هم أخوة في الدين والدار والدم والرحم ,وفي المستقبل والحاضر والأمس ، وكذا في العطاء والبناء و التحضّر والازهار والعلو والريادة والسياده والتقدّم وبالمقابل في الشقاء والتقهقر والعناء والتخلف والتعثّر والتقزُّم
واخيرا هم جسدٌ واحد موحد تكون واشتد بهم و منهم روحه وكيانه فإذا ما لُدغ ذلك الجسد في أي وضعٍ أو موضعٍ منه وفيه بسموم العداوة والعمالة والخيانة واللامبالاة والحسد فإن آلام السم ستسري في كل الشرايين والمفاصل لا محالة وستتوزع عبر الدماء التي هي بمثابة الوطن في ربوع ذلك الجسد المتألم
هم كما هم أخوة من قصتهم أنهم ذات فجأه اشتد بأسهم بينهم بقسوه و لُدغ كيانهم المتوحد بنحس ،، ونزغ بينهم شيطان العداوة ومسّتهم اباليس الصراعات بمس حتى أزاغت المصالح ألبابهم وحادت بهم عن جادة الصواب فما أمكنهم أن يبصروا و ما استطاعوا ان يعثروا في عتمة الغواية والنزاع على قبس نور من شمس الرشد أو حتى لم تظفر شموس الصواب والهداية في ظُلم عماهم وضلالتهم على متنفس تعبر منه الى آفاق الهداية في ضمائرهم وأنفسهم ومسالكهم ...

وهكذا تاهوا حتى لوحظوا يهدّون شموخ حضارتهم ويهدمون بنيان توحدهم وإخاءهم بالصراعات والمماحكات والمناكفات والعراك ،
فيا للأسف كيف عميت عيون بصيرتهم فما استبصروا ولا التمسوا حتى بصيصا من اشعاع حكمتهم وايمانهم ، وهنالكم ضلوا وما انتشلوا انفسهم إلى رحاب الحوار والتعاون والتكاتف والتعاضد ،،
نسوا ان لهم جسدٌ واحدٌ بهم تكونت اعضاؤه واشتد بناؤه والان يتألم منهم وعليهم إذ تمزقوا ومزقوا بسكاكين العداوة والشحناء والقطيعة شملهم الملتئم ينشرون الجراحات على جميع أجزاءه ويحشرون الفتنة و الأسى والألم من سباتها في غياهب العدم إلى كله ظاهره وأحشاءه ونهاره ومساءه لينزف الأوجاع والحسرات والأنّات والآهات!!!
أما كان والآن الأجدر بهم ان يستبسلون في ترشيد نظالهم لتوطيد وحدتهم وتسديد خطواتهم وشد عضد لُحمتهم عساهم يستئصلون سرطان الوهن من معاقل التفكير المتعصب المتحزب المترسب في أوحال عدم الشعور بمسؤولياتهم تجاه وطنهم ومجتمعاتهم وانفسهم؟؟!
أوما جنوا وجنينا سوى الأزمات تتوالى والنكبات والمآسي تمزق حسرتها القلوب على العقلاء النبلاء احفاد تُبّع والانصار إذ أودى بهم وببلادهم الاختلاف إلى مهاوي التناحر والهلاك؟؟!...
يا ويحهم كيف انقسمت بهم أهواؤهم وآراؤهم ومطامعهم وتنازعوا وتواجعوا وتقاطعوا وذهبت ريحهم!! ،،
أوليسوا وبدون أيّة ريب و وهمٍ أخوةً في الوطنية والوطن
فإذا كانت أخوتهم في الوطنية
فلماذا تبعثروا في متاهات الشقاق والصراعات وتناثروا سهاماً طائشات تصيب مبادئ التآخي بطعنات الخصام وتقطع حبل التلاحم وتصيب عروة التصالح بينهم بالانقسام؟؟!
أوليست الوطنية منهجا لا يزيغ عند انتهاجه العقلاء الى قفار الاختصام؟؟!
وإذا كانت أخوتهم في وطنٍ
فليس مما يختلف عليه صاحبا ضميرٍ وطن بأن الموطن هو القلب
ولذا من كان موطنه القلب وقلبه الموطن فإنه ومهما ساورته بجهالةٍ ضروبُ الأوهام و عجائبٍ المغريات من الطامعين المتربصين اللئام فإنه سيتعالى عن أن يمسّ بالسوء أو أن يخن حبيبا "هو الوطن" ، في الصميم هو الصميم ، وفي الشرائيين الدماء ، وهو الكيان ، هو الحياة هو النعيم ، هو بذرةٌ زرعت بصلب أبي وأودعت في ترائب أمي وامتزجت في رحم تكويني فأنبتتني وفاءً راسخاً متجذراً في أصالةٍ لا شيئا يضاهيها في الثبات والخلود ،،
إنه الوطن ولدتنيه أمي شموخا يعانق السماء ، وانتماءً يلتهم ضباب الجحود والجمود ويزداد رسوخا يخترق بعزته امتداد مسافات ومساحات العلو والفوق والفضاء مخترقاً تلك الفضاءات بوطنيةً مثقلةً بالحب والوفاء الى سماوات الخلود والبذل والعطاء ...فكيف ينال مِن ضميرِ مَن له وطنٌ الطامعون بأوهامٍ غُثاء؟؟!! ...
هم أخوةٌ ... هم نحن وكلنا هم ... جميعنا بعضٌ تجمعنا العقيدة وأرضنا وعرضنا وفرضنا هو نفسه فمن منا الوطن وأيُّنا بحقٍ هو اليمن؟؟!