تاليا ما نشرته ناس برس تحت العنوان أعلاه ، ولإهميته قررت نقله إلى المنتدى لتعميم الإطلاع ورفده بتعليقاتكم إن وجدت .
تحياتي .
8/5/2005
أواخر الأسبوع الماضي وعلى مدى يومين التقى الرئيس علي عبدالله صالح بالشيخ الأحمر رئيس مجلس النواب ورئيس التجمع اليمني للإصلاح وبحضور قائد المنطقة الشمالية العميد علي محسن الأحمر، وكانت طائرة رئاسية قد أقلت الشيخ من صنعاء إلى مزرعة خاصة بالرئيس في حجة لإدارة حوار هادئ ممزوج بعتب متبادل توزعت محاوره -بحسب التسريبات الصحفية- حول استهداف موقع الشيخ من رئاسة البرلمان بعد تعديل لائحة المجلس بالنص على انتخاب قيادته كل سنتين بينما ركزت تسريبات أخرى على اتفاقات بشأن إجراء تعديلات حكومية!!
وبطبيعة الحال فإن ظلال الانتخابات الرئاسية لم تكن غائبة عن اللقاء لكن المؤكد أن هذا اللقاء سيعيد بعض المياه لمجراها بين الرئيس والشيخ بعد حملة إساءة تعرض لها الأخير في صحافة المؤتمر الشعبي العام فسرت في حينها بأنها تجاوز لخطوط حمراء كان الرجلان حرصا على عدم تجاوزها.
مثلث التحكم المركزي
منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اللحظة ظل الرئيس علي عبدالله صالح يمسك بخيط اللعبة السياسية في اليمن عن طريق تركيز الثروة والقوة، وسانده في ذلك الشيخ الأحمر بكارزميته القبلية والتاريخية وأخيراً السياسية بزعامته لأكبر أحزاب المعارضة (الإصلاح) ومتانة علاقاته الإقليمية خصوصاً مع (السعودية) ذات التأثير النسبي على مجريات الأحداث اليمنية، ومثل القائد العسكري العميد/ علي محسن الأحمر بمواصفاته القيادية ومرونته وعلاقاته المدنية برجال القبائل وتأثيره في دوائر صناعة القرار السياسي، مثَّل اكتمال ضلع مثلث التحكم المركزي خلال الفترة الماضية، وبحدوث متغيرات عميقة أهمها ضعف المنافسين واكتساب الرئيس مهارات وفنون قيادية لم يعد معها بحاجة لتوازنات الرجلين. شاب تلك العلاقة فتور ومحاولات تحجيم بذرائع شتى.
لكن متغيرات اللحظة الراهنة تبدو أكبر بكثير من حجم هذه العلاقة وقدرتها على تجاوزها وإن عادت المياه لمجاريها، بل تبدو التحديات الراهنة الداخلية والخارجية دافعة لتأجيل أي خلافات داخلية وخصوصا المتعلقة بترتيب البيت الداخلي ونصيب الأبناء ووضعهم المستقبلي.
فاعلية المثلث
أخطر الأسئلة المنصبة حالياً أمام أي تحالف من هذا القبيل.. هل لازالت علاقة الرئيس بالشيخ، والعميد علي محسن، قادرة على تجاوز تحديات اللحظة؟
وسيكون التمهل معقولاً قبل الإجابة بوضع رؤوس أقلام سريعة لعناوين التحديات الماثلة كالتالي:
* متغيرات دولية (سياسية، أمنية، إعلامية) تدفع باتجاه مزيد من الحريات العامة واحترام الإرادة الشعبية وكسب معركة (العقول) التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
* أوضاع اقتصادية بالغة السوء وتنتظر الساحة تطبيق ضريبة المبيعات ورفع الدعم عن المشتقات النفطية وكلاهما مضاعفاتهما شديدة ما لم تكن مصحوبة بإصلاحات جادة وشاملة.
* تزايد وتيرة العنف في شمال الشمال (صعدة) والنزوع نحو حرب عصابات تغذيها ادعاءات عقائدية بالأحقية في الحكم لمجرد "النسب" وتصاعد وتيرة دعوات الاستحقاق "المناطقي" في الجنوب تحت ادعاء تمثيل محافظاتها.. وكلها مشاريع "فتنة" ناتجة عن فشل المشروع الوطني للدولة اليمنية عموماً.
* تكتل المعارضة وتمسكها بموقف "مشترك" ورؤية متقاربة إزاء مختلف القضايا ومنها الانتخابات "الرئاسية" مما يضعف مساحة المناورات السياسية تجاه أطراف المعارضة التي تسمح لها المتغيرات الدولية بأدوار متعاظمة.
* تزايد فعالية وتضامن منظمات المجتمع المدني وتماسك شرائحها الممثلة للنخب "الأطباء، الصحفيين، المعلمين، مدرسي الجامعات، اتحادات الطلاب، منظمات حقوقية أخرى" للدفاع عن حقوقها وانتزاع مطالبها المشروعة بتحسين أوضاعها المعيشية.
* فقدان الأمل الشعبي بوجود رغبة أو إرادة نحو إصلاح الأوضاع المتردية، ومؤشرات القلق الاجتماعي بالحروب القبلية وضعف الولاء الوطني والبحث عن عصبيات قبلية وجغرافية للحماية كل ذلك ينبئ بتلاشي سيادة القانون في حياة الناس كعنوان لمرحلة حرجة.
هذه العناوين السابقة لمظاهر الأزمة الوطنية تجيب عن التساؤل السابق حول قدرة العلاقة التي تربط الرئيس بالشيخ والعميد علي محسن على تجاوز مثل هذه التحديات التي تنوء بحملها جبال اليمن وما أكثرها. وأنا شخصياً أبارك مثل هذه العلاقة الحميمة لكنها لا تستطيع صناعة متغيرات اليوم كما فعلت بالأمس!!، وأتمنى إعادة النظر ضمن هذه العلاقة برسم تصورات جديدة تكون اليمن بأبعادها الإنسانية والجغرافية حاضرة كرؤية وطنية لا تقبل المحاصصة والاحتواء.
أتمنى أن تثمر هذه العلاقة قناعة جديدة تستوعب كل المتغيرات الدولية والتحديات المحلية وتأخذ في الحسبان الإرادة الشعبية ومشروعيتها في بناء واستقرار اليمن.. وكل منهم على حده كان له إسهام ورصيد يفاخر به ونعتز به جميعاً.. لكن مستقبل اليمن ووحدته الوطنية وآمال مواطنيه تحتاج منهم كجماعة وأفراد.. وبقية القوى السياسية والوطنية لإجابات تضع حداً للمجهول القادم.
Bookmarks