Results 1 to 5 of 5

Thread: كل ما يهم حجاج بيت الله

  1. #1

    الملتاع's Avatar
    Join Date
    Oct 2005
    Posts
    361
    Rep Power
    234

    كل ما يهم حجاج بيت الله

    كما تعلمون اخواني واخواتي اننا في هذة الايام المباركة مقبلون على آداء ركن من اركان الاسلام الخمسة وفريضة عظيمة .. الا وهي حج بيت الله الحرام .. وخدمة لاعضاء منتدى شباب اليمن وكل يمني المقبلين على الحج انقل لكم هذا الموضوع الشامل عن فريضة الحج وكل مايخص الحاج والحاجة من امور تتعلق بهذا الركن العظيم من اركان الاسلام ..سائلاً المولى عز وجل ان ينفع بها وأن يجعلها في موازين اعمالنا وان ينفعنا بأجرها ...

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    **حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ..وقوله صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا )..
    ** الحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر . .
    ** الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن ، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله ، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته . ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم ..
    ** المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً ..
    ** الإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة..
    ** القران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً ..
    ** التمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج ( وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة ) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام..
    ** افضلها التمتع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وهنا سأبين صفة التمتع .. والمواقيت وطريقة لبس الاحرام ..
    إذا وصل المسلم إلى الميقات ( والمواقيت خمسة ) يستحب له أن يغتسل ويُطيب بدنه ، لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل عند إحرامه ، ولقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ) ويستحب له أيضاً تقليم أظافره وحلق عانته وإبطيه ..
    المواقيت :


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    1-
    ذو الحليفة ، وتبعد عن مكة 428كم . .
    2- الجحفة ، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم ، وهي الآن خراب ، ويحرم الناس من رابغ التي تبعد عن مكة 186كم .
    3- يلملم ، وادي على طريق اليمن يبعد 120كم عن مكة ، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية .
    4- قرن المنازل : واسمه الآن السيل الكبير يبعد حوالي 75كم عن مكة .
    5- ذات عرق : ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة ، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق

    تنبيه

    هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم ..
    ** من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات ...
    ** من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بعد ذلك يلبس الذكر لباس الإحرام ( وهو إزار ورداء ) ويستحب أن يلبس نعلين [ أنظر صورة ] ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين)

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال ، دون أن تتقيد بلون محدد . ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) ..ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب ، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام ) ..
    ثم بعد ذلك ينوي المسلم بقلبه الدخول في العمرة ، ويشرع له أن يتلفظ بما نوى ، فيقول : ( لبيك عمرة ) أو ( اللهم لبيك عمرة ) . والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه ، كالسيارة ونحوها ..
    * ليس للإحرام صلاة ركعتين تختصان به ، ولكن لو أحرم المسلم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل ، لفعله صلى الله عليه وسلم 8.
    *من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .
    * للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه . كالمرض أو الخوف أو غير ذلك ، فيقول بعد إحرامه : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية .
    * ثم بعد الإحرام يسن للمسلم أن يكثر من التلبية ، وهي قول : ( لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) يرفع بها الرجال أصواتهم ، أما النساء فيخفضن أصواتهن ..
    ثم إذا وصل الكعبة قطع التلبية واضطبع بإحرامه [كما في صورة 3 ] ، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه ( أي مسح عليه ) وقبله قائلاً : ( الله اكبر ) ، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده . فإن لم يستطع استلمه بشيء معه ( كالعصا ) وما شابهها وقبّل ذلك الشيء ، فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه – دون أن يُقبلها – قائلاً : ( الله أكبر ) ، [ كما في صورة 4 ]، ثم يطوف على الكعبة 7 أشواط يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به ، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه ، فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير – كما سبق – ، ويفعل هذا أيضا في نهاية الشوط السابع .
    أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه استلمه بيمينه دون تكبير ،[ كما في صورة 4 ]، فإن لم يتمكن من استلامه بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر ، بل يواصل طوافه ...
    ويستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) [ كما في صورة 4
    ]...


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    * ليس للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله فلا حرج .
    * يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه . والرَمَل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في طوافه ..
    * ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند طوافه ، لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل أن يطوف . .
    * إذا شك المسلم في عدد الأشواط التي طافها فإنه يبني على اليقين ، أي يرجح الأقل ، فإذا شك هل طاف 3 أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي .
    * ثم إذا فرغ المسلم من طوافه اتجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } ، ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويجعل رداءه على كتفيه [ كما في صورة 4 ].
    * ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة { قل يا أيها الكافرون } وفي الركعة الثانية سورة { قل هو الله أحد }..
    * إذا لم يتمكن المسلم من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فإنه يصلي في أي مكان من المسجد ، ثم بعد صلاته عند المقام يستحب له أن يشرب من ماء زمزم ، ثم يتجه إلى الحجر الأسود ليستلمه بيمينه ، . فإذا لم يتمكن من ذلك فلا حرج عليه


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    * ثم يتجه المسلم إلى الصفا ، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }
    ويقول ( نبدأ بما بدأ الله به ) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه [ كما في صورة 5 ] ، ويقول – جهراً - : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو – سراً – بما شاء ، ثم يعيد الذكر السابق ، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده ..
    * ثم ينزل ويمشي إلى المروة ، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى ، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق . وهكذا يفعل في كل شوط .
    أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق .
    * ليس للسعي ذكر خاص به . ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء ، وإن قرأ القرآن فلا حرج .
    * يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه ..
    * إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه .
    * ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره ، والتقصير هنا أفضل من الحلق ، لكي يحلق شعر رأسه في الحج .
    * لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس ، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة .
    * المرأة ليس عليها حلق ، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الأصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير )..
    * ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة ، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم ( 8 ذي الحجة )..
    إذا كان يوم ( 8 ذي الحجة ) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب و .... الخ ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها ( أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين )
    * فإذا طلعت شمس يوم ( 9 ذي الحجة وهو يوم عرفة ) توجه إلى عرفة ، ويسن له أن ينزل بنمرة ( وهي ملاصقة لعرفة ) [ كما في صورة 6 ]، ويبقى فيها إلى الزوال ..ويصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ، ثم يقف الناس بعرفة ، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة ) ، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة [ كما في صورة 7 ]، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم ، إن تيسر ذلك . ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب ، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير )
    ..


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    التروية : سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت
    بطن عُرَنة : وهو وادي بين عرفة ومزدلفة [ كما في صورة 6 ]
    جبل عرفة : ويسمى خطأ ( جبل الرحمة ) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة ، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته ، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره..وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب ، فيكون راكباً في سيارته ، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه..
    * لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس ...
    * فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم ، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً ، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة ، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير ( وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت ) .
    ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر ، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة ، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين ، إلى أن يسفروا – أي إلى أن ينتشر النور لفعله صلى الله عليه وسلم..
    * يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً ..
    * مزدلفة كلها موقف ، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف ) ..
    ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم ، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر ، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى ( وهي جمرة العقبة ) ويرمونها بسبع حصيات ( يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر ) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً [ كما في صورة 8
    ]. .


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المشعر الحرام : وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة ( كما في صورة 6 )
    جمع : جمع هي مزدلفة ، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء ..
    وادي مُحَسِّر : وهو وادي بين منى ومزدلفة ( كما في صورة 6 ) وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه ، أي وقف ، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه ...
    يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه [ كما في صورة 9] ، لفعله صلى الله عليه وسلم 30. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض – ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه – أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ثم بعد الرمي ينحر الحاج ( الذي من خارج الحرم ) هديه ، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق . ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم ( 13 ذي الحجة ) مع جواز الذبح ليلاً ، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد ، لفعله صلى الله عليه وسلم . ( وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده ) .
    ثم بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه ، والحلق أفضل من التقصير ، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات وللمقصرين مرة واحدة ..
    بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل الأول ) ، ثم يتجه الحاج – بعد أن يتطيب – إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة المذكور في قوله تعالى : { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليَطوّفوا بالبيت العتيق } لقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت ) ، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج .
    وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل التام ) ...
    الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق ( الرمي ثم الحلق أو التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة ) ، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج..
    ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم ( 11 و 12 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التعجل ( بشرط أن يغادر منى قبل الغروب ) ، أو يوم ( 11 و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التأخر ، وهو أفضل من التعجل ، لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى }..
    ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال.. مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، بسبع حصيات لكل جمرة ، مع التكبير عند رمي كل حصاة .
    ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10 ] ، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10] أما الجمرة الكبرى ( جمرة العقبة ) فإنه يرميها ولا يقف يدعو ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بعد فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن يطوف ( طواف الوداع ) ثم يغادر مكة بعده مباشرة ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض ) ، فالحائض ليس عليها طواف وداع


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    محظورات الاحرام ..

    لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه الأشياء :
    1- أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره .
    2- أن يتطيب في ثوبه أو بدنه .
    3- أن يغطي رأسه بملاصق ، كالطاقية والغترة ونحوها .
    4- أن يتزوج أو يُزَوج غيره ، أو يخطب .
    5- أن يجامع .
    6- أن يباشر ( أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل ) بشهوة .
    7- أن يلبس الذكر مخيطاً ، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو ، كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه ، وهذا المحظور خاص بالرجال – كما سبق - .
    8- أن يقتل صيداً برياً ، كالغزال والأرنب والجربوع ، ونحو ذلك .
    * من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية .
    * أما من فعلها متعمداً – والعياذ بالله – أو محتاجاً لفعلها : فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يلزمه من الفدية


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    Last edited by الملتاع; 25-12-2005 at 01:27 AM.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2

    الملتاع's Avatar
    Join Date
    Oct 2005
    Posts
    361
    Rep Power
    234
    : كيف تتحجب المرأة المحرمة؟ وهل يشترط أن لا يمس الغطاء وجهها؟


    أجاب: المرأة المحرمة إذا مرت من عند الرجال، أو مر الرجال من عندها وهم من غير محارمها يجب عليها أن تغطي وجهها كما كانت نساء الصحابة رضي الله عنهم على هذا، وفي هذه الحال لا فدية عليها ؛ لأن هذا أمر مأمور به، والمأمور به لا ينقلب محظورًا.
    ولا يشترط أن لا يمس الغطاء وجهها، بل لو مس الغطاء وجهها فلا حرج عليها، فيجب عليها أن تغطي وجهها مادامت عند الرجال، وإذا دخلت الخيمة، أو كانت في بيتها كشفت الوجه؛ لأن المشروع في حق المحرمة أن تكشف وجهها


    سُئل: امرأة حاجة وحاضت قبل طواف الوداع فما الحكم؟


    أجاب: الحكم في هذا أن المرأة إذا طافت طواف الإفاضة وأتاها الحيض بعد أن أتمت مناسك الحج ولم يبق عليها إلا طواف الوداع، فإن طواف الوداع يسقط عنها في هذه الحال ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض"..اخرجة البخاري ومسلم ..
    ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن صفية بنت حيي حاضت وكانت قد طافت رضي الله عنها طواف الإفاضة قال: "فانفروا إذن".{أخرجه البخاري ومسلم وأسقط عنها طواف الوداع...
    أما طواف الإفاضة فإنه لا يسقط بالحيض، فإما أن تبقى المرأة في مكة حتى تطهر وتطوف طواف الإفاضة، وإما أن تذهب إلى بلدها على ما بقي من إحرامها، فإذا طهرت عادت فأتت بطواف وتقصر، ثم تطوف طواف الإفاضة، وإذا كانت لا يمكنها ذلك بأي حال من الأحوال فإنها تضع على محل الحيض ما يمنع نزول الحيض، وتلوث المسجد به، ثم تطوف للضرورة على القول الراجح
    ...

    سئُل : هل يجوز تقديم السعي على الطواف؟


    أجاب: أما بالنسبة لتقديم سعي الحج على طواف الإفاضة فهذا جائز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر وجعل الناس يسألونه وقيل له سعيت قبل أن أطوف فقال: "لا حرج".{أخرجه البخاري .. فمن كان متمتعًا فقدم السعي في الحج على الطواف، أو مفردًا، أو قارنًا ولم يكن سعي مع طواف القدوم فقدم السعي على الطواف فهذا لا بأس به لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا حرج"
    ...

    سُئل: ما المراد بالاضطباع؟ ومتى يُشرع؟

    أجاب: الاضطباع أن يكشف الإنسان كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر.
    وهو مشروع في طواف القدوم، وأما في غيره فإنه ليس بمشروع
    .

    سُئل: هل يجوز التطوع بالسعي؟

    أجاب: لا يجوز التطوع بالسعي ؛ لأن السعي إنما يشرع في النسك، الحج أو العمرة لقول الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم البقرة: 148
    [/COLOR


    سُئل: امرأة حجت مع زوجها حج تمتع، وفي الشوط السادس من طواف العمرة قال زوجها: إنه السابع وأصر على رأيه، فهل عليها شيء؟

    أجاب: إذا كانت هي تتيقن أنها في الشوط السادس وأنها لم تكمل الطواف فإن عمرتها لم تتم حتى الآن ؛ لأن الطواف ركن من أركان العمرة لا يمكن أن تتم العمرة إلا به، فإذا أحرمت بالحج بعد صارت قارنة ؛ لأنها أدخلت الحج على العمرة قبل انتهائها وإن حصل عندها شك حين رأت زوجها مصممًا على أن هذا هو الشوط السابع فإنه لا شيء عليها ؛ لأنه إذا حصل عندها شك، وعند زوجها اليقين، فإنها ترجع إلى قول زوجها لترجحه، والله أعلم


    سُئل: متمتع لم يجد الهدي فصام ثلاثة أيام في الحج ولم يصم السبعة الباقية، ومضى على ذلك ثلاث سنوات فماذا يفعل؟

    أجاب: يلزمه أن يصوم بقية الأيام العشرة وهي سبعة أيام. ونسأل الله له العون.

    سُئل: شخص يحلق شعره للعمرة في بلده فما حكم عمرته؟

    أجاب: يقول أهل العلم: إن حلق الرأس لا يختص بمكان، فإذا حلق في مكة، أو في غير مكة فلا بأس، لكن الحلق في العمرة يتوقف عليه الحل، وأيضًا سيكون بعد الحلق طواف وداع فالعمرة هكذا ترتيبها إحرام، وطواف، وسعي، وحلق، أو تقصير، وطواف وداع إذا أقام الإنسان بعد أداء العمرة، وأما إذا سافر من حين أن أتى بأفعال العمرة فلا وداع عليه، إذًا معناه لابد أن يحلق رأسه أو يقصره وهو في مكة إذا كان يريد الإقامة ؛ لأنه سيأتي بعده طواف الوداع، أما إذا طاف وسعى وخرج إلى بلده فورًا فإنه لا حرج عليه أن يقصر، أو يحلق في بلده، لكنه سيبقى على إحرامه حتى يقصر أو يحلق
    .

    سُئل: من أحرم متمتعًا ولم يقصر أو يحلق لعمرته وأكمل مناسك الحج ماذا عليه؟


    أجاب: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة ويوزعه على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج: يجب عليك على ما قاله أهل العلم أن تذبح فدية بمكة وتوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فإنه يوصي من يذبح له الفدية بمكة. والله الموفق
    .

