الحرب الإلكترونية من يصدها !؟
بقلم/ نزار العبادي
-----------------------
فيما ينهمك العالم العربي بفوضى ساحاته السياسية والفتن الداخلية الاستنزافية مع التنظيمات المتطرفة التي تفتك ببلدانها الإسلامية تحت شعار “معاداة أمريكا وإسرائيل”, انتقلت إسرائيل مؤخراً من حلبة الحروب التقليدية إلى جبهات الحروب الإلكترونية والقوة التدميرية العصرية العابرة للقارات لتستبق برامج التحول التقني العربي بما يدمرها.
الأسبوع الماضي اجتمع وزراء عرب في الرياض في مؤتمر بحثوا فيه استخدام تنظيم القاعدة للانترنت ويومها قررت السعودية فرض عقوبة السجن لعشر سنوات وغرامة 2.6 مليون دولار على من ينشئ موقعاً الكترونياً متطرفاً.. أما إسرائيل فهي قبل (12) عاماً بدأت بإنشاء جيشها الإلكتروني الهجومي وليس الدفاعي، فاستحدثت الوحدة (8200) في جيشها والتي تتألف من آلاف العقول المتخصصة وأحدث التقنيات العالمية التي مكنتها من تبوؤ صدارة مطلقي هجمات الانترنت على مستوى العالم وخلال العام الماضي بدأت بتجنيد خريجي الثانويات في أكاديمية خاصة يصبحون بعد سبع سنوات ضباطاً يقودون حروبها الإلكترونية في شن الهجمات على البنوك والشركات والوزارات وأي شبكات خدمية أو صناعية تستخدم الحواسيب والانترنت وهي المفاجأة التي ستصعق العرب.
وفي الوقت الذي اتجهت دول عربية عديدة خلال العامين الماضيين لإبرام صفقات شراء أسلحة بعشرات مليارات الدولارات، فإن دول العالم الأخرى اتجهت في نفس الفترة لتطوير قدراتها في الحرب الإلكترونية, وبالتالي فإن الأسلحة الحديثة التي نشتريها والتي تعمل بأنظمة إلكترونية تطلقها لن تكون لها أي قيمة طالما العدو متفوقًا بقدراته الحربية الإلكترونية القادرة على تعطيل أنظمة الاطلاق والتوجيه، وشل شبكات الرادارات، بل واختراق الحواسيب والتجسس على الخطط والبيانات المختلفة، كما حدث في سبتمبر 2010 حين هاجمت إسرائيل مفاعل بوشهرالإيراني بفيروس (ستكنست) الذي فتك بنحو %60 من الحواسيب وأدى إلى انخفاض قدرات أجهزة الطرد المركزية للمفاعل.
إن إسرائيل ليست وحدها من يبني جيشاً إلكترونياً، بل إن وزارة الدفاع الصينية أقرت عام 2001م (الورقة البيضاء) الرامية إلى بناء جيش حديث قادر على كسب حروب المعلومات بحلول منتصف القرن الجاري وذلك لمواجهة التفوق العسكري لحلف الناتو وواشنطن, كذلك انجلترا وضعت في يونيو 2009م استراتيجة الأمن الإلكترونية وأنشأت وحدة خاصة بذلك دشنت عملها في مارس 2010م.
أما الولايات المتحدة ورغم امتلاكها التقنيات فهي لم تدخل هذا المجال إلا في مايو 2009م حيث أقر البيت الأبيض وثيقة أوباما حول مراجعة سياسة الفضاء الإلكتروني، فأنشأت بعد عام من ذلك قيادة الانترنت (سايبركون) المؤلفة من ألف شخص من نخبة القراصنة والجواسيس الإلكترونيين المحترفين الذين يعملون تحت قيادة الجنرال (اليكساندر) وحالياً هناك تنافس كبير في بناء القدرات الإلكترونية الهجومية والدفاعية بين كل من إسرائيل والصين وروسيا (في الجانب الهجومي) وانجلترا وفرنسا وأمريكا والهند والباكستان وكوريا وكوريا الشمالية وإيران (في الجانب الدفاعي) فيما لم يشهد العالم العربي أي محاولات مؤسسة متطورة على صعيد الحرب الإلكترونية.
في كثير من الأحيان تنظر الحكومات العربية للحرب الإلكترونية بشيء من الاستخفاف لأنها تعتقد أن بناها التحتية لم تصل إلى مستوى إدارة شبكات الكهرباء والماء والهاتف بمنظومات الكترونية تتولى ذاتياً مختلف العمليات التشغيلية والإدارية فيما البنوك والشركات غالبيتها العظمى أجنبية ولا تتحمل الحكومات مسئولياتها، ورغم أن ذلك التفكير قاصر ولا ينظر إلى الأثر الاقتصادي فيما لو استهدفت منظومات المطارات والموانئ والاتصالات وعجزت البنوك الكبرى والشركات النفطية وغيرها عن القيام بوظائفها الاعتيادية.
ولو نظرنا إلى جانب الأمن العربي وما قد يواجهه من خطر جراء تخلف قدرات الدفاع الإلكتروني من الهجمات التجسسية والتخريبية لأصابنا الذهول واستشعرنا حينها أهمية المبادرة لإنشاء منظومة أمن الكتروني عربية تكون نواة أي مشاريع قطرية .. وليتذكر الجميع أن أمريكا لم تنجح في تدمير العراق عام 1991م إلا بعد أن عطلت منظوماته الإلكترونية فتوقفت الرادارات والصواريخ المضادة للطيران وعجز طياروه عن التحليق بدون اتصال.