الأخطارُ المُلمَّة و الانحسار الجاثم


كمناشدةٍ في مقدمة المقال
إن لم يكنْ في سُحبكم ماءً
ولا في كفكم سيفٌ ولا نارُ
فغيركم أجدى بأيدينا
وأقوى لِشدِ السيفِ مِغْوارُ "1"
......

تواجهُ الأمةُ الإسلا مية اليوم ضرباتٍ ولطماتٍ ما عادت تقوى على تحملها فتصابُ في دينها وأخلاقها تارة وفي محارمها ورموزِ دينها تارةَ أخرى وهي مقعورةٌ في لُججِ الشتاتِ والتجزّءُ والتقطيعِ وكأن عدوها يمسحُ على رأسها مسحةَ أمٍ حنونِ وربان سفينتها أعطبوها وما زالتْ على الساحلِ جاثية وهم يتخافتون ولا يكاد أحد منهم يلبُثُ ببنتِ شفهٍ حيثُ درجَ عدوها على تكيفها وتخيصها وزجَّ فيها المرضَ العضال والداء القاتل ثمَّ عَمِدَ إلى سحب أعصابها عصباً عصباً حتى ما عادت تحسُ وتتألم إلا ليومٍ أو ليومين إذا لطمتْ بكفِّهِ الحديدية فيهوي بها إلى المحرقةِ الأدنى فالأدنى ويسوقها بأيدي رُعاتها إلى هاوية الهلاك المحتم لولا أن الله استبقى لها وعداً على أن لا يستبيحَ بيضتها فجعل من أبنائها من يغار عليها ويسكن الجبال ويدور في الشوارعِ مُقاتلا أعداء الله وأعداءها وهي تموجِ من ألم إلى ألمِ ولا يمكن أن تنتصر مالم يبدأ المسلمون إصلاحَ أنفسهم من الداخل وصقلِ ذواتهم وتطهير نياتهم وإصلاحِ ذواتِ بينهم فالعالم اليوم يحتاجِ إلى الأخلاقِ والقيم النبيلة وهناكَ مَن يحاربها تحقيقا لرغباتٍ قاتلةٍ تُهضهضُ هذهِ الأمة وتجعلها مِسخاً إمعة شاذة وشاردة في بحور التيهِ والضياع والجمود والتخلفِ والدكتاتورية وعدوها يعيشُ في مرحلة الشباب والفتوةِ والرقي العلمي والتقافي والتكنلوجي فنرى اليومَ عالم بلا فضيلةِ يسيرُ في حال على رأسهِ عُبَّاد الخنازير و أولاد الزنا والفجور رأس مالهم الكذب في تسير سياستهم بطرقِ عكسية تجلبُ لهُم المصالح وتجرفُ دماءنا وتحتلُ أرضنا وتستغلُ ثرواتنا ونحنُ كالعجوز الخائر لا ندري إلى أين تسيرُ بنا القافلة نجدُ أنفسنا في سجنٍ كبير وحواجزَ ثخان يقبعُ عليها حُراسُ سقطت هِممهم وتضاءلت نفوسهم فضلوا وأضلوا وهم يشعرون
فالجاهدُ المسلم يُكَبُُ بهِ في سجون جونتانامو وأبو غريب وسجون الصهاينة في أرض الأسراء والمعراج
وغُزات العراق وفلسطين وأفغانستان يتفيؤنَ المقاعد في الفنادقِ ويشربون الخمور وربما يزنون بأعراضنا مع وجود المناصر اللعين ممن يَدَّعُون الإسلام ويسكنون في أوساطنا يرغبون في المقاعد القذرة ليجلسوا كما جلسَ ألو الذل من القادة ولهم في نفوسه ثأرٌ وفي قلوبهم سواد لا ينتجُ الخير ولا يراه مثلهم كمثلِ الكلب إن تحمل عليهِ يلهث وإن تتركهُ يلهث ومن يرد مُناصرة إخوانه من المسلمين أخذَ إلى السجون وذاق الأمرين ونُكِّلَ بهِ وكأنهُ قاطع طريق بل وقاطعُ الطريق في زمن "بوش عليه لعائن الله" حُرٌ لا عتبَ عليه لأنهُ من الحاشيةِ المؤمركة عربيا! على حد قول الشاعر"2"

ثوبكَ يا خالدُ مزَّقهُ مُبتَّزونْ
لبسوا أثواباً فصلها بلفورْ
ودعا كُلَّ رُعاة الغنمِ الميسورينَ
على حبةِ أفيون لفُّوها
كالنملِ إلى قَبْرٍ مشفوعٍ
بالخمرِ وبالنسوة تبكينا قلِّسرينْ
في أوسلوا
أحقِبةُ الساسة
ضلتْ عن شرفِ العرشِ
وخاضتْ في البحرِ الميتِ تركضهُ
وتحوّلُ قبلتنا نحو الغسقِ الممطور
علينا من تلأبيبْ.

فأخرجوا الأمة من كنانةِ عِزها وشَرَعوا إلى قتلها بالمجموعِ وتبنوا حقوقاً للإنسانِ كشعارٍ زائفٍ فمن يعملُ عل تصفيةِ الشعوبِ لا يمكنُ أن يكونَ حريصاً على حياةِ فردِ وفاقدُ الشيء لا يُعطيهِ وأفلحَ مَن قال على لسانِهم
قتلُ امرءٍ في غابة
جُرمٌ لا يغتفرْ
وإبادةُ شعبٍ كاملٍ
مسألةٌ فيها نظرْ "3"
هذا مذهبهم وهذهِ نحلتهم مع إنا نجدُ من المسلمين الأحرار يعذبون ويسجنون في بلاده وأطانهم وكمثلٍ حي وقريب تحديداً في تاريخ 3/6/2006م عقدت المـحكمــــــةالجزائية المتخصصة جلستها الأولى في أمانةِ العاصمةِ صنعاء لمحاكمة أثنينِ وعشرين متهما تقريباً في قضية تزوير لبطائق شخصية أستخرجوها بغير أسمائهم الحقيقة وعلى إثرها قاموا باستخراج جوازات سفر وصلوا بها إلى سوريا والسعودية قاصدين العراق لمجاهدت مغولِ العصرِ والذَّبِ عنِ إخوانهم وأخواتهم



وبجملةٍ الدفاعُ عنِ الأرضِ والعرضِ والدين وتم ألقبضُ عليهم في سوريا الدولةُ الحرةُ والبعض في السعودية دولة الحرمين وعاصمة المسلمين قضي منهم في السجون السعودية ومنهم في السجون السورية وذاقوا التعذيب المكرتن من " واشنطنْ " فترات متفاوتة تصلُ إلى سنةِ تقريباً حسبَ إفادة المتهمين الشرفاء وبعد هذا تم إرسالهم إلى اليمن ولهم من 2003 /2004م تقريباً في السجون اليمنية على إنفراد لكلِ وأحد زنزانة مخصصة " عن طريقِ المفاجأة وجدتهم في المحكمة كوني أعملُ متدرباً على مهنةِ المحاماةِ وكانتْ لدي جلسة هناك وسمعتُ كلَّ ما دار في الجلسة فوجدتُ العجبَ العُجاب وبعدَ أن قام المدعي العام بتلاوة قرار الإتهام أقرَّ معظمهم بما ورد فيهِ وكان الإحتاج الذي دافعوا بهِ عن أنفسهم أنهم أقدموا على هذا العملِ لهدفِ شريفٍ وهو الذهابُ لمناصرة أخواننا في العراق كون العلماء أفتوا أن الجهاد في أرضِ العراقِ فرضُ وأجبٍ على كُلِ مسلم
وكان من الأكثر تَرَعاً أن يقولَ أحدهم " يا سيدي القاضي الصوماليون في اليمن يمنحونَ البطاقةَ الشخصية اليمنيةَ وهم في بلادنا يزاول بعضهم أعمال غير أخلاقية ولا يمسهم سوء أما نحنُ غيرنا أسماءنا ولم نغير هويتنا ومع ذلكَ نعاقب ونعذب " هذا كلامٌُ مقنعٌ لحالة مثلِ هؤلاءِ إذ القياسُ جائزٌ فيه مع عدم إتحاد العلة ومن الواجبِ على المحكمةِ أن تبحث عن أسباب قيام هؤلاءِ بتغير أسمائهم وهو السببُ أقصدُ معروفا وهو أنَّ الدول العربية تنتشرُ فيها أذناب المخابرات الأمريكية والموساداوية وأكثر من هذا الحكومات مخترقة من داخِلها بعِبادٍ تجري في أوردتهم البيرة الأمريكية ولم يكن هناك أمانٌ لهؤلاءِ فهم ليسوا بعهدِ عمرِ بن الخطاب رحمهُ الله ولا يمتلكونَ جرأة أبي بصير كونهم يعملونَ تحتَ جُهدٍ شخصي وربما لا يمتلكون سياسة تحملهم على مواجهة مثلَ هذا الأمرِ فهم منطلقون من مبدأ ديني بحت وللسياسةِ الدائرة والتكنولوجيا المتطورة وأجهزة المخابرات المنتشرة والمتساعدة حتى من حُكام الإرهابين أنفسهم الذين يقتلون أنفسهم وشعوبهم تحتَ مصطلح الحرب على الإرهاب ويجعلون من الزمنِ لعنةَ ومن الصدقِ كذبا ومن العزِّ هواناً ومن المناصرة تخاذلاً ومن الدفاعِ على المحارمِ إرهابا أصبحَ المحتلُ الأمريكي الذي يزيد عدد جيشهِ النازي في العراق مئة وخمسينَ ألفاً شرفاء أتوا لتحرير الشعبِ العراقي من الطاغية صدام فقتلَ الوليد وهتكَ العِرضَ واستباح الدماءِ وفعلَ الأفاعيل من استخدامِ القمعِ والتنكيلِ الى فضيحةَ سجن أبو غريب إلى مجزرة الفلوجة إلى مجزرة حداثة ومقتل الزرقاوي وإلى و إلى...
حتى أن الرئيس الأمريكي الحر قال بأعلى صوتهِ إنها ستكون حرباً صليبية أيها الساجدون إلى متى ؟
ويقولُ في حربهِ على المسلمين إنَّ حربنا على العراقِ وأفغانستان وغيرها من دولِ "الشرق ِ الأوسط الكبير" يأتي تأميناً لمُدننا وحمايةً لإسرائيل ولفظ الشرق الأوسط الكبير لفظُ لهُ مخاطرهُ ودلالاته وزاد عليهِ الكبير فبشرى لكم يا عرب غنوا مع فيروز !
وبالعودةِ إلى الشأن السابقِ فالشريعةُ الإسلامية توجب المناصرة لكلِ مُسلمِ والدفاعِ عن أرضه وأجبٌ على كُل مسلمٍ في أي قطر من أقطارِ العالم تحتَ مبدأ الأخوة الإسلامية والحفاظ على الكليات الخمس وفي القانون الدولي الذي نشأ على أساس ٍ عِلماني فإنهُ يَعتبـِـرُ المقاتلِ المناصر لكلِّ مَن تربطهُم علاقة الدين أسرى حربٍ إذا ما وقعوا في الأسر وهذا دليلٌ على شرعنتهِ لكل مَن ينصر أخاهُ برابطِ العقيدةِ والأهم من ذلكَ لماذا حين كان المجاهدون يتجهون إلى أفغانستان لمقاتلةِ الروسِ وهو توجه بمحلهِ كانت القيادات العربية تبارك هذا وتدعمهُ واليوم تعاقبُ عليهِ وتحرمه هذا إن دلَّ على شيءِ فإنما يدلُ على أن الحكومات العربية تعملُ لدى أمريكا وكأنها شرطية طائعة وسيادتها التي تزعم زيفاً لأنَّ إرادة أمريكا هي الحاكمة تحركُ هذهِ العصافير كيفَ تشاء معَ أن أحد قواد حلف شمال الأطلسي بعدَ أن هُزمَ الإتحاد السوفيتي بدماءِ المسلمين أجابَ على سؤال:
مَن هو العدو القادم الآن وها انتم بغيركم هزمتم الإتحاد السوفيتي أو ما يسمى بحلف وارسو ولم يبقى لكم مُنافس؟
قال إن عجلة الحربِ لن تتوقف والعدو القادم هم المسلمون مع أن زُعماء العرب ِ والعاملونِ معهم في قيادة مسيرة الذلِ والهوان يعلمون هذا تماماً ويعاشرون هذا الوقعِ المُرِّ وتردي الحالة التي يعيشها كلُ مسلم وهم أكثر عِلمٍ بها وبمشكلاتها مع أنهم أحد الأسبابِ وأهمها على الإطلاقِ في خذلانها ولو كان القادةُ أفذاذاً شُجعان لكانتْ شعوبهم وعُروشهم أحراراً محترمينَ من قبل الدول القاتلة لكلِ شرفٍ فيهم وفي شعوبِ الأمةِ جمعا ولَمَا وصلوا إلى هذا الوضعِ المؤسفِ والحقير يقال في مثلٍ مُتداولٍ في الأوساط المعاشة " قطيعٌ مِن الخرافِ على رأسهم أسدٌ خيرٌ من قطيعٍ من الأسودِ على رأسهم خروفْ "فقد وصل قادة المسلمين إلى التجمدِ وعدمِ القدرةِ على قيادةِ قافلةِ المسير شأنهم شأنُ العبدِ الذي يتقي ظُلمَ سيدهِ وجورهِ عليهِ بالطاعةِ العمياء حتى إذا دعاهُ أخرَِ الليلِ ليركع متوضئاً ببولهِ لفعل فمنِ الأحرى بهم أن يتركوا قيادة القافلةِ لمن هم أقدر على مُواجهة العدو وضربهِ وكسر أنفتهِ فلا يكونوا حجرَ عثرةٍ في طريقِ الرجالِ الأبطال فقد خَبَّلوا شعوبهم وأرهقوهم بالكبتِ والكذبِ والتبعية لأمريكا والصلاةِ إلى تلأبيب فالسماءُ لن تمطرَ نصراً وهم في بيوتهم يعمهون ذاكَ مُحَالْ.

لا يـأتي من ضِرغامِ الشرى عَسلٌ ******* ولا مـــن وحـــــوشِ الغَابِ قِنديلُ 4"

قلم / طلال الحذيفي شاعر وكاتب من اليمن 6/6/2006م صنعاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
"1" طلال الحذيفي
"2" طلال الحذيفي
"3" شاعر مسلم
"4" من قصيدةِ للشاعر طلال الحذيفي

قلم / طلال الحذيفي 6/6/2006م