرشح التأمت حوله النفوس والقلوب والأفئدة، فكان خياراً لم يختلف عليه من اختلفوا على كل شيء إلا على يمنيتهم ومرشحهم المناضل المشير عبد ربه منصور هادي.
اختيار ننأى من خلاله عن مخالب التصارع، ونصطفي من تجارب التاريخ وضرورة الواقع زاد التوحد والإيمان وقدسية الوطن وحق جميع أبنائه بالحياة الكريمة، ونخلع عن العقول والقلوب أردية المناطقية والمذاهبية والفئوية التي علمنا التاريخ أنها - وبسبب هذه الأمراض - أفرغت الثورات من معانيها التغييرية، وأجهضت التحولات المرجوّة، حتى وهي لاتزال فكرة أو خاطرة في الحدس والهاجس.
فأصبح معها التطور كسيحاً، والوقائع تكرر إنتاج ذاتها بصيرورة تناقض قواعد التحول وتهدم إمكانية التغيير؛ لأن تغيير الأشخاص واستبدال الوجوه يصبح فاقد المعنى عبثي الهوى إذا لم يلامس جوهر التفكير الجمعي والنخبوي ويخلق للحياة مكونات جديدة وللفكر رؤى تفلسفها الحكمة وتمنهجها الثقابة التي تستولِد من أحشاء الراهن شمساً قادمة مكتنزة بسعادة الإنسان ورفاهيته.
إن الإنسان - وعبر تاريخه الطويل - ينشد قيمتين أساسيتين؛ هما العدل والحرية، وإن فقدتا حل محلهما العنف، واستأسدت الفوضى، وانهارت مداميك الحياة على رؤوس الأحياء.
فهل نحن شعب جدير بصناعة تحول يفضي بنا إلى الفضاءات المشرقة بنور احترام الحياة؟. أم سنظل نستلذ الارتهان في قبضة الصراع والضياع؟. هل سنثير إعجاب التاريخ، أم سنظل مثار تعجبه وإشفاقه؟.
أسئلة يلقيها الواقع، ويتطلب المستقبل إجابات عليها بوضوح وجدية، ولا مجال للتخفي منها وراء المبررات، فمراصد التاريخ ثاقبة ولا تغفل شيئاً.


بقلم / حمود خالد الصوفي