مقال رائع احببت ان انقله اليكم


ثورة الـ«بو عليلي» ؟!
الإثنين * 31 يناير 2011 م
> فگري قاسم

تكرّم فخامة الرئيس الأسبوع الفائت، ووجّه بزيادة رواتب الموظفين ومنتسبي الأمن والجيش. الأمر جيد، ولكن من هو الذي بوسعه أن يتكرم الآن ويوجه وزير المالية بتحسين وضع الرئيس؟ خصوصاً وأن راتب رئيس الجمهورية وفق توصيف وزارة المالية اليمنية لا يزيد عن 2500 دولار في الشهر! يعني 500 ألف ريال في الشهر أو تزيد قليلاً، وكأنه راتب رئيس نادٍ «مش» راتب رئيس دولة «محترمة» كاليمن!
أنا شخصياً متعاطف مع الرئيس صالح هذه المرة.. ينبغي على وزير المالية أن يحترم نفسه، ويرفع راتب رئيس الجمهورية بما يتناسب مع حجم المسؤوليات والمهام التي يقوم بها.
وبالنسبة إلى رئيس إنسان، ويعول أسرة كبيرة من الأبناء والإخوة وعيال الإخوة والأنساب والأصهار والأخوال والمقربين من الحاشية وأبناء الحاشية تماماً كما هو حال الرئيس «صالح» فإن ذلك الراتب الزهيد لا يساعد على الزهد أبداً، بل إنه يصير راتباً سخيفاً، ويقول للرئيس - أي رئيس كان ـ «وإن شفت شي في طريقك واعجبك شله» كما يغني الفنان المرشدي.
تخيلوا مثلاً لو أن الرئيس لا يأكل ولا يشرب، ويعطي لكل واحد من أفراد عائلته 50 دولارًا من مرتبه الزهيد؟ بالتأكيد سيأتي ثاني يوم من الشهر وفخامته «يبرطع» وراء أمين الصندوق ليستلف حق القات. «ومش معقول أبداً»، رئيس جمهورية طول يومه وهو يلاحق المشاريع التنموية، ويلاحق القاعدة، ويلاحق المتمردين، ويلاحق الانفصاليين، ويلاحق الانتخابات، ويلاحق المعارضة، ويزيد «كمان» يلاحق أمين الصندوق!. الأمر فيه كثيراً من الظلم، ولا أحد يشعر بما يعانيه الآخرون للأسف.
وبالنسبة لأولئك الذين يتحدثون عن أن الرئيس «صالح» ورث السلطة لأفراد عائلته أقول لهم: لا توريث ولا حاجة، الأمر كله متعلق بالراتب.«ما تشتوه يفعل؟ يموت جوع هو وجهاله؟ وإلا يجلس منتظر لحوالة مالية من أحد أبنائه المغتربين في السعودية مثلاً»؟!
المشكلة ولا واحد من عائلة الرئيس مغترب، نحن الشعب المُرَفَّه فقط «مطعفرين» في كل «زوّة» من زوايا الأرض لهثاً وراء لقمة العيش. لذا لم يكن أمام الرئيس ليحافظ على راتبه الشحيح إلا أن «يتحارف» على الدولة ويوظف كل أفراد عائلته «ليتخارج» من التزاماته السخية تجاههم، «ومن هات إدي.. وقلك توريث»!!
لا توريث ولا حاجة..نحن نظام ديمقراطي جمهوري تعددي، وكل الذي فعله فخامة الرئيس أنه، بس - ركزوا على بس هذه - أوجد لجميع أفراد أسرته ومقربيه وأبناء حاشيته وأصدقائه المقربين وأبنائهم وظائف عليا في البلد ليعتاشوا منها، وهجع نفسه من وجع الدماغ.
والحمد لله كلهم طلعوا «باشتين» وأصبحوا – بما فيهم عيالهم وعيال عيالهم- موظفين كبار ورجال دولة وتجاراً وقادة وضباطاً ومحافظي محافظات ورؤساء مؤسسات وقادة معسكرات، ولا عد واحد منهم – الآن- يمسك حتى ريال واحد من راتب الرئيس. كلهم ما شاء الله بيشتغلوا ويطلبوا الله ما عد باقي إلا إحنا الشعب «الفرغ بني الفرغ» عاطلين وجالسين نشغل الرئيس: ما فيش سكر، ما فيش رز، ما فيش كهرباء، ما فيش طريق.. كم سيكون جهده يعني!؟
و«بعدين مش إحنا نظام ديمقراطي جمهوري تعددي»، ولابد أن نعدد مصادر الدخل. يعني نكون مشايخ وتجاراً وقادة وهكذا.
الآن - طبعاً - وقد أمّن مصادر دخل كل فرد في عائلته، يمكن لفخامته أن يدخل براتبه جمعية مثلاً.. ويقدر «برضه» يشتري سيارة بالتقسيط أو يشتري أرضية مثلاً، دون خوف من أن ينهبها عليه أي متهبش، وما أكثرهم في بلادنا!
وكما قلت لكم: نحن نظام ديمقراطي تعددي.. لا توريث للسلطة، لا توريث للمشيخة.. لا توريث للوظيفة العامة.. لا توظيف من أصله، وهم حمران العيون يعني بقوا لنا حاجة!؟
ولو جينا للصدق، فإننا كشعب ينبغي علينا أن نحمد الله كثيرًا على صبر الرئيس علينا، خصوصًا حين نقارن بين راتبه الشهري وما يتقاضاه رؤساء الدول الأخرى من رواتب شهرية. حينها فقط سنقول: الحمد لله أن الرئيس علي عبدالله صالح لم يزل متماسكاً إلى الآن، ولم يذهب لإحراق نفسه أمام وزارة المالية للمطالبة بتحسين وضعه كرئيس دولة.
طبعاً لو فعل ذلك وذهب لإحراق نفسه - يا ساتر لا تكشف - والله إن العالم كله سينسى ثورة الـ«بوعزيزي» في تونس، وسينشغل متعاطفاً مع ثورة الـ«بوعليلي» في اليمن.