قال الله تعالى : ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) سورة النحل /80 قال ابن كثير ، رحمه الله ، :" يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟ أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده؟ أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟ ! قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) سورة الأحزاب/33 وإذا تأملت أحوال الناس الذين لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول : ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة ، أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ، إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن الحرمان من نعمة البيت ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ). ثم قال : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار) سورة الحشر /2 والدافع عند المسلم للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور منها
أولا: وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)التحريم/6>
ثانيا: عظم المسؤولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب قال صلى الله عليه وسلم :" إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته "
ثالثا: أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة قال صلى الله عليه وسلم :" طوبى لمن ملك لسانه ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته" وقال صلى الله عليه وسلم :"خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله ، من عاد مريضا ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس" وقال صلى الله عليه وسلم : " سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته " ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء
رابعا: الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره، وعند الفراغ من العمل أو الدراسة ، ولا بد من صرف هذه الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات
خامسا: وهو من أهمها: إن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبانته، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه الشر فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم ، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ؛ والأم المربية ، وبقية المصلحين فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ؛ وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير ما هي وسائل إصلاح البيوت؟
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر
وهذا أوان الشروع في المقصود
Bookmarks