    سُئل: من أحرم بالعمرة متمتعًا ثم بدا له أن لا يحج فهل عليه شيء؟


    أجاب: لا شيء عليه، لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة فأتمها ثم بدا له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه، إلا أن ينذر فإذا نذر أن يحج هذا العام وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كان بدون نذر فإنه لا حرج عليه إذا ترك الحج بعد أداء العمرة، والله الموفق
    .

    سُئل: قوم ضلوا الطريق إلى مزدلفة فلما أقبلوا عليها توقفوا وصلوا المغرب والعشاء الساعة الواحدة ليلاً ثم دخلوا مزدلفة أذان الفجر وصلوا فيها الفجر فهل عليهم شيء؟ أفتونا جزاكم الله عنا خيرًا .

    أجاب: هؤلاء لا شيء عليهم ؛ لأنهم أدركوا صلاة الفجر في مزدلفة حين دخلوها وقت أذان الفجر، وصلوا الفجر فيها بغلس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه". لكن هؤلاء أخطأوا حين أخروا الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل ؛ لأن وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم
    .

    سُئل: حاج رمى جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض وهو في اليوم الثالث عشر هل يلزمه إعادة الرمي كله؟


    أجاب: لا يلزمه إعادة الرمي كله، وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط، وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط، ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق إذا لم يسقط الحصى في الحوض، الذي هو موضع الرمي، ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ ؛ لأنه يسقط في الحوض
    .

    سُئل: إذا لم تصب جمرة أو جمرتان من الجمار السبع المرمى ومضى يوم أو يومان فهل يعيد رمي هذه الجمرة؟ وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟


    أجاب: إذا بقي عليه رمي رمي جمرة أو جمرتين من الجمرات، أو على الأوضح حصاة أو حصاتين من إحدى الجمرات فإن الفقهاء يقولون إذا كان من آخر جمرة فإنه يكملها أي يكمل هذا النقص فقط، ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده.
    والصواب عندي: أنه يكمل النقص مطلقًا، ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل، أو بالنسيان، وهذا الرجل قد رمى الثانية وهو لا يعتقد أن عليه شيئًا مما قبلها فهو بين الجهل والنسيان، وحينئذ نقول له: ما نقص من الحصا فارمه، ولا يجب عليك رمي ما بعدها
    .

    سُئل: يقال إنه لا يجوز الرمي بالحصاة التي قد رمي بها، فهل هذا صحيح؟ وما الدليل عليه؟


    أجاب: هذا ليس بصحيح ؛ لأن الذين استدلوا بأنه لا يرمى بحصاة قد رمي بها عللوا ذلك بعلل ثلاث:
    1- قالوا: أنها- أي الحصاة- التي رمي بها كالماء المستعمل في طهارة واجبة، والماء المستعمل في الطهارة الواجبة يكون طاهرًا غير مطهر.
    2- أنها كالعبد إذا أعتق، فإنه لا يعتق بعد ذلك في كفارة، أو غيرها.
    3- أنه يلزم من القول بالجواز أن يرمي جمع الحجيج بحجر واحد، فترمي أنت هذا الحجر، ثم تأخذه وترمي، ثم تأخذه وترمي حتى تكمل السبع، ثم يجيء الثاني فيأخذه فيرمي حتى يكمل السبع. فهذه ثلاث علل وكلها عند التأمل عليلة جدًا.
    أما التعليل الأول: فإننا نقول بمنع الحكم في الأصل، وهو أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهرًا غير مطهر ؛ لأنه لا دليل على ذلك، ولا يمكن نقل الماء عن وصفه الأصلي وهو الطهورية إلا بدليل، وعلى هذا فالماء المستعمل في طهارة واجبة طهور مطهر، فإذا انتفى حكم الأصل المقيس عليه انتفى حكم الفرع.
    وأما التعليل الثاني وهو قياس الحصاة المرمي بها على العبد المعتق، فهو قياس مع الفارق، فإن العبد إذا أعتق كان حرًا لا عبدًا فلم يكن محلاً للعتق، بخلاف الحجر إذا رمى به فإنه يبقى حجرًا بعد الرمي به، فلم ينتف المعنى الذي كان من أجله صالحًا للرمي به، ولهذا لو أن هذا العبد الذي أعتق استرق مرة أخرى بسبب شرعي جاز أن يعتق مرة ثانية.
    وأما التعليل الثالث: وهو أن يلزم من ذلك أن يقتصر الحجاج على حصاة واحدة فنقول: إن أمكن ذلك فليكن، ولكن هذا غير ممكن، ولن يعدل إليه أحد مع توفر الحصا.
    وبناءً على ذلك فإنه إذا سقطت من يدك حصاة أو أكثر حول الجمرات فخذ بدلها مما عندك، وارم به سواء غلب على ظنك أنه قد رمي بها أم لا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3

    الملتاع's Avatar
    Join Date
    Oct 2005
    Posts
    361
    Rep Power
    234

    Smile ستون سؤالا حول الحج

    السؤال الأول :

    هل يجب الحج على المديون ؟

    الجواب :

    بسمالله ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أمابعد :
    فقد فرض الله الحج إلى بيته الحرام على من استطاع إلى البيت سبيلاً ولازمذلك وجود الزاد ، ومن كان مديوناً فإنه لا يقدر لأنه محاط بالدين فإذا كان الدينيستغرق ماله فإنه لا يملك الزاد ، وعلى هذا فلا يجب الحج على مديون استغرق الدينماله أو كان عليه دين لا يستطيع وفاءه ، واستثنى بعض العلماء أقساط الدين فقالوا : إذا كان الدين مقسطاً على أنجم وأدى آخر نجم وهو نجم ذي القعدة فلا حرج عليه أن يحج، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني :

    متى يجب الحجعلى المرأة ؟

    الجواب :

    يجب الحج على المرأة إذا كانت قادرة على الحجبملك النفقة وكذلك إذا وجدت محرماً يحج معها ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذومحرم )) وفي الحديث الصحيح أن رجلاً قال : - يا رسول الله - إني اكتتبت في غزوة كذاوكذا وإن امرأتي انطلقت حاجة وليس معها محرم ؟ قال له النبي- صلى الله عليه وسلم- : (( انطلق وحج مع امرأتك )) فدل هذا على أن المرأة لا يجب عليها الحج إلا إذا كانمعها ذو محرم يستطيع أن يحفظها في سفرها ويقوم عليها في شأنها ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث :

    لو كان الرجل أوالمرأة عاجزين عن الحج بأنفسهما للمرض ونحوه ولكنهما يستطيعان التوكيل بالمال فهليجب عليهما أن يوكلا ؟

    الجواب :

    من كان عاجزاً عن الحج وعنده ماليستطيع أن يحجج به الغير فلا يخلو من حالتين :

    الحالة الأولى : إما أن يكونعجزه مؤقتاً .
    والحالة الثانية : وإما أن يكون عجزه مستديماً .

    العجزالمؤقت كالمرض الذي يتأقت بالشهور ويرجى زواله أو بالسنوات ويرجى زواله فهذا ينتظرإلى أن يكتب الله له الشفاء والعافية ، يسقط عنه الحج حال العجز ويجب عليه بعدالقدرة ثم يحج بعد شفائه وقوته وقدرته فلو حجج الغير في حال عجزه ثم بعد ذلك قدرفإن حج الغير لا يجزيه لأنه لا يصح منه التوكيل على هذا الوجه .

    والحالةالثانية : أما إذا كان عجزه مستديماً كإنسان عاجز لكبر أو معه مرض لا يمكن معه أنيقوم بالحج ولا أن يؤدي أركانه فإنه في هذه الحالة يُنتَقَل إلى القدرة بالمال فإذاقدر على أن يستأجر من يحج عنه وجب عليه أن يحجج عن نفسه سواء كان رجلاً أو كانتامرأة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع :

    إذا توفيالإنسان ولم يحج مع أنه كان قادراً على الحج في حياته فما الحكم وإذا قلنا بوجوبالحج عنه فهل يحرم من يحج عنه من ميقاته أو من ميقات الميت ؟

    الجواب :

    -نسأل الله السلامة والعافية- من كان قادراً على الحج ولم يحج فإنه آثم ،كره الله انبعاثه فثبطه وقيل اقعدوا مع القاعدين ، كره الله أن يراه في هذه الجموعالمؤمنة ولو كان عبداً صالحاً موفقاً لما تقاعس عن واجب الله-جل وعلا- وفريضته ،فإن الله يبتلي الإنسان بماله ويبتليه بأهله وأولاده فيكره الخروج في طاعة الله ومافرض الله عليه فيجعل الله ماله شؤماً عليه ويجعل ذريته وأولاده بلاءً عليه ، وهذههي فتنة الأموال والأولاد فمن فعل ذلك فقد أثم واعتدى حد الله بترك هذه الفريضة ،فيجب على من استطاع الحج إلى بيت الله الحرام ولم يكن معذوراً أن يبادر بالحج وأنيقوم بفريضة الله-جل وعلا- عليه .

    أما بالنسبة لو مات ولم يحج فإنه آثم ثميجب على ورثته أن يقوموا بالحج عنه يحججوا أو يخُرجوا من تركته ما يحج به عنه فإنوُجِد متبرع بدون مال فلا إشكال ، وإن لم يوجد متبرع فإنهم يستأجرون من يقوم بهذاالحج على وجهه ويعتبر هذا من الديون التي تقضى قبل قسمة التركة فيؤخذ من ماله علىقدر الحج عنه قبل أن تقسم التركة ؛ لأن الله قال في قسمة المواريث : { مِنْ بَعْدِوَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ } فلما قال : { أَوْ دَيْنٍ } أطلق وقد سمىالنبي- صلى الله عليه وسلم- حق الله ديناً فقال للمرأة : (( أرأيت لو كان على أمكدين أكنت قاضيته )) قالت نعم قال : (( فدين الله أحق أن يقضى )) فمن مات وهوقادرعلى الحج ولم يحج فإنه يحج عنه من ماله ويخرج من ماله على قدر نفقة الحاج عنه .

    ثم السؤال لو أن الميت كان في المدينة ومن أراد أن يحج عنه بجدة فهل يكونإحرام الذي يريد أن يحج وهو الوكيل من ميقاته وهي جدة أو من ميقات من يقوم مقامهوهو الميت - أعني المدينة - ؟

    هذا فيه تفصيل :

    إن كان الميت قد قصرفي الحج فقد وجب عليه الحج من ميقاته وعلى الوكيل أن يحرم من ميقات الميت ، وبناءًعلى ذلك فلا بد وأن يحج عنه من ميقاته .
    أما في حجج النوافل والتي لا وجوب فيهافإنه يحج الوكيل من أي مكان ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الخامس :

    الاستئجار للحجعن الميت هل هو مشروع وما هي أنواعه وما هو الجائز منها وما الذي ينبغي توفره فيالشخص الأجير وكيف تكون نيته ؟

    الجواب :

    أما بالنسبة للاستئجار للحجفالإجماع قائم كما حكاه الإمام ابن قدامة وابن رشد وابن المنذر-رحمة الله عليهمجميعاً- حكوا الإجماع على أن الاستئجار للمنافع المباحة شرعاً أنه مباح ، وبناءًعلى ذلك فإن الحج عن الغير منفعة مباحة شرعاً وليست من فرائض الأعيان التي لا يصحالتوكيل فيها ، فلما دخلت النيابة جاز أن يحج عنه بالإجارة ، وهو قول جماهيرالعلماء-رحمة الله عليهم-.

    أما أنواع الإجارة عن الميت فعلى حالتين :

    الحالة الأولى : يسمونها إجارة البلاغ ، وإجارة البلاغ أن تستأجر شخصاًوتقول له أقوم بنفقتك حتى تبلغ الحج فتقوم بنفقة الركوب وبنفقة النـزول وبنفقةالطعام والشراب ونحو ذلك من اللباس والهدي الذي يجب إن كان متمتعاً أو قارناً ولاتنفق عليه شيئاً زائداً على حاجته المحتاج إليها في حجه هذا النوع يسمونه ( إجارةالبلاغ ) والإجماع قائم على مشروعيته عند من يقول بجواز الإجارة .

    أماالحالة الثانية : فهي إجارة المقاطعة وهي التي يسمونها على سنن الإجارة يكون فيهاالسوم يقول له حج عن ميتي بألف يقول لا بل بألفين لا بل بثلاثة ثم يتداولان حتىيثبتان على سعر معين إن كان قد حج عنه قال أريد ألفين أو ثلاثة ، فإن زادت الألفانأخذ الزائد وإن نقصت وجب عليه أن يكمل الناقص ولا يجب على صاحب الميت أن يدفع لهالناقص هذا النوع يسمونه ( الإجارة على سنن الإجارة ) وهي إجارة مقاطعة وفي النفسمنها شيء وإن كان الأقوى والأشبه أنه تجوز إجارة البلاغ دون إجارة المقاطعة ، يشترطفي هذا الأجير طبعاً أن يكون قد حج عن نفسه ولا يجوز أن يحج عن الغير إذا لم يحج عننفسه لحديث ابن عباس أن النبي- صلى الله عليه- سمع رجلاً وهو يطوف بالبيت يقول : لبيك عن شبرمة ؟ قال : (( ومن شبرمة )) قال أخي أو ابن عمٍ لي مات ولم يحج قال : (( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة )) ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السادس :

    إذا حجت المرأةبدون محرم فما الحكم وهل يصح حجها أو لا يصح وما الدليل على ذلك ؟

    الجواب :

    إذا حجت المرأة بدون محرم فللعلماء قولان :

    القول الأول : جمهورالعلماء أنها آثمة وحجها صحيح .

    والقول الثاني : ذهب طائفة من السلف إلىأنها آثمة وحجها فاسد لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه .

    والصحيح أن حجهاصحيح ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : (( من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذاوكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه )) فجعل الأركانوالشرائط معتبرة للحكم بصحة العبادة دون نظر إلى الإخلال ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السابع :

    إذا مات المحرمبالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة وكانت فريضة عليه فهل يلزمنا أن نقضي الحجوالعمرة عنه وما الدليل ؟

    الجواب :

    للعلماء قولان في هذه المسألةمنهم من يرى أنه لومات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرعفيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة ، وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديثعبد الله بن عباس أن النبي- صلى الله عليهوسلم- وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابةفوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال- صلى الله عليه وسلم- : (( اغسلوه بماء وسدروكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يومالقيامة ملبياً )) لم يقل النبي- صلى الله عليه وسلم- اقضوا حجه أو أتموا حجه وهذايدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضهفأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر ، وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنهولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطاً فلا حرج ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثامن :

    هل من حق الزوجأن يمنع زوجته من حج الفرض وعمرة الفرض إذا أرادت القيام بهما مع محرمها وإذا لميكن من حقه ذلك فهل إذا منعها وخرجت مع محرمها تعتبر عاصية آثمة ؟

    الجواب :

    ليس من حق الزوج أن يمنع زوجته من حج الفريضة فهذا حق الله-I- الذي هو فوقالحقوق كلها ، ولذلك يعتبر آثماً شرعاً ؛ لأنه أمر بالمنكر ونهى عن المعروف فليس منحقه أن يمنع الزوجة وليس له عليها سلطان في هذا ؛ ولكن استثنى العلماء-رحمة اللهعليهم- أن تكون تلك الحجة فيها مفسدة أو فتنة عظيمة لا يستطيع أن يحج معها ولا يوجدمحرم يستطيع أن يحفظها من الفساد فهذه حالة مستثناه أما ما عدا ذلك فإنه لا يجوز لهأن يمنعها وحينئذ إذا حجت مع محرمها فإنها مأجورة غير مأزورة وليس من حقه أن يمنعهامن حق الله-سبحانه- ، وفي الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال : (( لا طاعةلمخلوق في معصية الخالق )) ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع :

    إذا أرادالإنسان أن يحج أو يعتمر عن ميت أو عاجز عن الحج فهل يشترط أن يكون مثله ذكورةوأنوثة أو لا ؟

    الجواب :

    لا يشترط في الوكيل أن يكون مشابها لموكلهجنساً فيحج الذكر عن الذكر أو الأنثى عن الأنثى فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجالعن النساء وحج النساء عن الرجال ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أفتى الخثعميةبذلك وحينئذ لا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس والإجماع قائم على ذلك ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال العاشر :

    إذا توفيالوالدان ولم يحجا ولم يعتمرا وأردت أن أحج عنهما وأعتمر فهل أبدأ بالوالد أوالوالدة وما الدليل ؟

    الجواب :

    تبدأ بالوالدة ؛ لأن النبي- صلى اللهعليه وسلم- عظم حقها فقال لما سأله الصحابي : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : (( أمك )) قال : ثم من ؟ قال : (( أمك )) قال : ثم من ؟ قال : (( أمك )) قال : ثم من ؟قال : (( أبوك )) قال العلماء : في هذا دليل على أن حق الأم آكد من حق الأب ، حتىإن بعض العلماء قال : إذا تعارض بر الوالد والوالدة يقدم بر الوالدة على الوالد ؛وذلك لأن النص دل على أنها أحق بحسن الصحبة وهي أولى ، وحينئذ تبدأ بأمك ثم بعد ذلكتثني بأبيك ، والله - تعالى - أعلم .


