- كم الألم يعصر قلبك وأنت في شوارع صنعاء حين تصادفك مشاهد من البؤس لا حصر لها ، فهناك مثلاً براعم في عمر الزهور بأعداد كبيرة جداً كان من المفترض أن يكونوا في مقاعد الدراسة أو في روضات الأطفال ، ولكن لسوء حظهم لم يتمكن أهاليهم من القيام بهذا الواجب ، وحينها أصبحوا يتكففون المارة أو يبيعون أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع ، كعلبة محارم أو قـنينة مياه معدنية أو علبة بسكويت وغيرها من الأشياء التي هي حتماً بمثابة تسول مقنع .
وفي المساجد والجوامع التي هي بمثابة جمعيات خيرية مفتوحة للحالات الطارئة تصادفك في جميع الصلوات تقريباً حالات من مآسي هذا الشعب تبكيك دماً لا دمعاً ، حيث تشهد أناساً قست عليهم الحياة وتكالبت عليهم الظروف التي اضطرتهم إلى الجوء لدى إخوانهم في المساجد ، والعدد يرتفع حسب حجم المسجد وعدد جماعته من واحد إلى عشرة، ولكل واحد منهم قصة مؤلمة وحالة تنسيك الذي سبقه ، فمثلاً هذا شيخ كبير بلغ من الكبر عـتياً وعاجز عن الإنفاق على نفسه ناهيك عن الإنفاق على من تقع إعالتهم عليه ، وهناك آخر يجر فلذة كبده النحيل الحليق والذي نهشه المرض في جسمه الصغير وليس بوسع الوالد دفع تكاليف العلاج ، وثالث ترقد زوجته بالمستشفى وليس باليد حيلة إذ ليس عنده ما يستقبل به المولود الجديد من الثياب والحليب وغيرها من المستلزمات ، ورابع يحلف أنه ترك صغاره بالبيت والذين لم يتذوقوا طعاماً منذ يومين أو ثلاثة ، وخامس عجز عن تسديد آجار البيت وحينها رمى صاحب المنزل أهله وأولاده في العراء مختتماً بقوله عرضي عرضكم استروني ستركم الله ، وسادس يدعي أنه ابن سبيل انقطعت أسباب السفر منه وبحاجة إلى ما يوصله إلى أهله ، وأرملة مفترشة هي وأيتامها أمام باب المسجد وهلم جرا ، هذا بالنسبة إلى اليوم أما غداً ففجر جديد مع وجوه جديدة ومآسيهم الجديدة القديمة وربما أثقل وأمّر من سابقتها .
لا متى السكوت عن هذا في وطن القات والحكومه الفاسده والشعب العاصي البعيد عن ربه ..؟
Bookmarks