فصل من مسرحية الحياة

[عـــــــادلــــ]

عندما أشرقت شمس الأصيل على أرجاء الأرض لكي تمد الحياة بالدفء والحيوية كان خالد مازال يغط بنوم عميق بعد قضاء الليل بجانب ولده المريض واستيقظ على صوت الهاتف يرن
ألو
خالد مازلت نائم ؟!
أهلا يا سعيد
ما بك متأخر اليوم؟
مرهق يا سعيد طوال الليل وأنا بجانب زياد
مابه
الحمى أنهكت قواه
وكيف حاله الآن
الحمد لله تحسن قليلاً ونام
الحمد لله ، هل ستحضر للعمل
لا أتوقع ، زياد بعد وفاة أمه من اشهر وهو كل يوم يعاني من مرض
يا الله منذ وفاة أمه !!
نعم ، وذهبت به للطبيب وقال انه جسدياً سليم لك يعاني نفسياً من فقدان الحنان
خالد
نعم
ما رأيك لو تزوجت بأخرى تهتم بك وتعوض زياد عن أمه
لا لا أخاف ان تعذبه
لا يا خالد
سعيد سمعنا من القصص ما يجعلنا نتوجس الخوف من أنفسنا
تعال ألي العمل ونتفاهم
لا اعتقد أنى اعمل اليوم
لمَ
وزياد !!
لا تخف عليه ، ما رأيك لو تركته عند زوجتي
صحيح؟!
نعم هيا الآن اخبرها أنا
أشكرك
أسرع
حسناً
مع السلامة
مع السلامة



في المكتب

أهلا يا خالد
اهلا بك ، أشكرك وانقل شكري لزوجتك
نحن اخوة يا خالد لا تقل هكذا زياد مثل ابني حسام
بارك الله فيك
بالمناسبة تحدثت مع زوجتي بموضوع زواجك واخبرتني عن آمراه أرمله يذكرونها بالخير دوماً
سعيد أنا لا أفكر بالأمر
أنت مازلت شاباً … مازلت على مشارف الثلاثين
سعيد ابني قبل كل شي
تقدم لخطبتها واتفق معها
وأنا
قضي الأمر يا خالد

في بيت سعيد

أم حسام
نعم
تلك الأرملة هل ترغب بالزواج
نعم
هل تقبل بخالد
ولمَ لا؟
حسناً اخبريها بالأمر مع انه يشترط أن ابنه قبله في كل شي وأنه غاية رضاه ابنه

تقدم خالد واتفقا على الشروط وتم الزواج بسرعة وبعد أسبوع من الزواج

خالد
نعم يا أمل
ما رأبك لو سافرنا قليلاً في شهر العسل
فكرة رائعة
لكن…
لكن ماذا؟
أتمنى لو كنا وحدنا ، اقصد نترك زياد عند ام حسام
ماذا ؟ هل جننت أنت؟
خالد أنت تعرف اني احبك وتعرف أني احب زياد لكن أسبوع ونرجع فقط
لا لا مستحيل يا أمل
خالد زياد مازال طفلاً ونستطيع ان نسافر اما غداً لا نستطيع
أمل اغلقي الموضوع
خالد حبيبي أفهمني … زياد مقل ابني بل هو ابني ونحن لا نفعل جرماً إنما هو حق من حقوقنا أنا وأنت وسنرجع وقلوبنا مليئة بالشوق لزياد
أمل قلت لا يا أمل
خالد أرجوك
دعيني أفكر
هيا قل حاضر لا تقتل فرحتي أرجوك (( بتغنج))
اف منك قلت لك دعيني افكر
إلى متى هو أسبوع فقط
أوه يا أمل حاضر
صحيح أشكرك يا حبيبي

سافر خالد أمل وبقي زياد عند ام حسام واستطاعت امل ان تقنع خالد بان يمدد الفترة لأسبوعين وكانا في غاية السعادة كأنهما طائرين من طيور الجنة ثم عادا ، كان عمر زياد آن ذاك 5 سنوات
ومرت السنون حتى بلغ عمره 10 سنوات وفي ذات يوم

أبي
نعم يازياد
اريد ان اتكلم معك
ليس الان
بل الان
ماذا تريد
سمعت احدهم يقول ان امي قد ماتت وان هذه المرأه ليست امي
صحيح
لمَ لم تبخرني
مازلت صغيراً على ذلك وهي بمثابة امك
لا هي ليست امي ، امي ماتت
زياد عيب عليك

في هذه اللحظة كانت أمل واقفة خلف الباب وسمعت الحديث وسكتت وحملت في قلبها كرهاً لزياد وأمه التي لم ترها… وبعد خروج خالد من عمله

زياد يا زياد
نعم
تعال الي
نعم
اسمع يا حقير ، اذهب للمطبخ واغسل الاواني بسرعة
ماذا ؟؟؟ وأين الخادمة
قلت لك اذهب وإلا ضربتك
لن اذهب
ستذهب

وضربته بالسوط … وفي المساء وعندما عاد خالد من عمله

حبيبي خالد
نعم
هل صدقاً تحبني
نعم ، ومن قال غير ذلك ، احبك واقتل نفسي من اجل عينيك ، انت تحملتني انا وولدي
آه زياد ، سامحه الله
ما الأمر يا امل
لا شي
بل قولي لي ما الامر
زياد شتمني اليوم وتهجم علي وقال لي باني لست الحمد لله (( ببكاء مصطنع))
زياد فعل ذلك؟
بل فعل ما هو اشد من ذلك
ماذا ؟
قلت له لم َ يا ابني؟ ، قال لا تقولي ابني انت لست امي ، انت قتلت امي واخذت ابي منها
النذل
خالد لا تغضب مازال صغيراً
اصمتي ، سأعلمه الأدب ، زياد زياد
نعم يا ابي (وهو خائف)

