لحظات فارقة في حياة الأوطان وشعوبها تستدعي من كل من يمتلك البصر والبصيرة أن يكبر بمستواها شعوباً وأوطانا..
هي في الأول والأخير لحظات عز وفخر لمن يضعون الأوطان في حدقات عيونهم، ولحظات انكسار وذل وهزيمة لمن يتقزم ولا يحاول مجرد المحاولة أن يتساوق مع حلم وطنه وأنى له أن يفعل ذلك، فالصغير يظل صغيراً مهما حاولت أن تجره إلى الأعلى، فقد ولد صغيراً ولم ينمُ وظل قزماً في كل لحظة يكبر فيها الوطن مادياً ومعنوياً، ويظل الصغير في الحفرة التي لا يتسنى له إلاّ العيش فيها، وإن خرج بقدرة قادر فإلى مستنقع الإساءة لوطنه، لحلم إنسانه، لكل جميل يربط الشعوب بأوطانها.. أصحاب المشاريع الصغيرة هم كذلك لا يظهرون إلا ليختفوا من أمام عين الذاكرة الوطنية ورؤيتها المجردة التي تفرق بين ما هو غث وما هو مفيد للناس في حياتهم..
من اللحظات التي عاشها شعبنا عبر تاريخه الحديث والذي بزغ في العام 62 ومد حلمه إلى جبال ردفان في العام 63م، ليعود يعيش لحظة الفخر والمجد حين استقل الجزء الآخر من القلب اليمني، وحين صمدت صنعاء قلب اليمن وعقلها وعنوانها في ملحمة السبعين يوماً، وتجذر الحلم في العام 90م لتغدو الوحدة البحر الذي يسبح فيه مركب الغد والمستقبل الذي ضحى من أجله الكثيرون بدمهم وحياتهم من أجل عيون الصغار والحياة الأجمل التي نناضل من أجلها.. كثيرون خرجوا من الصف لعدم قدرتهم على المسير، فلم يتعودوا السير طويلاً حيث الطريق يسلكه الشعب اليمني نحو ترسيخ اليمن في إطار المساحة الجغرافية من المهرة إلى صعدة..
حاولوا بكل السبل أن يعيدوا تمثيل دور الفأر الذي هدم السد، لكن موجة الشعب لفظتهم والبحر دائماً يلفظ الجثث العفنة..
اليوم هي لحظة فارقة بعد مرور 20 عاماً من انطلاق أنشودة الشعب، وأغنيته، «الوحدة اليمنية قدر ومصير هذه البلاد» تحاول المشاريع الصغيرة أن تشوشر على اللحن الأجمل الذي صاغته أيدي اليمنيين، ولن يتحقق لهم ما يريدون لأن المشاريع الصغيرة لا يكتب لها النجاح، ولأن أصحابها لم يستوعبوا الدرس، وثالثاً لأنهم لم يفهموا نفسية الإنسان اليمني، فلحظة أن يحيط الخطر بالوطن ترى ملايين هذا الانسان يصطفون وإن اختلفوا والسبعون يوماً أكبر دليل..
هم الآن يحاولون إما بثياب الرهبان أو بقرون الشيطان أن يظهروا في نضال تليفزيوني ينتهي أثره بانتهاء الوقت المشترى لإذاعة الترهات والهبوط الذي ما بعده هبوط سوى هبوط الطابور الخامس الذي يحاول دائماً أن ينحر الوطن، لكن شباك الحقيقة توقعهم في اللحظة المناسبة لأنه لا يصح إلا الصحيح في الأخير..
اليوم تحاول بعض الأصوات الهادمة للحياة أن تعيد عزف النشاز الذي تسميه لحناً، غير مدركة أن آذان اليمنيين لا تسمع سوى لحن التوحد، وقلوب اليمنيين وقبلها عقولهم تصطف في وجه من يحاولون واهمين العودة إلى الخلف .
الاصطفاف الوطني قد حصل برغم كل التباينات والاختلافات التي تمارس تحت سقف الوحدة تحت سقف الوطن.. ولذلك لا خوف على الوطن ووحدته..
لكن ثقتنا بأنفسنا لن تعمينا عن أن نسد الشقوق التي أحدثها بعض من ظلوا ينظرون إلى ما بين اقدامهم وسنسدها، والدعوة إلى الجميع أن يصطفوا لسد أي ثغرات جاءت نتيجة للعمل، فأي عمل كبير لابد أن ترافقه أخطاء لكنها ليست الأخطاء القاتلة، والتي بوعي عام على الصعيدين الرسمي والشعبي، وفي أوساط النخب التي تدرك أهمية التوحد والمستقبل وكل القوى الوطنية التي تتنافس تحت قبة الوطن، سيصطف الجميع حتى يقولوا لأصحاب النزعات النزقة ومن يحكمون على الأمور بسوء بصيرة أن الوطن بخير.. وأن الوطن قادر بحكمة القائد علي عبدالله صالح وكل الخيرين على مواجهة مؤامراتهم ودسائسهم، وبالاصطفاف الوطني يكون الوطن هو الأكبر.. وهو الأبقى
بقلم/ إحدى افتتاحيات الثورة
Bookmarks