الهاربون من مصيرهم!!

---------------------------------
البعض - مع الأسف الشديد- لم يستفد من تجارب ودروس التاريخ ولم يتعظ منها حيث ظل أسيراً لعقيدته الانقلابية، وذهنيته المتحجرة والجامدة، التي لم تتغير رغم كل المتغيرات والتحولات والانتقالات النوعية والجوهرية التي شهدتها اليمن خلال العقدين الماضيين، والتي كان يفترض أن تكون كفيلة بإحداث زلزال في عقول مثل هؤلاء، الذين عشعشت في رؤوسهم الأوهام والخيال، إلى درجة أنهم صاروا لا يجيدون سوى التفنن في ممارسة أشكال الانتهازية والوصولية والفساد بكل أشكاله وصوره. ولذلك نجدهم يدفعون البلاد نحو الهاوية، فكلما خرجت من نفق مظلم عملوا على جرها إلى نفق آخر أشد ظلاماً، بهدف تحقيق طموحاتهم وخططهم التآمرية والانقلاب على الشرعية وعلى الدستور، الذي يعتبر عقداً اجتماعياً بين كافة أبناء المجتمع اليمني، ولا ينبغي لأحد الخروج عليه.
ولأن هؤلاء لا يهمهم سوى كيف يحققون مآربهم الخاصة ومصالحهم الذاتية والأنانية، فإنهم ينظرون للديمقراطية من زوايا تلك الغايات الضيقة متناسين أن الديمقراطية ترتكز على الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير، وتستوعب كل الآراء ووجهات النظر، وأن من حق الجميع أن يمارسوها بكل حرية وبدون اللجوء إلى العنف والاعتداءات وممارسة الإرهاب وإقلاق السكينة العامة وقتل النفس التي حرم الله، وإشاعة الفوضى والخوف والخراب والتدمير.
وكما هو واضح فقد هرب هؤلاء من صعدة إلى عدن وأبين وذلك لإثارة الفوضى وإقلاق الأمن والاستقرار وتدمير مكاسب الوطن والشعب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، لاعتقادهم بأنه كلما تعزز الأمن والاستقرار، وتفرغ الناس لأعمال البناء والتنمية فإن ذلك سيكون في غير صالحهم، وأنه لن يكون لهم جاه ولا حظوة إلاَّ في ظل الحروب والفتن والحرائق المشتعلة التي تدفع بالوطن نحو المجهول.
ومثل هذا الإحساس الذي ظل يلازم هؤلاء، كان كافياً لحدوث مثل ذلك التخبط الذي يغلب على مواقفهم، إذْ أنهم وبمجرد أن كشفت أوراقهم وأعمالهم الإجرامية، سواء في حرب صعدة أو في ما تشهده المحافظات الجنوبية والشرقية من أحداث، ركبوا موجة ما يسمى بثورة الشباب ومطالب الشباب في التغيير والقضاء على الفساد المالي والإداري في محاولة يائسة لتطهير أنفسهم غير مدركين أن الشباب يعرفونهم تماماً، وهم على وعي بأهدافهم وخططهم، ولا يمكن للشباب أن ينسوا ماضيهم الأسود المليء بالوقائع المزرية من الفساد والنهب وأعمال التهريب وقتل الأبرياء من أبناء القوات المسلحة والأمن والمواطنين الذين قاموا بالزج بالكثير منهم في محارق الموت لا لشيء سوى إشباع نزعاتهم ونزواتهم وحقدهم على الشعب ورغبتهم في الانتقام من الوطن ومنجزاته.
ولذا فلا غرابة أن يظل مثل هؤلاء يتنقلون من مكان إلى آخر، ويهربون من مصير محتوم إلى مصير جديد، فهم المثقلون بالخطايا والآثام. ويكفي أنهم تسببوا في سقوط أكثر من ستة آلاف وأربعمائة شهيد من أبناء القوات المسلحة والأمن والمواطنين الأبرياء وما يزيد عن ثلاثين ألف جريح في دورات ظل فيها هؤلاء المهووسون بتجارة الحروب يبحثون عن بطولة أو دور أو شهرة أو جاه أو منصب رفيع وبأية وسيلة كانت وأي ثمن كان.
----------------
الثورة نت