كفى يا هؤلاء..!!


لم يستفد أصحاب المشاريع الانقلابية من كل تجاربهم وإخفاقاتهم على الرغم من كثرتها، بدليل أنهم مازالوا يكررون هذه التجارب المريرة، حتى كادوا لا ينتهون من فشل إلاّ ويدخلون في تجربة فاشلة أخرى.
فقد هربوا من انتكاساتهم فُرادى في الدورات الانتخابية إلى تشكيل اللقاء المشترك، الذي جمع في داخله المتناقضات كلها، ليدخلوا الانتخابات الرئاسية عام 2006م مجتمعين وراء مرشح واحد.
وتحركوا بكل قدراتهم ووسائلهم وحيلهم وراء ذلك المرشح الذي جاءوا به من خارج كياناتهم الحزبية والسياسية وقدموه كبش فداء لهوسهم بالسلطة لينتهي بهم المطاف إلى انتكاسة مدوية وصاعقة، تزامنت مع فشلهم الذريع في الانتخابات المحلية.
حيث اكتشفوا أن كسب ثقة الناخبين وأصواتهم في صناديق الاقتراع لا يمكن أن يتأتى من خلال الصوت العالي أو صخب الشعارات، أو القفز فوق الحبال أو عبر أساليب التضليل والزيف والخداع، إلى درجة أن بعضهم ونتيجة للغيظ الذي استبد به صرخ في وجوه قادة أحزاب اللقاء المشترك في أحد اجتماعاتهم بالقول: لقد تحالفتم جميعاً من أجل إسقاط علي عبدالله صالح في هذه الانتخابات إلا أنه أسقطكم مجتمعين بقربه من الشعب وابتعادكم عنه، وحان الوقت إذا ما أردتم أن يكون لكم شأن أن تترفعوا عن مصالحكم الشخصية وعن مشاريعكم الصغيرة، وأن تخرجوا من أبراجكم العاجية لخدمة الشعب بدلا من خدمة الذات الأنانية التي سيطرت عليكم، فصرتم تمارسون السياسة، من زاوية ما تفرضه أهواؤكم وأطماعكم ورغباتكم وليس مما تتطلبه ظروف الوطن وتطلعات أبنائه.
إلا أن تلك النصيحة مرت مرور الكرام لأن من وجهت لهم اعتادوا أن تأخذهم العزة بالإثم وأدمنوا المكابرة والعناد.
ولذلك فقد سعوا إلى التغطية على ما منيوا به من فشل بتشكيل ما أسموه «اللجنة التحضيرية للحوار» التي أرادوا أن تكون جامعاً لكل أطياف العمل السياسي والاجتماعي، وكل من يناصب الحزب الحاكم العداء، إلا أن ما أرادوه لم يتحقق ليقتصر الأمر في النهاية على أحزاب اللقاء المشترك وعدد محدود من الشخصيات التي شاخت وشاخت معها عقولها التي تفكر بها.
ولأن كل المشاريع تستند إلى قاعدة الهدم وليس البناء، فقد اتجهت أحزاب المشترك إلى تأزيم الأوضاع، وإعاقة الاستحقاقات الديمقراطية والتطبيق الانتقائي للدستور، والتمرد على الأنظمة والقوانين، حتى ظهرت الاحتجاجات الشبابية في تونس ومصر، والتي تفاعل معها بعض شبابنا فسارعت هذه الأحزاب إلى ركوب الموجة، لتسرق مشروع الشباب التحديثي، ووأد تطلعاتهم وأحلامهم، بعد أن ركلت هذه الأحزاب أولئك الشباب إلى خارج الساحات، وعلى هذه الطريقة من الركل ظلت مشاريعها الانقلابية تتوالى الواحد بعد الآخر، فمن "المجلس الانتقالي" إلى "المجلس العسكري" إلى "المجلس الثوري" إلى "المجلس الوطني" الذي أعلنته مؤخراً والذي تساقطت أوراقة بأسرع من أوراق الخريف، بإعلان الكثير ممن أقحمت أسماؤهم فيه رفضهم المشاركة في هذا المجلس، الذي أريد له أن يكون مظلة أو غطاء للنزعة الانقلابية الغالبة على تفكير قيادات هذه الأحزاب.
والمضحك المبكي أننا ورغم العدد الهائل من الإخفاقات نجد هذه الأحزاب وقد أدمنت على تكرار أخطائها وخطاياها ملحقة الضرر البالغ بهذا الشعب الذي تريد أن تحكمه اعتباطاً سواء أكان ذلك عبر نشر الفوضى والتخريب والتدمير، أو بإشاعة الفتن والأزمات، ومعاقبة هذا الشعب جماعيا، وقد وجدناها تمارس هذا العقاب من خلال منع الغاز والماء والكهرباء والمشتقات النفطية من الوصول إلى المواطنين، وإقلاق أمنهم، وحرمانهم من نعيم الأمن والأمان، وتحريض أبناء هذا الشعب على قتل بعضهم بعضا.
ألا يكفي هؤلاء ما صنعوه وما تسببوا فيه من الأذى لهذا الوطن وأبنائه؟
ألا يكفيهم ما ارتكبوه بحق هذا الشعب من الآثام، ليعودوا إلى جادة الحق والصواب.. ويدركوا أن الديمقراطية وسيلة للرقي والنهوض الحضاري والتنافس من أجل الأفضل، وليست معولا للتخريب وإذكاء الفتن وإشعال الحرائق، وتدمير الوطن وطعن هذا الشعب من الخلف؟


كلمة الثورة