التميز خلال 24 ساعة

 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميز لهذا اليوم 
قريبا تأجير نيسان في دبي
بقلم : غير مسجل
قريبا


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حقيقة الإنتماء

  1. #1

    الصورة الرمزية باسم علوان
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    aden
    المشاركات
    159
    معدل تقييم المستوى
    181

    حقيقة الإنتماء


    حقيقة الإنتماء

    لفضيلة الشيخ : بشر بن فهد البشر


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
    أما بعد :
    أيها الإخوة في الله :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حديثي إليكم هذه الليلة بعنوان حقيقة الانتماء .
    الانتماء الذي نريد أن نتحدث عنه هو الانتماء إلى هوية واضحة ثابتة * هوية مستقلة متميِّزة * فهو الذي يعطي الأمم الوصف الذي تستحق به أن تكون أمماً ، وهو القاعدة الأساسية لبناء الأمم لأن الهوية التي تنتمي إليها أي أمة هي تميزها عن غيرها .
    فما هي أيها الأحبة الكرام هويتنا نحن المسلمون ؟ ولمن يكون انتماؤنا ؟ إلى من ننتسب ؟ ولأي شيء نتعصب ؟ وعلى أي شيء نوالي ونعادي ؟
    في العصور الأخيرة وبالتحديد في القرن الهجري الماضي ، حصل للأمة المسلمة ما يمكن أن نسميه أو نطلق عليه " بأزمة الهوية " أزمة تحقيق الانتماء ، فحصل فيها ولها من التخبط والتنقل على موائد الشرق والغرب ما أضاع الأمة وأفقدها استقلالها وتميزها وشخصيتها . وإلى هذا اليوم لا تزال الأمة تعيش هذه الأزمة * أزمة الهوية ، أزمة الانتماء ، إما في ضياع الهوية ضياعاً كاملاً عند فئة من المستغربين ، و إما بالغبش والغُبارية وتكدر الرؤية عن كثير ممن ينتسب لهذه الأمة ، سواءً كان من عامة الشعوب ، أو كان ممن ينتمي إلى العمل الإسلامي أو حتى من الحكومات أو غير ذلك . لذلك يجب أن نحدد هويتنا * يجب أن نحددها بدقة وأن نعرفها بوضوح لنعرف ما هي حقيقتنا و أهدافنا وما هو المنهج الذي يجب أن نسير عليه ؟
    هل هويتنا أيها الأحبة هي القومية أم هل هويتنا هي الوطنية ؟ أم هل هويتنا هي التبعية للشرق أو الغرب أو لهيئة الأمم ؟ أم هل هي هويتنا هي السير وفق النظام العالمي الجديد ؟
    ما هي هويتنا نحن المسلمين ؟
    القومية جاءتنا عن طريق الغرب * عن طريق أوروبا * ونشرها اليهود في تركيا فأثاروا النعرة القومية الطورانية ؛ ثم أخذها النصارى المارونيون في لبنان بالتحديد ونشروا القومية العربية ، ففرقت بين المسلم من أرض العرب وبين المسلم من البلدان الأخرى ، فبدل أن يكون الرقم الذي معنا يتعدى الألف مليون أصبح لا يتجاوز مائة وخمسون مليون . ثم ما الذي حصل ؟ حصل التفرق والانحطاط .. نعم أيها الأحبة .. هذه القومية ما أخذت حتى بقيم العرب في الجاهلية والتي عبر عنها شاعرهم بقوله :
    و أغض الطرف إذا تبدت جارتي ***** حتى يواري جارتي مأواها
    بل أخذت التحلل والتهتك والفجور والفساد ونقلوه إلى بلاد العرب بصفة التقدم والرقي والحضارة .
    هل هويتنا هي الوطنية ؟! الأوطان رقعة ضيقة * ما الذي يحدها ؟ ما الذي يُبَيِّنُها ؟ هل هي المكان الذي قضيت فيه حياتك ؟ ما تحديد هذا الوطن الذي يجب أن يتعصب له الإنسان وأن يوالي عليه وأن يعادي ؟ إن الوطن لا يحد ولا يوضح فإذا قيل مثلاً إن أهل مصر يجب أن يتعصبوا لمصر ، فسيختلف أهل مصر لأي شيء يتعصبون : للصعيد أم للقاهرة ؟ وأهل الصعيد سيختلفون يتعصبون لأي شيء لأسوان أو لأسيوط ؟ إن هذه الهوية لا تحديد لها وإنها تفرقة وضعف وخور في الأمة .
    هل ننتمي لهيئة الأمم ؟ وللشرعية التي يطنطنون بها ، وهي في واقع الأمر جاهلية يسيرها اليهود والنصارى ، ونحن كما قال جرير :
    ويقضى الأمر حين تغيب تيم ********** ولا يستأمرون وهم شهود
    أم هل ننتمي للنظام العالمي الجديد ؟ الذي نكون عجلة من عجلاته ولكن السائق غربي يقود الحافلة ، إلى أي شيء ننتمي ؟ وما الذي يميزنا عن غيرنا ؟ ما الذي يحدد هويتنا نحن هذه الأمة ؟ ما الذي يجعلنا نجتمع على كلمة سواء ؟

    إن هويتنا أيها الأحبة الكرام هي هذا الدين الذي أكرمنا الله به وأخرجنا به من الضلالة إلى الهدى ومن العمى إلى البصيرة ، هذا الدين هو القاسم المشترك الوحيد الذي تلتقي عنده وحدة الإسلام ، هذه الأمة الكبرى من مشرق الأرض إلى مغربها ، فلا يجمعها جنس ولا تجمعها لغة ولكن يجمعها دين واحد ، هذا الدين اتحدت عليه وائتلفت عليه . لقد كان المسلم يخرج من أقصى المغرب وينتقل إلى أقصى المشرق وهو يعتبر الجميع بلاده ، لا بل إنه ينتقل من بلد بعيد إلى بلد آخر بعيد فإذا جاء احتفى به أهل البلد وعينوه لهم قاضياً و إماماً . انظر مثلاً ابن خلدون العالم الكبير المؤرخ صاحب المقدمة التي هي من قواعد علم الاجتماع * ولد في بلاد تونس وفيها نشأ وانتقل إلى بلاد الأندلس فاستقبلوه استقبالاً حافلاً ، ونتقل إلى مصر فعينوه فيها قاضياً .. وهكذا كانت الأمة :
    ولست أدري سوى الإسلام لي وطناً ******** الشام فيه ووادي النيل سيـانِ
    و كــل ما ذكـر اسـم الله في بـلــدٍ ******** عددت أرجاءه من لب أوطانــي
    بل أيها الأحبة الكرام ، إن تاريخ هذه الأمة المسلمة يتعدى الألف وأربع مائة سنة الماضية إلى أعماق التاريخ * إلى يوم أن أنزل آدم – عليه السلام – إلى هذه الأرض ، منذ أن وجد الإسلام على هذه الأرض وذاك هو تاريخنا ، الأمة المسلمة أمة واحدة من عهد آدم عليه السلام كما قال الله تبارك وتعالى : {{ إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون }} . وقال سبحانه في سورة المؤمنون : {{ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم * إن هذه أمتكم أمةً واحدة وأنا ربكم فاتقون }} .