    **مسائل الإحراموالتلبية**

    السؤال الحادي عشر :

    ما هو هدي النبي- صلى الله عليهوسلم- في الإحرام بالحج ؟

    الجواب :

    لما قدم - عليه الصلاة والسلام- على ذي الحليفة وكان قد توافد الناس على المدينة يقولون كيف يحج رسول الله-صلى اللهعليه وسلم- كلهم يريد أن يأتسي به ويقتدي فلما قدم على الميقات-صلوات الله وسلامهعليه- اغتسل وتجرد من المخيط ، ثم بعد ذلك لبس رداءه وإزاره وقال للناس : (( منأراد منكم أن يهل بعمرة فليهل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بحج وعمرة فليهل )) وكان الوحي قد نزل عليه قبل أن يصل إلى الميقات قبل أن يحرم فيميقاته كما في الصحيح من حديث عمر في البخاري أنه قال : (( أتاني الليلة آت من ربيفقال أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة )) فاختار الله له من فوق سبعسموات أن يهل بالقران ، ولذلك أهلَّ قارناً-صلوات الله وسلامه عليه- استجابة لأمرربه فيخير الإنسان بين هذه الأنساك فإذا أهلَّ بالعمرة وكان في أشهر الحج فهو تمتعوإذا أهلَّ بالحج فهو إفراد وإذا أهلَّ بهما معاً فإنه يقول : لبيك حجة وعمرةويعتبر قراناً قال أنس-رضي الله عنه وأرضاه- كنت تحت ناقة النبي- صلى الله عليهوسلم - أسمعه يقول : (( لبيك عمرة و حجة )) ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني عشر :

    متى يصحالإحرام بالحج وما الحكم لو وقع إحرامه بالحج قبل أشهر الحج كأن ينوي الحج في رمضان؟

    الجواب :

    الحج له ميقات زماني أشار الله- تعالى- إليه بقوله : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } هذه الأشهر قمرية لا شمسية بإجماع العلماء-رحمةالله عليهم-–ويبتدئ موسم الحج الزماني بثبوت عيد الفطر فإذا ثبت أن الليلة عيدالفطر فحينئذ تبتدئ هذه الشهور فأولها أول يوم من شوال وهو يوم عيد الفطر فلو أحرمليلة عيد الفطر بالحج وقال لبيك حجة فإنه يصح وينعقد إحرامه وهكذا لو تمتع فيها ،أما لو أحرم قبل ليلة العيد وهي مسألة مشهورة عند العلماء من أوقع الإحرام قبل أشهرالحج فللعلماء قولان :

    منهم من يقول : لا ينعقد حجه وهو مذهب الشافعية ،والظاهرية-رحمة الله على الجميع- .

    ومنهم من يقول : ينعقد حجه وهو آثم إذاكان عالماً وهو مذهب الجمهور .

    والصحيح مذهب الشافعية ، والظاهرية أنه لايجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وأنه لا ينعقد إحرامه عن الحج ؛ لأن الله-تعالى- يقول : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } ولا فائدة من هذا إلا تخصيص الحكم بها ،ولأنه كما لا يصح إيقاع الظهر قبل زوال الشمس لا يصح إيقاع الحج قبل زمانه المعتبرفأزمنة العبادات مؤقة لايصح إيقاعها قبل هذا الزمان المؤقت لأننا لو قلنا يصح لذهبتفائدة التخصيص بهذا الزمان ، وعلى ذلك فإنه لا ينعقد إحرامه بالحج .

    لكن إذاقلنا بقول الشافعية ، والظاهرية لا ينعقد إحرامه بالحج فما الحكم في هذه التلبيةالتي نواها بحجه ؟

    لهم قولان قال الظاهرية : تفسد تلبيته ويفسد إحرامهبالكلية فلا حج له ولا عمرة .

    قال الشافعية : ينقلب إحرامه من الحج إلىالعمرة وهذا هو الصحيح ؛ لأنه إذا بطل الحج ينفسخ إلى عمرة وقد فسخ النبي- صلى اللهعليه وسلم- الحج إلى عمرة ، ولذلك ينعقد إحرامه عمرة لا حجة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث عشر :

    إذا أحرمبالعمرة في آخر رمضان ثم أتمها في يوم العيد أو بعده ثم حج من عامه فهل يصيرمتمتعاً ؟

    الجواب :

    هذه مسألة خلافية في المتمتع لو أنك أردت أنتتمتع بعمرتك إلى الحج ونويت العمرة في آخر يوم من رمضان ومضيت وغابت شمس آخر يوممن رمضان فدخلت عليك ليلة العيد الفطر فاختلف العلماء .

    قال بعض العلماء : العبرة بالنية فإذا كانت نيته في ليلة عيد الفطر صحت عمرته تمتعاً وإن كانت نيتهقبل ليلة عيد الفطر فإن عمرته ليست بتمتع فلو حج من عامه ليس بمتمتع إلا أن يأتيبعمرة ثانية في أشهر الحج وهذا مذهب الظاهرية .

    القول الثاني : العبرةبالدخول إلى مكة وهو قول بعض السلف قالوا إذا دخلها قبل غروب الشمس من آخر يوم منرمضان فإنه حينئذ لا يعتبر متمتعاً وإن دخلها بعد الغروب فهو متمتع وهو قول عطاءومن وافقه من السلف .

    القول الثالث : العبرة ببداية الطواف فإن ابتدأ طوافهقبل غروب شمس آخر يوم من رمضان فهو ليس بمتمتع وإن ابتدأه بعد الغروب فهو متمتع وهومذهب الشافعية ، والحنابلة .
    والقول الرابع : أن العبرة بأكثر الطواف فإن طافأربعة أشواط قبل غروب الشمس فهو ليس بمتمتع وإن طاف الأربعة بعد غروب الشمس فإنهمتمتع وهو للحنفية .

    القول الخامس والأخير : العبرة بالتحلل وهو للمالكيةوأصح هذه الأقوال وأقواها أن العبرة بالطواف فإن ابتدأ طوافه قبل غروب الشمس وقعتعمرته لأن الطواف هو الركن فكأنه أوقع أركان العمرة في الأشهر المعتد بها فحينئذيكون متمتعاً وإن وقع قبل غروب الشمس فليس بمتمتع ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع عشر :

    إذا نوىالإنسان الحج والعمرة ثم لما مضى في طريقه امتنع عن إتمامها أو قطعها بعد الشروع فيالطواف أو أثنائه أو بعده وقبل تمام حجه وعمرته فما الحكم ؟

    الجواب :

    هذه المسألة يفعلها بعض الناس فيحرم بالعمرة ثم إذا رأى الازدحام نكص علىعقبيه وامتنع من إتمام عمرته ولبس ثيابه ورجع إلى بيته وربما فعل ذلك بالحج-نسألالله السلامة والعافية- وهذا لا شك أنه من التلاعب بحدود الله - تعالى- والتضييعلحقوقه والواجب على من أحرم بالحج والعمرة أن يتمها ؛ لأن الله-تعالى- يقول : { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ }

    قال العلماء : من رجع وقدأحرم بعمرته فهو محرم بعمرته إلى الأبد كونه يقول : لا أريد العمرة ، كونه يقولفسخت العمرة لا تأثير له لابد لهذه العمرة من أن يتمها ولابد لهذا الحج أن يتمه إلاما سمى الله في من أحصر وله حكمه الخاص .

    أما كونه يمتنع من عند نفسه فهذالا يجزيه ولا يعتد بهذا الامتناع ويجب عليه أن يتم ما أمر الله بإتمامه من حجهوعمرته فيمضي ويتم فلو رجع وجامع أهله فسدت عمرته وفسد حجه ولزمه حينئذ أن يمضي فيهذا الفاسد وأن يتم قضاءه على ظاهر الآية الكريمة وهو قضاء السلف الصالح أفتى بهعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد وسنته معتبرة ولم ينكر عليه منالصحابة ، وبناءً على ذلك يتم عمرته الفاسدة ثم عليه القضاء من قابل ثم يفدي عن كلمحظورٍ ارتكبه ، فلما لبس ثيابه عليه الفدية ولما غطى رأسه عليه الفدية ولما تطيبعليه الفدية وكل محظور عليه فدية واحدة ولو تكرر ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الخامس عشر :

    من كانمريضاً وأراد أن يحرم بالحج والعمرة وهو شاك في قدرته على الإتمام فما هي السنة فيحقه وما الدليل ؟

    الجواب :

    السنة في حق المريض الذي يشك في قدرته علىالحج أن يشترط ؛ لأن ضباعة-رضي الله عنها- لما اشتكت إلى النبي - صلى الله عليهوسلم - قالت : - يا رسول الله - إني أريد الحج وأنا شاكية ! فقال-صلى الله عليهوسلم- : (( أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني ))

    قال العلماء : في هذا دليلعلى أنه يشرع لك أن تشترط عند خوفك عن العجز عن إتمام حجك وهذا مما دلت عليه السنة، وكان الشافعي-رحمه الله- يقول : إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به قال أصحابه وقد صحالحديث فهو مذهبه ، والله - تعالى - أعلم .

    السؤال السادس عشر :

    من مر بالمواقيت وهو جاهل بمروره بها أو كان نائماً ثماستيقط بعد مجاوزتها فما الحكم ؟

    الجواب :

    من مر بالمواقيت وهو لايدري بها وهو يريد الحج والعمرة أو كان نائماً في طيارة أو سيارة ، ثم نبه بعدمجاوزتها فلا يخلو من حالتين :

    الحالة الأولى : إن رجع وأحرم من الميقات سقطعنه الدم وحينئذ حجه وعمرته معتبرة ولا إشكال .

    والحالة الثانية : إن لميرجع ولبى من مكانه ومضى فإن عليه دم الجبران ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السابع عشر :

    ما هي صفةالتلبية وهل تشرع الزيادة عليها وهل هي واجبة ومتى يشرع قطعها في العمرة والحج ؟

    الجواب :

    أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد لبيك اللهملبيك لبيك لاشريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك هل تشرع الزيادةعليها أو لا تشرع ؟

    للعلماء قولان :

    جمهور العلماء على جواز الزيادةوقد جاء عن عبد الله بن عمر كما في الصحيح كان يقول : لبيك وسعديك والخير بيديكوالرغباء إليك والعمل قالوا فلا حرج ، وجاء في حديث ابن ماجه : (( لبيك حقا حقاً )) وهو حديث أنس : (( لبيك حقاً حقاً لبيك تعبداً ورقاً )) وقد كان النبي- صلى اللهعليه وسلم - يسمع الصحابة يزيدون في التلبية ويقولون : لبيك ذا المعارج ، والمعارجهي : السماوات لأنه يعرج إليها فلما أقر النبي-صلى الله عليه وسلم- الصحابة علىالزيادة دل على مشروعية الزيادة بالثناء على الله - تعالى- ؛ ولكن الأفضل والأكملوالأعظم أجراً أن تقتصر على الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كونه أقرالصحابة ، فإنك إذا جئت بألفاظ فيها الثناء على الله والتمجيد له سبحانه فإن هذايجوز ولكنه خلاف الأولى ، والأولى والأفضل والأكمل الاقتصار على تلبيته بأبيوأمي-صلوات الله وسلامه عليه- ، والقاعدة كما قرره العز بن عبدالسلام في كتابهالنفيس : " قواعد الأحكام " : أن الوارد أفضل من غير الوارد . تطبيق هذه القاعدةإذا كان المجال أو الوقت أو الحال يسمح بأن يذكر الإنسان ربه بأذكار مختلفة وقد وردعن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر مخصوص فإن التقيد بالمخصوص أعظم أجراً من غيرالمخصوص لأنك إذا تقيدت بالمخصوص أُجرتبأجرين أجر الذكر الذي تقوله ، وأجر الائتساءوالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم- ولو لم يكن في الائتساء به-صلوات اللهوسلامه عليه- إلا أن صاحب السنة يرحم ويهدى ويوفق لكفى بذلك شرفاً وفضلاً-نسأل اللهالعظيم ، أن يرزقنا التمسك بالسنة ، والعمل بها ، وتطبيقها - .

    أما متى يقطعالتلبية ؟ فإن كان في العمرة فالصحيح أنه يقطع التلبية عند استلامه للحجر ففي حديثعبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- في عمرةالجعرانة لم يزل يلبي حتى استلم الحجر قالوا : فدل هذا على مشروعية التلبية عنداستلام الحجر يختاره بعض السلف وهو مأثور عن ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه كان إذاقدم من المدنية يقطع التلبية في الحرار أي حرار مكة أي : قبل أن يدخل المسجد وهذاقول بعض السلف .

    وإن كان الأقوى والأشبه أن يقطعهما في العمرة عند استلامهللحجر ، ولا يلبي في عمرته في طوافه ولا في سعيه بين الصفا والمروة ولا بينهما .

    وأما في الحج فللعلماء أقوال : أصحها أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة يرميبها جمرة العقبة يقول به طائفة من السلف منهم إسحاق بن راهويه ، ورواية عن الإمامأحمد ، وطائفة من أهل الحديث-رحمة الله عليهم- لحديث بن خزيمة أن النبي-صلى اللهعليه وسلم- لم يزل يلبي حتى رمى آخر حصاة من جمرة العقبة .

    وقال المالكية : يقطعها إذا غدا إلى الصلاة يوم عرفة وهذا مذهب مرجوح ؛ لأن النبي- صلى الله عليهوسلم- ثبت أنه لبى ليلة النحر فإن ابن مسعود لبى بمزدلفة فأنكر الناس عليه فقال : سمعت الذي أنزلت عليه البقرة يقول هنا : (( لبيك اللهم لبيك )) فدل على مشروعيتهاوأنها تقع ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثامن عشر :

    من أين يحرمأهل مكة بالعمرة والحج مع ذكر الدليل ؟

    الجواب :

    أهل مكة يحرمونبالحج من ديارهم ولا يلزمهم أن يذهبوا إلى البيت كما يقوله البعض .
    والصحيح أنهيلزمهم أن يحرموا من ديارهم فدويرة أهليهم هي التي تعتبر ميقاتاً لهم قال حتى أهلمكة يهلون من مكة .

    أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم ؛ وذلك لحديثأم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرةللمكي أن يخرج إلى الحل ، ولذلك قالت عائشة : والله ما ذكر التنعيم ولا غيره أي أنهأمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها-رضي الله عنها- كما في الرواية الصحيحة عنها .

    أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل : فلأنعائشة رضي الله عنها مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أنتحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولماأنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهورالعلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل .

    وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته ولكنه مرجوح وظاهرالسنة أنه يحرم من أدنى الحل ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع عشر :

    هل يشرعتكرار العمرة في السنة الواحدة ؟ وما الدليل ؟

    الجواب :

    تكرارالعمرة في السنة واحدة اختلف السلف الصالح-رحمة الله عليهم-
    فيه فقال الجمهور : يجوز تكرار العمرة ولا حرج في ذلك ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : (( العمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر )) فدل علىفضيلة العمرة للاعتمار والإكثار منها لأنه لم يقيد وفي حديث الترمذي : (( تابعوابين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر كما ينفي النار خبث الحديد )) قالوا : فهذايدل على فضيلة التكرار .

    ومن ألطف الأدلة وأعجبها في الاستنباط قول بعضالعلماء مما يدل على جواز تكرار العمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يأتيقباء كل سبت ، وقباء لا يؤتى إلا من أجل أن الصلاة فيه بعمرة قالوا : فدل علىمشروعية التكرار لأنه قصد فضيلة العمرة فإذا كانت فضيلة العمرة بالبدل مقصودةومطلوبة فلأن تشرع بالأصل من باب أولى وأحرى ، ولا دليل للمالكية على كراهية تكرارالعمرة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال العشرون :

    ما الذي يحظرعلى المحرم من الملابس وهل يجوز لبس الإحرامات المفصلة وهل يشرع وضع المشابكوالحزامات ونحوها في الإزار والرداء ؟

    الجواب :

    أما ما يحرم علىالمحرم فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في حديث ابن عمر في الصحيحين : (( لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف )) الأربعالأول من كمال بلاغته وحسن إيجازه-صلوت الله وسلامه عليه- فإن الملبوس إما أن يغطيأعلى البدن الرأس كالعمامة ، وإما أن يغطي الصدر كالقميص ، وإما أن يغطي الأسفلكالسروال فقال : (( لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات )) وإما أن يكونجامعاً لغطاء جميع البدن كالبرانس (( ولا البرانس )) فهذا من بديع كلامه-صلوات اللهوسلامه عليه- وهذا يدل على أن كلمات الشرع في الكتاب والسنة قصدت وأنها تتضمنالمعاني ، ولذلك كأنه منع من تغطية أعلى البدن ، وكذلك أوسطه ، وأسفله ، وجمع فيالغطاء بين الجميع فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه بعمامة أو طاقية قالوا وكذلك لوحمل المتاع على رأسه قالوا لأنه في حكم التغطية فالتغطية تكون حقيقة ، وتكون حكماًفذلك إذا حمل المتاع يبينه عن رأسه ما يجعله متصلاً بالرأس ؛ لأنه إذا اتصل بالرأسصار مغطياً .

    والدليل على ذلك : أنه لو قال قائل : أنه ليس بمغطي حقيقةفسألته عن الرجل قال : والله لا أغطي رأسي ثم وضع على رأسه الكرتون أو نحو ذلكقالوا إنه يعتبر حانثاً من هذا الوجه .

    وقال بعضهم : لا أعتبره حانثاً ؛ لأنالغطاء في الأيمان ينصرف إلى العرف فالكرتون ليس بغطاء في العرف هذا قول بعضالعلماء-رحمة الله عليهم- لكن الصحيح والأولى ، والمنبغي للإنسان أن يبينه من الرأس؛ لأن الشبهة موجودة وقد لامس الرأس وغطاه ، كذلك - أيضاً - لا يغطي أوسط البدنكالصدر بلبس الكوت أو الفنيلة أو نحو ذلك هذا كله محظور على المحرم لا يجوز له لبسهوهكذا لو كان مفصلاً على أجزاء البدن كاليدين فإن المخيط لا يشترط فيه الخيط فليسمراد العلماء بالمخيط أن يكون مخيطاً ؛ إنما مرادهم أن يكون محيطاً بالعضو كالعمامةفإن العمامة تحيط العضو ، وكذلك لو أخذ القماش ولفه على العضو كالإحاطة المفصلةفإنه يعتبر في هذه الحال في حكم المحظور ، وبناءً على ذلك يتقي هذه الملبوسات كلها، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الحادي والعشرون :

    وهناتقدم في السؤال الذي قبله وضع المشابك والحزامات ونحوها في الإزار والرداء؟

    الجواب :

    وضع المشابك الآن توجد بعض الإحرامات فيها بعض التفاصيلالتي تأخذ حكم المخيط فيزررونها بأزارير من حديد هذه من لبسها عليه الفدية من لبسهذا النوع من الإحرامات عليه الفدية ويفصلون الإحرام كالفوطة فيجعلون له أزارير منحديد هذه ينبه الناس عليها وإذا رأيت محرماً تنبهه وتقول : هذه لا يجوز لبسها لأنهافي حكم المخيط ، ولذلك لو أنه فصل الفوط فإنه تجب عليه الفدية ولا يجزي أن يكونالملبوس مفصلاً على العضو ولابد أن يكون مباشرا للبدن بإزار ورداء على الصفةالمعتبرة وهكذا المشابك الشبك وقد شدد السلف-رحمة الله عليهم- في ذلك .

    وأماالحزام فعلى صورتين :

    الصورة الأولى : أن يكون لحمل النقود وهو الكمر ونحوذلك فهذا رخص فيه بعض السلف قالوا لأن الكمر يقصد للمال ولا يقصد للإحاطة بالعضوفرخصوا فيه والشبهة موجودة .

    وقال بعضهم : إنه إذا لبس السير وهو الحزامالذي لا كمر فيه فإنه يقصد الإحاطة بالعضو أي شد الإزار ، وبناءً ذلك تلزمه عليهالفدية وقد نص طائفة من السلف من أئمة التابعين-رحمة الله عليهم- على التشديد فيذلك ويحكى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في السيور وهي الحزاماتالموجودة التي يقصد منها شد الإزار فهذه تتقى به ، بخلاف ما يقصد به حمل النقودونحو ذلك لوجود الحاجة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني والعشرون :

    هليجوز استخدام الصابون المطيب للمحرم وكذلك الشامبو إذا كانت فيه رائحة عطرية ؟

    الجواب :

    الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر : (( ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس )) وفي الصحيح من حديث صفوانبن يعلى بن أمية عن أبيه-رضي الله عنه - في الرجل الذي لقي النبي- صلى الله عليهوسلم - بالجعرانة وهو قد لبس عليه جبة عليها أثر الصفرة قال : ما ترى في رجل أحرمبالعمرة وعليه ما ترى ؟ قال : (( انزع عنك جبتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتكما أنت صانع في حجك )) فلما قال له : (( اغسل عنك أثر الطيب )) دل على أن المحرملايتطيب ولا يستصحب الطيب ، وفي الصحيح من حديث ابن عباس في الرجل الذي وقصته دابتهأن النبي-صلى الله عليه وسلم - قال : (( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه .. إلىأن قال : ولا تمسوه بطيب )) فدل على أنه لا يجوز أن يباشر المحرم الطيب لا في ثوبولا بدن ، وبناءً على ذلك فإن الصابون المطيب يتقى في حال الإحرام بالحج والعمرة ،وهكذا الشامبو ، ونحو ذلك من الأدهان المطيبة فإنه لا يجوز له أن يستعملها لنهيالنبي- صلى الله عليه وسلم - عن الطيب للمحرم ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث والعشرون :

    هليجوز استلام الحجر من المحرم إذا رأى عليه أثر الطيب ؟

    الجواب :

    إذاكان على الحجر أو على الركن طيب فلا يمسه المحرم وذلك لأن تقبيل الحجر واستلامه سنةوالمنع من الطيب يعتبر في مقام المنهيات ومقام المنهيات مقدم على الواجبات فضلاً عنالسنن و المندوبات ، وبناءً على ذلك لا يتأتى أن يصيب السنة ويخل بما يجب عليه تركهوعليه فإنه يتقي استلام الحجر ويكتب الله له أجر الاستلام بوجود العذر الشرعيوالقاعدة : " أن العذر الشرعي كالعذر الحسي " ، وبناءً على ذلك ينال أجره لوجودالعذر ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع والعشرون :

    هليجوز للمحرم إذا أراد النوم أن يغطي رأسه وقدميه ؟ وما الحكم إذا رأيت المحرم قدغطى رأسه وهو نائم ؟

    الجواب :

    أما بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطي رأسهوالنص في ذلك صريح في حديث العمائم حديث ابن عمر في الصحيحين ، وكذلك لا يغطي قدميهللنهي عن الخفاف وبعض العلماء يقول : القدمان متسامح فيهما أكثر من الرأس والوجهفيقولون إن القدمين إنما يمتنع عليه لبس الخفاف ، أما كون يسترها فلا حرج عليه ولكنلا يخلو هذا القول الثاني من النظر .

    بناءً على ذلك فإنه لا يشرع له أن يغطيلكن المشكلة لو مررت على محرم نائم وقد غطى رأسه وغطى قدميه فهل يشرع لك أن توقظهأو تزيل ما عليه من غطاء الرأس هذه المسألة ذكرها الأصوليون وهي هل المكلف مكلفبغير المكلف ؟ هو نائم ومعذور أثناء نومه ، ومن أمثلتها لو أذن المؤذن فإنه إذا لميسمع النداء والأذان غير مكلف ولا يأثم لكن هل أنت آثم بعدم إيقاظك له فبعض العلماءيقولون : المكلف مكلف بغير المكلف ويلزم بإثم غير المكلف أن قصر في أمره بما كلف به .

    وأكدوا ذلك بحديث الأمر للولدان والصبيان لسبع فإنهم غير مكلفين فكلفالمكلف بغير المكلف فدل على أنه يعتبر مكلفاً من هذا الوجه ، وبناءً على ذلك قالوا : إذا رأيته نائماً فإنك تزيل الغطاء عن رأسه وعن وجهه على القول بأنه لا يشرع لهتخمير الوجه وهكذا بالنسبة للقدمين وهذا أولى وأحرى ، وإن كان نائماً وخشيت إزعاجهفإنك تزيلها برفق ؛ لأن المقصود يتحقق بذلك ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الخامس والعشرون :

    هليجوز أكل الطعام المطيب بالورد والزعفران ؟

    الجواب :

    أكل الطيب منعمنه جمهور العلماء-رحمة الله عليهم- في الإحرام لوجود الترفه وقصد الشرع من المحرمأن لا يترفه فإن مقصود الإحرام أن يذكره بالآخرة بعيداً عن ترفهه وفضوله الذي كانفيه من محاسن الدنيا ومتاعها ، وقد نص الجماهير على أنه لا يأكل الطيب إذا كان منالمطعومات التي يقصد بها تطييب الأطعمة أما لو كان غير مقصود بأن وجد في أصل المادةمثلاً كالهيل في القهوة ونحو ذلك فهذا طيبه تبعي لا مقصود ؛ لكن الزعفران مقصودفإنه يوضع في الطعام من أجل تطييب رائحته ، وكذلك الورد يوضع في الماء من أجل تطييبرائحته ؛ ولكن القهوة من حيث هي لو صنعت في الهيل فالهيل فيه الرائحة الزكيةوالطيبة لكنه لا يعتبر من الطيب المحظور ففرقوا بين المقصود وبين التبع فقالوا فيهذه الحالة ما كان مقصوداً كالزعفران والورد فإنه على حالتين :

    الحالةالأولى : إن وضعته في مطعوم أو مشروب إن وضعته في المطعوم والمشروب وغلى بمعنى كانتحت نار وأصابته النار قالوا يجوز لك أن تأكله ولو كنت محرماً بالحج والعمرة وهذامذهب الجمهور لكن في فرق بين المالكية ، والشافعية حيث قالوا : مجرد الإصابة بالنارتجيز لك الأكل حتى لو بقيت رائحة الطيب ، والشافعية ، والحنابلة يشترطون استنفاذالرائحة وذهابها بعد بالطبخ فيفرقون بين مذهبهم لكن بالنسبة للجميع يقولون فيالإدخال ذات الإدخال يعتبرونه إذا أدخلت إلى النار مؤثرة فإن استنفذت أجازت عندالجميع وإن لم تستنفذ يقع الخلاف بين المذهبين اللذين ذكرناهما ، وعلى هذا فإنهيتقي المطعومات التي تطيب ويقصد الطيب فيها ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السادس والعشرون :

    إذاوضع المحرم الطيب ناسياً ثم تذكر أو غطى رأسه ناسياً ثم تذكر فما الحكم ؟

    الجواب :

    هذه المحظورات التي يمكن تداركها الطيب والتغطية بخلافالمحظورات التي لا يمكن تداركها فالعلماء يقسمون المحظورات إلى قسمين فيالحج
    والعمرة :

    القسم الأول : ما يمكن التدارك فيه عند الإخلال بالنسيانونحو ذلك .
    القسم الثاني : وما لا يمكن التدارك فيه .
    الذي يمكن التدارك فيهكالطيب تغسله وكتغطية الرأس تزيل الغطاء فيرجع الأمر إلى حالته وتتدارك ؛ لكن الذيلا يمكن تداركه كتقليم الأظفار وحلق الشعر فإن هذا محظور ولو أن إنساناً حلق شعرهلا يمكنه أن يرد هذا المحظور ولا يمكنه أن يتدارك ، وكالجماع فإنه إذا جامع لا يمكنأن يتدارك اللذة ويعيدها ، وهكذا بالنسبة لتقليم الأظفار إذا زال ظفره ففرقوا بينما يكن التدارك فيه وما لا يمكن فما يمكن التدارك فيه كتغطية رأس وطيب كما ورد فيالسؤال فإنه لا حرج عليه في ساعته يغسل وفي ساعته يزيل ولا إثم عليه ، والله - تعالى - أعلم.


    السؤال السابع والعشرون :

    قالالله - تعالى- : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّفَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } .
    والسؤال ما معنىقوله-سبحانه- : { فَلاَ رَفَثَ } وقوله : { وَلاَ فُسُوقَ } وقوله : { وَلاَجِدَالَ } وهل يدخل في ذلك البيع والشراء والمراجعة فيهما ؟

    الجواب :

    أما الرفث فهو الكلام الذي يكون عند النساء للإثارة والغزل ، وكذلك الأفعالالتي يقصد منها الإثارة بعين ونحو ذلك هذا الذي ذكره أئمة السلف ، وفرق بعضهم كماهو مذهب ابن عباس-رضي الله عنهما- فأجاز أن يتكلم بأبيات الشعر الغزلية ونحوها إذالم يكن عنده نساء وجعل الرفث خاصاً بما كان يقصد منه إثارة النساء فكان يأتي بأشنعالأبيات في غزل العرب وهو محرم بالحج والعمرة وينكر عليه - رضي الله عنه وأرضاه - فيقول إنما الرفث عند النساء أي إذا كان هذا عند النساء ، وإن كان الأولى والأفضلأن يتقى لأن النهي ورد بصيغة تدل على الإطلاق هذا بالنسبة للرفث أنه ما يكونللإثارة من مقدمات الجماع سواء كان من الأقوال ، ومما يحث على الجماع حتى قال بعضالعلماء : من الرفث لو قال لامرأته إذا تحللتِ أصبتك قالوا : إن هذا يعتبر من الرفثوالمشكلة أنه إذا رفث حرم قول النبي عليه الصلاة والسلام : (( من حج هذا البيت فلميرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )) قد تحجبه كلمة واحدة يقولها من الغزللنسائه فيحرمه الله- تعالى - من هذا الفضل العظيم-نسأل الله السلامة والعافية- الرفث .

