العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
.jpg "الصورة الرمزية حضرمي من باريس")
كتبت احد الاخوات في منتداً آخر وقالت:
*****
تربع على عرش مكتبه بثقةٍ لا مثيل لها ..
كالعادة متأخرا عن موعده ساعتين ..
وكالعادة أيضاً يستهل هوايته الجميلة في عرقلة أعمالِ أقوامٍ مازالوا يتوافدون عليه كل صباح بين خوفٍ ورجاء ..
لايثنيه عن إتلاف أعصاب العامة وتبديد أوقاتهم وأحلامهم سوى حفنة من الدراهم ..
ثم تراه آخر نهاره يتكأ في ذلك المقهى المعتاد ... ممسكاً بصحيفته كأشباه المثقفين .. يتجاذب أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء..
رجلُ أمنٍ مرتشي ..
ومعلم أجيال ٍ مرتزق ..
ومدير مختلس ..
ليناقشوا أوضاع البلاد والعباد.. وليترحموا على الضمير الإنساني .. ويلعنوا الحاكم وأيامه .. ويتمرد الحوار الشيق على الظلم والاستعباد .. وعلى الحكومة الطاغية التي أكلت الأخضر واليابس ...
دراما عربية مثيرة تتكرر بلا توقف كلّ يوم !
*****
تجاربي مع الديمواقراطية قليلة جداً ... أتذكر أولها في مقاعد الدراسة حيث ظننت أن الفرج هلًّ علينا بفتح باب التصويت لإقصاء من لاتجيد فن التدريس .. أجمعت أصواتنا بكل حماسة على إقصاء معلمة اللغة الانجليزية التي أتقنت محو كل مايتعلق بالانجليزية من أذهاننا ...
في الصباح التالي .. جيء بكل المقترعات صفاً صفاً إلى أبواب الإدارة ... لنكتب تعهداً يفرض علينا حسن السيرة والسلوك ..فقد تجردنا من الأدب والأخلاق والسلوك عندما تجرأنا على الاقتراع !
وكان التصويت مصيدة .. لغرض ما في نفس يعقوب !
*****
عندما تُدان بلا تهم ... بلا ذنوب .... بدون محاكم أو شهود ..
حينما تُصدر الأحكام على النوايا .. وليس على الخطايا ..
حينما يصلي الناس عليك جميعاً صلاة غائب وصلاة جنازة .. ويُوارى كفنك خالياً تحت التراب .. فأنت في دولة عربية تتقن فنون الإخفاء ..
يمكنك النوم هنيئاً إذن .. فلن يُصعق أحدهم لرؤية جثتك وهي لوحة تشكيلية .. .تحمل ألواناً وفنونا ً من التعذيب تعجز الأمم عن مجاراتنا بها ..
*****
حين تملأ رأسك تراتيل قرآنية عن العدل لاتنتهي ... ثم تجد نفسك تحمل وزرك و وزر غيرك من جيران ولصوص و مرتزقة ، وترى السيئة تعم والحسنة لاتخص ولاتعم .. فأنت في دولة إسلامية ..
وحين يتكاثر الوعاظ والنصاح عن التكافل والإحسان وعن بذل النفيس والثمين في سبيل الله .... ثم تفتقد مقاعد للحياة .. مقاعد للعمل ..مقاعد للدراسة ... ثم يعجز ذويك عن ايجاد تصريح يؤوي جسدك تحت التراب .. فأنت في دولة إسلامية عربية ..
أن يناهض أحدهم الرق والاستعباد .. ويحثنا على العتق بلا مقابل .. ثم يخنق الرقاب بلا رادع .. ويمارس الإقطاع إلى حد الجنون ....
هواية الاستبداد تأبى أن تفارقه .. وغريزة التملك في كينونته .. ثم يُسبغ عليه جوراً لفظ (كفيل) .. فأنت في دولة إسلامية عربية .. خليجية !
*****
حينما يختنق صوتك في كلّ حدبٍ وصوب .. . ويُلجم لسانك فوق الأرض وتحت الأرض ...و لاتجد لكلماتك مأوى سوى شبكة المعلومات ..
فتحلم أن تصرخ بلا حدود .. أن تشجب وتندد .. أن تبكي وتضحك ... أن تعترض وتفكر ...
ثم يُسلب منك هذا الحق بلا وجه حق .. وتُبتر حتى همسات الأنامل ..
فأنت في منتدى عربي ...
*****
عندما تختزل المرأة إلى آلة للتناسل ... مجرد جسد ..
حين تحول الأنثى إلى مكنسة .. غسالة ... أو ربما قطعة أثاث ...
ثم تتمتم ليل نهار عن حرية المرأة .. حق المرأة .. استقلال المرأة ..
فأنت رجلٌ عربي .. مثقف جداً .. ومتحرر جداً !
====================================
فرددت عليها وقلت
كلام جميل ونثر رائع
ولكن هل لنا بالصورة التي تعشقينها
انك تدعين بصورة او بأخرى لما يدعينا اليه اعداؤنا
فعندما يصيب العين مرضا ليس العلاج دائما (قلع العين)
وعندما يصيب القانون تعطيلا لا يعني ذلك (الغاء القوانين)
قد تكون لدينا امراض شتى
ولكن ان يكون علاجها بانسلاخنا من هويتنا فهذا ما يتمنونه
ادعوكي اخيتي ان ترسمي لنا الصورة المعاكسة والتي تتمنينها
حتى نرى ما هي الصورة الصحيحة التي ترينها صحيحة
تقبلي مروري وحياك الله
===============================
فردت هي وقالت
أخي الكريم .. حضرمي من باريس
الثورة على كل سيء يبطن حياتنا اليومية لايعني التجرد من مبادئنا وقيمنا وضرب جوهر عروبتنا في عرض الحائط ..