    فدين هذه الأمة دين واحد هو الإسلام {{ إن الدين عند الله الإسلام }} ، وتاريخها واحد هو تاريخ الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ثم أتباعهم من المؤمنين ، ولذلك فنحن أيها الأحبة نتفاعل مع قصص الأنبياء عندما نقرؤها في كتاب الله جل وعلا . عندما تقرأ سورة يوسف أو عندما تقرأ قصة إلقاء أبينا إبراهيم في النار أو عندما نقرأ قصة موسى مع فرعون تحس بشعور غريب ، كأنما أنت ممن شهد الحدث ، وممن هو معني به ، كما أنك أيضاً عندما تقرأ هذه القصص تجد في نفسك العداوة للطواغيت فرعون وهامان وقارون ، كما في نفس الوقت تعادي أبا جهل وأُبي بن خلف وعبدالله بن أُبي ومن تبعهم إلى عصرنا ، إن هذا هو الشعور الواحد شعور الأمة الواحدة ، كما قال الله سبحانه : {{ وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل }} . هو : أي الله عز وجل * سماكم المسلمين من قبل ، وفي هذا : أي في هذا القرآن {{ ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير }} . ويقول صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه : ( ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من حثى جهنم ، قيل : و إن صلى وصام ، قال : وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله ) . إن لنا ثلاثة أسماء سمانا الله بها ( المسلمين ) ، ( المؤمنين ) ، ( عباد الله ) ، وهذا الحديث رواه أحمد ورواه الترمذي وابن حبان وغيرهم . وهو حديث صحيح ، صححه جماعة من أهل العلم قديماً وحديثاً ، وممن صححه في عصرنا سماحة الإمام الشيخ عبدالعزيز بن باز والعلامة الشيخ ناصر الدين الألباني .

    فإذن دعوى الجاهلية التي جاءت في هذا العصر الحديث وتوعد عليها بأن صاحبها من حثى جهنم هو كل تعصب لغير هذا الدين سواء كان تعصباً لجنس ، لقبيلة ، لوطن ، لأرض ، لقومية * للغة ، كل تعصب لغير هذا الدين على غير حق فصاحبه قد دعى بدعوى الجاهلية .
    فالتعصب إذن للأوطان أو للأنساب أو الدعوة للقومية أو الوطنية هو أمر من أمور الجاهلية ، فكيف بالسعي لتعميق هذه الانتماءات ، ثم أيضاً التفريق بين الناس على هذا الأساس ، و وزنهم بهذا الميزان : ميزان القوميات والوطنيات واللغات والأجناس ؟ كل هذا من دعوى الجاهلية .
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من غراء الجاهلية " .
    و قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " الدعاء بدعوى الجاهلية كالدعاء إلى القبائل والعصبية للإنسان ومثله التعصب للمذاهب والطوائف والمشايخ وتفضيل بعض على بعض ، وكونه منتسباً إليه يدعو إلى ذلك ويوالي عليه ويعادي ويزن الناس به فكل هذا من دعوى الجاهلية " .

    ثم نتذكر أيها الأحبة القصة المشهورة التي رواها البخاري ومسلم عندما ضرب رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ، فقال الأنصاري : يا للأنصار ، فقال المهاجري : يا للمهاجرين . ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبدعوى الجاهلية و أنا بين أظهركم ؟ ما بال دعوى الجاهلية دعوها فإنها خبيثة ، دعوها فإنها منتنة ) . رواية البخاري " دعوها فإنها خبيثة " ، و رواية مسلم : " دعوها فإنها منتنة " . مع أن هذه " يا للأنصار يا للمهاجرين " أوصاف يحبها الله ورسوله ، الله عز و جل سمى المهاجرين بهذا الاسم ، وهو الذي سمى الأنصار بهذا الاسم ، {{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان }} . ومع ذلك لما أصبحت الدعوة هنا على غير حق تعصب للباطل أصبحت من دعوى الجاهلية ، فكيف بغير ذلك أيها الأحبة .

    أيها الأحبة:
    و مما يجدر أن نذكره في هذا الحديث ما ذكره بعض الدعاة إلى الله عز وجل عن قصة مؤثرة ينبغي أن نأخذ منها عبرة ... يقول :
    " أنه عقدت ندوة في فلسطين المحتلة عام 1980هـ وبالتحديد في 19/12/1980هـ ، حضرها من مصر الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق وحضر هذه الندوة عدد من الأساتذة اليهود المتخصصين في الشؤون السياسية والعربية * فقال خليل هذا : ( أود أن أطمئنكم أننا في مصر نفرق بين الدين و القومية ولا نقبل أبداً أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة إلى عقائدنا الدينية ) ، فوقف أحد اليهود - بروفيسور اسمه " دافين " - قائلاً : ( إنكم أيها المصريون أحرار في أن تفصلوا بين الدين والسياسة ولكنني أحب أن أقول لكم إننا في إسرائيل نرفض أن نقول إن اليهودية مجرد دين فقط ؛ بل إننا نؤكد لكم أن اليهودية دين وشعب ووطن ) ، وقام آخر - البروفيسور " تيفي ياقوت " – وقال : ( أود أن أقول للدكتور مصطفى خليل إنه يكون على خطأ كبير إذا أصر على التفريق بين الدين والقومية و إننا نرفض أن يعتبرنا الدكتور خليل مجرد أصحاب دين لا قومية فنحن نعتبر اليهودية ديننا وشعبنا و وطننا ..... إلى آخر كلامه الذي ذكر فيه أن القومية أوروبية المنشأ والمصدر و أن الأوربيون صدروها إلى الشرق ) . ألا شاهت وجوه الناعقين بالانتماء لغير الإسلام ، الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون ، نقول لهم خذوا الدروس من هذا اليهودي إذا كنتم قد صددتم عن أخذ الدروس من الكتاب والسنة .

