حتى لا نصاب بعقدة الفهم دوناً عن الناس ونعيش درك الوهم الكامن في النفس اللوامة لابد لنا أن نطلق العنان لحاسة الإدراك مداها ولعل منها ما يفيدنا علماً أننا كنًا بحكم اللاشيئ حتى ساعة الصحوة فكذبنا أنفسنا وصدقنا واقعنا كحقيقة مزرية كما صورها لنا عقلنا الباطن وقبل أن نخلق أو لنقل تحديداً عندما كنًا في بطون أمهاتنا وتحضرني في ذلك قصة رواها إبن العشرينيات عن حال المحروسة بالأمس وقارنها بالحال المزري اليوم على حد قوله وعندما سئل عن مدى صحة المعلومة قال بأن أمه كانت تحب المشي في إحدى شوارع المحروسة وهي حامل به في الشهر الرابع أو الخامس وهناك أحس بالفرق الشاسع بين المرحلتين الأولى تمت تحت مجهر الأم وهي تشرح لمولودها وهو في بطنها المنفوخة والثانية كانت لحظة المعاناة مع المستعمر الجديد الذي حطم آمال وأحلام الأم المكلومة بالوحدة وإبنها النحس الذي فاجأها بمجيئه في الوقت والزمان والمكان الخطأ .
تلك الصحوة التي أدركتنا بغتة ولازلنا نحبو لإدراك مكامن الفضيحة التي إرتكبناها بالوحدة ولا زلنا نحبو لإدراك مكامن الفهم القاصر لدينا لطبيعة هذا التجانس الفكري لطبيعة الأشياء وإختلاف المخلوقات الدحباشية الغريبة من وجهة نظرنا السامية والتي مرت وتمر دون أن نحس بقيمة وقدر من حولنا من عالم بهيمي كما نتصورهم وكأننا مخلوقات بقوة خارقة للعادة أو كنًا كذلك .
الخلاصة التي لا تقبل الجدل تسعفنا بدليل مفاده أن الغرور آفة سرطانية خلقية يتمتع بها مرضى العقول ، وصفة مستشرية لدى من يعظمون أنفسهم بتسفيه الآخرين بل أنها عادة ذميمة لا يسهل إقتلاعها سوى بحلم المتوخي حذراً من صاحبها وإكتفاء شره ما أمكن .
فمن منًا لا يعتريه الخوف من المجهول تجاه أحداث تمر في حياتنا مر العثرات التي يستفاد منها كأخطاء لتصحيح مسيرة ؟؟ بيد أن الخوف من المجهول لا يعني الإستسلام لهذا الخوف لجعله مبرراً يقضي على كل رجاء فينا ويقتل إحساسنا بأمل الشفاء من أي مكروه أو علة وإلا أين الإيمان بالله الذي يحبط عمل الشيطان وعامل اليأس ويدفعنا للإبتسام ويمنحنا الثقة بأنفسنا وبغيرنا لعمل المستحيل بديلاً عن الإحباط ورفع رأية الهزيمة وإعلان الإستسلام سبيلاً لإستدرار العطف لنيل حق أومظلمة فما هكذا تورد الإبل !!!!
ومع أن البعض لا يدركه الفهم إلا بعد فوات الأوان إلا أنها الميزة التي تفرق بين العالم والجاهل والعاقل والمعتوه .
فتغليب لغة العقل وتفعيل دورها يعني إعفاء لغة العواطف المتشنجة وإلغاء وظيفتها ودورها حتى لا تصبح وسيلة التحكم السائدة لنشر ثقافة الجهل والكراهية والتسفيه وخدش حياء الهوية والإنتماء ووأد الحقائق التاريخية والدينية والعرى الأخوية والعائلية .
فمن يدرك لغة السلام والتسامح لا يفوته أن يضيع فرصها وعليه فأن ما يجري في واقع التطبيق السلمي المزعوم لا يمت بصلة لواقع الأقوال التي نزين بها واجهات عقولنا المصدومة بمن نسميهم كبار !!
فإلى متى سنظل نجتر المعاناة بأفواهنا وألسنتنا المثخنة بالإفتراء على الحقائق دون الألتفات لأصل القضية الحقيقية في الجنوب ودون أن نفكر التفكير السطحي بفصل الرأس عن الجسد ؟؟
ومع إيماننا بأن سبل العدل لن تتحقق في ظل نظام بائس وعقيم كهذا لأن ما يعانيه شمال الجنوب وجنوب الشمال وشمال الشمال هو ما تعاني منه صنعاء وعدن وتعز وبقية المحافظات على السواء وكل ذلك لا يعكس سوى طبيعة تلك الإدارة الهمجية والتي لا تبشر بمخرجات دولة تحترم نفسها وشعبها إلا أن ذلك لا يعني أن تنفصل كل محافظة لتعلن دولة هوشلية لأن النظام لا يتفق مع رسالتها الآدمية والأممية والخنفشارية .
فهل هناك توافق على حل تلك الدولة الجملوكية دون الإضرار بوحدة الوطن ؟؟
وسلام محبة
Bookmarks