وبصراحة لم أذيل ماكتبته بحلول أو مقترحات لأني أجهل مايمكن فعله لترميم الضمائر ولاأملك نظرية تبعث الروح في قلوبٍ ميتة وتخلق فطرة سوية !
قد أخشى التحدث بمثالية مفرطة واستنساخ مايقال دوماً وأبداً في مثل هذه الأحوال في أن الحل هو الرجوع للدين ..
ليس قدحاً في قدرة تعاليم ديننا على ترويض أخلاق الناس ولكن يقيناً مني باعتياد جزء كبير منا على إتقان التقمص الديني خارجيا مع تناقض رهيب في السلوك والتعامل إما بإفراطٍ أوتفريط .. وهذا مايزيد في تشويه صورة التدين ..
مانحتاج إليه ليس مجرد الدعوة الجوفاء إلى التمسك بمبادئ الإسلام .. نحتاج إلى نسف فكرة أن الدين هو قشرة خارجية .. لحية ..سواك ... ثوب قصير .. سنن وفروض .. بل تأسيس نواة أخلاقية أولاً عند كل دعوة أو نصيحة دينية لتُغلف بعد ذلك بما يجب .. وليس العكس ..
أظن حينها مهما تباينت درجات مظاهر التدين بين الناس يظل الضمير الحي كائناً مشتركاً بينهم ..
تحياتي لك ...
===================
فرددت عليها وقلت
رائع ما سطرتيه .. والاروع الاسلوب الراقي في صياغة الكلمات
استميحك عذرا .. لاني قد اخذ الموضوع الى منح فلسفي
وحتى اوضح نظريتي ولا ابعد بعيدا .. أبدأ من النهاية
ان المبادىء التي تسعى اليها البشرية .. سواء من اخلاق .. او تعاليم .. او مفاهيم عن الحياة
وكذلك مناهج تربية وسلوك .. او حتى سياسات دول ومصالح
كل ذلك منطلق من فكرة اساسية عن الحياة
فكلنا نعيش هذه الحياة .. تتاوت درجات فهمنا لها .. واهتمامنا بها ايضا
فقد يهتم فرد ما بأخلاقه وعاداته .. وآخر بطموحه العلمي .. والآخر بطموحه المادي .. او حتى الجسدي
مبتغانا في ذلك كله هو الوصول الى قمة النشوة .. التي ترضي الشعور الداخلي عن وضعك الخارجي
ولكن لو رأينا تقلبات المبادىء والقيم لدى الشعوب .. نجدها تنطلق من تراكمات شتى
فبحياة الانسان القصيرة .. تتوالد في عقله الباطن مبادىء وقيم منطلقة من محيطه الخارجي الذي يعيشه
ولان العالم القديم كان اكثر حدودا .. واصعب تأثرا كلما بعدت المسافة
لهذا كانت الشعوب مختلفة كليا .. وكانت المبادىء البسيطة تختلف من قوم الى قوم
اما اليوم
فقد اصبحنا في عالم العولمة .. وفي كل شيء
اصبحت هناك مبادىء معينة .. صاغتها حضارة معينة .. وحاولت فرضها على الآخرين
وهي ايضا منطلقة في مبادئها الى تراكمات خاصة بها .. واهتمامات تختلف عن اهتمامات الآخرين
لهذا .. لن نستطيع ان نحكم ان تلك المبادىء هي التي المفترض ان ينهجها كل الناس
فمثلما الغاية تبرر الوسيلة في بعض القيم .. فالصدق مبدأ لا يتغير في قيم أخرى
ومثلما الجمال بخرق الشفة السفلى او بحلاقة الشعر عند بعض الشعوب
فهو من مظاهر القبح عند شعوب اخرى
مما سبق
وما اردت ان اوصله لك
ان المبادىء والقيم .. تنطلق بالاخير من المفاهيم حول الحياة واسرار الوجود
فكلما كانت مفاهيمك اكثر قربا من الصواب .. كانت مبادئك كذلك اقرب
ولأن الدين الحق هو من الخالق الكريم
فلن تجدي بين مبادىء الامم اقرب للصواب من (كتالوج) الصانع
من هنا تختلف نظرتنا الى كل الحياة
والى كل القوانين
والى كل المبادىء
لان المحور الذي تدور حوله حياتنا يختلف
وبالتالي فاهتماماتنا الكبرى تختلف
لانها ستكبر كلما قربت من المحور
ومن هنا ستختلف طريقة التفكير
وطريقة النظرة الى الامور
لهذا
فالمبادىء الذي ذكرتيها سابقا
قد تكون شنيعة عندما ننظر اليها من منظور دنيوي خالص
ولكن عندما تنقشع غشاوة الحياة الدنيا من على اعيننا
يختلف وقعها على نفوسنا
لاننا ننظر حينها من زوايا اخرى
قد تكون خافية على اصحاب الحضارة الكبيرة
التي خطفت عيوننا
واصبحنا ننظر من خلالها
اشكر لك تواصلك
وحياك الله البارىء الكريم
=========================
لان الحوار اعجبني
واسلوبها كذلك جميل
احببت ان انقل لكم هذا الحوار
وان تقولو رأيكم فيه
حياكم الله
.gif)
(( أحبكم في الله )) 
المفضلات