    والسؤال أيها الأحبة الذي يطرح نفسه : ما هو الإسلام الذي ننتمي إليه ؟ هل هو ما يدعوا إليه أهل الخرافة والطرقية و أهل البدع والموالد الذين حياتهم احتفالات * كلما انتهى مولد انتقلوا إلى مولد آخر ، الذين يدعون إلى الشرك والوثنية في من قال بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم الأولياء والصالحين ، أم هو الذي يعتني بالشكليات والرسميات والمظاهر دون المضمون فيرضى عنه الكافرون حيث لا خطر على مصالحهم وأطماعهم ؟ أم هو ما يريده بعض المفتونين بالغرب الكافر من إسلام متميع يحصلون تحت مظلته على أهواء نفوسهم وشهواتهم ؟

    إن الإسلام الذي ننتمي إليه هو الإسلام الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه عز وجل ، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة المتمسكون بالكتاب و السنة بفهم السلف الصالح ، المتمسكون بما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان . هذا الإسلام هو مصدر القوة والعزة : {{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }} ، {{ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون }} ، {{ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون }} ، {{ بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون }} . تأملوا أيها المسلمون تأملوا هذه الآيات العظيمات التي تقول لكم إن هذا الدين فيه شرفكم وفيه ذكركم وفيه عزتكم و رفعتكم . هذا الدين عرف حتى الكفار أنه سبب قوة المسلمين ، عرفوا أنه سبب عزة المسلمين .
    من حوادث مطلع القرن الثاني الهجري ، أن ملك سجستان - وكان يقال له "روتبيل" - رفض أداء الخراج للدولة الأموية وذلك في آخر عهدها ، فأوفدوا إليه وفداً يفاوضونه ويسألونه ما السبب ؟ فسألهم : أين القوم الذين كانوا يأتوننا قبلكم ؟ كانوا ضامري البطون من الجوع ، يلبسون نعال الخوص ، وفي وجوههم سيما من أثر السجود ، قالوا : قد مضوا ـ يعني ماتوا وانتهى جيلهم ـ ، فقال روتبيل الكافر : إنكم أنضر منهم وجوهاً ـ يعني أحسن منهم وجوهاً ـ ولكنهم أصدق منكم وعداً ، وأشد بأساً ، ثم أتى بما عليه من خراج .
    والله إن هذا درس وعبرة أبلغ من آلاف المواعظ ، و أبلغ من آلاف الخطب ، فقد عرف الأعداء سر قوة المسلمين ، وفي هذا الزمان بعض أبناء المسلمين لا يعرفون ذلك ، فذلوا للكفار و من ثم جروا أمتهم إلى الذلة .

    ثم أيضاً هذا الدين الذي ننتمي إليه هو أيضاً مصدر الأمن ومصدر الطمأنينة في بلدان المسلمين ، {{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون }} ، {{ وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً آمناً }} . آية عظيمة إذا خرج الإنسان من الحرم لا يأمن على نفسه وإذا دخل فهو آمن . أليس القادر على ذلك قادراً على أن يجعل الأمن يعم ربوع بلاد المسلمين ؟‍ بلى والله .
    والله إن حجة من يقول إن الأخذ بالدين كاملاً وتطبيقه إنه سبب ضعفنا أو سبب في تكالب الأمم علينا أو أنه سبب في أن يغزونا أو نذل للكفار ، والله إن هذا ليس بصحيح بل هو سبب العزة والقوة وسبب خوف الكفار من هذه الأمة . وكل صدود أيها الأحبة عن هذا المنهج ، كل صدود عن هذا الدين الحق ، كل انحراف عن هذا الانتماء الحق هو من اتباع الأهواء ، {{ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدىً من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين }} . ثم في هذا الدين في هذا الانتماء الحق ، في التمسك بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح صلاح الأمة * كما قال الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ : ( لم يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها ) . كما هو أيضاً سبب في رفع قيمة الفرد المسلم ، الإنسان المسلم سبب من أسباب رفعته بأن يكون متمسكاً بهذا الدين * كما في الحديث ( أن عمر ـ رضي الله عنه ـ ولى رجلا على مكة ـ اسمه نافع بن عبدالحارث الخزاعي ـ ذهب عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى مكة فقابل نافع هذا في الطريق * فسأله : من استعملت على أهل الوادي ـ يعني على أهل مكة ـ ؟ قال : ابن أبزة ، قال : ومن ابن أبزة ؟ قال : من موالينا ، قال : استعملت على أهل الوادي مولى - تستعمل على صناديد قريش مولى - ؟ قال : يا أمير المؤمنين إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض ، قال : أما إني سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) .

    لعمرك ما الإنسان إلا بدينــه ******* فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
    فقد رفع الإسلام سلمان الفارسي ****** وقد وضع الكفر النسيب أبا لهـب

    كما أيضاً أيها الأحبة الكرام الانتماء الحق لهذا الدين والتمسك الصحيح به سبب لرفع الذلة التي ضربت اليوم على هذه الأمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه حتى ترجعوا إلى دينكم " حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود . إذاً سبب ذلة الأمة انحرافها عن هذا الدين ، وسبب رفع الذلة عنها رجوعها لهذا الدين وتمسكها الحق به ، وانتماؤها الصحيح لا الانتماء المدعى .

    أيها الأحبة:
    ينبغي أن نعلم أن الانتماء لهذا الدين لا يتعارض مع حب الأوطان ولا مع حب العربية * فحب الأوطان فطرة وجبلة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب مكة ولولا أنه أخرج منها ما خرج .
    وكذلك العربية حبها من الدين ، وخدمة الأوطان من دين الإسلام وأن تسعى في قوتها وعزتها ورفعتها ما دامت بلد الإسلام ، و حب اللغة العربية وحب العرب كل هذا من الإيمان يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ما معناه : " أن الأمة مجمعة على فضل جنس العرب على غيرهم " * لكن إذا كان هذا يندرج تحت الانتماء لهذا الدين * وإذا كان يخدم الانتماء العام والهدف العام و الإطار العام لهذه الأمة . أما إذا افترض وجود تعارض أو إذا كان ذلك ينتقل إلى التعصب والموالاة والمعاداة في الوطن أو في العروبة فلا ثم لا ، يكون ذلك من دعوى الجاهلية .

    أيها الأحبة :
    هذا الانتماء الحق للإسلام ، أو حقيقة الانتماء تتجلى في أمور يقتضي منا أمور أجملها في النقاط التالية :

    أولها : التمسك التام بالعقيدة الصحيحة ، عقيدة التوحيد النقية الصافية ، سواء كان ذلك في توحيد الربوبية أو في توحيد الألوهية أو في الأسماء والصفات والاعتناء بها ودراستها وتعلمها وتعليمها ونشرها ، ثم أيضاً في الدخول في الإسلام كله {{ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة }} ، السلم هنا : هو الإسلام ، أي خذوا الإسلام كاملاً فالدين حق كله وهدى كله ونور كله وليس فيه قشر ولباب ، وهذا التقسيم تقسيم مبتدع وتقسيم ضلال وتقسيم باطل و إن قال به من قال به .

