المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فارس محمد
اليمن
--------------------------------------------------------------------------------
بعد خمسة عشر عاما من التغيرات الجوهرية في اليمن شملت توحيد الشمال والجنوب, ووضع حد لاندلاعات الحرب الأهلية المتقطعة, وعودة ما يقرب من مليون يمني من الخليج في عام 1991, شرعت البلاد في تطبيق برنامج هام لتغيير وضعها كواحدة من أفقر البلاد في العالم.
ومنذ عام 1990, تضاعف الإنتاج المحلي في اليمن, قياسا بإجمالي الناتج المحلي. وخلال نفس الفترة, زادت معدلات الالتحاق الشاملة بالتعليم الابتدائي من 57 إلى 78 في المائة في عام 2001. وفضلا عن ذلك, انخفضت أمية الذكور من 45 إلى 32 في المائة, فيما انخفضت الأمية بين الإناث من 87 إلى 75 في المائة. وهبطت عدد الأطفال الذين يموتون قبل أن يبلغوا السنة الأولى من العمر من 110 إلى 79 (لكل 1000 من المواليد الأحياء), وزاد العمر المتوقع من 52 إلى 57 سنة. وحقق اليمن أيضا تقدما في توفير خدمات التعليم الأساسي والصحة, وفي توفير إمكانية الحصول على المياه النقية والوصول إلى الطرق والكهربة.
غير أنه على الرغم من هذا التقدم, لا يزال أمام البلاد شوط طويل لتحقيق النمو للمدى الطويل وتخفيف حدة الفقر بصورة مستديمة.
التحديات الحالية
لا يزال تخفيف حدة الفقر هو أكثر التحديات التي يواجهها اليمن إلحاحا. فبحلول أواخر التسعينات, عاش 42 في المائة من السكان دون حد الفقر. في المناطق الريفية كانت النسبة 45 في المائة, أما في المناطق الحضرية فكانت 31 في المائة. ونظرا لأن متوسط دخل الفرد يبلغ 460 دولارا, فإن سكان اليمن الذين يبلغون 18.5 مليونا لا يزالون من بين أفقر السكان في العالم.
ويعني متوسط الدخل المنخفض أن 18 في المائة من السكان غير قادرين على كفالة التغذية الكافية. وعلى الرغم من التحسينات في الخدمات الصحية, فإن 46 في المائة من الأطفال دون الخامسة من العمر يعانون سوء التغذية. ولا يزال معدل الخصوبة المرتفع, الذي انخفض من 7.6 في عام 1990 إلى 5.9 مولود لكل امرأة في عام 2001, يدعم معدل نمو عال للسكان, يقدر بين 2.7-3.5 في المائة سنويا.
ومن أجل إحداث تأثير كبير على تخفيف حدة الفقر, يجب أن يزيد اليمن من تركيزه على المجتمعات الريفية, التي يعيش فيها 75 في المائة من السكان. غير أن مكافحة الفقر لا تزال صعبة, بسبب وعورة التضاريس التي تجعل الفرص الزراعية غير مناسبة وتقديم الخدمات تحديا.
وبالتالي, أصبح تخفيف حدة الفقر في الريف محور تركيز رئيسي في استراتيجية اليمن الحالية, حيث تركز الحكومة على تنويع العمالة بعيدا عن المجال الزراعي, وعلى البنية الأساسية الشاملة وتحسين الخدمات في هذه المناطق.
ويترك مورد الماء الضئيل 90 في المائة من السكان بأقل من الحد الأدنى من المورد المحلي. وبالإضافة إلى ذلك, تعتبر الفرصة الرديئة للحصول على مياه الشرب الآمنة (69 في المائة فقط من السكان) والصرف الصحي السئ تذكرة يومية بالفقر, الذي يرهق بصفة خاصة البنات والنساء في الريف, اللائى يتعين عليهن غالبا أن يمشين ساعات كل يوم للحصول على الماء.
وعلى الرغم من بعض التحسينات في تعليم المرأة, إلا أن الفجوة بين الجنسين تعد من بين أوسع الفجوات في العالم, حيث يلتحق بالمدارس 55 في المائة فقط من البنات في سن المدرسة (24 في المائة فقط في المناطق الريفية), وحيث يزيد معدل الوفاة بين الأطفال من البنات بنسبة 15 في المائة عن معدلها بين الذكور. وتجدر ملاحظة أن 73 في المائة من البالغات أميات. ونتيجة لذلك, يقل معدل العمالة بين النساء عن ثلث معدل الرجال, وتتركز عمالتهن بصفة رئيسية في الزراعة التي تغذيها مياه الأمطار والمنخفضة الإنتاجية وفي تربية الماشية الصغيرة. وتخفض الأمية, وانعدام التنقل, وافتقاد التحكم في الخصوبة, والإمكانية المحدودة للحصول على القروض, والفرص المحدودة للمشاركة في اتخاذ القرار من نوعية حياة النساء.
