التميز خلال 24 ساعة

 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميز لهذا اليوم 
قريبا علاج الانزلاق الغضروفي وخشونة الركبة
بقلم : غير مسجل
قريبا


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حـــــدثني جـــدّي !

  1. #1

    الصورة الرمزية متن الغربة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,158
    معدل تقييم المستوى
    238

    حـــــدثني جـــدّي !



    :


    :





    لا أملك غير اسمي و حكايا جـّدي ...


    جدي حكواتي ماهر ، حولني لمشاهدة نهمة في سينمائية صالته ، حتى بقيت حبيسة لحكاياته دون ادراك منّي .


    لذا أنا المسافر الذي أغلق علي المطار بواباته .. الا أن الحظ الذي أسعف توم هانكس للخروج من مطار جون كينيدي بعد سنة من عودة بلاده للشرعية بعد انقلاب أفقده حق المواطنة .. لم يسعفني ..

    مطار ماقبل الوطن بارد حلزوني أغلق علي جدّي كل بواباته وترك لي صوراً من ماضي جنرالات لأتسلى قبل الولوج إلى أولى بلاطات الوطن ..



    جلدية المقاعد و الكافيهات و أزيز الأسانسير يذكرني دوماً أني على الحياد مع الوطن .. وأني مجرد منتظرة مع حكايا الجد الطيب .





    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  2. #2

    الصورة الرمزية متن الغربة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,158
    معدل تقييم المستوى
    238

    رد: حـــــدثني جـــدّي !

    ***




    الرياض مدينة اسمنتية تموت من العطش .. كما قال واسيني الاعرج ( المدينة التي بلا بحر تموت من العطش ) الرياض تجيرك لانسان دبلوماسي ترتدي لابساً عصرياً وتضع مرطباً عطرياً لتخفي رائحة جسدك ، لتنسى وطنك خلف الحدود ، أو قريتك التي تبعد ساعتين عن العاصمة .
    الكل هنا منكوش منكوش ، منكوش الهيئة أو النظرات أو المشاعر ..

    كلنا متحدين مع صمت برجي المملكة والفيصلية ..

    مدببيين نحلم بثقب قبة السماء لنتنفس .

    في هذه المدينة التي انثالت خارج أحيائها الأولية ، كانت حكايا جدّي تكبر فيّ ،

    خشن جدّي كجلد الحياة الذي يبشرنا يبشرنا .. لنتشرذم لأجزاء صغيرة نفني عمرنا على أمل تجميعنا .

    الفيلسوف العجوز يصطاد مايقع من تفاصيل اليوميات ويضعها في خانة ذكرياته الخائبة هكذا يسميها ..

    طقم أسنانه الذي أناوله كأسها بتقزز ثم يساومني على سعره :

    _ لو مجانا لا أخذه منك

    _ ستحتاجينه يا ملعونة عندما تصبحين عجوزا كسعدية

    يطيرّ يديه في الهواء وهو يصف بنطلونها الذي يختنق بلحمها المكتنز ، ويسوغ كذباته التي لم أصدقها :

    _ وجلست العسكري سعدية و اهترئ البنطلون ، وعمتك فاطمة أشارت لها يا عسكري سعدية استر ...

    ويتلفظ بكلمة نابية .. وابتسم لهذا الأفاك العجوز

    _لا تشترِ العبد الا والعصا معه ..
    يكرمش وجهه امتعاظاً
    من تلك اليلة التي انقلبت فيها الجارية عليهم .

    الأخطاء ارتكبت في السبعينات وحسمت في الثمانينات

    بزيت السمسم أدهن رجليه كل ليلة .. ما ملّ وهو يخبرني أن رجليه يستحقان الدلال .. بهما كان العبور الكبير عبر الحدود .

    ثم يضحك العجوز ضحكة بلاستيكية .. وأوقن أنه يستغل سذاجتي لينفث شوقه لقريته .. وللسلاح الذي دفنه ويسألني :

    _ اسألي أبله الكيمياء هل يتحلل السلاح بعد ثلاثين سنة من الطمر؟

    ويكبر السؤال مثل غيمة رمادية تتعلق في سماء الرياض تعد بمطر ونصحو على عاصفة رملية .


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  3. #3

    الصورة الرمزية متن الغربة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,158
    معدل تقييم المستوى
    238

    رد: حـــــدثني جـــدّي !

    وما أكثرها عواصف الغربة .. حين تكون مجرد خط حدودي تجاور الكثبان ورياح الصبابة من الوطن ..
    و تنقرك أصوات من سنا طينية القرية وتسقط :
    وزدنا من الشاذلية حتى تفئ السحابة ..

    ياللـ لكنات التي تفتقنا وترفونا مرارا مرارا حتى تحولنا الى غير صالحين للسلام مع محيطنا ..

    كيف تجرأ قريبي بنعتي أني مسخ .. ليس فيّ رائحة الوطن .


