بعد أن تم الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني وتشكيلتها التي جاءت مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائها، فإن الجميع يعولون على هذه الحكومة، التي ستؤدي اليمين الدستورية يوم غدٍ السبت، أن تعبر بالوطن إلى شاطئ الأمان، وأن تخرجه من براثن الأزمة الماحقة التي يمرُّ بها منذ عشرة أشهر خَلَتْ، وأن تنتقل به إلى واقع جديد خال من المنغصات والمماحكات والمناكفات والمكايدات والفتن والاحتقانات والخلافات والاختلافات، ليسير بعيداً عن كل هذه العوامل في اتجاه استكمال أهداف النمو الاقتصادي، وترسيخ أركان الأمن والسلم الاجتماعي، وتحقيق الاستقرار السياسي.
ومع أن حكومة الوفاق الوطني ستكون محكومة بخارطة الطريق المحددة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، فإن بوسعها إنجاز الكثير من تلك التطلعات إذا ما عملت بروح الفريق الواحد وأدركت أن ما ينتظر منها ليس فقط دفن خلافات الفرقاء وترميم الشروخ التي أصابت جدار الصف الوطني بفعل الأزمة الراهنة، بل أن المطلوب منها أيضاً هو تجذير قيم الشراكة الوطنية والأسس المتصلة باحترام الاختلاف في الرأي أو الاجتهاد وتقديم القدوة التي يحتذى بها في ميادين العمل واحترام القوانين والإخلاص في أداء الواجبات والالتزام بالمسئوليات وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما سواها.
وسواء شاءت هذه الحكومة أو لم تشأ، فإن طبيعة المرحلة تقتضي منها أن تضطلع بمهام عدة، منها الضروري والاستثنائي ومنها وغير القابل للتأجيل، فضلاً عن تهيئة الساحة الوطنية ومختلف الأطياف السياسية والاجتماعية لحوار جاد يناقش كافة قضايا الوطن، ومن ذلك صياغة شكل النظام السياسي الأنسب لظروف اليمن.
وأمام هذه المهام الحساسة ليس أمام حكومة الوفاق الوطني سوى أن تعمل كفريق واحد، بعيداً عن الانتماءات الحزبية، وأن تركز على الأهم قبل المهم، وأن تنأى بنفسها عن السجالات والتجاذبات السياسية، لتبرهن على أنها حكومة لـ25 مليون يمني، وليست حكومة لمجموعة أحزاب أو تيارات سياسية، خاصة وأن طبيعة عملها ستفرض عليها في بعض الحالات أن تقف على النقيض من بعض الطروحات الحزبية واتجاهات بعض القوى التي ترى أن اتفاق القوى السياسية يتعارض مع مصالحها، وأن تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها سيبدد طموحاتها التي لا يمكن أن تتحقق إلاّ في ظل بقاء الشارع ملتهبا والوضع الأمني منفلتا والفوضى منتشرة ومصالح الناس معطلة.
وما نتمناه من الأحزاب التي قامت بتشكيل حكومة الوفاق هو أن تضع الثقة كاملة في الشخوص الذين اختارتهم لهذه المهمة وأن تمنحهم الفرصة للعمل، بعيداً عن مبدأ المحاصصة والتقاسم، وأن تشجع بصدق أعضاء هذه الحكومة على تعزيز نهج الوفاق والشراكة الوطنية ولما من شأنه إخراج اليمن من أزمتها الراهنة، لأن في ذلك خيراً للجميع وانتصاراً لليمن ولأجيال الشباب التي تأمل أن ينتهي الاحتقان ويتحقق السلام ليصلوا إلى تطلعاتهم وأحلامهم في الحصول على فرص العمل والتحرر من أعباء البطالة ومعاناة الفراغ القاتل.
وبلاشك فإن كل من يحب اليمن سيدفع باتجاه انفراج الأزمة التي بانفراجها سيسعد الجميع بلَمِّ الشمل ووحدة الصف.