وقد تحسن وضع الاقتصاد الكلي في اليمن بدرجة عظيمة خلال العقد الماضي, ويطبق برنامج رئيسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي منذ عام 1995. وزاد النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي( الذي بلغ في المتوسط 4.1 في المائة خلال الفترة 1998-2001) بدرجة متواضعة عن النمو السكاني, على الرغم من أن القطاعات غير البترولية قد نمت بصورة أكثر بطئا من البترول خلال 1999-2000, وهو ما لم يكن له آثار إيجابية بالنسبة للعمالة أو توزيع الدخل.
ومن التحديات الاقتصادية الأخرى الطويلة المدى التي يواجهها اليمن اعتماده على عائدات البترول. فالبترول يمثل 70 في المائة من إيرادات الحكومة, 87 في المائة من السلع والخدمات المصدرة. وكان هذا الاعتماد يعني عددا قليلا جدا من الوظائف واستثمارا غير كاف في الصناعات التي لا تتعلق بالبترول.
لهذا, لا تزال البطالة تمثل عقبة اقتصادية واجتماعية كبيرة. في عام 2001, كان عدد المتعطلين قرب 25 في المائة من السكان في سن العمل الذين بلغوا 9.3 مليون. ونظرا لنمو السكان في سن العمل بنسبة 3.8 في المائة سنويا, فإن المستويات الحالية للاستثمار ونمو العمالة لن تولد ما يكفي من الوظائف لاستيعاب الجدد الذين يدخلون قوة العمل. ويعتبر عكس هذا الاتجاه حيويا.
مساعدة البنك الدولي
تتركز استراتيجية الدولة لمجموعة البنك الدولي الخاصة باليمن على مكافحة الفقر من خلال الدعم الإقراضي وتقديم المساعدة التقنية. والركائز الرئيسية لاستراتيجية البنك الدولي تقوم على أساس:
1. تحسين إدارة القطاع العام كوسيلة لتحسين تخصيص الموارد العامة. وتستهدف تحسين الخدمات العامة, وتعزيز تحمل المسؤولية والشفافية, وتخفيض الفساد. ويعني تحسين إدارة القطاع العام معالجة جوانب النقص في الخدمة المدنية (المركزية والمحلية), والجهاز القضائي, وقوات الأمن. وتشمل هذه التحسينات مزيجا من إصلاحات السياسة- ولاسيما التحول إلى اللامركزية لمساعدة الحكومات المحلية في بناء القدرة- وتعميم الإجراءات الموحدة, والإصلاحات المؤسسيةـ ورفع مستوى المهارات.
2. خلق بيئة جذابة أمام الاستثمار الخاص كوسيلة لتوليد الوظائف لقوة العمل التي تنمو بسرعة. وبدون تحسين رئيسي في البيئة لجذب الاستثمار الخاص, سوف يستمر عاملان من أقوى عوامل الفقر- هما البطالة والعمالة المنخفضة الإنتاجية- في الارتفاع. وتكمن الطرق الرئيسية لتحسين بيئة الاستثمار في تحديث وتدعيم النظام القضائي, بما في ذلك توفير القدرة على تنفيذ الأحكام; وإنشاء نظام واضح يمكن الدفاع عنه قانونا لتسجيل الأراضي; وتنظيم كل جوانب الموافقة على الاستثمار الخاص, ونظمه وفرض الضرائب عليه; وتحسين القوانين واللوائح للأعمال; وضمان عدم تعويق قيود البنية الأساسية للمنافسة بين الاستثمارات الخاصة.
3. تحسين رأس المال البشري, الذي يعتبر استراتيجية أساسية طويلة المدى لتخفيف حدة الفقر وزيادة الإمكانيات البشرية لليمن. وتقوم هذه البرامج على أساس توسيع نطاق التعليم- ولاسيما بالنسبة للبنات- وتحسين صحة وتغذية الأطفال والأمهات, وتحسين إمكانية الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلا عن التدريب التقني والمهني, وتخفيض معدل النمو السكاني, وتوفير قدرة مستقلة لبحوث السياسة.
ويعتبر ضمان الاستدامة البيئية بالنسبة لمستقبل اليمن مسألة بالغة الأهمية. وهناك عدد قليل من الدول تواجه تحديا صعبا كذلك الذي يواجهه اليمن بالنسبة للاستدامة البيئية, ولاسيما بالنسبة للمياه. فاستنزاف المياه الجوفية له آثار مباشرة على الفقر, والعمالة والنظام الاجتماعي. وبالنظر إلى اعتماد اليمن الكبير على تجميع مياه الأمطار وتحويل اتجاه الفيضانات لغرض الري, فإن حماية مستجمعات المياه لها أولوية كبرى. وقد خلقت إدارة المياه الجوفية تشديدا جديدا على التخطيط الحضري والريفي. وفضلا عن ذلك, فإن اعتماد الاقتصاد الريفي على الزراعة خلق الحاجة إلى تركيز جديد على الحفاظ على التربة.
تقرير البنك الدولي عن اليمن يدل أن هناك أصلاحات.
المفضلات