وقبل أن يتكلم صفعه على وجهه وضرب ضرب مبرح حتى اغشي على زياد وحبسه في غرفته وتركه

خالد ياحبيبي لاتغضب منه ، لو قلت له فط هذه امك وتركته
انت حنونه جداً
هذا ابني يا خالد ((تبتسم بخبث))

في الصباح خرج خالد من المنزل وذهب للعمل وترك زياد وامل في المنزل ، استيقظت امل وقت الضحى والقت نظرة على ارجاء المنزل ووجدت زياد في غرفته طريحاً كما هو ، بدأت تفكر بمكيدة جديدة توقع فيها هذا المسكين بين المطرقة والسندان ، فكرت وفكرت ، والمسكين لا يتحرك بل نائم من شدة الآلم ،، وبدا الشيطان يساعدها في التفكير ، قولي بانه شتمك ، لا ، قولي بانه اتهمك بعرضك ، لا ، ماذا اقول ماذا اقول ، أها وجدتها ، وذهبت للمطبخ وجرحت نفسها بيدها في مكان ظاهر للعين وعندما عاد خالد للمنزل من العمل متعب جداً قال

أمل اني جائع اين الطعام
لم اجهز شي
لم َ (( بعصبية ))

قامت تبكي

ما بك
زياد
مابه
كنت نائمة وحاول قتلي بسكين واستطعت ان امنعه بيدي وجرحني هنا
ماذا ؟؟ اللعين
خالد ارجوك لا تقل له شي
بل سأقتله بالسكين ذاتها
خالد
اسكتي

ذهب خالد كالمجنون لا يرى شي لغرفة زياد وضربه وضربه حتى ان اشداء الرجال لا يتحملوه واحمى السكين ذاتها على النار ووضعها على فخذ زياد واحرقه وخرجت كل معاني الأبوة والمشاعر الإنسانية من قلب خالد
استطاعت امل ان تسيطر على قلب خالد واستطاعت ان تجعله كدمية بيديه يقلبها كيفما شاء
أما زياد كانت حالته سيئة للغاية لدرجة انه كان جثة هامدة لا يتحرك لمدة 24 ساعة بعد ذلك بدا يفيق لنفسه شيئاً فشيئاً و أحس بالجوع فهو لم يأكل لمدة تزيد عن 36 ساعة وبدا يئن أنين الثكلى على ولدها
في هذه الأثناء دخل خالد الغرفة فوجده كذلك فتحركت به مشاعره لكن اعتقاده على انه يربي زياد منعه من الاطمئنان عليه وأصابه الضيق واستطاعت تلك الخبيثة من ان تجعله ينسى موضوع زياد

استطاع زياد بعد فتره من الزمن من ان يتحرك لكن بصعوبه ومن حسن طالعه ان زوجة ابيه اصابتها الحمى فكانت تنام على السرير فكانت فرصة لياكل زياد من المطبخ كانه لص وبعد أيام تحسن زياد قليلاً وانشغل الأب بمرض زوجته فهرب زياد من المنزل وبدا يهيم بالمدينه لا يدري اين يذهب واين يعيش وبالصدفة التقى برجل حسن الملبس وسيم تظهر عليه علامات الثراء وكان يراقب زياد منذ فترة من الزمن فقال له :

ما بك يا صبي؟
لا شي
اخبرني لعلي أستطيع مساعدتك
قلت لك لا شي

حاول معه الرجل إلى ان استطاع ان يخطفه ، لأنه يتاجر بأعضاء البشر
اما خالد فبعد هروب زياد من المنزل فاق لنفسه وعرف خطأه فاصبح حزين ***ر البال وزاد حزنه مرض زوجته الذي قرر لها الاطباء انه لا شفاء من مرضها إلا الموت فقد تحولت الحمى الى مرض عضال لا شفاء له وكل يوم تموت أمامه الاف المرات من الألم وهو لا حراك بل اصبح الهم همين هم زوجه وهم ابن
أما زياد فبعد خطفه قتله وشرحه وقسمه الى اعضاء وتاجر به
وتلك الزوجة الجميلة المظهر الخبيثة المخبر فلم تستطع ان تقاوم الم المرض فتحاملت على نفسها وقتلت نفسها
اما خالد فعندما رأى زوجته قد انتحرت وفقد الأمل بولده اصابته جلطه بالدماغ نتج عنها شلل نصفي تطور به بسرعة الى انه توفي دماغياً ثم انتهى تماماً في غضون ساعات لأنه بالبيت لوحده

وهكذا تستمر مسرحية الحياة بعد أن اغلق ستار فصل من فصولها كان جميلا ورائعاً وتحول كابوساً وشبحاً مفزع في ليلٍ حالك

إن انعدام المبادئ والسير وراء العاطفة كان اكبر سبب في حياة خالد لتحولها من جنة الى نار ، وليعلم الجميع أن الله لايهمل بل يمهل فهذه امل عاقبها الله بظلمها لزياد بعقاب عاجل ، وزياد عانى من غلطة ابيه فهام وضاع ومات وهو في عمر الزهور الربيعية

منقول