    ثم أيضاً من ذلك :
    تطبيق الشريعة واقعاً عملياً نعيشه ونحياه ، تطبيق الشريعة حقاً لا دعوى ، تطبيق الشريعة في كل مجالات الحياة هو المعبر للانتماء الحق لهذا الدين .

    ثم أيضاً :
    الولاء والبراء في هذا الدين ، والأخوة الإيمانية والرابطة الإسلامية هي أقوى الروابط ، رابطة الإيمان أيها الأحبة هي التي جعلت الملائكة الذين يحملون العرش يستغفرون للمؤمنين {{ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا }} ، ما الذي جعل أولئك الملائكة الكرام الذين يحملون العرش و كرمهم الله بذلك * ما الذي جعلهم يستغفرون للمؤمنين إلا هذه الرابطة رابطة الإيمان . إذن الولاء والبراء في هذا الدين الموالاة والمعاداة مآخاة المؤمنين ومحبتهم أينما كانوا من أي لون ومن أي بلد تحس بإحساسهم وتتألم لآلامهم تحاول أن تعينهم بالكلمة بالمال بالعمل ، ومعاداة الكافرين وإن كانوا من أبناء بلدنا ويتكلمون بألسنتنا ولهم ألوان جلدتنا .
    كما يقتضي ذلك الدفاع عن الحق الذي ننتمي إليه والهوية التي تميزنا عن غيرنا من الأمم . نعم يجب أن ندافع عن هذه الهوية مما يفسدها ، ومما يطعن فيها ، ومما يكدر صفاءها ونقاءها ومن ذلك - أي من الهجوم على هويتنا وعلى انتماءنا ومما يكدر ذلك ويفسده ويضيعه - الطعن الخفي لهذا الدين بالتعريض تارة والتلميح وبالرمز والإشارة وأحياناً بالتصريح وأحياناً يكون بالهجوم بطرق ملتوية * بالهجوم على التراث * بالهجوم على كتب العلماء وتسميتها بأسماء منفرة وهم يريدون من ذلك الطعن في هذا الدين .

    ومن ذلك :
    محاولة تمييع الهوية التي تميزنا عن غيرنا سواء كان بتوجهات عامة أو كان بأمور موجهه للفرد بمحاولة إلهائه بمحاولة تضييعه ، بمحاولة صرفه عن حمل الرسالة التي كلفه الله وشرفه بها في آن واحد .

    ومن ذلك أيضاً :
    تجزئة الإسلام بأخذ بعضه وترك بعضه {{ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا … }} .

    ومن ذلك:
    تبرير الباطل وإلباسه لبوس الحق وتغليفه بما لا ينكشف معه ، فإن الباطل لا يروج إلا إذا لبس بلبوس الباطل وقد كان ذلك ديدن اليهود {{ يا أهل الكتاب لمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون }} ، تبرير الباطل بمقالة ، بكلمة ، بفتوى ، بغير ذلك : كما حصل من بعضهم و أفتى بحل بعض أنواع الربا في بعض البلدان .

    من ذلك أيها الأحبة :
    الظهور بمظهر المدافع لهذا الدين بالدعاء للعصرانية أو الفكر المستنير أو التجديد و هم من هذا الدين براء وبينهم وبينه كما بين المشرق والمغرب إنما يريدون هدمه بواسطة اسمه و بواسطة انتحاله وبواسطة الدفاع عنه كما يزعمون .

    ومن ذلك أيضاً :
    وهو من أخطر ما يكدر الهوية في نفوس الشباب : الازدواجية التي نراها في المجتمع ، انظر مثلاً ما يعلمه الناس في المدارس في التعليم ثم انظر ما يرونه في الإعلام ، ازدواجية وتعارض . قبل سنوات عقدت ندوة بإشراف مكتب التربية بدول الخليج العربي عنوانها " ماذا يريد التربويون من الإعلاميون " ملخص هذه الندوة شيء واحد هو أن ما يبنيه التربويون في النهار يجب أن لا يهدمه الإعلاميون في الليل . إذن الازدواجية هذه من أخطر ما يكدر الانتماء الحق ، ومن أخطر ما يكدر صفاء الهوية التي نحملها وننتمي إليها .

    ثم أيضاً من أخطر ما يكون:
    محاولات تكريس الانتماء لغير هذا الدين وللدعاوى الجاهلية في مقالات ، في كلمات ، في مقررات ، في غير ذلك . كل ذلك مما يجب أن يدافعه المؤمنون المنتمون إلى هوية الإسلام ، والمنتمون حقاً لهذا الدين . إننا بحاجة إلى رجل العقيدة الذي يعرف حقيقة الانتماء لهذا الدين ، يعيش من أجل هذه العقيدة ، ويحمل هذه الرسالة للبشرية في أنحاء الأرض سواءً رضي الناس أم سخطوا .
    يقول الشيخ محمد أمين المصري ـ رحمه الله تعالى : " الأمة التي يفقد أبناءها حمل الرسالة تفقد معاني الجهاد وتفقد قيمة الحياة وحين لا يكون للأفراد رسالة يشعل الخواء القلب وتمتد الشهوات وتستعلي الغرائز " . رجل العقيدة هذا الذي يعرف حقيقة الانتماء لها وهو الذي يتصف بالصفات التي تؤهله لحمل مسؤولية هذا الدين .

    ومن ذلك :
    بعد صفاء العقيدة في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات ، وبعد الاستقامة التامة والمحافظة على السنة : أن يكون متميزا عن الآخرين . متميزا في علمه ، متميزاً في عمله متميزاً في معاملته وسلوكه وخلقه ، متميزاً في هديه وشكله ومظهره * متميزاً في جده واجتهاده * متميزاً في دعوته لهذا الدين ... فإن ديننا هذا هو دين التميز * نحن متميزون في عقيدتنا * نحن متميزون في تعبدنا * نحن متميزون في أخلاقنا ، كما أننا أيضاً متميزون في شكلنا وفي مظهرنا . وقد حرص نبينا صلى الله عليه وسلم على هذا التميز حرصاً عظيماً وقد وضح ذلك وجلاّه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ـ في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم .
    كما أيضاً من صفات رجل العقيدة هذا الذي نريده ونتطلع له : أن يكون ممن يحس بالخطر الدائم على هذه الأمة ويشعر بهذا الخطر النازل على الأمة سواءً كان خطر داخلي بالانحراف والمعصية أو كان خطرا خارجيا * يكون واعياً بأزمات الأمة ويرى نفسه مسؤولاً مسئوليةً تامةً عن هذا الدين * هذا الرجل هو الذي يدعوا إلى الله عز وجل وينفق أوقاته ويبذل جهده لهذا الدين * للدعوة إلى الله عز وجل إما مباشرةً إن كان يستطيع - بخطبةٍ أو محاضرةٍ أو موعظة أو كلمة - أو تسبباً إن كان لا يستطيع أن يكون داعية مباشرةً . يكون متسبباً بنقل الشريط ، بنقل فتوى ، بنقل الرسالة ، بنقل دعوة إلى حضور محاضرة * بدعوة إلى حضور درس علمي ، كل ذلك من طرق الدعوة إلى الله عز وجل * والحمد لله الذي لم يجعل طريقة الدعوة محصورة في شيء محدد ، وكلما أغلق الظالمون باباً فتح الله عز وجل لعباده المؤمنين أبواباً .
    هذا الرجل - رجل العقيدة الذي نسأل الله عز وجل أن يكثر من أمثاله بين المسلمين - هو الذي ينقل الناس من عدم الوعي إلى الوعي ؛ هو الذي ينقل الناس من أزمة الوعي إلى الوعي بالأزمة ؛ ينقل الناس من أنهم يعيشون أزمة وعي لا يعون دينهم ولا ما يحيط بهم ينقلهم إلى أن وعوا الأزمة التي تعيشها هذه الأمة ، ويعملوا على تعميق الانتماء لهذا الدين .

