يوم الوفاء

الأحد , 17 يوليو 2011 م

ستظل الذاكرة اليمنية تحفظ ليوم الـ17 من يوليو عام 1978م بمزاياه المشرقة كيوم من أيام الوطن الخالدة والعظيمة التي أحدثت تحولات كبرى في تاريخ مسيرة هذا الشعب، ليس لكونه قد شهد وصول أول رئيس إلى كرسي السلطة عبر وسائل سلمية وديمقراطية بعيداً عن الطرق التي كانت مألوفة ومعروفة، وهي الانقلابات والتصفيات الدامية، التي كانت الطابع السائد في ما كان يعرف بالشطر الشمالي أو بالشطر الجنوبي ولكن لأن مجيء الرئيس علي عبدالله صالح إلى السلطة وعبر تلك الوسائل الحضارية قد وضع اليمن على عتبات مرحلة جديدة تحققت فيها أعظم أماني وأحلام الشعب اليمني في الوحدة والديمقراطية والتنمية المستدامة، وهي الإنجازات التي كانت بمثابة معجزات، مهما أنكر ذلك الجاحدون والحاقدون، ومن في قلوبهم مرض، الذين لا يخلو منهم أي مجتمع. فمثل هؤلاء المرضى سيظلون مشغولين بأنفسهم وبالعاهات التي يعانون منها. ومع ذلك يبقى من المؤكد أن هؤلاء لايستطيعون التغطية على نور الحقيقة التي هي كالشمس في رابعة النهار، لايمكن حجبها بغرابيل الزيف والنكران والجحود والتضليل.
ولأن يوم 17 يوليو شكل علامة بارزة في تاريخ اليمن المعاصر، فقد تنامت أهميته، بعد أن أصبح يوماً للوفاء بين القائد والشعب. وانطلاقاً من هذا المعنى، نجد أنه كلما عادت هذه المناسبة على شعبنا ووطننا كلما تعمقت مشاعر الوفاء المشبعة بروح المحبة والود الصادق، بل أن هذه المشاعر تزداد اليوم ألقاً وقوة وضياء، وجميع أبناء الشعب اليمني في انتظار عودة زعيمهم وقائدهم، الذي أحبوه وأحبهم، من رحلته العلاجية إلى أرض الوطن سالماً معافى بعد أن منّ الله عليه بالشفاء وأنعم عليه بالصحة، ورد كيد من أرادوا به سوءاً إلى نحورهم.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن من الإنصاف والأمانة القول أن هذا الزعيم قدم - وما يزال- لوطنه وشعبه الكثير والكثير من العطاء الذي يتحدث عن نفسه وتتحدث عنه مختلف مجالات الحياة الجديدة في اليمن، فقد أخرج هذا الوطن من عتمة التجزئة والتشظي والفرقة وحقب الصراعات الدامية إلى نور الوحدة والديمقراطية والتقدم.
بل أنه وفي إطار رؤيته الثاقبة جعل الوحدة تتلازم مع الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية لإيمانه بأنه مهما كانت أعباء ومشاق وأخطاء ممارسة العمل الديمقراطي فإنه وبالديمقراطية تتضاءل الدعاوى الضيقة، والادعاءات الكريهة والموروثات المتخلفة، سواء تلك التي تفوح منها الرائحة النتنة للنزعات المناطقية أو الشطرية أو الانفصالية أو تلك التي تطفح بالعنصرية أو السُّلالية أو الشمولية، باعتبار أنه مهما كانت أخطاء الديمقراطية فإن علاجها لن يكون إلاّ بالمزيد من الديمقراطية.
وهذا الفهم الراقي أسهم في تكريس نهج التسامح الذي ترتسم معالمه ومجرياته على واقع الحياة السياسية بكل تعقيداتها ومنغصاتها وانفعالاتها، وهو النهج الذي لولاه لتحولت اليمن خلال الأزمة الراهنة إلى كرة نار ملتهبة ولانفجرت إلى شظايا تحرق الأخضر واليابس، ولكن حنكة القائد وتسامحه جعلا منه بلسماً يداوي الجراحات ويطفئ الحرائق، ومترفعاً ومتسامياً على الأحقاد والعداوات والضغائن، يقابل الإساءة بالإحسان، وفي ذلك حكمة بالغة، لو لم تكن إحدى خصال الرجل لظلت أيدي خصومه على قلوبهم، ولبقوا يتحسسون رؤوسهم في كل لحظة وساعة وحين .


كلمة الثورة