مغالطات أدعياء العلم على بيان علماء اليمن

الإثنين 10 أكتوبر 2011 م

الشيخ / سعد عبدالسلام النزيلي

الحمد لله الذي قرن شهادته بشهادة العلماء فقال (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران : 18] وبين أنهم يخشونه ولا يخشون أحدا سواه فقال ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر : 28] وأمر باتباع الحق والهدى وحذر من اتباع الباطل والهوى فقال(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( [الأعراف : 175 ، 176] وقال( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الجمعة : 5] والصلاة والسلام على رسول الله القائل لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة))رواه الحاكم عن عمر .والقائل ((إن لصاحب الحق مقالا)) رواه أحمد عن عائشة ومن الحق ما قاله-صلى الله عليه وسلم- ((ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم)) متفق عليه عن ابن مسعود.
أما بعد فقد صدر ما يسمى ببيان العلماء الذي ردوا فيه على علماء اليمن الصادقين الذين حضروا في مؤتمر جمعية علماء اليمن وبينوا موقفهم وقالوا كلمتهم امتثالا لأمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام, وكان ردهم فيه من المغالطات والتحريفات الشيء الكثير مما يبين مدى فقههم وورعهم وإليك أخي القارئ الرد على بيان أدعياء العلم ليظهر لك مدى تحزبهم وتعصبهم وتركهم الحق.
أولاً: قالوا عن المؤتمر ((الذي حضره عدد قليل من علماء الجمعية وحشد من الطلاب والخطباء وموظفي مكاتب الأوقاف)) أقول لهم "رمتني بدائها وانسلت" إن كان ما يقولونه حقاً فقد رأيت في بيانهم توقيع الصيدلي والمهندس والمقاول ومدرس الأحياء وهم يعرفون ذلك, بل وقد رأينا الافتراء على كبار أهل العلم بتزوير توقيعاتهم ودمج أسمائهم عن طريق القص واللصق والله المستعان.
ثم نقول لهم إن الواقع على خلاف ما يقولون بل المؤتمر العلمي حضره أكثر علماء الجمعية واليمن, وما ذكروه من حضور الخطباء فنقول لهم نعم كان البعض موجوداً للاستفادة من العلماء لأنه مؤتمر علمي وليس احتفالية, ثم إني أذكر هؤلاء الذين يتسمون بالعلماء، وينصرون أقوامهم على الباطل تبعاً لأجندة خارجية بحديث ابن مسعود مرفوعاً ((من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي تردى فهو ينزع بذنبه)) رواه أبو داود
ثانياً: قولهم ((وكنا نأمل أن يؤكد البيان وبشكل واضح على حرمة المساجد أياً كانت في العاصمة أو في غيرها من المدن والقرى, وحرمة ترويع الآمنين بحجة الأفراح والابتهاج أو غيرها والتي تسببت في سفك الدماء وإزهاق أرواح المواطنين....وكذا الالتزام بالآداب والضوابط الشرعية وعدم التطاول على الأعراض والاستهانة بها من خلال السب والقذف والابتعاد عن كل ما يؤجج الفتنة ويثير الأحقاد والضغائن))
أقول كما قال الأول:-
وعين الرضى عن كل عيب كليلة...كما أن عين السخط تبدي المساويا
سبحان الله لماذا يقرؤون كلام علماء اليمن بعين واحدة وهي عين الوعيد والسخط, كان الأحرى بهم أن يقرؤوا بيان العلماء بعيني الحق والبصيرة والإنصاف لا بعين التعصب والإجحاف.
وإليك أخي القارئ كلام علماء اليمن فيما ورد في بيان مؤتمرهم العلمي
حيث قال العلماء في بيانهم في الفقرة الرابعة: "حرمة التعدي على المساجد، وتدنيس قدسيتها بالتمترس فيها، وإثارة الفتن فيها".
وقالوا في الفقرة السادسة حرمة ترويع الآمنين وتخويفهم؛ بإطلاق الأعيرة النارية في الأحياء والمناطق السكنية.
وقالوا في الفقرة التاسعة حرمة تضليل الشباب، وتعبئتهم، والزج بهم في أعمال العنف، وما يحصل اليوم لا يُعَدُّ جهاداً بأي وجه من الوجوه.
وقالوا في الفقرة العاشرة حرمة الاعتداء على الأعراض، والاستهانة بها، من خلال السب، والقذف، والتشكيك في النوايا والمقاصد، والتهديدات، والتصوير المسيء.
ثالثاً: قال أهل الهوى ممن ينتسبون إلى العلم ((إن هذه الاعتصامات والمظاهرات السلمية.....الخ»..
سبحان الله عن أي سلمية تنادون وعن أي مدنية تتحدثون
