لم تكن الأنظمة السياسة في المنطقة منذ تشكيلها في مأزق استراتيجي شامل ، سياسي واقتصادي وثقافي.... كما هي الآن،انه مأزق ألازمة لها طابع مشترك دولي وإقليمي وشعبي اجتمعت معا في تقاطع طفح معه الكيل جمع الأطراف كلها في منظومة رغم تناقضها، كان السبب والمسبب في هذا المأزق الأنظمة نفسها التي أوغلت في الشمولية والفردية والارتجالية...جعلت من الدكتاتورية منهجا ومن الأمن ها جسا وكابوسا وسطوة وتعذيب وتهديد وقطع أرزاق... اختفى فيها البعض وسجن آخرين ويأس من تبقى وأحبط حتى افرز تطرفا وإرهابا ...

أزمة برزت مع مخرجاتها ومن تضرر بها اجتمعوا معا يطالبون بالديمقراطية كحل لمشكلة الإرهاب بالنسبة للغرب وأمريكا وحق إنساني وسياسي بالنسبة للشعوب ومؤسساته ارتفعت وتيرته مع تعاضم المشكلات الاقتصادية فقرا وبطالة وفسادا استشرى واصبح حقل الغام تصفه الحكومات نفسها بذلك، توسعت معه فجوة الغنى والفقر فازداد الاغنياء بطرا اقترب من عصر الاقطاع الذي باد واذ به يعود في ثوب عصري احتكر الثروة والنفوذ وأسواق المال يحركها كيفما شاء ولو كان على حساب الغلابى والمعدمين،وأصبح أندية ومنتديات همهم مزيد من الثراء يتسابقون في قوائم الأكثر مالا وثراء فيما يزداد الفقر حرمانا وبؤسا يلهثون جاهدين باحثين عن فرصة عمل تكاد لا تسد قوت يومهم ليقال لهم بعد ذلك هذا فضل أصحاب المال والمشاريع من الإقطاعيين الذي يجب ان يقدم لهم مزيد من التسهيلات والنفوذ وغيرها...؟!

إن سطوة الدكتاتوريات أفرزت سوطا أكثر قسوة من شباب انخرطوا في جماعات كفروا الأنظمة وهاهم الآن يحاربونها دون رحمة توفرت لهم ساحات التدريب والتمويل والتنظيم من سوء السياسات الأمريكية وتخبطها في العراق وأفغانستان وفلسطين صرا عات وقضايا خضعت فيها أمريكا والغرب والأنظمة للعنجهية الصهيونية في بناء كيانهم في صميم الأمة وفرض حلول عليها حفاظا على هذا الكيان...



تشابكت ألازمة وتقاطعت وتعقدت في غير صالح الانظمة بعد أن جزعت أمريكا والغرب معها كما يبدو من المناورات والمساومات والتذرع بالتدرج في تطبيق الديمقراطية والحقيقة أن ما يجري هوا لجمود بل التراجع الخفي عنها ،بدأ ذلك واضحا وأعلن صراحة من قبل المستشار الإعلامي في وزارة الخارجية الأمريكية السيد فرناندو والذي يترجم السياسات الأمريكية للأعلام العربي تحدث في برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة بوضوح حين وصف الانظمة حرفيا بقوله(الانظمة العربية ألعفنه)في معرض حديثه عن الديمقراطية... والعفونة لغة واصطلاحا وبكل المفاهيم السماوية والأرضية تعني ان لا علاج لها ولا إصلاح إلا بالإزالة والتنظيف حتى لايمتد أكثر.. وكان يتحدث بنبرة حادة ترجم فيها ما بيده من سياسات جديدة تجاه الأنظمة في المنطقة...

وبعيدا عن الاستراتيجيات الإيرانية وتصديرها والتي تشكل خطرا على هذه الأنظمة ،وكذلك بعيدا عنف الجماعات وتعاظمها التي تكفر وتريد التغيير بالقوة فأن عظم المشكلات الاقتصادية وعمقها ومنحى السياسات الغربية والأمريكية وتصميمها على تطبيق الديمقراطية ومستوى الوعي الهائل الذي تولد لدى الشعوب عبر الاعلام والفضائيات والانترنت.. جعل الصغير قبل الكبير والجاهل قبل العالم والبسيط قبل السياسي المعارض يدرك المتغيرات جميعها ولم يعد ما يخفى على الناس وهم بذلك يأخذون بمجموعهم وتأثيرهم المأزق الأزمة إلى ذروتها ،والذروة مساحة ضيقة وشاهقة تتعرض للتقلبات الجوية الحادة وغير المتوقعة وطول الانتظار عليها لن يضمن السلامة والمنقذ من تعجل أمره واخذ الديمقراطية الحقيقية حصنا له وملاذ من المجهول...

ان الرحيم في هذا المأزق وهذه ألازمة هم الشعوب التي ما زالت تحتفظ بصيص أمل في التغيير المنشود ولكن حلم الصابر إذا طال تفجر ولا بد من ديمقراطية حقيقية من الفها إلى يائها تضمن حقوقهم وتفرج همهم تقرر بنفسها كيفية التحرير وتحقيق العدالة المفقودة تنصف الفقر وأهله وتعالج البطالة كما يجب دون تردد ومنة تحارب الفساد المستشري ويأخذ فيه الشعب دوره بفاعلية ونشاط وهمة تستغنى فيه عن مؤسسات التنمية السياسية التي عجزت عن إحداث أي حراك سياسي بل باتت تعلن بنفسها ان التنمية السياسة بحاجة إلى تغييرات شاملة...