    أيها الأحبة :
    نقل الدكتور محمد أمين المصري ـ رحمة الله عليه ـ عن الباحثين النفسيين أنهم يقولون : " إن الفرد الذي يحمل رسالة كريمة هو الفرد المتكامل في شخصيته * و الذي لا يحمل رسالة كالقصبة الجوفاء قلبه خاوٍ ولا يعرف معنىً للحياة * وأنه يشارك العجماوات في تسليط شهواته عليه وتملك غرائزه له ولكنه دونها لأنها تؤدي رسالة وهي خدمة الإنسان و إن كانت لا تشعر بها * وذلك الشخص ليس له رسالة في الحياة " . ثم ينقل ـ رحمه الله تعالى ـ عن الباحثين الاجتماعيين قولهم : " دور حمل الرسالة هو دور نهوض الأمة وصعودها و دور التخلي عن الرسالة هو دور الانحدار والهبوط " ثم يعلق ـ رحمه الله ـ بقوله : " و لقد ظل المسلمون يصعدون برسالتهم حيناً من الدهر ـ يعني لما كانوا يحملون هذه الرسالة ـ ثم تخلوا عنها شيئاً فشيئاً فعاشوا فترةً يسيرون بقوة الدفعة الأولى ثم كان دور الانحدار وإن الأمر خطير * إننا نحمل اسم الإسلام ولكننا لا نحمل رسالة الإسلام " انتهى كلامه .

    أيها الأخوة في الله :
    والانتماء الحق للإسلام يقتضي من العاملين للإسلام والدعاة إلى الله عز وجل وعلماء الإسلام أمور منها :
    أن التعصب إنما يكون للحق * للكتاب و السنة لا لأقوال الرجال وتجاربهم ولا للأحزاب والجماعات . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته و يوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ينصب كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة ، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون بين الأمة يوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون " . و قال أيضاً رحمة الله عليه : " من نصب شخصاً كائنا من كان - يعني غير النبي صلى الله عليه وسلم - فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً " .

    كما أن الانتماء الحق لهذا الدين يقتضي من العاملين للإسلام السعي في الوحدة الإسلامية :
    أولاً : السعي لوحدة العاملين في الإسلام على المنهج الحق ، ولا تكاد تجد داعية إلى الله عز وجل إلا وهو يقول أنه ينتمي لأهل السنة والجماعة . إذن نريد تحقيق هذا الانتماء ، إننا نريد أن يتحد العاملون للإسلام على المنهج الصواب الذي يحمله أهل السنة و الجماعة وهو الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، بإجماع سلف الأمة الذي كان عليه الأئمة المرضيون في القرون الثلاثة المفضلة . هذا هو الحق وهذا هو مذهب أهل السنة * فمن كان على مذهب أهل السنة حقيقةً فإن عليه أن يسعى في وحدة العاملين لهذا الدين . ثم إن عليهم أن يتعاونوا كل في مجاله ، من كان بارزاً في علم العقيدة ومن كان بارزاً في علم الفقه ومن كان بارزاً في الوعظ ومن كان بارزاً في الصحافة ومن كان بارزاً في السياسة * الكل على ثغرة و الكل يجب أن يكمل بعضهم بعضاً ولا يجب أن يطعن بعضهم في بعض ولا أن يصف بعضهم بعضاً بما لا يليق ولا يتنابزوا بالألقاب .

    ثم على العاملين للإسلام أن يتناصحوا و أن يتقبلوا النقد والتواصي بالحق وعليهم أن يتواصوا بالحق وأن يتواصوا بالصبر وأن تكون صدورهم متسعة للخلاف . والذي نراه في واقع الإسلاميين أن صدورهم تضيق بالخلاف و أن بعضهم لا يتحمل أن يُنْـتَـقَدْ وإن بعضهم أيضاً ربما لا يتحمل أن يقال عن شيخه شيئاً * لا يتحمل أن يقال عن جماعته * عن حزبه * أن هذا الأمر صواب وأن هذا الأمر خطأ . ولا شك أن هذا مما يسبب الافتراق والاختلاف فلا بد أن يتداعوا إلى التعاون والاجتماع على كلمة الحق .

    ثم أيضاً في الوحدة الإسلامية على الدعاة إلى الله عز وجل والعاملين للإسلام في كل أقطار الأرض أن يسعوا إلى تضامن المسلمين و إلى تكتل الأمة فإن هذا العالم هو عالم التكتلات . الأمم الأوروبية تريد أن تتحد ، وهي الآن شعوبها تصوت على اتفاقية أو على معاهدة اسمها معاهدة ( ماسترخت ) يريدون أن تتحد دول أوروبا الغربية لتكون دولة أوروبية واحدة . عالمنا هذا لا يعيش فيه إلا الأقوياء وقد جربت الأمة يوماً من الأيام مدى التضامن الإسلامي فكان له أثر عظيم * عندما نودي به قطعت معظم الدول الأفريقية علاقاتها مع اليهود وعندما تخلي عنه بدأت الدول هذه نفسها تراجع علاقاتها مع اليهود وترجعها إلى حالها الأول .

    إذن أيها الأحبة :
    لابد أن يجتمع المسلمون ومصلحة المسلمين هي في ذلك وهذا هو أول خطوة على الطريق * أن يتضامنوا بل أن يجعلوا لهم سوقاً مشتركاً كما فعل الأوربيون . وعجبي من الذين يقلدون الغرب الكافر ولكنهم في نفس الوقت لا يفعلون أفعاله الإيجابية هذه ، يتجه إلى الاتحاد وهم يتجهون إلى الفرقة .

