أكثر من انتصار!!
--------------------
إيجابيات كثيرة ومكاسب كبيرة ونجاحات متعددة تحققت في اليمن من خلال العرس الرياضي الكبير المتمثل في خليجي 20 الذي جمع أبناء اليمن بأشقائهم في دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، حيث توطدت أواصر العلاقات الأخوية وتعززت وشائج الود والمحبة بين أبناء هذا البلد الكريم والمضياف وأشقائهم، الذين لمسوا عن قرب مدى مكانتهم ومعزتهم في وطن الحضارة ومنبع العرب الأول.
وبالمقابل فقد تمكن اليمنيون من التعبير عن أنفسهم وما يختلج في صدورهم من ثقة بالنفس وشعور وطني، وما يحملونه من أحاسيس جارفة تجاه وطنهم وقيادتهم السياسية وتجاه إخوانهم وأشقائهم من ضيوف اليمن، ليقدموا بتلك اللوحة من التلاحم العميق والحماس والتفاعل رسالة واضحة للقريب والبعيد بأن اليمن ستظل أرض الطهر والنقاء والأمن والأمان والسلام والاستقرار لا تهزها الأراجيف ولا الفرقعات الإعلامية وحملات التضليل والتشكيك والزيف والخداع التي حاولت تصوير هذا البلد كمأوى وملاذ للإرهاب وعناصره المتطرفة، وبلد تتجاذبه بذور الصراعات بما ينطوي عليه هذا الطرح من مبالغة وتشويش وتشويه ومغالطات تتصادم كلياً مع حقائق الواقع في اليمن، الذي لم يكن يوماً ولن يكون ملاذاً للإرهاب أو ساحة لأي صراع من أي نوع كان، لأنه بإعادة وحدته الوطنية في الـ22 من مايو عام 1990م أغلق كل ملفات الماضي البغيض، وإذا ما بدت بعض الممارسات السيئة لقلة قليلة من الخارجين على النظام والقانون، فإن مردها هوس تلك القلة التي أفضى بها جنونها وحمقها إلى عدم استيعاب حقائق الواقع اليمني الجديد. ومثل هؤلاء لا يشكلون أي رقم ولا تأثير لهم بأي قدر كان في الوسط الاجتماعي فهمهم ينحصر في الحصول على بعض المكاسب والمغانم والمصالح الأنانية الضيقة من وراء تلك الزوابع التي يثيرونها في بعض وسائل الإعلام.
وما يتفق حوله الكثير من المراقبين هو أن اليمنيين قد وجدوا في خليجي 20 الفرصة الملائمة للرد المناسب على كل من أراد الافتئات عليهم بالأكاذيب والأراجيف، واختاروا أن يكون ذلك الرد من خلال اسلوب حضاري يليق بهم كمجتمع حضاري منذ الأزل، وليس هناك ما هو أبلغ من تلك اللوحة التي رسموها على مدى أيام هذا الحدث الرياضي في استادي "22 مايو" بعدن و"الوحدة" بأبين والساحات المجاورة لهما والطرق المؤدية إليهما، فقد هب أبناء عدن وأبين ولحج والضالع وكافة محافظات الوطن رجالاً ونساء، شيوخاً وشباباً وأطفالاً ليرسموا تلك اللوحة الوطنية التي عبروا فيها عن وفائهم وحبهم لوطنهم ووحدتهم ومبادئ ثورتهم ونهجهم الديمقراطي وليذهلوا بتلك اللوحة الوطنية كل من تابع ذلك المشهد عن قرب أو عبر الفضائيات أو وسائل الإعلام الأخرى، وما كان لتلك اللوحة أن تكتسي ذلك الطابع البهيج والبهي والمدهش، لو أنها كانت مجردة من البعد الوطني.
إذ لم تكن تلك الجماهير الغفيرة التي احتشدت من كل أرجاء اليمن قد تدفقت لمجرد مشاهدة مباريات كرة القدم فحسب، بل أنها أرادت أيضاً أن تعلن هزيمة أولئك المزوبعين والمغرضين والحاقدين والفاشلين والمتربصين والأنانيين الذين لا يهمهم شيئا سوى إشباع مطامعهم ونزواتهم وملذاتهم عبر المتاجرة الرخيصة بسمعة هذا الوطن وقد أكدت الجماهير اليمنية لهؤلاء وأمثالهم أن هذا الشعب سيبقى على قلب رجل واحد، وفيّاً لمبادئه وثورته ووحدته ومنجزاته ومكاسبه وأنه بالفعل قادر على الدوام على كسب الرهانات الصعبة وقادر على تجاوز المصاعب والتحديات والملمات باقتدار وجسارة وصلابة وصنع مستقبله الأفضل وغده المشرق بتلاحمه وتماسكه وإرادته الحرة.
وبالفعل فقد انتصر اليمنيون وانتصر الوطن بذلك الموقف الجماهيري الذي عكس بالدليل القاطع أن هذا الشعب يحب وطنه بصدق وإخلاص لا يوصف، وأن الوطنية بالنسبة له ليست شعاراً يتردد أو عبارات تلوكها الألسن وإنما هي التزام وثابت أصيل يسكن في قلبه وعقله، ومحفور في وجدانه.
لقد انتصر اليمن سياسياً ومعنوياً بتلك اللوحة الجماهيرية التي تنافس فيها كل أبناء الوطن من أجل إعلاء شأن اليمن، وانتصر اليمن تنموياً بتلك المنجزات الكبيرة والعملاقة التي تحققت في محافظات عدن وأبين ولحج من منشآت رياضية ومرافق إيوائية وخدمية ومشاريع كهرباء وإنارة وطرق وبنية تحتية، وانتصر اليمنيون جميعاً لأنفسهم وهم يخرسون ألسنة كل الموتورين والمأزومين والمرجفين والمغرضين والحاقدين والمتآمرين سواء كانوا بيننا أو في الخارج. ولم يكتفوا بلجم تلك الأصوات المسعورة، بل أنهم قدموا درساً صريحاً جسدوا حقيقة أن الوطن اليمني كبير بأبنائه الشرفاء والمخلصين وكبير بتاريخه وحضارته وإنسانه الوفي وكبير باعتزاز أبنائه بيمنيتهم وهويتهم الوطنية، وهؤلاء هم وحدهم من يستطيعون أن يحققوا التحولات العظيمة والتطلعات النبيلة والأهداف المنشودة وهم وحدهم من بمقدورهم أن يرتقوا باليمن وأن يضعوه في المكانة التي تليق به بين الأمم.
أما الصغار فسيظلون صغاراً وأقزاماً مهما جمعوا من المال الحرام وراكموا من الأرصدة وبالغوا في التسول والارتزاق، فمن يتخلى عن هويته وانتمائه الوطني لا عزة له ولا كرامة وسيظل مطأطئ الرأس تلاحقه اللعنات والخيبة والحسرة والندامة .
وصدق من قال أن الوطن النظيف يصعب عليه أن يقبل في داخله النبتة الشريرة والخبيثة .
------------
كلمة الثورة