    { وَلاَ فُسُوقَ } : الفسوق : أصل من قول العرب فسقت الرطبة إذاخرجت من قشرها ، وهذا الحرف لا تعرفه العرب في إطلاقه على المعاصي ما كان يسمونالمعاصي فسقاً كما قرره غير واحد ، وأشار إليه الإمام ابن جرير الطبري-رحمه الله- في تفسيره ؛ ولكنه أدخل اصطلاحاً شرعياً ، فالفسوق يصطلح في الشرع بثلاث معانٍ : إما أن يقصد به مطلق العصيان لله فيشمل جميع المعاصي صغيرها وكبيرها ، وإما أن يقصدبه كبائر الذنوب ، وإما أن يُقصد به كبائر الذنوب المخرجة من الملة .

    أماإطلاق الفسوق على المعاصي صغيرها وكبيرها فهو قول طائفة السلف في هذه الآية يحكى عنبعض تلامذة ابن عباس-رضي الله عنهما- ، كعطاء وغيره أن الفسوق المعاصي كلها ، ويحكىحتى عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن الفسوق : هي المعاصي كلها فيشمل الصغائروالكبائر فمن أساء إلى أخيه ولو بصغيرة فإنه يعتبر خارجاً من هذا الفضل في قوله : (( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق )) .

    وأما الحال الثانية : أن يطلقالفسوق بمعنى كبائر الذنوب وهذا في آية الحجرات : { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَوَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } فأشار أن للذنوب ثلاث مراتب العصيان للصغائر والفسوقللكبائر والكفر للمخرج من الملة .

    وقد يطلق الفسق بمعنى الكفر كقوله - تعالى- : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْالْفَاسِقُونَ } فقالوا : إن الفسق هنا بمعنى الكفر-والعياذ بالله- إذا استحل ذلكواعتقد حله فيطلق الفسق بهذه الثلاثة المعاني : إما أن يراد به عموم الذنوب ؛ لأنقول العرب فسقت الرطبة بمعنى خرجت من قشرها قالوا : فالعاصي لله خارج عن أمره ونهيهقالوا فيوصف بكونه فاسقاً من هذا الوجه ، وإما أن يراد به كبائر الذنوب ، وإما أنيراد به المخرج من الملة ، والمراد هنا عموم الذنوب صغيرها وكبيرها أي يجب وينبغيعلى الحاج أن لا يصيب صغائر الذنوب وكبائرها ويتقي ذلك .

    وأما قوله : { وَلاَ جِدَالَ } الجدال : إما أن يكون على وجه مشروع ، وإما أن يكون على قصد ووجهممنوع فالوجه المشروع الذي يكون بالتي هي أحسن ؛ لأن الله وصف المجادلة بالتي هيأحسن فأمرنا بمجادلة أهل الكتاب : { وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } فوصف الجدال بالتي هي أحسن فما كان من الجدال بالتي هيأحسن كطالب علم تناقشه في مسألة تريد الوصول فيها إلى الحق بنفس زكية طيبة مطمئنةوأسلوب هادف وهو كذلك يبادلك الشعور فهذا لا حرج فيه .
    وإما أن يكون بأسلوبممنوع وهذا الذي فسر به طائفة من السلف وهو أن يجادل الغير من أجل أن يحنقه وأنيغيظه وأن يجعله يخرج عن طوره ، ولربما إلى درجة الغضب والضيق قالوا هذا هو الممنوع : { وَلاَ جِدَالَ } أي : ما أوصل إلى هذا الحد الممنوع ، وأما إذا كان بالمشروعفلا حرج وكان بعض السلف يكره الجدال حتى في البيع والشراء قالوا إذا أراد الإنسانأن يشتري لا يجادل يحرص قدر المستطاع على أن لا يجادل إلا في أحوال مستثناة كأنيظلم في حقه فهذا مستثنى أن يقول بالمعروف ، والله - تعالى - أعلم .


    **مسائل الطواف والسعي بين الصفاوالمروة**


    السؤال الثامن والعشرون :

    هل طواف القدوم واجب علىالمفرد للحج وما الدليل ؟

    الجواب :

    طواف القدوم ليس بواجب على المفردبالحج ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من وقف موقفنا هذا وصلى صلاتناهذه وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه )) قالوا : فهذا يدل علىأن المفرد لايجب عليه طواف القدوم ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع والعشرون :

    هل يجبعلى من ابتدأ الطواف أن يستلم الحجر أو لا ؟

    الجواب :

    لا يجب عليهأن يستلم الحجر وإنما يشير إليه إن عجز وإنما هو سنة وليس بواجب ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثلاثون :

    ما هوهديه-عليه الصلاة والسلام- في الرمل وفي أي طواف يكون ؟ وهل يشرع للنساء الرمل فيالطواف والسعي ولماذا ؟

    الجواب :

    أما بالنسبة لهدي النبي - صلى اللهعليه وسلم - في الرمل فإنه كان أصله في عمرة القضية أنهم قالوا قدم عليكم أهل يثربقد وهنتهم الحمى فنـزل جبريل بالوحي على النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال لأصحابه: (( رحم الله امراءً أراه من نفسه جلداً )) فلما ابتدأ الطواف اضطبع-صلوات اللهوسلامه عليه- ثم هرول الأشواط الثلاثة فقالت قريش : إنهم ينقزون نقز الظبى وهذاإشارة إلى أنهم على جلد وقوة حيث لم يرضوا بأن يسيروا حتى هرولوا ، ثم كان-عليهالصلاة والسلام- يمشي بين الركنين ثم لما كانت عمرة الجعرانة رمل-عليه الصلاةوالسلام- ولم يمشِ بين الركنين وإنما رملها الثلاث كاملة ، وبناءً على ذلك قالوا منالسنة أن يكون الرمل كاملاً وكان في أول التشريع يمشي بين الركنين ؛ لأنهم كانواعلى ناحية أبي قبيس لايرونه-صلوات الله وسلامه عليه- فيتوارى بالبيت فإذا خرج عليهمخرج مهرولاً ، والرمل يقولون تقارب الخطى مع هز المناكب قال عمر بن الخطاب فيماالرملان وهز المناكب وقد أطلع الله للإسلام ولكن لا ندع شيئاً فعله رسول - صلى اللهعليه وسلم - فهذه هي المشية المعتبرة ولا تكن بالجري ؛ وإنما هو ضرب دون اشتدادالسعي وفوق المشي المعتاد وهو ما يسمونه بالهرولة الثلاث الأشواط الأول ، وأمابقيتها فقد مشى-صلوات الله وسلامه عليه- وذلك في طواف القدوم يكون في طواف العمرةويكون كذلك في طواف القدوم بالنسبة للمفرد ، وكذلك في طواف المتمتع وفي طواف القارنإذا طاف قبل يوم عرفة .

    أما بالنسبة للنساء فلارمل عليهن قال عبد الله بنعمر : ليس على النساء رمل ؛ والسبب في ذلك أن المراة إذا رملت تكشفت ولذلك يمنعالنساء من الرمل لا يرملن لا في الطواف بالبيت ولا في السعي بين الصفا والمروة

    يتبع
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4

    الملتاع's Avatar
    Join Date
    Oct 2005
    Posts
    361
    Rep Power
    234

    يتبع ستون سؤالا

    السؤال الواحد والثلاثون :

    هل يصح الطواف بغير وضوء وهل يجزيء طواف الحائضوالنفساء ؟

    الجواب :

    الصحيح أنه لايصح الطواف بدون وضوء لحديث ابنعباس-رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الطواف بالبيت صلاة )) ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : (( لايقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )) ، ومن الأدلة التي تقويأن الطواف تشترط له الطهارة حديث أم المؤمنين عائشة في الصحيح لما نفست قال-عليهالصلاة والسلام- : (( اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )) فهذا يدل علىأنه تشترط له الطهارة
    ، ويقوي ذلك أن الطواف تشرع له الركعتان ، ولذلك لايستقيم أن يطوف بالبيت ثم يذهب ويتوضأ من أجل أن يصلي ركعتي الطواف بل قال بعضالعلماء : لو فصل بين طوافه وبين الركعتين يقولون : إنه إذا كان فاصل مؤثر يستأنفوإن كان الصحيح أنه لا يستأنف ؛ لكن لا يستقيم أن الإنسان يطوف ثم بعد ذلك يؤخرركعتي الطواف على هذا الوجه على خلاف الوجه المعتبر بالسنة ، وبناءً على ذلك يقوىالقول باشتراط الطهارة للطواف ولا يصح الطواف إلا بطهارة .

    وخالف الحنفيةوقالوا قصد الشرع أن تطوف بالبيت بغض النظر عن كونك متوضئاً أو غير متوضيء لأنهمنظروا من جهة الرأي إلى المعنى ، وهذا لا شك أنه اجتهاد أقوى منه حديث ابن عباس فإنحديث ابن عباس أقل ما قيل إنه موقوف على ابن عباس والموقوف على ابن عباس لا يخفىقوته خاصة وأنه قال : (( الطواف بالبيت صلاة )) هذا يدل على أنه يشترط له ما يشترطللصلاة من طهارة ولا معنى ذلك إلا بالطهارة وجاءت السنة في حديث عائشة تقوي ذلكوليس معنى ذلك أنه يشابه الصلاة من كل وجه لأن القياس لا يستلزم أن يكون من كل وجهوللمسألة بسط ذكرناه في مسائل الحج ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني والثلاثون :

    إذاأقيمت الصلاة وأنا في الطواف فهل يشرع لي قطعه أو أتمه ثم أصلي وإذا كان يشرع لي أنأقطعه ثم انتهت الصلاة
    فهل يتم من المكان الذي قطعت فيه الطواف أوأبتدئ الشوطالمقطوع من أوله ؟

    الجواب :

    إذا أقيمت الصلاة تقطع الطواف وتدخل معالجماعة ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاالمكتوبة )) وقد سمى الطواف بالبيت صلاة فتدخل مع جماعة المسلمين وتصلي ، ثم بعدذلك هل تبدأ من المكان الذي وقفت فيه أو تبدأ بالشوط الذي وقفت في أثنائه ؟ الأقوىوالأولى أن تبدأ من بداية الشوط الذي وقفت في أثنائه وإن بدأت من المكان الذي قطعتفيه فلك وجه وله حظ من النظر ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث والثلاثون :

    إذالم أتمكن من ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم فهل أنتظر حتى يخف الزحام أو أصليها فيأي موضع من المسجد وهل يجوز أن تصلى ركعتيالطواف خارج المسجد كركعتي طواف الوداع ؟

    الجواب :

    ركعتي الطواف السنة فعلها خلف مقام إبراهيم ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وظاهر التنـزيل يدل عليه : { وَاتَّخِذُوا مِنْمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } ثم إن مقام إبراهيم أن تجعله بينك وبين البيت فإنكان الزحام بقربه تباعدت وصليت في الأروقه والمقام بينك وبين البيت فإن لم يتيسر لكصليت في أي ناحية من البيت ولو شئت أن تصلي خارج المسجد فذلك خلاف السنة ولكنه يجزئفإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - فعل ذلك فقد طاف بعد صلاة الصبح كما روى مالك فيموطئه وأخر ركعتي الطواف إلى ما بعد طلوع الشمس فصلاها بذي طوى ، وذي طِوى وطَوىوطُوى وهو وادي المثلث معروف الآن يسمى بـ( الزاهر ) وهذا ليس في المسجد ولكنه داخلحدود الحرم ، وقال بعض العلماء : إنه يصليها في أي موضع من مكة ولا حرج عليه في ذلك، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع والثلاثون :

    ماحكم السعي بين الصفا والمروة وهل هو سنة أو لازم في الحج والعمرة ؟

    الجواب :

    السعي بين الصفا والمروة من أركان العمرة والحج فلا يصح ولا يتم الحج إلابالسعي بين الصفا والمروة وهكذا بالنسبة للعمرة كما هو ظاهر خبر أم المؤمنينعائشة-رضي الله عنها- وهذا هو قول جماهير العلماء-رحمة الله عليهم- ومنهم الأئمةالأربعه على تفصيل في اللزوم بعضهم يراه ركناً ، وبعضهم يراه واجباً على تفصيلبينهم في ذلك ؛ لكن الجماهير على أنه لازم واجب وهو مذهب أم المؤمنين عائشة-رضيالله عنها- وجملة من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - ، وفقهاء التابعين ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الخامس والثلاثون :

    هلالبداءة بالصفا لازمة أو يجوز لي أن أبدأ بالمروة قبل الصفا ؟

    الجواب :

    البداءة بالصفا لازمة ومن ابتدأ بالمروة يلغي الشوط الذي بدأه من المروة ،ولذلك قال- صلى الله عليه وسلم - : (( أبدأ بما بدأ الله به )) وقد وقع فعله-عليهالصلاة والسلام- بياناً لواجب والقاعدة في الأصول : " أن بيان المجمل الواجب واجب " ، وبناءً على ذلك يعتبر هذا من الواجبات ولا يصح شوطه الذي يكون من المروة إلىالصفا قال - صلى الله عليه وسلم- : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) فكانأمره-عليه الصلاة والسلام- بالبداءة بالصفا في عمره وحجه-صلوات الله وسلامه عليه- ،والله - تعالى - أعلم .


    **مسائل متفرقة في الحج **

    السؤال السادس والثلاثون :

    ما هو هدي رسول الله - صلى الله عليهوسلم - في الوقوف بعرفة ؟

    الجواب :

    كان من هديه-عليه الصلاةوالسلام- أنه خرج بعد صلاة الفجر من منى والصحابة معه ما بين مهلل ومكبرٍ وملبٍ لميعب أحدهم على الآخر ، حتى نزل-صلوات الله وسلامه عليه- بنمرة - ونمرة المنبسط الذييكون ما بين حدود الحرم وما بين الوادي وادي عرنة ، وهو منبسط يقرب من نصف كيلو متر - هذا يسمى بنمرة نزل فيه-صلوات الله وسلامه عليه- وذلك قبل الزوال ثم إنه لما زالتالشمس مضى على ناقته القصواء-صلوات الله وسلامه عليه- وخطب الناس من بطن الواديفأحل الحلال وحرم الحرام وبين ما على الناس من حقوق وواجبات ، ثم بعد ذلك أقاملصلاته فصلى الظهر ثم أقام للعصر فصلاهما جمعاً وقصراً ثم بعد ذلك مضى إلى موقفهومازال يتضرع ويسأل الله العظيم من فضله حتى غابت عليه الشمس -صلوات الله وسلامهعليه- استقبل القبلة وجعل بطن ناقته إلى الصخرات ومازال يتضرع ويسأل الله من فضلهحتى غابت الشمس ولم يدفع بعد مغيب الشمس مباشرة ؛ وإنما انتظر حتى ذهبت الصفرة كمافي حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- انتظرحتى غابت الصفرة وهو الصفار الذي يكون بعد الشمس وهذا يقارب ما بين الخمس إلى عشردقائق تقريباً بعد الغروب مباشرة ثم دفع-صلوات الله وسلامه عليه- فكان يسير العنقفإذا وجد فجوة نص وكان يقول : (( أيها الناس عليكم السكينة السكينة )) -صلوات اللهوسلامه عليه إلى يوم الدين- .