    أيضاً أيها الأحبة إن الانتماء إلى المنهج الحق : يقتضي من العاملين للإسلام أن يتلمسوا مواطن العلل ومواطن الضعف والخلل في هذه الأمة و أن يقوموا ببيانها وتشخيصها ثم يقوموا بتقديم العلاج الناجح لها . إن نقد الخطأ وأن بيانه أمر طيب ، ولكن أفضل منه وهو أطيب وأحسن أن نبين معه علاجه وأن توضح البديل عنه . إن الأمة تشكوا من أمراض مستعصية ولعل من أعظم هذه الأمراض : " الانحراف العقائدي الخطير " الموجود في كثير من فئات الأمة وفي كثير من شعوب المسلمين . إن هناك بعدا عن حقائق الكتاب والسنة وعدم الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة . ثم إن الأمة تشكوا أيضاً من: " الانحراف السلوكي " الذي أدى إلى ترك العبادات وإلى التحليل والتسيب الخلقي . ثم إن الأمة أيضاً تشكوا من " داء الفرقة والاختلاف والتفتت والتمزق " على عكس ما أراد الله لها عندما قال لها : {{ ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديه فرحون }} ، وعندما قال لها : {{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }} . كما أن الأمة تشكوا من : " تخلفها في معظم مجالات الحياة " * إن الأمة تشتري كل ما تحتاجه من الكفار حتى لقمة العيش كثيراً من شعوب المسلمين تعتمد فيه على أمريكا وأوروبا . تخلف مريع لا يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة ولن تكون لهم قوة وهم هكذا . كيف تكون للمسلمين قوة وهم يشترون سلاحهم من عدوهم فإذا احتاجوا إليه قطعه عنهم ؟! ثم أيضاً : " داء ومرض الظلم الاجتماعي " الذي تعيشه الأمم المسلمة يوجد في بلدان المسلمين فقراء وطبقات فقيرة تحت مستوى الفقر * إنها طبقات لا تملك حتى خفي حنين ، وهذه هي الأكثر ، وتوجد طبقات قارونية غنية جداً ولكنها لا تلتفت إلى إخوانها ولا تؤدي زكاة أموالها ، هذا الظلم الاجتماعي الظلم المريع من أعظم أمراض هذه الأمة المسلمة . ثم إن هناك المرض الخطير والداء العضال وهو: " التبعية الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية للكافرين " * تبعية نراها في كل شيء ، يراها المسلم أينما اتجه وأينما سار ، يراها في الشارع يراها في المستشفى ، يراها في الجامعة ، يراها في أماكن كثيرة من بلدان هذه الأمة . ثم إن هناك : " مرض التخاذل أمام الأعداء " مرض التخاذل أمام اليهود ، أمام النصارى ، أمام الرافضة ، كل هؤلاء استأسدوا على هذه الأمة و أخذوا ينهشونها . ثم إن هناك : " مرض الاستبداد والطغيان " الذي يواجهه أهل الإسلام في كثير من بقاع المسلمين من بقاع الأرض ، يواجهه المسلمون عامة والدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ خاصة ، وما أحداث مصر وتونس و الجزائر عنا ببعيد .
    ومن أعظم الأدواء و الأمراض التي تواجهها هذه الأمة تلك الأمراض التي تناقض الهوية والتي تضعف انتماءنا لهذا الدين والتي سبق ذكرها آنفاً .

    إن الانتماء لهذا الدين يقتضي من العاملين للإسلام أيضاً :
    أن يكونوا على حذر ، و أن يكونوا على يقظة تامة ووعي كامل بأساليب أعداء الدعوة و بمخططاتهم . إنهم يكيدون لهذه الدعوة ، وربما يوقعون الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ في أمور يتندمون عليها في آخر الوقت عندما يتضح لهم الحق ، بل أحياناً بعض الدعاة يُوقع في أمور يقول فيها الحق ويتكلم بالحق ولكن يوظف هذا الحق الذي قاله في خدمة أهل الباطل . وفي مصر عقدت ندوات كلها تتكلم عن التطرف ، وتكلم بعض الدعاة المرموقين المحترمين الذين نجلهم و نحترمهم بكلام جيد في الجملة ولكنه استغل بمحاربة شباب الإسلام والجماعات الإسلامية ! إنها وقعة وقع فيها ذلك الداعية . وأيضاً كتبت بعض المجلات أو وضعت ملفاً للغلو والتطرف ودعت واستكتبت كثيرا من الكُتّاب * كلهم أو جلهم من العلمانيين والمنحرفين إلا واحداً تقريباً من الإسلاميين . وكتب ـ غفر الله له ـ وكانت كتابته في وسط كتاباتهم مما كان له أثر في تقويةً للتيار الذي أرادوه هم .
    إذن ينبغي للدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ في مختلف أنحاء الأرض أن يكونوا على حذر من ألاعيب الساسة ومخططات أعداء الإسلام .

    أيها الأحبة :
    إن الانتماء الحق لهذا الدين ولأهل السنة يعني الثبات والصدق على المبادئ تنظيراً وعملاً وبناءً * وعلى هذا فإن التنازل عن شيء من العقيدة ممنوع بأي حجة كانت وبأي هدف كان ، فالقول بأن ذلك من مصلحة الدعوة أو للتكتيك مرفوض . فالإسلاميون الذين يتحالفون مع العلمانيين بحجة الوطنية أو يدخلون تحت مظلتهم لا شك أنهم على خطأ ، فإن الثبات على المبادئ أعظم بكثير من المصلحة الموهمة والمظنونة .

    ثم أيضاً إن الانتماء و الأحكام الشرعية لا تخضع للاعتبارات الأخرى * ولذا فإن تسمية الكفرة والمرتدين بـ ( الإخوة ) من أعظم الخطأ الذي يقع فيه بعض الدعاة وبعض أهل العلم ، وقد رأينا وقرأنا أن بعضهم كان يقول للأقباط ( أخوتنا الأقباط ) وبعضهم ألّف كتاباً يرد فيه على العلمانيين وهو شخص محترم مرموق وقال في أوله : " ونقول لإخواننا العلمانيين الذين يطعنون في الإسلام ويدافعون عن العلمانية " !! . العتب والله لا ينقضي * قوم يطعنون في الإسلام ويدافعون عن العلمانية يُسمون " إخوة " ؟! إخوة في ماذا ؟ في أي شيء ؟

