بقلمي/ عمر محمد إسماعيل
إني أرى خلف الظلام منارة
ستضيء درب الثائرين
وأرى وراء السد جسرا
مد كف النصر تحت العابرين
يا حاكما بالخبث ارض الطاهرين
ما عاد يحتمل الفؤاد
فارحل لنحيى في وداد
ارحل ليرضى الله عنا والعباد
اترك جراح الصابرين
في النزف تبحث عن ضماد
ما عاد شعبي نعجة حتى يقاد
ما عاد في يدك الزمام ولا الزناد
ما عاد يجديك التمرد والعناد
الشعب ألهمه الإله وقد أراد
فأنصت لإنذار الغرق
أم فيك إحساس الجماد
من أنت ؟!...
كي تقوى على هذا الجلاد
ما أنت ...إلا من ورق
صنمٌ.. من القش احترق
فاجمع بكفك ما استطعت من الرماد
واحمل حقائبك المليئة بالخطايا والسواد
وارحل إلى وادي الجحيم .. اقبع هناك
والحق بفرعون وعاد
أخطأت لا احد سواك
أذنبت وانحرفت خطاك
فارحل بما اقترفت يداك
ارحل فلا وقت لديك
فالعمر مثل الماء يفلت من يديك
هي وصمة ليست تزول بخطبة حمقاء أو وعد يعاد
فاغسل ملامحك التي لطختها بدم العباد
هي لعنة حلت عليك
وهي المكيدة منك قد عادت إليك
فانزع إشارات البطولة عنك
واعرضها على سوق المزاد
ولى زمانك يا مهرج
فاخلع قناعك واقتنع بالابتعاد
أخفقت في دور الملاك
واليوم تجزى بالهلاك
اليوم تشرب ما سقينا
سما زعافا من يدينا
يا لعنة نزلت علينا
من ذا الذي ولاك جلادا علينا
مذ رأينا وجهك المشئوم
والأمطار لا تأتي إلينا
مذ سمعنا صوتك المسموم
والأيام تملئنا أنينا
يا من أتيت تجر خلفك كل أسراب الجراد
أظننت أن الأرض سجنا يحتوي شعبا سجينا
أظننت حقا أننا سنبيع من اجل عيونك ما لدينا
وبأننا لسنا نرى ألاك عونا ومعينا
أخطأت يا هذا فإن الشعب حر ٌ لا يقاد
فارحل ليبقى الحب فينا
ارحل لنحيى في إخاء واتحاد
ماذا أتانا منك غير الخوف
غير القمع غير الدمع
والأوجاع والأحزان والكآبة والسهاد
ماذا منحت الأرض اخبرني؟
فإني لا أرى غير التصحر والتدهور والفساد
اليوم تلعنك القصائد والحروف
اليوم تعصيك الفيالق والصفوف
اليوم تخذلك البيارق والسيوف
اليوم تنبذك البنادق والمشانق والجياد
اليوم تنتفض القبور تدب في الموتى الحياة
فانظر إلى سمر الوجوه انظر إلى عرق الجباه
ترى عيون الكادحين غدت براكين التحدي والعناد
فرعون يا شر العصاة
الشعب كالطوفان عاد
الشعب معجزة الإله
الشعب شق البحر فلتحذر عصاه
ابحث لنفسك عن نجاة
ابحث لنفسك عن شراع
قبل أن ينهار سقفك والعماد
لا ملجئ ينجيك يا فرعون من أمر الشداد
لا عاصم يحميك من غضب القصائد والمداد
لا توبة تعفيك في يوم تخال بأنه من هوله يوم المعاد
اليوم تقتص الشعوب لنفسها
اليوم تقلعك الشعوب بفأسها
فدع الحقول لغرسها
وأفسح مجالا للربيع وللحصاد
اليوم تقتص الشعوب لنفسها
برجالها ونسائها
بشيوخها وشبابها
بصغارها وكبارها
وبجنها وبأنسها
اليوم تقتص الشعوب لنفسها وبنفسها
فاحذر شرارة باسها
قسما ستشوى بلمسها
فلقد أشبت نارها الحمراء من تحت الرماد
اليوم تقتص الشعوب لنفسها
فالويل لك
من صرخة في همسها
من صحوة بعد الرقاد
الويل كل الويل لك
فلكم أعثت بقدسها
ولكم كفرت بفرحها وبأنسها
فكتبت قصة بؤسها
ولكم سعيت لطمسها
وهي التي رسمتك رمزا للبلاد
الويل كل الويل لك
فلكم سحقت زهورها متعمدا في دهسها
ولكم سكبت لها سموما من يديك في كأسها
وهي التي أسقتك ماء الورد لا مر القتاد
اليوم تنتقم الشعوب لنفسها
اليوم تفلت من سلاسل حبسها
من بعدما كبلتها ونفيتها عن شمسها
من بعدما أطفأتها
وصبغت أنجمها المضيئة بالسواد
اليوم تقتص الشعوب لنفسها
اليوم ترجع روحها في رمسها
اليوم تهتف ضد لعنة أمسها
بإرادة لجلالها سجد المراد
اليوم تقتص الشعوب لنفسها
انظر لها
بهرت عيون الناظرين بلبسها
انظر لها
من رجلها حتى أقاصي رأسها
انظر لها
حسناء مشرقة كضحكة شهرزاد
خنساء قد ألقت بأثواب الكآبة والحداد
انظر لها
من رجلها حتى أقاصي رأسها
يا فرحتي إني حضرت في عرسها
وشهدت يوما لا يكرر أو يعاد
Bookmarks