    السؤال السابع والثلاثون :

    ماحكم من وقف بعد الزوال ودفع قبل غروب شمس يوم عرفة ؟

    الجواب :

    منوقف بعد الزوال ودفع قبل غروب الشمس فلا يخلو من حالتين :

    الحالة الأولى : إما أن يرجع قبل طلوع الفجر من صبيحة العيد فإن رجع إلى عرفة ومر بها ولو للحظةواحدة سقط عنه الدم وأجزأه ذلك المرور ؛ لأن الوقوف بالليل يسقط وقوف النهاروالعبرة بالليل بدليل إمساكه-صلوات الله وسلامه عليه- لجزء الليل بعد المغيب والأصلفي ذلك حديث عروة بن مضرس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار )) فهذا يدل على أن العبرة بالليل في أي أجزائه .

    وأما النهار فقد بينت السنةالفعلية على أن هذا الإطلاق مقيد بفعله-عليه الصلاة والسلام- وذلك بمغيب الشمس ؛لأنه قال : (( خذوا عني مناسككم )) فأصبح بيانه الفعلي واجباً ، ومن هنا قالوا مندفع قبل المغيب صح حجه ولزمه دم إن لم يرجع فإن رجع سقط عنه الدم ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثامن والثلاثون :

    ماحكم المبيت بمزدلفة ؟

    الجواب :

    المبيت بمزدلفة واجب وذهب طائف منالسلف إلى أنه من ركن أركان الحج فعظموه لقوله-عليه الصلاة والسلام- : (( من صلىصلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا )) وإن كان الصحيح أنه من الواجبات ، ولذلك أذن-صلواتالله وسلامه عليه- للضعفة وعبر النص بالرخصة والرخصة لا تكون إلا فيما هو واجب لازموالمبيت بمزدلفة من واجبات الحج ويبيت بها الإنسان إن كان قادراً فإن كان من الضعفهوالحطمة والعجزة والصغار يجوز أن يدفعوا إما بعد منتصف الليل ، وعلى حديث أسماء بعدمغيب القمر ليلة العيد كما في صحيح البخاري ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع والثلاثون :

    ماهوهديه-عليه الصلاة والسلام- في المبيت بمزدلفة ؟

    الجواب :

    ثبتعنه-عليه الصلاة والسلام- أنه دخل الشعب أفاض من عرفات بعد مغيب الشمس كما ذكرنا ثمدخل الشعب فبال ثم توضأ فأحسن الوضوء وقال له أسامة -رضي الله عنه - : الصلاة - يارسول الله - قال : (( الصلاة أمامك )) فمضى-عليه الصلاة والسلام- من طريق المأزمينوهو الطريق الذي بين الجبلين وكان قد دخل عرفات من طريق ظب وهو الذي يجعل مجرىالعين عن يساره ويجعل المأزمين -أيضاً - عن اليسار وهو الطريق الذي يكون من أسفلجمرة العقبة فخرج-صلوات الله وسلامه عليه- من منى وسلك طريق ظب ثم لما دفع وأفاضأفاض من طريق المأزمين الذي بين الجبلين وهو الطريق الذي يسلكه المشاة الآن هذا هوطريق المأزمين فمضى-عليه الصلاة والسلام- على ناقته القصواء حتى بلغ المزدلفة فأمربلالاً فأذن ثم أقام ثم صلى المغرب وصلى العشاء وفي الصحيحين من حديث ابن عمر-رضيالله عنهما- أنه لم يسبح بينهما ولا على إثرهما .

    قال بعض العلماء : إنه لايشرع حتى الوتر والصحيح أن قول ابن عمر - رضي الله عنهما - ولم يسبح بينهما ولا علىإثرهما المراد بذلك سبحة الراتبة وليس المراد بذلك نفي الوتر وهذا مذهب جمهورالعلماء على أن الوتر يبقى على الاستحباب لعموم قوله-عليه الصلاة والسلام- : (( أوتروا يا أهل القرآن )) ، (( وأوتروا قبل أن تصبحوا )) وقال : (( إذا خشي أحدكمالفجر فليوتر بواحدة )) هذه العمومات لم يستثن منها ليلة النحر ، ولذلك قالوا : إنسكوت النص عن وجود الوتر لا يدل على عدم وجوده بدليل أنه لم يثبت عنه أنه صلى ركعتيالرغيبة في صبيحة العيد ومع ذلك الإجماع قائم على مشروعيتها ومع ذلك لم ينقل فيهانص فدل على البقاء على الأصول وهي التي دلت على مشروعية الوتر وركعتي الفجر ، فمنترك الوتر يتأول السنة فلا حرج وهو على خير ومن صلى فهو أحوط وأبلغ وأقرب وهو أولىبالقربى ويكون نفي ابن عمر-رضي الله عنهما - على السبحة الراتبة ، ثم إنه اضطجع - صلوات الله وسلامه عليه- حتى بزغ الفجر فصلى الفجر بغلس فبكر بها ثم وقف بالمشعروتضرع وابتهل وناجى ربه وسأله من فضله العظيم وهو من أجل المواقف

    قال بعضالسلف : شهدت هذا الموقف أكثر من ثلاثين عاماً اسأل الله أن لا يجعله آخر العهدوكتب لي ذلك وإني لأستحي أن أسأله وكان عمره فوق التسعين فرجع ومات من سنته يقول : إنه ما سأل عبد ربه حاجة في عرفات أو في وقوف المشعر فمضى عليه حول إلا استجاب اللهدعوته وهذا من المواقف العظيمة والناس فيه على قسمين :

    منهم من يقول : ربناآتنا في الدنيا حسنة ويسكت عن الآخرة ويغفل عنها ، ومثال ذلك أن يقول : اللهم أصلحلي تجارتي اللهم أعطني مالاً اللهم أعطني زوجة اللهم افعل كذا وكذا ، وكلها في أمورالدنيا فيجعل الدنيا هي أكبر همه ومبلغ علمه وغاية رغبته وسؤله وما له في الآخرة منخلاق-نسأل الله العافية- .

    ومن الناس من يجمع بين خيري الدنيا والآخرة وهذاهو الأفضل والأكمل هدي الكتاب الذي دل عليه قوله-تعالى- : { وَمِنْهُمْ مَنْيَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَاعَذَابَ النَّارِ } فهذا من معرض الثناء فالأفضل أن تجمع بين دعوة الدنيا والآخرةثم إنه-عليه الصلاة والسلام- لما أسفر وكادت الشمس أن تشرق مضى-عليه الصلاةوالسلام- ، وخالف المشركين وكان المشركون يقولون : أشرق ثبير كيما نغير فما كانوايدفعون من مزدلفة إلا بعد الشروق فدفع بأبي وأمي-صلوات الله وسلامه عليه- قبل طلوعالشمس من صبيحة يوم العيد ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الأربعون :

    ما حكم رميجمرة العقبة يوم النحر ؟

    الجواب :

    رمي جمرة العقبة واجب والجماركلها من واجبات الحج ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها وقال : (( خذوا عنيمناسككم )) وعلى هذا فإنه يعتبر من الواجبات التي إذا فوتها الإنسان لزمه الدم ،وقد رمى-عليه الصلاة والسلام- جمرة العقبة يوم النحر فلذلك نص العلماء على وجوبهاولزومها في الحج ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الحادي والأربعون :

    ما هوهديه-عليه الصلاة والسلام- يوم النحر في حجة الوداع ؟

    الجواب :

    مضى-عليه الصلاة والسلام- حتى دخل منى ودخلها من جهة وادي محسر فلما بلغالوادي أسرع بناقته ؛ لأنه موطن عذاب ، ثم إنه-عليه الصلاة والسلام- لما دخل منىكان أول ما بدأ أن حيا منى برمي جمرة العقبة ، ولذلك يقول العلماء :
    تحية منىيوم العيد رمي جمرة العقبة أي يبدأ قبل أن يذهب إلى مخيمه وقبل أن يذهب إلى منـزلهيبدأ بجمرة العقبة تأسياً بالنبي- صلى الله عليه وسلم - مع أنه قد تكون هناك مشقةلبعض الناس ؛ ولكن التأسي بالنبي -صلى الله عليه سولم - والحرص على السنة له لذةيعرفها من يعرفها وله حلاوة يجدها من وجدها ، ولذلك يحرص الإنسان على لذة الحج فيالتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وما أروعها وألذها من ساعة وأنت تحس أنكتيسير في المسير الذي ساره - عليه الصلاة والسلام- وما أطيب الحج وأزكاه حينما تمضيكما مضى-عليه الصلاة والسلام- !

    تقتفي أثره في أقواله وأفعاله حتى تكون منالمرحومين-جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل بمنه وفضله وهو أرحم الراحمين- ، فيحرصالإنسان على البداءة برمي جمرة العقبة فضلاً لا فرضاً فإذا رماها فالسنة أن يرميهامن بطن الوادي ويرميها بسبع حصيات ولا يقف للدعاء بعدها لا في يوم العيد ولا فيالأيام التي تليها وهي أيام التشريق فإنه لا يشرع الوقوف بعد رمي جمرة العقبةرمى-عليه الصلاة والسلام- جمرة العقبة وهو على ناقته ، ثم بعد ذلك كان يكبر الله معكل حصاة وقطع التلبية عند آخر حصاة ثم انصرف ثم نحر ثلاثاً وستين بدنة بيدهالشريفة-صلوات الله وسلامه عليه- وترك الباقي لعلي ينحره ثم أمر أن يطبخ من كل ناقةمنها قطعة حتى يصيب من مرقها ويحسي-صلوات الله وسلامه عليه- ، ثم حلق رأسه فأعطىالحلاق شقه الأيمن وهذا يدل على أنه السنة في حلاقة الرأس العبرة بالمحلوق لابالحالق وذلك أن الذي يحلق الرأس له حالتان :

    الحالة الأولى : إما أن يحلقكمن قبل وجهك فيأتيك من قبل وجهك فهذا فيه خلاف .
    قال بعض العلماء : العبرة بيمينالحالق لا بيمين المحلوق فيمين الحالق في هذه الحالة يسارك ويساره يمينك .
    فقالبعض العلماء : العبرة بالحلاق وقال بعضهم العبرة بالمحلوق .

    الحالة الثانية : أما لو جاء من وراء ظهرك فلا إشكال فإن يمينه يمينك ويساره يسارك والصحيح أنالعبرة بك سواء جاءك من الأمام أو من الخلف فتقول له ابدأ بشقي الأيمن خاصة إذا كانيجهل السنة فناول الحلاق شقه الأيمن فحلق رأسه ، ثم حلق شقه الأيسر ، وأعطى أباطلحة -رضي الله عنه - شعره كما في الصحيح وقسمه بين أصحابه ؛ لأن هذا منخصوصياته-عليه الصلاة والسلام- لتمام المعجزة ؛ لأن ذلك يقوي المعجزة والنبوةفاختص-صلوات الله وسلامه عليه- بالتبرك بشعره وبصاقه كما في الصحيح من حديث البخاريكل ذلك من باب خصوصياته-عليه الصلاة والسلام- لا يشاركه فيها أحد-صلوات الله وسلامهعليه- ، ثم بعد أن رمى ونحر حلق رأسه ثم نزل وطاف طواف الإفاضة في يوم العيد ثم شربمن سقاية العباس ثم صعد إلى منى وصلى بها الظهر وهذا من بركة الوقت فإنك لو تأملتذلك لما تيسر للإنسان أن يفعل بعض هذه الأفعال إلا بعناء قبل الظهر فضلاً أن يفعلهاثم يرجع ويصلي الظهر بمنى على الصحيح ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني والأربعون :

    ماحكم المبيت بمنى ليالي التشريق وما هو الحد المعتبر للمبيت ؟

    الجواب :

    المبيت بمنى ليالي التشريق يعتبر من واجبات الحج .
    والدليل على ذلك : أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رخص للعباس من أجل سقايته قال العلماء : رخص للعباسيدل على أن الأصل واجب فلما قال رخص دل على أن الأصل واجب ولازم فالمبيت واجبوالعبرة بأكثر الليل .

    وللعلماء تفصيل :

    قال بعضهم : أكثر الليل عنديالثلث ؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم - قال : (( الثلث والثلث كثير )) فإذا مضىعليه ثلث الليل فأكثر وهو بمنى صح مبيته .

    وقال بعضهم : العبرة بآخر الليلولو أصاب جزءاً نام فيه فإنه قد بات فيه وإن كان الأقوى والأشبه أن العبرة بأكثرالليل فتقسم الليل ساعات الليل إلى نصفين ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر تقسمهإلى قسمين ، ثم بعد ذلك تنظر إلى أكثرهما فلو كان أربع ساعات فيصبح العبرة أربعساعات ونيف إن مضى عليه أربع ساعات وزيادة وهو بمنى فإنه قد بات وإلا لزمه الدم ،والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث والأربعون :

    ما هوهديه-عليه الصلاة والسلام- في رمي الجمرات أيام التشريق ؟

    الجواب :

    كان من هديه-عليه الصلاة والسلام- في أيام التشريق كما في حديث جابر وغيرهأنه انتظر حتى زالت الشمس فابتدأ بالصغرى ورماها بسبع حصيات ، ثم أخذ ذات اليساروقام قياماً طويلاً يدعو ربه رافعاً يديه-صلوات الله وسلامه عليه- هذه من المواضعالتي يشرع فيها رفع اليدين في الدعاء فسأل وتضرع وسأل الله من فضله ، ثم مضى ورمىالجمرة الوسطى بسبع حصيات ثم أخذ ذات اليسار عنها ثم تضرع وسأل الله من فضله كمثلوقوفه أولاً ، ثم مضى إلى جمرة العقبة ورماها بسبع حصيات يكبر في كل حصاة ، ثم بعدذلك انصرف-عليه الصلاة والسلام- ولم يدع بعد جمرة العقبة كما ذكرناه سابقاً ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع والأربعون :

    منرمى الجمرات منكسة فهل يصح رميه ؟

    الجواب :

    من رمى الجمرات منكساًلها فابتدأ بالعقبة ، ثم انتهى بالصغرى ، أو ابتدأ بالوسطى ثم رجع إلى الصغرى المهمأنه لم يراع الترتيب فإنه لا يصح رميه حتى يوقعه مرتباً على الصفة المعتبرة شرعاً ،وبناءً على ذلك يعتبر رميه في هذه الحالة لو رمى منكساً فانتهى بالصغرى فقد رمىالصغرى فنقول له : ارجع وارمِ الوسطى ثم الكبرى لأنه لما وقف على الصغرى ورماها فقدصح رميه للصغرى وحدها ؛ لأن الصغرى لا يشترط لها سبق رمي ثم بعد ذلك يتبعها بالوسطىثم بالعقبة حتى ينتهي من رمي جمراته ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : (( خذوا عني مناسككم )) فهي عبادة مؤقتة بالصفة التي وردت عنه-عليه الصلاة والسلام- ،والله - تعالى - أعلم .

    السؤال السادس والأربعون :

    هل يشترط في الوكيل أن يكون محرماً أو يصح رميالحلال ؟

    الجواب :

    لا يصح إلا رمي المحرم لأن الرمي عبادة لا تصحإلا من محرم فلا يوكل الحلال في رميه ، والله تعالى أعلم .