    ثم إن الانتماء الحق لهذا الدين وإن الثبات الصادق على المبادئ يقتضي أيضاً أن نتخذ المواقف الشرعية الصحيحة على الأساس الشرعي السليم لا على أي أساس آخر ، لا على أساس حزبي ولا على أساس تعصب وعلى غير ذلك . فمثلاً عندما يتهجم بعضهم على بعض الجماعات الإسلامية التي كانت لها رأي في قضية أزمة الخليج بتهمة أنهم وقفوا موقفاً لا نرضاه نقول إن هذا خطأ ، على افتراض أنهم وقعوا فيه فإن ذلك لا يحق ولا يبرر أن يشن عليهم هجوم ، وأيضاً الذين دافعوا عن بعض الجماعات أو الذين نشروا أفكار و آراء بعض الجماعات التي عارضت جبهة الإنقاذ في الجزائر ، وشمتت بها وأيدت الطواغيت وأثنت عليهم هؤلاء نقول لهم : قد أخطأتم في ذلك . في الجزائر حصل ما حصل ، وقامت بعض الجماعات بصراحة وليس بتلميح بالشماتة لما حصل لإخوانهم * العجب ليس من فعل هؤلاء إنما العجب في فعل آخرين في المشرق العربي جلسوا وقتاً طويلاً وهم يبرزون هؤلاء وينشرون أقوالهم وينشرون صورهم على أغلفة مجلاتهم . إن الثبات على المبادئ يقتضي منا أن نقول للمخطئ أخطأت وأن نقول للمصيب أصبت ، وأن ننصحه وأن نبين له الحق وأن نتخذ الموقف المشروع شرعاً بالعدل والإنصاف لا بتحيز ولا بظلم .

    أيها الأحبة :
    إن الانتماء الحق لهذا الدين يعني مراعاة سنن الله ـ عز وجل ـ في تغيير المجتمعات ، ومن سنن الله ـ عز وجل ـ في التغيير : البدء في الأنفس ، كما قال الله سبحانه : {{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }} . فهل بدأ العاملون للإسلام بذلك ؟ هل عدلوا ما عندهم من الانحراف إن كان موجوداً ؟ هل كملوا ما عندهم من نقص إن اكتشفوه وتبين لهم ؟
    لا شك أن مما يؤلم أن ترى بعض من يتصدى للدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ أو من يتصدى للعمل الإسلامي و إذا رأيته لا تكاد تفرق بينه وبين المستغربين المتفرنجين ، حلق لحيته ولبس لباساً لا يفرق بينه وبين غيره * ثم لا يتميز بسلوك ولا بهدي عن غيره ممن يحمل الأفكار الدخيلة على هذه الأمة .
    ثم إن أيضاً ما يصيب العاملين للإسلام من انتكاسات أو خسائر فهو راجع إلى سنة بيّنها الله ـ عز وجل ـ لنا في كتابه بقوله : {{ أو لمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم }} ، فهل راجع الإسلاميون أنفسهم ؟ هل نظروا من أسباب ما وقع بهم من مصائب ؟ هل بحثوا عن مواطن الخلل ؟ إن ذلك يقتضي منهم أن يشرحوا صدورهم و أن يتقبلوا ما يهدى إليهم من نقد أو نصح أو بيان .

    أيها الأحبة :
    ثم إن هناك مظاهر لا تعبر عن الانتماء الحقيقي الصادق للإسلام وهي موجودة في مجتمعات المسلمين من هذه المظاهر :
    طاعة الكفار واتباع أهوائهم ، فهي ظاهرة موجودة في أنحاء العالم الإسلامي وقد قال الله ـ عز وجل ـ : {{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من وليٍ ولا نصير }} .

    ثم أيضاً من المظاهر التي تعبر إلى عدم الانتماء لهذا الدين : انتشار اللغة الأجنبية في بلدان المسلمين ومحاولة نشرها . انتشار اللغة الأجنبية في بلدان المسلمين سواء كانت اللغة الإنجليزية في المشرق العربي ، أو اللغة الفرنسية في المغرب العربي ، كل ذلك من مظاهر الانهزام الذي تعيشه هذه الأمة ومن مظاهر تمييع الهوية التي هي موجودة الآن في هذه الأمة . في الجزائر على سبيل المثال صدر قرار بتجميد قانون يسمى " قانون التعريب " * فقد كانوا قد سعوا في التعريب بأن تكون أمور الدولة عربية ولكن جمد هذا القانون الذي صدر قبل مدة وجيزة . في بعض البلدان تجد اللغة الإنجليزية هي لغة الجامعات ، لغة المستشفيات ، لغة المطارات ، لغة الشركات ، ما هذا ؟ هذا يدل على أن الانتماء للإسلام ليس انتماء كاملاً * ليس الانتماء الحق التام الصادق ، إن هناك خللا تعيشه هذه الأمة .

    ومن ذلك أيضاً تمييع الهوية عند الكثيرين حتى بعض الجماعات الإسلامية . مثلاً : هناك بعض الجماعات في الجهاد الأفغاني لا تفرق بين السنة والرافضة والشيوعيين والمليشيات . لا شك أنها طعن عظيم في عقيدة أهل السنة والجماعة * العقيدة المتميزة سواء كان ذلك هناك أو في غيرها من الأماكن .

    ثم من مظاهر البعد عن الهوية الإسلامية وعن الانتماء الحق لهذا الدين : التخاذل عن نصرة الإسلام ونصرة أهله والتخاذل في الغيرة على حرمات الله ـ عز وجل ـ . تجد الكثيرين يتخاذلون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أي والله يا إخوان إن بعضهم يجادلك في ذلك . أناس لا يُصَلُّون ثم تذهب وتريد من إخوانك الذين يحافظون على الصلوات في الأوقات الخمسة أن يعينوك * فيقولون اتركهم مالك ولهم .

    ثم هناك الهجوم المتواصل على الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ وتجريحهم وتتبع عثراتهم وتضخيم ما يتوهم أنه خطأ * ونحن لا نقول أن الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ بمعزل عن الخطأ ولا نقول أنهم معصومون ولكن قد جعل الله لكل شيء قدره والحق أحق أن يتبع .

    أقِلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم ************* أو سدوا المكان الذي سـدوا

    إن هؤلاء الذين قد شهروا أسلحتهم ضد الدعاة وجندوا أنفسهم للصد عن الدعوة * هؤلاء إنما هم عون للكافرين وظهير للمجرمين وقد قال موسى عليه السلام : {{ ربي بما أنعمت عليَّ فلن أكون ظهيراً للكافرين }} .

    ثم أيضاً أيها الأحبة مما انتشر عندنا * وهو من المظاهر التي لا تعبر عن الانتماء التام الحقيقي لهذا الدين : تربية الأبناء تربية مادية * أي تربيتهم على حب الدنيا وكراهية الموت . يسعى الأب لتعليم أولاده في المدارس وفي المتوسطات والثانويات والجامعات كل ذلك لهدف وهو أن يؤمن مستقبله وأن يحصل على شهادة ووظيفة . لا تجده يتطلع بأن يربي أولاده تربيةً جهادية ، بأن يجعله أن يتمنى بأن يكون مجاهداً في ساحات الوغى .

