انتهازية لا مثيل لها..!!

كلمة الثورة

لا يمكن أن تكون أعمال الفوضى والتخريب والتقطع والاختطافات وضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط الوسيلة والأداة المثلى للوصول إلى أي هدف أو غاية، مشروعة كانت أو غير مشروعة، فالفوضى لا تنتج سوى الفوضى والتخريب لا يثمر إلا تدميرا، والاختطافات وتصفية الحسابات مع الأشخاص لا تفضي إلاّ إلى الأحقاد والضغائن والثارات السياسية المقيتة.
ولذلك فإن من المهم ألاّ يغفل أولئك الذين عمدوا إلى بعض الممارسات التي تتعارض مع قيم مجتمعنا وعاداته وتقاليده الحضارية أن إغراق المشهد بأعمال الفوضى والتخريب والاختطافات وترويع الآمنين سينعكس عليهم وسيزيد من نقمة الناس واستيائهم منهم ومن تصرفاتهم غير المسؤولة، بل أنهم بتلك الأفعال يزجون بأنفسهم في مآزق قد لا يستطيعون الخروج منها، خاصة وأن كل المؤشرات تؤكد أن اليمنيين مهما تصاعد الخلاف بينهم يستحيل عليهم القبول بقيام البعض بممارسة أعمال الاختطافات لأشخاص مدنيين من منازلهم أو من طرق عامة، مهما كانت المبررات، لأن عملا كهذا مرفوض دينيا وعرفيا وقبليا وشرعيا وقانونيا وأخلاقيا، لكونه يندرج في إطار أعمال الحرابة والإفساد في الأرض، ولا يملك أحد مسوغا لاختطاف مواطن من شارع عام، حتى وإن كان من الأشخاص المختلف معهم، فما بالنا إذا وصل الأمر حد أن يكون المستهدف بالاختطاف عضواً في مجلس النواب أو إعلاميا أو موظفاً عاديا تم اختطافه بالهوية من الشارع العام.
ولا نعتقد أن بوسع من يلجأون إلى مثل هذه التصرفات -حتى ولو لمجرد المناورة - أن يبرروا مثل هذا الفعل، مهما استخدموا من الشعارات المنتهية الصلاحية، أو حاولوا التكتم على ذلك وغيروا من تكتيكهم وخططهم والأدوار المناطة بالمكلفين بهذه المهمة الغريبة عن الواقع اليمني.
ومن المفارقات العجيبة أن من ظلوا يصمون الآذان بالحديث عن الدولة المدنية، يصمتون اليوم صمت النيام إزاء هذه الأفعال المشينة، مع أنه لو كان الفاعل هو السلطة أو الحكومة لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ولأصدروا البيانات التي تتباكى على حقوق الإنسان، بل ولخرجوا يناشدون مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع الإنساني برمته فرض العقوبات على هذه السلطة وإدانتها.
فأين منظمة «هود» التي ما انفكت تدبج التقارير الملغمة بالصور المشوهة عن اليمن من هذه الممارسات؟
وأين كل المنظمات التي يتردد أصحابها على أبواب السفارات والمنظمات الخارجية صباح، مساء مما يجري في شارع الستين؟
أم أن حقوق الإنسان لا تنطبق في عرف هذه المنظمات إلا على من ينتمون لأحزاب معينة..؟!
وكيف نفهم هذه الازدواجية في المعايير وهذا التلاعب بالقيم؟.. سيما وأن من يمارسون هذا الدور، هم أصحاب منظمات تدعى حياديتها، وأنها لاتقيم مواقفها من منظور سياسي، وأنها لا توجه من بعض الأحزاب.
وعلى الرغم من أننا نعلم تماما من يمول هذه المنظمات العرجاء التي لا ترى إلا بعين واحدة، ونعلم من يدفع لها، ومن تخدم، ولمن تقدم تقاريرها، ولحساب من تعمل إلا أن ما أردناه بطرحنا هو تعرية المزايدات التي يتشدق بها أصحاب تلك المنظمات، التي تتعامل مع حقوق الإنسان بمعايير مزدوجة تنم عن انتهازية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني على الإطلاق.
وما يهم في الأول والأخير هو أن شعبنا اليمني بات على وعي بحقائق الأمور، وصار يميز بين الحق والباطل، ولم تعد تنطلي عليه الأكاذيب والأراجيف، ولم يعد يلقي بالاً لمن يفترون على الحقيقة.