سلمت لليمن!!


> كانت اليمن الليلة الماضية على موعد تطلع إليه أبناؤها طوال أكثر من شهر بشوق ولهفة وترقب، حيث هفت القلوب وفاض الحنين بالأرواح لهذا الموعد الذي أطل فيه باني نهضة اليمن الحديث وصانع مجده وتحولاته الحضارية، فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية عبر شاشة التلفزيون، متحدثاً إلى أبناء شعبه في الداخل والخارج وإلى أبناء أمته الذين عهدوا هذا الزعيم مدافعاً جسوراً عن قضاياهم العادلة وتطلعاتهم المشروعة، حيث تسمر الجميع أمام شاشات التلفزيون للاستماع إلى ذلك الحديث الذي لم يكتف فيه فخامة الرئيس بطمأنة الجميع على صحته بعد الحادث الإجرامي الغادر الذي استهدفه وكبار قيادات الدولة أثناء تأديتهم صلاة الجمعة في غرة شهر رجب الحرام، بمسجد دار الرئاسة، ولكنه أيضاً حرص على طمأنة الجميع على الوضع في اليمن، وأن هذا البلد سيظل محمياً بإرادة أبنائه وصمودهم في المنعطفات الصعبة، الذين لا تزيدهم الشدائد والمحن إلاّ قوة وصلابة وإصراراً على تجاوزها والتغلب على تداعياتها وإفرازاتها ومصاعبها وإشكالاتها.
لقد اختار القدر، وفي ظل الأوضاع المشحونة بالهواجس ومشاعر القلق التي تنتاب الجميع جراء الأزمة السياسية الراهنة التي يشهدها الوطن اليمني، والتي ازدادت تعقيداً منذ الحادث الإرهابي الذي استهدف رئيس الجمهورية وكبار مسؤولي الدولة، أن يتنفس اليمنيون الصعداء في يوم له الكثير من الدلالات الوطنية في تاريخهم المعاصر، هو يوم الـ7 من يوليو الذي انتصرت فيه الشرعية الدستورية للوحدة والديمقراطية وسقطت فيه الرهانات الانفصالية وقوى الارتداد التي أرادت العودة باليمن إلى عهود التجزئة والتشطير والتشظي الكئيبة. وكأن الله سبحانه وتعالى قد أراد أن يكون مثل هذا اليوم فرائحياً في حياة اليمنيين على الدوام.
لقد اطمأن أبناء الشعب اليمني يوم أمس على رئيسهم الذي أراد له البعض، ممن سكنت في نفوسهم الأحقاد والضغائن ونوازع الإجرام الموت فكتب الله له الحياة المزدانة بحب الشعب بمختلف قطاعاته وشرائحه، الذين غمروا الدنيا بأساريرهم المشرقة فرحاً وأضاءوا سماوات العاصمة والمحافظات وكل المدن والبوادي والأرياف بالألعاب النارية معبرين عن سعادتهم بشفاء قائدهم وزعيمهم، الذي برهن على الدوام على أن الكبير يظل كبيراً مهما تعرض للأذى والتآمر والعدوان، وهي السمة التي لازمت فخامة الأخ الرئيس وهو يتحدث ليلة أمس إلى أبناء شعبه، حيث غلب على ذلك الحديث الشأن العام والهم الوطني، فيما كان الكثيرون يعتقدون أن حديثاً كهذا هو الأول بعد الحادث الإرهابي سيكون مقتصراً على التنديد بمن ارتكبوا ذلك العمل الدنيء، ولكن فخامته أبى إلا أن يكون في المكانة السامقة والرفيعة التي وضع نفسه فيها مؤكداً لكل ضعفاء النفوس أن ما يهم علي عبدالله صالح ليس سلامته وإنما سلامة وطنه وأمن واستقرار أبناء شعبه، وقد جسد ذلك عقب الحادث الإرهابي حينما خاطب أبناء شعبه بقوله: "إذا أنتم بخير أنا بخير".
ولم يكن مستغرباً ليلة أمس أن يأتي حديث هذا القائد الذي ظل في كل الأحوال والظروف يعيش لشعبه ووطنه بتلك الشجاعة والتي تجلت بكل معانيها في إعلانه التمسك بالحوار وترحيبه بالشراكة على أسس دستورية وديمقراطية، رغم كل ما حدث وما تعرض له من استهداف، وتلك هي صفات لا يتحلى بها إلا زعيم فذ كبير بشعبه ووطنه.
وسيسجل التاريخ في أنصع صفحاته للرئيس علي عبدالله صالح أنه استطاع بسموه على الصغائر وإنكاره للذات وترفعه عن التعامل بردود أفعال، صنع تجربة وطنية متميزة في بلد ظلت تتجاذبه التحديات والمخاطر والمؤامرات والدسائس من كل جانب، وأنه تمكن من وضع عقد اجتماعي وسياسي يمني هيّأ أمام القوى السياسية في هذا البلد وسائل التعبير عن نفسها وقناعاتها ورؤاها بكل حرية. ولو أن هذه القوى تعاملت مع ذلك العقد الوطني كخارطة طريق ترشدها إلى الممارسات الصحيحة للعملية الديمقراطية، لما وجدت نفسها تتخبط بين الانجرار للماضي وأساليبه العقيمة وبين محاولات القفز على معطيات الديمقراطية بالمشاريع الانقلابية التي لا تستقيم أو تنتظم مع مبدأ التداول السلمي للسلطة واستحقاقاته التي لا يجوز أن تحل محلها مشاريع الفوضى والتخريب والتي لا ينتج عنها سوى الخراب والدمار.
وفي لحظة كهذه لا نملك إلاّ أن نقول سلمت يا فخامة الرئيس ودمت ذخراً للوطن وإنسانه، وليحفظك الله دائماً في حلك وترحالك.


كلمة الثورة