أليست السلمية من المسالمة وضدها التعدي والمزاحمة؟
أليس مصطلح الدولة المدنية، دولةُ علمانية لادينية؟
أيامن تدعون السلمية، أو الصدور العارية, لقد أصبحتم عن الأدلة عارين, وللباطل مناصرين, ولأهل الحق مناوئين.
كفى كذباً على الناس، فقد ظهرت النوايا, وبانت الخفايا, وفي الزوايا خبايا
عصيتم الشارع وقطعتم الشوارع
أُغلقت الدكاكين وخرج أهلها منها مديونين
باع أهل الحي بيوتهم وتركوا أرضهم ودورهم
روعتم الآمنين وأيقظتم النائمين
أحييتم ليلكم بالرقص والأغاني، وقهرتم الناس واعتليتم أسطحهم والمباني
تقنصون الأبرياء, وتسفكون الدماء, تتسببون بقتل الأطفال، وتعذيب الرجال, ثم تعملون لذلك دعاية إعلامية, بكلمات ظلامية ظلمتم العباد، وأكثرتم الفساد
بنيتم في الطرقات الحمامات والغرف، وهذا والله عين الظلم والسرف
يدخل أهل الحي بيوتهم عبر حواجز تفتيش، وهذا تعد واضح وظلم وتطفيش
ثم إن علماء اليمن لم يحرموا التعبير عن الرأي والخروج للمظاهرات وفقاً للضوابط القانونية ولكن حرموها لما ترتب عليها من مفاسد وإليك أخي القارئ نص كلامهم ((المظاهرات والاعتصامات الحالية، في الطرقات العامة، والأحياء السكنية، وما يحدث فيها محرمة شرعاً وقانوناً؛ لما يترتب عليها من مفاسد، كسفك الدماء، والتعدي على الأمن، وقطع للطرقات، وإقلاق السكينة العامة، ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع)) فالأصل أن المظاهرات المعبرة عن الرأي بضوابطها القانونية المعروفة مباحة، لكن إذا صاحبها سفك الدماء، وقطع الطرقات، وإفزاع الآمنين فإن حكم الإباحة عنها يرتفع؛ لذا قيَّد العلماء المنع بحصول المفاسد.
رابعاً: قولهم ((أما ما ذكروه من أن الخروج على الحكام بالقول محرم بالإجماع فإنها دعوة للتفريط في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))
سبحان من أعمى البصائر وجعل الإنسان بين الحق حائر القول بعدم الخروج لا يلزم منه القول بعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما لفت إليه بيان العلماء في الفقرة الأولى عندما استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا من ولي عليه والٍ فرأى منه شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة) رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فمات فميتته جاهلية) رواه مسلم .
خامساً: قولهم ((لقد ظهر في البيان انحياز كامل للسلطة دون مراعاة للحق والعدل ودن مراعاة للحقوق الشعب وحرماته))
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) المائدة : 8
هذا دليل ثان وثالث ورابع على أن القوم لم يقرأوا البيان أصلاً وإنما أصدروا بيانهم للرد عليه حسب إملاءات معينة
ولوكان ذنباً واحداً لاحتملته ولكنه ذنب وثان وثالث
وفيما يلي نورد ما جاء في بيان جمعية علماء اليمن ليعلم الجميع أن العلماء لم يغفلوا في بيانهم أي نقطة ولم ينحازوا لأحد كما زعم أهل الهوى :
1- دعوة علماء اليمن جميع الأطراف إلى تحكيم كتاب الله، وسنة رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وما أجمع عليه علماء الأمة.
2- يدعو علماء اليمن جميع الأطراف إلى رفع المظاهر المسلحة؛ حقناً للدماء، وتحقيقاً للأمن والاستقرار.
3- يدعو علماءُ اليمن وليَّ الأمر إلى العمل على إزالة المظالم(1)، والتوجيه في سرعة البت فيها.
4- يوصي علماء اليمن بالاهتمام بالنازحين في محافظتي صعدة وأبين، والعمل على رفع معاناتهم، والعناية بهم.
12-يدعو علماء اليمن الدولة للعمل على حل قضايا إخواننا المواطنين في المحافظات الجنوبية.
13-يحث علماء اليمن الحكومة على المسارعة في تخفيف معاناة الشعب، وتوفير المشتقات النفطية والخدمية، والحد من التلاعب في الأسعار، ومحاسبة المتلاعبين بها.
14-يدعو علماء اليمن إلى سرعة إخلاء الجامعات والمدارس؛ ليتسنى للطلاب مواصلة التعليم، وكذلك سرعه إخلاء العمائر السكنية، وعدم التمترس بها.
21-يدعو العلماءُ القضاءَ إلى سرعةِ البت في حادث جمعة الـ18 من مارس 2011م.