    السؤال السابع والأربعون :

    هليصح رمي الوكيل عن وكيله قبل رميه عن نفسه وما الدليل ؟

    الجواب :

    لا يصح رمي الوكيل قبل أن يرمي عن موكله يبتدئ فيرمي عن نفسه حتى يتمالجمرات كلها ثم يرجع ويرمي عن وكيله ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة )) وهذا نص مطلق يشمل الكل والجزء وعلى هذا فلا بد وأنيتم الرمي حتى ينتهي من جمرة العقبة ثم يعود بعد ذلك لرمي وكيله ، والله تعالى أعلم .


    السؤال الثامن والأربعون :

    منشك في وقوع الحصاة في الحوض فما حكمه ؟

    الجواب :

    بنى على اليقينفإذا كان شك هل وقعت أو لم تقع فاليقين أنها لم تقع حتى يتأكد من وقوعها ، ولو شكهل رمى ثلاث حصيات أو حصاتين فإنه يبني على اثنتين وهكذا بالنسبة للأحوال الأخرى ،والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع والأربعون :

    ماحكم التعجيل وما هو شرط جوازه وهل إذا هيأ رحله ومتاعه ولم يخرج من منى بسبب الزحامونحوه هل هو متعجل ؟

    الجواب :

    التعجيل مشروع بنص القرآن كما في آيةالبقرة : { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْتَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى } قال بعض العلماء : { لِمَنْاتَّقَى } لمن : قصد وجه الله - تعالى - لا السآمة ولا الملل من العبادة بمعنى أنهاتقى الله-I- ، وقيل : { لِمَنْ اتَّقَى } أن المراد به أطاع أمره واجتنب نهيه علىأنه وصفٌ عام وليس قيداً في الحكم .

    والتعجيل شرطه أن تغيب عليه شمس اليومما قبل الأخير وهو الثاني عشر وقد خرج من منى فلو هيأ رحله بل لو حتى خرج بسيارتهولم يخرج من حدود منى فإن نص القرآن واضح في الدلالة على أنه غير متعجل .
    وأمااجتهاد بعض العلماء وقولهم : بأنه يعتبر متعجلاً مع أنه في منى لأنه شد رحله وركبسيارته فهذا اجتهاد مع النص وليس بدليل واضح وظاهر الآية الكريمة كما يقول الجمهوريشترط أن يكون خارج منى بمعنى أن يخرج برحله ومتاعه ؛ لأن الله قال : { تَعَجَّلَ } وهذه صفة والصفات معتبرة مفاهيمها فالذي لم يتعجل هذا يعتبر شرط ؟ { فَمَنْتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } وعلى هذا هذه الصفة وهي التعجل يعتبر إذا تأخر لزحام أوغيره لم يتعجل لأنه تباطأ ولو احتاط لنفسه فخرج مبكراً لكان متعجلاً حقيقة ، ولذلكقالوا : إنه يلزمه الرجوع ويلزمه المبيت وهذا هو الحق الذي تطمئن إليه النفس لظاهرنص التنـزيل .
    وأما الاجتهاد فإنه لا يقوى في معارضة المنصوص من نص التنـزيلفلابد وأن تغيب عليه شمس اليوم وهو خارج جرمه عن منى وإلا لزمه المبيت والله - تعالى - أعلم .



    **مسائل الهديوأحكامه**

    السؤال الخمسون :

    ما هو السن المعتبر لهدي التمتع والقران؟

    الجواب :

    لا يجزئ إلا الثني من بهيمة الأنعام من الإبل ، والبقر ،والغنم ، ويجزئ في الضأن ما كان من الجذع وهو الذي تم له أكثر السنة قال بعضالعلماء : أكثر من ستة أشهر .

    وقال بعضهم : أكثر العام والصحيح أن ذلك يختلفباختلاف المرعى وباختلاف أحوال البهائم ولا يجزئ ما كان دون ذلك ، ومن هنا قالالعلماء : شروط الهدي كشروط الأضحية فلابد أن تكون في المعز قد تمت سنة ودخلت فيالثانية فإذا كانت دون سنة لا يجزئ في المعز أن يهدي بها في تمتع ولا قران وهكذا فيالدماء الواجبة .
    وأما بالنسبة للبقر فما تمت له سنتان ودخل في الثالثة ، وأماالإبل فما تمت له أربع سنوات ودخل في الخامسة هذا هو المعتبر في بهيمة الأنعام ،والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الحادي والخمسون :

    هلتعتبر البقرة والناقة في الهدي عن سبع كما في الأضحية أو تجزئ عن واحد ؟

    الجواب :

    نعم تجزئ عن السبع ولو اختلفت الدماء فلو أن سبعة تمتعواواشتركوا في بدنة فلا إشكال ولو أن سبعة اثنان منهم يريدانها أضحية والخمسة يريداثنان منهم عن تمتع وثلاث عن قران لا حرج سواء اتفقوا في الموجب أو اختلفوا كل ذلكيجزئ فيه التعدد عن سبعة في البدنة والبقرة على ظاهر حديث جابر- رضي الله عنهوأرضاه - في الصحيح من إجزاء البدنة عن سبعة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثاني والخمسون :

    إذا لميتيسر لي ذبح هدي التمتع أو القران بمنى وذبحته بمكة أو خارج مكة فما الحكم معالدليل ؟

    الجواب :

    يجزء أن تذبح في مكة كلها ؛ لأن النبي - صلى اللهعليه وسلم - قال : (( نحرت ها هنا وفجاج مكة وشعابها كلها منحر )) فمكة كلها يجزءأن ينحر الإنسان فيها وأن يذبح هدياً سواء كان لتمتع أو قران ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثالث والخمسون :

    إذا لميتيسر لي الهدي في التمتع ولم أتمكن من صيام ثلاثة أيام قبل يوم عرفة فما الحكم ؟

    الجواب :

    إذا لم يتيسر لك الصيام قبل يوم عرفة تصوم أيام التشريقالثلاث فإذا لم تتمكن لا في هذه ولا في هذه فيجزئك أن تصومها سواء صمتها بعد حجكمباشرة والبقية تتمها في بلدك وهي السبع على ظاهر التنـزيل فالثلاث مخير بين أنتتعجلها قبل وصول البلد وبين أن تتم العشرة في بلدك ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الرابع والخمسون :

    أريدالتمتع وليس معي من المال إلا ما يكفي لشاة واحدة فهل الأفضل أن أجعلها للتمتع أوللأضحية وأصوم عن التمتع ؟

    الجواب :

    أولاً : إذا كنت قد أحرمتبالعمرة وأديت العمرة وكان تمتعك على هذا الوجه فبعض العلماء يستحب أن تجعل شاتكللأضحية وأن تحج مفرداً ؛ وذلك لأن حج الإفراد من الحجج المعتبرة وحديث عروة بنمضرس يدل على أن فسخ الحج بالعمرة ليس بواجب وأنه يجزئ الإفراد حتى بعد وفاته وقدحج بالإفراد أبو بكر ، وعمر ، وعثمان-رضي الله عنهم- ثلاثة أئمة خلفاء راشدون كلهمما حجوا إلا إفراداً فإذا كان الإنسان يريد أن يترك الأضحية في بيته فيكون حينئذ قدأصاب فضيلة هذه الأضحية خاصة وأن لها وجهاً من الوجوه وهو القول الراجح فبدل أنينصرف إلى التمتع المخير ويترك الواجب عليه ، فالأفضل أن يصرفها إلى الأضحية ثميتمتع .
    وأما إذا كان لم يعتمر وأراد أن يجمع عمرته وحجه ، فحينئذٍ يجعل هديهللتمتع ولا يجزيه أن يصرفه إلى الأضحية ويصوم العشرة ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الخامس والخمسون :

    هليجوز لي الأكل من هدي التمتع والقران ؟ وما الدليل ؟

    الجواب :

    نعميشرع ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وطبخ له من مرق الإبل التي نحرهاوأهداها-صلوات الله وسلامه عليه- ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السادس والخمسون :

    ما حكمطواف الوداع وهل يسقط عن الحائض والنفساء مع الدليل ؟

    الجواب :

    طوافالوداع واجب ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( اجعلوا آخر عهدكم بالبيتطوافاً )) ، وأما الحائض والنفساء رخص لهما كما في الصحيح من حديث أم المؤمنينعائشة إلا أنه رخص للحائض والنفساء وفي حديث صفية : (( عقرى حلقى أحابستنا هي )) ثمقال : (( ألم تكن طافت يوم النحر )) قالوا : نعم قال : (( انفري إذاً )) فهذا يدلعلى أن الحائض والنفساء لا يتأخران لطواف في الوداع ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال السابع والخمسون :

    ما حكمطواف الإفاضة ولو تركه الإنسان وسافر إلى بلده ولم يطفه فما الحكم ؟

    الجواب :

    طواف الإفاضة ركن من أركان الحج وقد أجمع العلماء-رحمهم الله- على ركنيتهلقوله-تعالى- : { ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْوَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } أجمع العلماء-رحمهم الله- على أن المرادبالطواف في هذه الآية طواف الإفاضة وأنه لا يمكن أن يحكم باعتبار الحج إلا بطوافالإفاضة ، وأنه لو رجع إلى بلده ولم يطف طواف الإفاضة فلا يزال طواف الإفاضة معهإلى الأبد ولو رجع بعد سنوات فيلزمه أن يرجع إلى هذا الطواف ، ولذلك يبقى بطوافالإفاضة فلو أصاب أهله فهناك قضاء لبعض السلف أنا أتوقف في هذه المسألة قالوا فلوأصاب أهله يحرم بعمرة ثم يبدأ ويطوف طواف الإفاضة ، ثم بعد ذلك يطوف ويسعى لعمرتهثم بعد ذلك يهدي هذا قضاء بعض أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم - ويؤثر عن ابن عباس، وابن عمر-رضي الله عن الجميع- ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الثامن والخمسون :

    ما حكمالحائض والنفساء إذا لم تتمكن من طواف الإفاضة وأصابها الحيض والنفاس وخافت فواتالرفقة ؟

    الجواب :

    يلزمها البقاء حتى تطوف طواف الإفاضة طوافالإفاضة ركن من أركان الحج ولو أنها تعطلت لأمور شخصية لتعطلت ولو كانت لأمورعلاجية لجلست ولكن لركن الحج ولفريضة الله تعالى فإننا نلتمس الرخص فإلي اللهالمشتكى ، هذا الركن يقول النبي- صلى الله عليه وسلم - فيه : (( عقرى حلقى أحابستناهي )) هذا نص صحيح صريح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - وقوله : (( أحابستنا ))

    يقول العلماء : لأنه لا يخرج حتى تطوف وإذا كان هو لا يخرج فالمائة ألف منالصحابة لا يخرجون حتى يخرج فقال : (( أحابستنا )) أي هذه الأمة كلها ستحبس حتىيطاف طواف الإفاضة ، ثم بعد ذلك يرخص لها أن تتلجم وأن تدخل وتطوف وهي حائض وهينفساء يقولون للضرورة ، ولذلك مذهب جمهور العلماء وهو الأرجح خلافاً للحنفية الذينيقولون إن الطهارة ليست بشرط في الطواف فيرخصون لها أن تطوف ولو كان معها الحيضوالنفاس ويقولون : لا حرج عليها أن تتلجم وتطوف ، ولو كان الأمر كذلك لما قالالنبي- صلى الله عليه وسلم - : (( عقرى حلقى أحابستنا هي )) لكان الأمر يسيراً ولميحتج إلى هذا الأمر الذي فيه التهويل : (( أحابستنا هي )) ويقول : (( عقرى حلقى )) تقول العرب : عقرى أي عقرها الله ، وحلقى أي حلقها الله وهذا لا يريد به النبي-صلىالله عليه وسلم - الدعاء عليها ؛ وإنما هو سياق تهويل وتعظيم يدل على لزوم هذاالطواف ولو كانت حائضاً أو نفساء لكن لو خافت فوات الرفقة تذهب ثم ترجع بعد ذلكوتطوف طواف الإفاضة .

    أما أن تطوف وهي حائض فإن مذهب جمهور العلماء أنه لايجزئها هذا الطواف ووجوده وعدمه على حد سواء إلا في حالة إذا استفتت من يرى أنه لايشترط لها الطهارة وطافت فيجزئها ذلك إذا استفتت عالماً يرى عدم الطهارة كما هومذهب الحنفية ، ومن وافقهم فإنها تتعبد الله بما استفتت وهو قول طائفة من الأئمةوالعلماء-رحمة الله عليهم- لكن الذي يظهر من السنة والأقوى حجة أنه لابد من طوافها، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال التاسع والخمسون :

    هليسقط طواف الوداع عن أهل جدة ومن كان دون مسافة القصر وهل صحيح ما يفعله بعض أهلجدة من الرجوع إلى جدة بعد الحج ثم يذهبون بعد الزحام لطواف الوداع ؟

    الجواب :

    أما بالنسبة لطواف الوداع يلزم أهل جدة ومن أهل العلم منقال : يسقط طواف الوداع عن من كان دون مسافة القصر ويرون أن من كان دون مسافة القصركأنه كانوا من أهل مكة وهذا اجتهاد ورأي .

    والصحيح ما ذهب إليه طائفة منالعلماء أن طواف الوداع يشمل كل من كان خارج مكة ولو كان من أهل الجموم ؛ لأن أمالمؤمنين عائشة-رضي الله عنها- قالت : كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات قالت : كان الناس فعممت فقال-صلى الله عليه وسلم- : (( اجعلوا آخر - وهذا عام - عهدكمبالبيت طوافاً )) ، وعلى هذا كل من خرج من مكة سواء كان قريباً منها دون مسافةالقصر أو فوق مسافة القصر فإنه يطوف طواف الوداع ويتخرج على القول الذي يشترط مسافةالقصر .

    أن أهل جدة لا يطوفون طواف الوداع وهو كما تلاحظون مبني على الرأيوالاجتهاد ، والصحيح أن طواف الوداع يشرع لمن كان دون مسافة القصر وغيره لعمومقوله-عليه الصلاة والسلام- : (( اجعلوا آخر عهدكم بالبيت طوافاً )) فيلزمهم .

    أما ما ذكر في السؤال من كون البعض يرجع إلى جدة بعد الحج ثم بعد ذلك حتىيخف الزحام ويرجع ويطوف طواف الوداع لا شيء عليه إلا دم فقط ؛ لأنه فوت الواجب يقولالعلماء : من بلغ أهله قبل أن يطوف طواف الوداع فقد لزمه الدم رجع أو لم يرجع بلقال بعض العلماء : من خرج من حدود مكة لزمه الدم سواء رجع أو لم يرجع فطواف الوداعيشترط فيه أن لا يفارق مكة حتى يطوف طواف الوداع ، وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز هذاالفعل ، والله - تعالى - أعلم .


    السؤال الستون :

    ما هي علاماتالحج المبرور ؟

    الجواب :

    أما علامة الحج المبرور فالبر في الأصل هوكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه والحج المبرور له دلائل وعلامات ومن أول هذه الدلائلوالعلامات انشراح الصدر الذي يكون قبل الحج أن ينشرح صدر الإنسان لأداء هذه الطاعةوالقربى وتظهر الدلائل من أول لحظة وهو يتلبس بهذه العبادة الجليلة فلا يخرج منبيته رياء ولا سمعة ويتمنى أن حجه بينه وبين الله تعالى لا تراه عين ، ولا تسمع بهأذن ، فإذا نظر إلى قلبه مخلصاً لربه فليعلم أن ذلك من بشائر القبول من أول لحظةيجدها .