    ثم من هذه المظاهر التي لا تعبر عن الانتماء لهذا الدين : عيش الكثير من الشباب على هامش الحياة . عيشهم كعيش الذي لا يحمل رسالة ولا يعيش لمبدأ ، ولا كأن عليه مسئولية أمام الله ـ عز وجل ـ ، وكأنه لم يكرم ولم يشرف بحمل هذا الدين . إن هذه الأمة كرمها الله ـ عز وجل ـ بحمل الإسلام وجعل لها مكان السيادة والقيادة والريادة ، {{ كنتم خير أمةٍ أُخرجت للناس }} بماذا {{ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }} ، فإذا تخلت عن هذه الأوصاف ، وتخلت عن هذه الرسالة ، فإنها بلا شك ستتقهقر عن مكان الريادة كما هي حالها الآن .

    أيها الأحبة في الختام أقول : إن أبرز خصائص الانتماء الذي تميز من حقق الانتماء لهذا الدين والتي تميز رجل العقيدة عن غيره ، ثلاثة أمور :

    أولهـــا : الــتــربـــيــة الـــقــرآنـــيــة الإيـــمانــيــة ، الــتــربــيــة الـجــهـاديــة
    في المنزل * في الأسرة * في المسجد * في المدرسة * يربي نفسه وأولاده بأن يكون مجاهداً ، مجاهداً بماله ، مجاهداً بنفسه ، مجاهداً بلسانه في تحمل الرسالة .

    وثانيا : الـــولاء والــــبـــراء
    فهو من أبرز ما يميز من حقق انتماءه لهذا الدين ، وإن الكثيرين في عصرنا هذا من عباد الله الصالحين قد ضيعوا هذا المبدأ . تجد كثيراً منهم عندهم ولاء ، يوالون ويحبون المؤمنين ولكن البراء والمعاداة في الله قد ضعفت عند الأكثرين .

    والأمر الثالث : الجهــــــــاد بأنواعـــــه الثلاثـــــــة
    الجهاد ذروة سنام الإسلام كما أنه أيضاً هو المميز بين الصادقين وبين غيرهم ، الأمة أيها الأحبة كالبركة التي ملئت ماء ، هذه البركة التي ملئت بالماء إن كانت راكدة فإنها مع الزمن ستتحول إلى بركة آسنة قد علتها الطحالب والأوساخ ، وأما إذا كان الماء يذهب ويجيء ويتغير فإنها ستكون صافية ونقية . هكذا الأمة ، الأمة إذا كانت لا تجاهد فإنها ستفسد وسيعلوها الفساد ، وأما إذا كانت أمة مجاهدة ، إذا كانت أمة يذهب أبناؤها إلى الجبهات * إلى ساحات الجهاد ويرجعون ، وحديث أولادها عندما يستيقظون ، عندما ينامون هو : استشهد فلان وقاتل فلان وفعل فلان ؛ هذه الأمة هي الأمة النقية الصافية . فالجهاد هو ما يميز هذه الأمة وهو الذي يرفع هذه الأمة وبه عزتها ، قد جعلها الله مربوطةً به كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث السابق - : " إذا تبايعتم بالعينة .... الحديث ".

    إننا نريد من شباب الإسلام أن يعيشوا لدينهم و أن يقوموا بتبليغ هذه الرسالة ، وتحمل هذه المسؤولية ، وإني أتمنى من الشباب الذين يملكون الحس الدعوي ، الشباب النابغ ، الذي يتحرك لنصرة هذا الدين ؛ ألا يتكسب في المدن ويبقوا فيها ، وأن يتفرقوا في بلاد الله الواسعة ، يدعون إلى الله ـ عز وجل ـ في الشعاب والوديان في القرى والهجر ، في الضواحي ، في الأماكن النائية ، وربما يهدي الله ـ عز وجل ـ على أيديهم أعداد غفيرة من الناس فينال السعادتين : سعادة الدنيا وسعادة الآخرة .

    أيها الأحبة:
    ثم إني أختم حديثي هذه الليلة بكلمةٍ جميلة لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية تكون ختام المسك . يقول رحمه الله في قول الله ـ عز وجل ـ {{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض }} * يقول رحمه الله :
    " فهذا الوعد مناسب لكل من اتصف بهذا الوصف * فلما اتصف به الأولون استخلفهم الله ـ عز وجل ـ كما وعد ، وقد اتصف به قوم حسب إيمانهم وعملهم الصالح فمن كان أكمل أيماناً وعملاً صالحاً كان استخلافه المذكور أتم ، فإن كان فيه نقص وخلل ، كان في تمكينه خلل ونقص ، وذلك أن هذا جزاء هذا العمل فمن قام بذلك العمل استحق ذلك الجزاء " .

    ختاماً :

    أسـأل الله ـ عز وجل ـ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا جميعاً للعمل لهذا الدين ونصرته ونشره بين العالمين ، ونسأل الله ـ سبحانه ـ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد هذه الأمة إليه رداً جميلاً ، وأن يهيء لها من أمرها رشداً . اللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم أنصر دينك وأعلي كلمتك ، اللهم أعز أولياءك وأذل أعداءك ، اللهم هيء لهذه الأمة من أمرها رشدا . اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم انصر من يجاهد في سبيلك بلسانه أو بقلمه أو بماله أو بنفسه ، اللهم انصرهم نصراً مؤزراً . اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء .... اللهم اشغله بنفسه ورد كيده في نحره وأرنا فيه عجائب قدرتك ، وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين يا قوي يا عزيز إنك على كل شيء قدير .
    أقول هذا القول ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

  2. #2

    الصورة الرمزية باسم علوان
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    aden
    المشاركات
    159
    معدل تقييم المستوى
    181

    رد: حقيقة الإنتماء

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بوتين يحضر تدريبا في الرياضة القتالية ويؤكد على الإنتماء الوطني لروسيا بعيدا عن العصب
    بواسطة أخبار موقع روسيا اليوم في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-12-2010, 04:50 AM
  2. حقيقة الإنتماء
    بواسطة باسم علوان في المنتدى ملتقى السيـاسـة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-08-2010, 12:34 PM
  3. الكويت: تبرئة 8 من الإنتماء لتنظيم القاعدة
    بواسطة CNN Arabic في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-05-2010, 05:30 PM
  4. الإنتماء للهوية الإسلامية
    بواسطة الهمس الحزين في المنتدى ملتقى المواضيع العـامـة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-12-2009, 01:22 PM
  5. البواااسل وشرف الإنتماء في ملتقى الحب والوفاء
    بواسطة البواااسل في المنتدى ملتقى الاستراحة والترحيب بالأعضاء
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 07-03-2009, 11:22 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •