* هل تعتقدون أن قرارا حاسما مثل الاعتزال دوليا كان سهلا بسيطا على زين الدين زيدان ؟
* و هل تعتقدون أن لاعبا في حجم و كفاءة و ذكاء و خبرة زيدان سيتخذ قرارا آخر أكثر خطورة و حساسية و رعبا من الاعتزال الأول ؟ و هو العودة عن
الاعتزال ؟ و العودة الى الأزرق بهذه السهولة ؟
* ان قصة العودة لابد و أن يكون لها أكثر من مبرر و أكثر من حساب و لابد و انها لا تخضع لعنصر واحد و لكنها جاءت نتيجة عدة عوامل سنحاول حصرها من
خلال تبع جل الخيوط التي قد تؤدي بنا الى الحقيقة أو على الأقل تقربنا منها ..
[line]
اعلان النهاية بعد اليونان
بعد اقصاء فرنسا في أمم أوروبا 2004 أمام اليونان بهدف نظيف .. أعلن زين الدين زيدان القرار الذي أوقف قلوب الفرنسيين كافة .. و جميع مشجعي
فرنسا .. بل أغلب متابعي الكرة الساحرة في العالم .. لقد كانت خسارة كبيرة خصوصا بعد أن اعتزل معه و بعده العديد من اللاعبين الكبار الذين بصموا معه
على صفحات العهد الذهبي للكرة الفرنسية .
كان طبيعيا أن يعلن زيدان اعتزاله دوليا و أن يختار التوقيت الذي يناسبه .. بل ان الفرنسيون الذين يموتون في حبه استسلموا للواقع و قالوا انه حق مشروع و انها
نهاية لابد منها .. و عندما استقال .. او اقيل .. جاك سانتيني المدرب السابق و تم اختيار المدرب دومينيك و هو من طراز أكاديمي و قد ارتأت اللجنة الفنية
للمنتخب ان دومينيك هو الأنسب لهذه المرحلة الانتقالية الحرجة .. لأن المنتخب سيمر في زمن انتقالي و ان يبني فريقا جديدا قادرا على الاستمرار في اثبات الهوية
الفرنسية أو على الأقل اثبات هوية مستقبلية جديدة .. حتى و لو أن معه أفضل مهاجمين في أوروبا و العالم و هما تريزيغيه هداف الدوري الايطالي و هنري هداف
الدوري الانكليزي .
[line]
كانت المهمة صعبة لدومينيك .. و كان عليه أن يصنع فريقا جديدا متماسكا و لكن في وقت قليل و هي المشكلة الكبرى التي واجهته .. ما ان تسلم قيادة المنتخب
اصطدم بالتصفيات التأهيلية لكأس العالم 2006 .. و كان مطلوبا منه التأهل و التأهل .. ثم التأهل .. فلا يعقل أن تكون فرنسا العملاقة خارج كأس
العالم !! و لكن النتائج لم تسعف دومينيك و دخل في مسلسل مكسيكي عنوانه التعادل .. و أيضا في مسلسل اخر هو تغيير الأسماء و المهارات و بناء فريق أخر .
ان كل المتتبعين للمنتخب يعرفون حق المعرفة انه حتى و ان لم تتأهل فرنسا فانه لم يفشل لأنه لم يكن يملك الوقت الكافي لاعداد منتخب يمر في هذه المرحلة الحرجة و
بناء فريق جديد بجيل جديد .. و دومينيك كان يعرف ان جل اللاعبين المعتزيل قادرين على اللعب جيدا و مساعدة شباب الفريق على الأقل لينالوا الخبرة المطلوبة
.. على رأسهم ماكليلي , تورام , ليزورازو .. و زيدان .. لكن دومينيك اقتنع بالواقع و الواجب .. ان فريقه الشاب بحاجة الى قائد .. الى
رجل يعيد الروح الى ديك أنهكه الزمان و لم ترحمه الأيام .
و كان كل تقنيي فرنسا يعرفون حق المعرفة ان منتخبهم لا يحتاج الى عودة بعض المعتزلين و لكنه بحاجة الى قائد واحد هو زيدان تحديدا .. و كانوا يعرفون أيضا
أن زيدان لو قرر العودة للمنتخب فان بعض المعتزلين سيعودون بواسطة روح تضامنية قوية و هي الروح التي يبحث عنها الفرنسييون .
[line]
ان عودة زيدان جاءت بتدخل عدة جهات كثيرة و بواسطة تدخل سياسي و صغط خفي لاقناعه بالعودة لأنه من النوع الذي يستحيل عليه أن يفعل أي شيئ مالم يكن مقتنعا
به .. و طبعا هنا تداخلت الرغبة التقنية الملحة لعودة زيدان مع عوامل ضغط أخرى نستطيع أن نسميها هنا التضحية من أجل الوطن .. ففرنسا أعطت و منحت
زيدان الكثير و أصبح ضروريا و أكثر من أي وقت مضى أن يعطيها و يقف الى جانبها و يساعد الجيل الجديد .
و هناك عوامل أخرى أدت الى اقرار هذا الموضوع منها رغبته الملحة في العودة الى واجهة اللاعبين الكبار و احراز النتائج و البطولات بعد الفراغ الذي عاشه موسمين
متتاليين .. أي ان زيدان أصبح يحس بنهاية مشواره الكروي فلم يعد يربطه مع ريال مدريد سوى موسمين فكيف سينهي مسيرته في خيبة أمل و هو الذي أحرز سابقا
ثقة العالم كله ؟؟
[line]
<><السر .. في الحوار العجيب !!><>
تحدث زيدان مطولا لجريدة ليكيب الفرنسية بتاريخ 12 يوليو السابق و قد أشار الى بعض النقاط المهمة في حياته و عن امكانية عودته و طريقة لعبه .. فقال (
لقد عدت من اجازتي في كندا و انا أريد أن أحقق موسما متكاملا .. أريد أن أحقق شيئا من الانجازات .. تتملكني رغبة عجيبة في الفوز و لا شيئ غير الفوز
) و أيضا ( سأبذل كل جهدي لأنسى الموسمين الماضيين لأؤكد للعالم أجمع انهما مجرد سحابتي صيف ) .. كلام جميل .. لنتعمق أكثر ( ما أريد ان
يفهمه الجميع و أستغل هذا الحوار من أجل توضيحه هو أنني سأركز على كرة القدم .. أريد أن أقول أنني عندما ألعب فلأعطي 100 % من جهدي بل انني
ارفض ان العب 70 مباراة و أقدم 50% من مستواي و أفضل أن العب 30 مباراة على أن اقدم المستوى كاملا أي أنني أقبل في بعض الأحيان أن أجلس في
كرسي الاحتياط اذا كان هذا لزيادة لياقتي )
[line]
حسابات عجيبة .. ربما ..؟؟
هذه بعض المقتطفات من الحوار .. مالذي يمكننا قرائته ما بين السطور ؟ خصوصا و أن الصحفي الفرنسي المبدع فريدريك هارميل سأل زيدان سؤالا أخر و كان
ذكيا و خبيثا : ( كيف تجد نفسك و انت في سنتك الثانية من دون المنتخب الفرنسي ؟ ) أجاب زيدان و هو مطأطأ رأسه و يلوك كلامه مع نفسه لم يسجل منها
الصحفي سوى ( نعم .. نعم ).. و لم يكن الصحفي ليسأل زيدان عن عودته لأنه كان يعرف أنه لن يجيبه .. لكنه سأله سؤالا ذكيا أخرا و طرحه
كالطعم : ( لكنك دائما المشجع و المساند رقم 1 للمنتخب الفرنسي ؟ ) .. أجاب زيدان .. ( انني أثق كثيرا في المنتخب الفرنسي و انا بكل أعماقي
مع هذا المنتخب الشاب ) و على حسب هارميل فانه قالها بنبرة أسى !!
البعض فسر هذا الحوار على أنه حنينا حقيقيا للملاعب الدولية .. و البعض فسره ان زيدان ذكي في حساباته و فسر جيدا ماذا يجري في ريال مدريد .. فالفريق
( الملكي ) جلب أفضل نجوم العالم و أعتى المدربين و لم يحقق شيئا !! بل ان الأمور حاليا لا تشير من قريب أو بعيد الى تحقيق اي شيئ هذا الموسم !!
لذلك فان زيدان يريد أن يعود الى فرنسا ليحقق فيها شيئا يذكر .. و حتى لو لم يحصل شيئ فهو بطلها و قائدها قلبا و قالبا .
كما انه هناك تواجدات نجومية أخرى في الريال .. فقدوم الشاب روبينيو و الوحش بابتيستا و مغادرة فيغو الى ايطاليا بتلك الصورة الباهتة و هو مقارب لشهرة و
نجومية زيدان كانت استنتاجا خاصا بزيدان أن لوكسمبورغو و ساكي يراهنان على الجيل الشاب و متوسطي الأعمار لأن لاعبي ما فوق الثلاثين حتى لو لعبوا بالخبرة و
المهارة فانهم سيفتقدون الى السرعة .. و هي أبرز عنصر للفوز هذه الأيام .. و كان زيدان قد اعترف انه سيقبل الجلوس في قائمة البدلاء في بعض المباريات
و هو أمر غير عادي تماما و هو الأمر الذي دفعه و بذكاء ليستبق الأحداث و ليضع المنتخب الفرنسي كبديل مناسب لينهي بها حياته الكروية بقوله أنه يقبل أن يلعب أقل
عدد من المباريات في سبيل تحقيق مردود جيد .
و من هنا يتأكد الوضع الدقيق الذي أصبح يعيشه زيدان في البيت الأبيض اضافة الى التخبط الملازم حاليا للمنتخب الفرنسي في التصفيات .. ففرنسا في المجموعة
الرابعة وتقبع بالمركز الثاني خلف سويسرا بنفس عدد النقاط
ولديها مباره أمام قبرص في 12 اكتوبر أيضا في فرنسا وتحتاج للفوز لكي تتاهل و هو أمر مقدور عليه اذا كان للفريق قائدا مثل
زيدان و هو كما يطلقون عليه في فرنسا ( سعار الفوز ) .
ففرنسا خلال الاقصائيات لم تفز سوى في 3مباريات و تعادلت في خمس و سجل مهاجموها سبعه أهداف في ثمان مباريات !! اضافة الى كل هذا فان تأهل فرنسا الى
المونديال القادم يمنح زيدان فرصة لعب مونديال ثالث في تاريخه و بالتأكيد ستكون خاتمة ممتازة لمسيرته الحافلة .
[line][line]
لا تعتبروني منقذا !!
لقد حاولنا محاصرة عودة زيدان للمنتخب الفرنسي ضمن كل هذه المعطيات المطروحة و لكن على المستوى الشخصي فأنا سعيد جدا بهذه العودة للديك القائد .. ليس
حبا لشخصه مع احترامي له و لكنني اعتبره أحد القلائل في هذا الزمان العجيب الذين يجيدون لعب الكرة كما الزمان الماضي بدون أية تعقيدات و بمتعة كبيرة .. لكن
السؤال الذي أعتقد انه حان الوقت لطرحه بشكل مباشر و يجب علينا الاجابة عليه .. كيف عاد ؟؟؟
صرح زيدان بعد اعلان عودته : ( لقد قلت أنني لن أظل لوقت كبير في عالم الكرة .. و أغرب في أن استفيد من المباريات المتبقية و بالحد الأقصى لصالح
المنتخب الوطني )
أما مدرب المنتخب ريمون دومينيك فقد صرح بقوله : ( انني مرتاح جدا من أن يتمكن المنتخب الفرنسي من الاعتماد مجددا على زيدان و أيضا ماكليللي - الذي
أعلن بدوره العودة للمنتخب هو و تورام بعد زيدان مباشرة - انهم يتمتعون بموهبة كبيرة و يلعبون مع أندية من مستوى رفيع .. فمنذ توليت الاشراف على المنتخب
و انا مصمم على ضم أفضل اللاعبين المتوافرين الى التشكيلة الرئيسة .. و اذا كنت أفهم رغبة بعض اللاعبين الى الاعتزال فقد اعربت في الوقت نفسه عن اسفي
الشديد .. لذلك انا سعيد اليوم و سعادتي من نوع خاص لأنني أرى و قبل اسابيع قليلة من اللقائات الحاسمة و الأخيرة من التصفيات لاعبين كانوا قد وضعوا قبل عام
مسيرتهم الدولية بين قوسين يعبرون عن رغبتهم بالعودة الى المنتخب الوطني )
أما زيدان فقال ( لا تعتبروني منقذا ) و هو هنا يتوجه الى الجماهير لأن فرنسا تثق حايلا في هنري و لكن الاشكالية كانت في الخروج من قمقم التصفيات المزعج
!!
أما أول المعتزلين و السد الفولاذي مارسيل دوسايي و الذي يختتم حياته الكروية في قطر الان فقد قال : ( ان العودة للمنتخب هو أمر رائع بل هو الأكثر قوة في
كل شيئ .. انا فرح لعودة زيدان ... لكنني مجرد مشجع الان لا أكثر )
[line]
سؤال يخشاه الفرنسيون أنفسهم !!
و أخيرا لم نستطع أن نسجل ردة فعل الغزال الأسمر تيري هنري لعودة زيدان لكن بالتأكيد فان الشارع الفرنسي كان ممتلئا بالسعادة و الفرح لهذه العودة .. و كان
رد فعل الشارع الرياضي في العالم ايجابيا لأنه سيعود للاستمتاع بمهارات الساحر .. و لكن .. و في حالة كل هذا حدث و لم يتمكن المنتخب الفرنسي من التأهل
فماذا سيحدث ؟ هذا السؤال طرحه الذين يعرفون مكر الكرة و عدم الأمان لها و في الوقت نفسه هم أشد المتشائمين .
اذا حدث ذلك .. سيتأكد الفرنسيون حينها أن عهدا ذهبيا قد انتهى بالفعل .. و حقيقة لم يعد هناك أي مجال للشك فيها .. و على الكرة الفرنسية أن تشمر عن
ساعديها و تبدأ من جديد و من غير الشوق المبالغ فيه لمجد غابر أو ماض انتهى ..
مع خالص محبتي .. أخوكم كانتونا .. و كل عام و انتم بألف خير ...
[line]
Reply With Quote
Bookmarks