المخطط الانقلابي!!


ما من شك أنه ومنذ الكشف عن الرسالة التي وجهها قادة أحزاب اللقاء المشترك إلى العناصر المتمردة في قيادة الفرقة الأولى مدرع برفض الحوار والسير في اتجاه «التصعيد» و«الحسم الثوري» تعززت لدى الكثير من أبناء الوطن اليمني القناعة بأن أحزاب اللقاء المشترك ومن تحالف معها من القوى القبلية والعسكرية تسير في إطار أجندة محددة سلفا ومخطط حيكت خيوطه وتفاصيله منذ فترة طويلة، وأنها غير مستعدة للتراجع عن ذلك المخطط مهما كان الأمر، وأن ما تقوم به من تحركات سياسية، هو لذر الرماد في العيون ليس إلا.
ولذلك ليس غريبا أن نرى هذه القوى ترفض الحوار وإيجاد آلية مزمّنة لتنفيذ المبادرة الخليجية، والوصول إلى حل يخرج اليمن من أزمته الراهنة ويجنبه المزيد من الويلات والفتن والمآسي والآلام، يشجعها على هذا الموقف شعورها بأنها قادرة على تضليل الرأي العام العالمي ودفعه إلى الضغط على النظام السياسي القائم على نحو يمكنها من مراميها الانقلابية، خاصة وقد تمكنت من تسخير بعض الوسائل الإعلامية كأبواق لها، دون وعي أو ادراك أن شرفاء اليمن لن يسمحوا بتمرير هذا المخطط الانقلابي الذي يستهدف أمن واستقرار ووحدة وسلامة اليمن وحاضره ومستقبله.
ذلك ما يتأكد اليوم على أرض الواقع حيث خرج الكثير من هؤلاء الشرفاء عن صمتهم بعد أن وجدوا أن ما يدبر ضد اليمن لا يحتمل الصمت والتخاذل والتلكؤ والمواقف الرمادية ومسك العصا من المنتصف.
لقد استشعر هؤلاء الشرفاء أن ما يعتمل على السطح أكبر من أن يختزل في خلاف سياسي بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك، وأكبر أيضا من أن يكون خلافا في وجهات النظر. وأن المسألة أكبر من ذلك بكثير، وأننا أمام مؤامرة وصلت سكاكينها حد العظم، ولا بد لكل اليمنيين الشرفاء والمخلصين من مواجهة هذه المؤامرة وإفشالها قبل أن يستفحل الداء ويعز الدواء.
ولا نعتقد أن من لم يدخر وسيلة لتحريض الدول الغربية على فرض حصار على بلاده وشعبه وقطع المساعدات عنه وقصف هذا الشعب إذا ما اقتضى الحال بالطائرات والصواريخ الحارقة، يمكن أن يتورع عن ارتكاب أي شيء، كما أن من يتحالف مع قيادات عسكرية نكثت بالقسم العسكري بهدف إيجاد قوة خارج نطاق قوة الدولة لا يمكن أن يكون مصلحا أو من دعاة بناء الدولة الحديثة.
ولو كانت هذه القوى تهمها مصلحة اليمن وأمنه واستقراره لما أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم، ولما رفضت الحوار وإيجاد آلية مزمّنة لتنفيذ المبادرة الخليجية وهي التي تعلم باستحالة تنفيذ هذه المبادرة بدون آلية واقعية محددة المعالم والخطوات.. ولما انقلبت على النظام السياسي الذي هيأ لها الخروج من السرية إلى العلن ودفع باليمن إلى التحليق بجناحي الديمقراطية التعددية والتنمية الاقتصادية.
ولكن النزعة الانقلابية كما يبدو صارت متأصلة لدى هذه القوى وغالبة عليها، وقد تجلى ذلك في انقلابها على الشرعية الدستورية التي هي أساس وجودها، وانقلابها على الديمقراطية واستحقاقاتها وانقلابها على الشعب وإرادته الحرة، ليصل الأمر ذروته في انقلاب بعض من ينتمون إليها من علماء الإخوان المسلمين في اليمن - التجمع اليمني للإصلاح - على جمعية علماء اليمن وهو ما فطن إليه أبناء الشعب اليمني واستشعروا خطورته، وعملوا ويعملون اليوم على التصدي له بكل الوسائل مدركين أن النار إذا ما اشتعلت فإنها ستطال البيت اليمني بأكمله، وفي المقدمة مشعلو هذه النار، ومن يصبون الزيت عليها.