    ثانياً : انشراح الصدر لذكر الله تعالى ، واستشعار هذه العبادة فيمواطنها ومواضعها المختلفة ، فالإنسان إذا خرج في حجه نظر كيف أن الله اختاره منبين الأمم فحمد الله وشكره وهلله وكبره وذكره وأثنى عليه بما هو أهله فاطمأنت نفسهأن الله ما أخرجه من بيته إلا وهو يريد به الخير يريد أن يرحمه ، ويغفر ذنبه ،ويستر عيبه ، ويفرج كربه وأن يجود عليه من إحسانه وإلا لثبطه ولجعله مع المخلفينفإذا مضى في حجه وطاف استشعر وهو يطوف أنه يطوف فعمر وقته بذكر الله وتلاوة القرآنوالتسبيح والإستغفار والتلبية ولا يفتر عن التلبية مهما استطاع لذلك سبيلاً ، ولقدعهدت بعض العلماء-رحمة الله عليهم- غالباً لا يفترون عن التلبية وإذا لبوا بكوا حتىإن البعض ذكر لي عن بعض العلماء-رحمة الله عليهم- الفضلاء الذين حج معهم يقول : يسأل ويقول كلما ذكرت نعمة الله أن اختارني من بين الناس أبكي أقول : لبيك مجيباًلك بتوفيقك ورحمتك وإحسانك وفضلك وأنت أرحم الراحمين ، فالإنسان إذا استشعر فيعبادته وخشع وخضع وأناب وأحس أنه مقبل على الله فذلك من بشائر البرور .

    كذلكمن دلائل البرور في الحج العمل الصالح بالإحسان إلى المسلمين وتفقد ضعفة الحجاج ترىجائعاً تطعمه ترى فقيراً تعطيه ترى عارياً تكسوه ترى محتاجاً تسد حاجته ومكروباًتفرج كربته ، وترى أنهم إخوانك وأن الله جمعك بهم حتى ترحمهم وتتواصل بهم ، لاتتكبر عليهم أسودهم وأبيضهم أحمرهم وأصفرهم عربهم وعجمهم في عينك سواء ، تحبهم فيالله ولله وترى كبيرهم كالأب وصغيرهم كالابن ، ومن في سنك كالأخ تعطف عليهم وترحمهموتحمد الله تعالى أنه جمعك بهم على طاعة الله ومحبة الله وانظر إلى عظمة الله فتقوللا إله إلا الله حينما تنظر إلى رجل من أقصى الشرق ، ومن أقصى الغرب قد جعل اللهكتفك إلى كتفه في هذا المكان وهو من أقصى الشرق وأقصى الغرب قد جاء الله به هنا إلىرحمته وعفوه ومنه ولطفه فتزال هذه المواقف لا تزال تزيد من إيمانك العطف على الناسفي الحج من بر الحج وقد جاء في حديث أحمد والطبراني أن النبي عليه الصلاة والسلامسئل عن بر الحج فقال : (( إطعام الطعام وإفشاء السلام)) .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5

    الملتاع's Avatar
    Join Date
    Oct 2005
    Posts
    361
    Rep Power
    234

    Smile اخطاء يقع بها الحجاج

    الاحرام واخطاؤه

    ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، وقال ( فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).
    وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق .{ رواه أبو داوود والنسائي }.
    وثبت في الصحيحين أيضاً في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن ) { الحديث}.
    فهذه المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود شرعية توقيفية موروثة عن الشارع لا يحل لأحد تغييرها أو التعدي فيها ، أو تجاوزها بدون إحرام لمن أراد الحج والعمرة ، فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: الآية229). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( يهل أهل المدينة ، ويهل أهل الشام ، ويهل أهل نجد) وهذا خبر بمعنى الأمر .
    والإهلال : رفع الصوت بالتلبية ، ولا يكون إلا بعد عقد الإحرام .فالإحرام من هذه المواقيت واجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بها أو حاذاها سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو .
    فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته .
    وإن كان من طريق البحر فإن كانت الباخرة تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ثم يحرم إذا حاذته .
    وإن كان من طريق الجو اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس ثوب إحرامه قبل محاذات الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس لأنه لا يضره .
    والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس أنهم يمرون من فوق الميقات في الطائرة أو من فوق محاذاته ثم يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعدِّ لحدود الله تعالى .
    وفي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذان المصران ـ يعني البصرة والكوفة ـ أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : ( يا أمير المؤمنين ، إن النبي صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنه جورٌ عن طريقنا ، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا قال : فانظروا إلى حذوها من طريقكم ) فجعل أمير المؤمنين أحد الخلفاء الراشدين ميقات من لم يمر بالميقات إذا حاذاه ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً ولا فرق .
    فإذا وقع الإنسان في هذا الخطأ فنزل جدة قبل أن يحرم فعليه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه في الطائرة فيحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ويفرقها كلها على الفقراء فيها ، ولا يأكل منها ولا يهدي منها لغني لأنها بمنزلة الكفارة .
    الطواف والأخطاء الفعلية فيه

    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت ، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر . وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في الطواف أول ما قدم مكة .
    وانه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله واستلمه بيده وقبلها ، واستلمه بمحجن كان معه وقبّل المحجن وهو راكب على بعيره وطاف على بعيره فجعل يشير إلى الركن يعني الحجر كلما مر به .وثبت عنه أنه كان يستلم الركن اليماني .
    واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان ـ والله أعلم ـ حسب السهولة ، فما سهل عليه منها فعله ، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى وتعظيم له لا اعتقاد أن الحجر ينفع أو يضر ، وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول : ( إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .


    والأخطاء التي تقع من بعض الحجاج :
    1. ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه .وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
    2. طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
    3. الرمل في جميع الأشواط السبعة .
    4. المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة ، فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته ، فينقص بذلك الطواف بل النسك كله ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: الآية197) . وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى ، وهما من أعظم المقصود في الطواف .
    5. اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته ، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
    6. استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ، وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوى الركنين اليمانيين ( الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي ) ، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت .
    الطواف والأخطاء القولية فيه

    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر الله تعالى كلما أتى على الحجر الأسود . وكان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: الآية201) .وقال: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) ([2]) .
    والخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين في هذا تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره ، حتى أنه إذا أتم الشوط قبل تمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة ؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه ، وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت .
    ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له .
    وعلى هذا فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن .
    ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها ، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعنى رأسا على عقب ، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه ، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر . وقد سمعنا من هذا العجب العجاب . ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر تأسياً وأتبع .
    ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع ، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون ؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن ، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ) رواه مالك في الموطأ وقال ابن عبدالبر وهو حديث صحيح .
    ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا ، قولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وما يعرفون معناه ويقصدونه ، وسلم الناس من أذاهم .
    الركعتان بعد الطواف والخطأ فيهما

    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً )(البقرة: الآية125). فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية الفاتحة و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
    والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد ، ويمكن المصلي أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ، ويسلم من الأذية ، فلا يؤذِي ولا يؤذ َي ، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة .
    ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه ، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف .
    ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم .
    ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع ، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف:55) .
    صعود الصفا والمروة والدعاء فوقهما والسعي بين العلمين والخطأ في ذلك
    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ثم رقى عليه حتى رأى الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو ، فوّحد الله وكبره وقال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ،ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل ماشياً فلما انصبت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعى حتى إذا تجاوزهما مشى حتى إذا أتى المروة ، ففعل على المروة ما فعل على الصفا .
    والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا أنهم إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون ، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم ، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .
    ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة ، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله ، وهذا خلاف السنة ، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى ، واكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان .

    الوقوف بعرفة والخطأ فيه
    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكثيوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس ، ثم ركب ثم نزل فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف وقال : ( وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ) ([3]) . فلم يزل واقفاً مستقبل القبلة رافعاً يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة .
    والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج :
    1. أنهم ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج ، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به ، فمن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) ([4]) . وسبب هذا الخطا الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض ؛ لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها ؛ فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره ، ويا حبذا لو أن القائمين على الحج أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم وبلغات متعددة ، وعهدوا إلى المطوفين بتحذير الحجاج من ذلك ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ويؤدوا حجهم على الوجه الأكمل الذي تبرا به الذمة .
    2. أنهم ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلمحيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها ، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية .
    3. أنهم يستقبلون الجبل جبل عرفة عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة ، فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

    رمي الجمرات والخطأ فيه
    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات ضحى يوم النحر ، يكبر مع كل حصاة . كل حصاة منها مثل حصا الخذف أو فوق الحمص قليلاً ، وفي سنن النسائي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما ـ وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى ـ قال: فهبط ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ محسراً وقال : ( عليكم بحصا الخذف الذي ترمى به الجمرة ) قال : والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان ، وفي مسند الإمام احمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال يحي : لا يدري عوف عبد الله أو الفضل ـ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته : ( هات القط لي ) قال: فلقطت له حصيات هن حصا الخذف فوضعهن في يده . فقال ( بأمثال هؤلاء ) مرتين وقال بيده . فأشار يحي انه رفعها وقال : ( إياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ).
    وعن أم سليمان بن عمرو بن الأحوص رضي الله عنها قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر وهو يقول : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصا الخذف) رواه احمد .وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على أثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله .وروى أحمد وأبو داوود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ).
    والأخطاء التي يفعلها بعض الحجاج هي :
    1. اعتقادهم أنه لا بد من اخذ الحصا من مزدلفة ، فيتعبون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها في أيام مني حتى إن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزناً كبيراً ، وطلب من رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصا مزدلفة .. وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وانه أمر ابن عباس رضي الله عنهما بلقط الحصا له وهو واقف على راحلته ، والظاهر أن هذا الوقوف كان عند الجمرة إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك ، ولأن هذا وقت الحاجة إليه فلم يكن ليأمر بلقطها قبله لعدم الفائدة فيه وتكلف حمله .
    2. اعتقادهم أنهم برميهم الجمار يرمون الشياطين ، ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون : رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ، ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر ، وتراهم أيضا يرمون الحصاة بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم ، حتى شاهدنا من يصعد فوقها يبطش بها ضرباً بالنعل والحصى الكبار بغضب وانفعال والحصا تصيبه من الناس وهو لا يزداد إلا غضباً وعنفاً في الضرب، والناس حوله يضحكون ويقهقهون كان المشهد مشهد مسرحيه هزلية ، شاهدنا هذا قبل أن تبني الجسور وترتفع أنصاب الجمرات . وكل هذا مبني على هذه العقيدة أن الحجاج يرمون شياطين ، وليس لها اصل صحيح يعتمد عليه ، وقد علمت مما سبق الحكمة في مشروعية رمي الجمار وأنه إنما شرع ، لإقامة ذكر الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على إثر كل حصاة .
    3. رميهم الجمرات بحصى كبيرة وبالحذاء ( النعل ) والخفاف ( الجزمات ) والأخشاب ، وهذا خطا كبير مخالف لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره حيث رمى صلى الله عليه وسلم بمثل حصا الخذف ، وأمر أمته أن يرموا بمثله ، وحذرهم من الغلو في الدين . وسبب هذا الخطا الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون شياطين .
    4. تقدمهم إلى الجمرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ، ولا يرحمون عباد الله ، فيحصل بفعلهم هذا من الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتله ، ويخرجها عما شرعت من أجله ، وعما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ففي المسند عن قدامه بن عبد الله بن عمار قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك { رواه الترمذي وقال : حسن صحيح} .
    5. تركهم الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلمكان يقف بعد رميهما مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً ، وسبب ترك الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلص من العبادة. ويا حبذا لو أن الحاج تعلم أحكام الحج قبل أن يحج ليعبد الله تعالى على بصيرة ويحقق متابعة النبي صلى الله عليه وسلم . ولو أن شخصاًُ أراد أن يسافر إلى بلد لرأيته يسأل عن طريقها حتى يصل إليها عن دلالة ، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة إلى الله تعالى وإلى جنته ، أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل على المقصود ؟ !
    6. رميهم الحصى جميعاً بكف واحدة وهذا خطأ فاحش وقد قال آهل العلم إنه إذا رمى بكف واحدة اكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة ، فالواجب أن يرمي الحصا واحدة فواحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
    7. زيادتهم دعوات عند الرمي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلممثل قولهم : اللهم اجعلها رضاً للرحمن وغضباً للشيطان ، وربما قال ذلك وترك التكبير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأولى الاقتصار على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقص .
    8. تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم فتراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم على الرمي ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل ، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: الآية196) فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب ، فإن الحج نوع من الجهاد لا بد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلا

    طواف الوداع والأخطاء فيه
    ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض) وفي لفظ لمسلم عنه قال : ( كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه أبو داوود بلفظ : ( حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني اشتكي فقال : ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ) فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلميصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بـ نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيوَالطُّورِ*وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) (الطور:1-2) وللنسائي عنها أنها قالت : ( يا رسول الله ، والله ما طفت طواف الخروج فقال : إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس) .
    وفي صحيح البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدةً بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن صفية رضي الله عنها حاضت بعد طواف الإفاضة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحابستنا هي؟) قالوا : إنها قد افاضت وطافت بالبيت قال : فلتنفر إذن . وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال : ( لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت ) وفيه عن يحي بن سعيد أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع .


    والخطا الذي يرتكبه بعض الحجاج هنا :
    1. نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات ، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) ([5]).
    وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك .فمن طاف للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله ، فيجب عليه إعادته بعد الرمي ، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.
    2. مكثهم بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت ، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه لأمته بفعله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت ، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه ، ولكن رخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها ، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
    3. خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ، وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي كل بدعة ضلالة ) والبدعة كل ما احدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!
    4. التفاتهم إلى الكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة ، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفاؤه الراشدين ، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ([6]) . أي مردود على صاحبه .
    فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عباداته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) واتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته ، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه ، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه ، قال الله تعالى : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ)(المؤمنون: الآية71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) .نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .
    والحمد لله رب العالمين ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
    تم تحريره في 19 شعبان 1398هـ بقلم الفقير إلى الله تعالى : محمد الصالح العثيمين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين .


    ([2] ) رواه الترمذي ، كتاب الحج رقم (902).

    ([3] ) رواه مسلم ، كتاب الحج رقم (1218).

    ([4] ) رواه أبو داوود ، كتاب المناسك رقم (1949) والترمذي ، كتاب الحج رقم (889) والنسائي ، كتاب مناسك الحج رقم ( 3044) وابن ماجه ، كتاب المناسك رقم ( 3015).

    ([5] ) ر واه مسلم ، كتاب الحج رقم (1297) وأبو داوود ، كتاب المناسك رقم (1970) بلفظ آخر.

    ([6] ) رواه البخاري ، كتاب الصلح رقم (2697)ومسلم ، كتاب الأقضية رقم (1718).


    منقول من موقع الشيخ ابن عثيمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

Thread Information

Users Browsing this Thread

There are currently 1 users browsing this thread. (0 members and 1 guests)

Similar Threads

  1. حجاج من كل فج يفدون على بيت الله
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 28-10-2011, 01:00 AM
  2. حجاج بيت الله ينفرون لمزدلفة
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 15-11-2010, 07:00 PM
  3. حجاج بيت الله ينفرون إلى مزدلفة
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 26-11-2009, 07:20 PM
  4. حجاج بيت الله يصعدون إلى منى
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 25-11-2009, 03:30 PM
  5. حجاج بيت الله يتوجهون إلى مكة المكرمة
    By أخبار موقع روسيا اليوم in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 24-11-2009, 12:30 AM

Bookmarks

Posting Permissions

  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •