انتصار أبين.. وبؤس الحمقى!!



تكمن أهمية الانتصار الكبير الذي حققه أبطال القوات المسلحة في محافظة أبين على تنظيم القاعدة الإرهابي، ليس في توقيت هذا الانتصار فحسب، بل وفي إظهاره تصميم اليمن على اجتثاث هذه الآفة الخبيثة من جذورها، وأن اليمن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول إلى ملاذٍ آمنٍ للإرهاب، كما كان يتصورها البعض ممن يبنون حساباتهم ومنطقهم على منظور البيئة الجغرافية والتضاريس الجبلية الصعبة التي تتميز بها اليمن، والتي تتشابه إلى حدّ ما مع التضاريس في افغانستان، التي وجدت فيها عناصر القاعدة الغطاء الواقي لأنشطتها الإرهابية، فضلاً عن أن هناك من تراءى له خطأ وجود تشابه في البيئة الاجتماعية لكلا البلدين، بالاستناد إلى أن كلتا البيئتين قبلية، وهو العامل الذي يؤدي إلى إضعاف قدرات الدولة، كما يعتقد هؤلاء، في فرض قوتها على كل الأجزاء الجغرافية للبلاد.
وبعيداً عن كل تلك الطروحات جاء هذا الانتصار الذي سطره الأفذاذ من أبطال القوات المسلحة في محور أبين عدن لحج، ليؤكد بالدليل القاطع أن اليمن ليست أفغانستان ويستحيل أن تكون كذلك في أي وقت من الأوقات، ولا وجه للمقارنة بين البلدين فاليمن تمتلك مؤسسة عسكرية وأمنية قوية ومتماسكة وحديثة وذات تاريخ من النضال الوطني، قادرة على حمايتها من كل التحديات والأخطار ومن ذلك التحدي الإرهابي، وكبح جماح عناصره المتطرفة.
كما أن الدولة في هذا البلد تمارس سلطاتها وفقاً لقواعد الدستور والنظام والقانون، والقبيلة جزء من النسيج الاجتماعي وليست بديلاً لمؤسسات الدولة.
وبعد كل ذلك فإن ما يجب أن يفهم هو أن معركة اليمن مع الإرهاب وإن كانت تأتي في إطار الشراكة القائمة بين جميع الأطراف الدولية في الحرب على الإرهاب، فإن الأساس فيها هو انطلاقها من رؤية وحتمية وطنية اقتضتها دواعي الحفاظ على أمنها واستقرارها ومصالحها العليا. خاصة وأن الإرهاب قد استهدف اليمن من وقت مبكر سبق أحداث الـ11 من سبتمبر 2001م التي تعرضت لها مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
حيث تركزت الاعتداءات الإرهابية في اليمن على ضرب قطاعات السياحة والاقتصاد والمنشآت الأساسية ليتطور الأمر إلى استهداف المصالح الأجنبية في اليمن مثل الهجوم على المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" على مقربة من شواطئ عدن أواخر عام 2000م، ثم الاعتداء على ناقلة النفط الفرنسية "ليمبيرج" على سواحل حضرموت عام 2002م.
ونتيجة لهذه الأفعال الإرهابية الإجرامية لم يكن أمام الدولة سوى الاضطلاع بواجباتها في حماية المصالح الوطنية ودرء كل الأخطار، التي تستهدف أمن اليمن واستقرارها، أو تنتقص من سيادتها، حيث تم اتخاذ حزمة من الإجراءات لمواجهة وباء الإرهاب وضرب منابته.
ولم تقتصر تلك الإجراءات على الجوانب الأمنية بل تعدتها إلى الجوانب الفكرية والثقافية، بغية تصحيح ما عشعش في عقليات بعض الشباب من أفكار خاطئة عن الدين الإسلامي وعن مفاهيم الجهاد وإعادة الكثير منهم إلى جادة الصواب.
وعليه فإذا كانت اليمن بالانتصار الكبير الذي حققه صناديد القوات المسلحة أمس الأول في محافظة أبين على عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، قدمت هدية ثمينة للمجتمع الدولي عشية الذكرى الـ10 لأحداث الـ11 من سبتمبر 2001م فإنها قد ردت بهذا الإنجاز العظيم على الإرهابيين والانقلابيين والمتآمرين والانتهازيين والحاقدين على اليمن ، ومنهم أولئك الذين سعوا إلى اللعب بورقة الإرهاب بقصد إضعاف النظام واستخدام العناصر الإرهابية في خدمة أهدافهم وأجندتهم وأطماعهم السياسية والحزبية.
وقد كشفت التناولات التي ظلت تبثها الماكينة الإعلامية لأحزاب اللقاء المشترك وجماعة الإخوان المسلمين - التجمع اليمني للإصلاح- ومن لفّ لفّها عن مدى خطورة هذا الاستغلال الخبيث الذي تركز على محاولة تأليب المجتمع الدولي على النظام السياسي القائم في اليمن، والعمل على إظهار هذه القوى بأنها يمكن أن تشكل البديل، في حين أن الحقيقة أنه لولا تماهي تلك القوى مع عناصر التطرف والإرهاب لما قدمت اليمن كل تلك التضحيات الجسيمة في معركتها مع الإرهاب.
ويكفي أن يعرف الجميع أن هناك من بادر من قوى التمرد في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية إلى تزويد عناصر الإرهاب في أبين بالعتاد والسلاح، وهو ما كشف عنه مصدر عسكري بوزارة الدفاع ، مشيرا إلى أن ذلك المخطط التآمري كان يهدف إلى تمزيق الوطن وتدميره وتحويله إلى ساحة مستباحة من قبل عناصر الإرهاب.
فهل هناك حماقة أشد ضراوة وأكثر بؤساً من هذه الحماقة التي استبدت بالبعض وجعلتهم أكثر عدوانية على وطنهم ومجتمعهم؟!.


الثورة نت