    أرعبتني فكرة بلاستيكيتي . لا بخور اللبان يتضوع مني
    ولا لون الهرد يصفر بشرتي .
    كنت اتحسس حنجرتي وأتابع وتر اللكنة هل ضاع ؟
    كأن فرجارد انفجر في مساحات صوتي البيضاء ..
    غلّق عليّ أبواب الحكي .. وعزفني حتى بحّ صمتي ..
    اجتزت مراحلي الدراسية دون أن أعي تحولي لمسخ ؟
    تدريجياً أم مباغتة ً ؟

    وأحسست بالبرودة التي اجتاحتني حين وردنا اتصال الساعة السابعة من المستشفى ينقل لنا خبر وفاة والدي ..

    كانت أطرافي باردة بـ 20 عاماً وعيون تحتها الكثير من السواد .. دارت أمي حول نفسها ولطمت وقالت كلاما كثيرا واحتضنها جدّي ..
    وأنا باردة ومنسية وضاع صوتي كما ضاع الآن ..
    الموت في المنفى حولني لوحيدة ومغلقة .


    والأقسى منه كلمة مسخ .. تقدني نصفين ثم أرباعا ثم أعشارا .. وتحشر خيباتي


    قلت لجدّي :

    _ يعايرني أني مسخ . .

    تسلقني بنظرته الشبه مكسورة .. الأشد تعبا ً من قدمين حملته عبر الحدود في 72 :


    _ مسخ ! .. قولي أريد العدل ..
    _ عدل ؟
    _ المظلوم حقه العدل .. يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ،
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  4. #4

    الصورة الرمزية متن الغربة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,158
    معدل تقييم المستوى
    238

    رد: حـــــدثني جـــدّي !

    _ من الذين قتلوا من يا جدي ومن مشوا في جنازة من ..

    كأني أتوحد مع روح القرية نتنفس سويا ً . وجدي يدق نظرته في الجدار ويصف مشهدية الحدث ..
    صوته مشحون بالتحدي ورماد قهر وبقايا خوف لم يرمم ما زال
    مكشوفا ً رغم أعوامه الستين ..


    الكل قتل أو تآمر أو كان واسطة للجريمة .. والبعض كان ضحية .. هكذا فهمت من جدي !

    حكى لي بمراره كيف رمى الجيب جاريتنا سعدية في الجول الترابي وهي ترتدي الزي العسكري الكاكي ..
    على ظهرها تجاور ذيل شعرها الكث الأجعد و بندقية .. قفزت بخفة سلالم بيوت القرية وفتشت النساء ..
    وكيف انتهى الموقف بكوميدية بنطلونها الذي اهترئ بسبب مؤخرتها المحشوة فيه حين جلست ..
    وعلت ضحكات النساء
    سعدية الجارية تبقى جارية !

    _ كانت القيامة الأرض فوق والسماء تحت .. شئ لايصدق في 72

    _ كيف يا جدي ؟؟

    _ يصبح الرجل ولا يمسي .. ويمسي ولا يصبح ..

    يجوه ناس يستدعوه لأن فلان يريده أو لانه ارتكب مخالفه بسيطه .. ولا يعود


    _ هاااه ... وأنت يا جدي ؟

    _ أنا سمعت الساعة 12 الظهر اشاعات أنهم يسألون عني .. الساعه الواحدة تمام خرجت لعدن وأنا محشور في مقعد سيارة نقل يقودها صديقي ..

    كانت عيني تتسع وأنا أضفي لجدي دور البطولة المطلقة في مجزرة وطنية ..


    _ انتظرت حتى خيم الظلام وانا محشور في السياره .. وأنا بجوار مبني الحزب وانتظرت أخي يخرج من المقر.. بعد ساعة كاملة خرج ..


    اتسعت بؤرة الضوء والدهشة في عيني
    .

    أكمل :
    _ رفعت رأسي وأشرت له بحركة من يدي .. كان يقف ومعه اثنين من الرفاق ظهورهم لي .. رآني ..

    زفـــــــر حسرة حرى في الهواء :


    _ يبست نظرات أخي علي وتظاهر أنه لم يرني وأولاني ظهره ..

    انفتح فمي كسمكة ..

    _ يالله
    _ فعرفت أن الأمور خرجت عن السيطرة حشرت نفسي في أرضيه السيارة وقلت لصديقي توكل على الله ..

    تمنيت لو كنت أكبر قليلا ًلأمسح عن جدي حزنه ..


    وأقول له لا بأس ..


    ان الوطن يجعلنا في مأزق مع وشائج قربانا بل ويجعلنا في مأزق مع كرياتنا البيضاء ..


    لكني الحياد .. يتلى علي تاريخ المجازر الوطنية

    دون أن يُعرج على رأيي ..

    _ نذل


    هذه الكلمة التي سمعتها مرارا ً من جدي وهو يصف أخيه ، الا أني عندما التقيته وجها لوجه .. لم يكن نذلا ً!
    رجل هادئ بوسامة باقية دلالتها .. رجل معجون معجون معجون بنار التجارب حتى لاذ بالغموض *
    كان يقضي النهار في بيتنا متأملا ً .. قليل الكلام .. لا يفوته فرض صلاة .


    لطالما تمنيت أن أقول لجدي إني لم أجده نذلا ً !


    لكني خشيت .. خشيت أن أحكام الآخرين على تجاربهم وهم على خشبة مسرح الوطن ..

    وانا على مقعد المشاهد في الصالة ..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •