وصل لي صوت صديقتي الحبيبه من اليمن السعيد ..
صوت أطمأن لسماعه ..
أشعر أن الخير لازال له وجود في الدنيا ..
أعرف معه أن الحب الأخوي أنقى مافي الوجود وأجمل العلاقات على الإطلاق ..
ولكن ذلك الصوت وصل إليّ محملاً بالألم ..
مشرباً بتنهيدة تمزق القلب ..
بعد السلام بادرت بسؤالها بلهفة وخوف ..
مابكِ ..؟
خرجت آهة من صدرها لم تقوى على كتمانها ..
وأردفت : خليها على ربك ..
أجبتها : كله على الله .. ونعم بالله ..
وأعدت تكرار سؤالي : مالذي حلّ بك ..؟
أمتشاجرة مع أحد أفراد عائلتك ..؟
ولأنني كنت أكيدة أننا لانخبيء شيئاً عن بعضنا البعض أبداً
بادرتها بالشكوى لتشجيعها ولأنني كنت متلهفه لكي تواسيني فكلماتها معي تعمل عمل السحر ..
وبثثتها ألمي ويأسي وإنعدام ثقتي ..
أخبرتها بأمر مرّ بأحد المقرّبات مني وآلمني كثيراً وأثّر علي بشدّة حتى وكأنه حدث لي أنا ..
أستمعت إلي وأصغت بقلبها وخوفها عليّ قبل أن تسمعنى بأذنها ..
وحين قلت لها أنني يائسة ..
أجابتني مستنكرة : إستغفري الله
لاتفقدي الأمل وأحسني الظن بالله
قلت لها : أنا أعلم بأن الله وسعت رحمته كل شيء
ولكنني محبطة حزينة ومتألمة ..
ليس إعتراض مني على مشيئة الله لكن لماذا ..؟
لماذا أنا ولما أنتي ولما قريبتي لماذا يحدث لنا ذلك ..؟
مع أن سوانا قد يكون لايستحق السعادة ولكنه ينعم بها ..
لماذا نحن نشتكي ونعاني وسوانا ممن لايقدّر النعمة التي هو فيها لايشكر الله برضا ..
فقالت وتنهيدتها تسبقها إلى قلبي : لاتشكي لي أبكي لك
وبدأت في سرد شكواها : أنني أصبحت فيما هو أسوء من سجن غوانتنامو
كل شيء ممنوع وكل شي خطأ كل إحباط وكل قمع وكل تعذيب نفسي يُمارس عليّ دون هوادة ودون رحمة
ولا أقوى على المواجهه ولا أستطيع حتى دفع الأذى عن نفسي
حتى أن القرحه الخفيفة التي كنت أعاني منها الآن أصبحت مزمنه ومعدتي تتمزق من الألم ولا أحد يهب لمساعدتي
أجبتها : ياحبيبتي أصبري وأحتسبي الأجر
فما تعانين منه لاتعتبرينه عقاب أنه إبتلاء والله إذا احب العبد إبتلاه
فإصبري وأشكري فالصابر والشاكر في الجنة والله تعالي فرجه قريب
فتمتمت بالحمد والشكر بصوت خافت
وأنتقلنا نحاول كلتينا أن نخفف على بعضنا البعض
فأنتزعتها من صمتها بسرد آخر نكتة على مسامعها
وقلت لها: ماهي آخر نكتة سمعتيها في اليمن ..؟
و روت لي نكته يمنيه طازجة حتى كدت أموت من الضحك ..
وتنوعت الأحاديث على مدى ساعتين ونيّف ..
فقدنا أثنائها الإتصال فعاودت أنا الإتصال بها هذه المرة ..
تابعنا أحاديثنا وتطرقنا إلى موضوع الإرتباط والزواج ..
ربما هو موضوع شائك لأطرحه هنا في المنتدى ..
ولكننا كنا نتحدث فتاة لـ فتاة ..
وهذا تقريباً مايدور بين كل الفتيات ..
سألتها : ألم يتقدم لكِ أحد أثناء تواجدك في البلاد ..؟
قالت: بلى ولكنهم غير مناسبين ..
وأرهفت السمع صامته
أكملت : هناك من هو في سن الستين من بلد عربي ويريد الزواج
على شرط أن يتركني في اليمن ويأتي لزيارتي كلما أراد ..
وهناك رجل آخر متزوج ويريد الزواج مرة أخرى ولكن دون علم أهله ولا زوجته
أي زوجة في الظل في السر وكأننا نسرق ..
وإسمعي هذه أيضاً لايكفي أنني سأرضى بالظل إلاّ أنه يتوجب عليّ أن أعيش في بيت أهلي ..
بادلتها الإستنكار : ماهذا ..؟ أظن أن الرجال قد جنّوا ..؟
نحن ننتظر اللحظه التي نبني فيها بيتنا ومملكتنا الخاصه ليأتوا هم ويدمروا كل أحلامنا بزواج في الظل ..؟
لما يفكرون بهذه الطريقة ..؟
صرت أفاجأ بأن الزواج هذا الرباط المقدس أصبح سلعة ..
وسلعة تُشترى بشروط ..!!
قالت: هناك غيري يقبلون بمثل هذه العروض وهذا مايجعلهم يقدمون مثل تلك الأفكار الظالمه والمهينه ..
قلت لها : لاتقبلي بهكذا أشياء لست قبيحه أو دميمه ..
لازلتي صغيرة وخلوقه ومن عائلة محترمه ..
لست مجبرة ..
فأجابتني بصوت أقرب إلى البكاء :
قد كنت سأقبل ..
ولكنني تراجعت في آخر لحظه ..
أتعلمين أنني توقفت عن الحلم بالفارس الذي سيأتي يوماً وسأعيش معه سعيدة فهذا الحلم أصبحت أراه بعيد المنال ..
كما أصبحت أعتقد أنني غير مؤهلة ..
فبقلبي الكثير من الألم الذي لن تمحوه سعادة الدنيا ..
لاتغضبي مني ولكنني قد أستسلم في أي لحظه وأتزوج أحد المتقدمين
وكأنني ألقي بنفسي للنار ولكن نار زوج قد أستطيع التكيف معها وقبولها يوماً أهون من النار التي أعيش فيها ..
( لديها ظروف عائليه صعبه نوعا ما )
سابقتها بالرد بصوت صارخ : لأ يامتخلفه << أمون عليها
أياكي أن تُجنّــي وتُقدمي على فعل ذلك ..
لاتتسرعي وتذكري في كل مرة يقابلكِ فيها أمراً كهذا أن الجيد آتٍ
قابلتي مايكفيكِ من السيء والرديء وسيأتي وقت الجيد والطيب بإذن الله عما قريب
هل تتوقعين أن الله تعالى يظلم أحداً ..؟
أجابتني مسرعه: أبداً
قلت لها : إذن لما تظلمين أنتي نفسك بيدك ..؟ لا تتسرعي
قالت لي : انتي تمنعيني من اليأس في حين أنكِ كنت تشتكين منه منذ برهه (ضاحكه)
بادلتها الضحك وقلت لها وانتي أيضاً كذلك فعلتي ومن ثم توقّفتُ لأبرر لها ..
وقلت لها : ياأختي أنني أُحدّث نفسي بصوت عالي حين أتحدث إليكِ ..
فتسائلت هي بتفكّر : في ظنك لماذا وصلنا لمثل هذه الحاله ..؟
أجبتها بألم : أتودين سماع الإجابة ..؟
سأخبرك بها بكل أمانة وصدق ..
ببساطة .. لأننا توقفنا عن حب أنفسنا ..
أعطينا وأعطينا وأعطينا حتى نضبت مشاعرنا ..
فأصبحنا عاجزين عن العطاء مع أنفسنا ..
لم نكرة أنفسنا ولكننا توقفنا عن حبها ..
وإلاّ بماذا تفسرين قبولك أنتي بمثل تلك العروض ورفضي أنا للكثير من أفضل العروض ..؟
أنا أفسرها بأننا تعلمنا أن كل أمل نهايته يأس وكل انتصار نهايته إنهزام ..
أن قبولك ورفضي ماهو إلا نوع من أنواع الإحتجاج ..
تحّتجّين على وضعك وأحتجّ على نفسي ..
قابلت وإياكي عيّنات من البشر (((سواء في تجاربنا أو تجارب المحيطين بنا)))
قابلنا أسوء الأشخاص ..
رأينا أبشع صور العلاقات ..
واجهنا لحظات سقوط الأقنعة بكل ذهول وبكل نفور ..
أنكسرنا وخُذلنا فقدنا الثقة في كل مايبدو جيداً من الخارج ..
بتنا نعتقد أن الكل الكل وحوش ولكنهم مختبئون وأن وقت الهجوم على الفريسة قادم لامحاله ..
وبضحكة إستهزاء قلت لها : هل تذكرين الفيلم الذي يروي قصة الرجل المستذئب ..؟
الذي يتحول إلى ذئب في ليلة إكتمال القمر ..؟
هذا هو إنطباعنا نرى أن كل من نلتقيهم مستذئبين وليلة إكتمال القمر بدراً ستحل دون ريب ..
عندها سيتلذذون بتمزيق قلوبنا البريئه ..
ورد الفعل على كل هذا الضعف و الوجع الذي نشكوا منه ..
هو الجدب
بالفعل قد جفّت ينابيع الحب في قلوبنا فلم نعد قادرين على حب أنفسنا ..
لكننا نحب غيرنا ونبذل في سبيله كل مانستطيع علّه يخيّب ظننا السيء به فـ نجازف ونضحّي بلا إنتظار لأي مقابل ..
ربما حبنا للغير سيدفعنا يوماً ما لـ حب أنفسنا ..
ربما سنتعلم إذا أحبّنا أحداً بأننا جديرين بتقديم الحب لذاتنا أولاً ..
لقد أصبحنا مستعدين أن نشعل شموع غيرنا في حين تنطفيء شموع عمرنا عام بعد عام دون أن نأبه ..
فنمسح دموعنا مع العلم أن الدمعة ستلحق بها دموع أخرى ولكنه قانون من قوانين العيش ..
أتعلمين ..؟ أحد أهم قوانين العيش .. هو أن نعيش برغم كل شيء
وبما أنه ليس من خيار لدينا للتخلص من حياتنا علينا أن نرضى ونقتنع ونقبل
علينا ان نحب أنفسنا حبيبتي لكي يكون للدنيا وللحياة طعم
لكي نحيا كسوانا تسعدنا المباهج كما تؤلمنا المصائب
أن نعيش كالبشر نشعر بـ الفرح والحزن ..
لا أن نقبل الأمور على علاّتها وكأنه هذا هو الشيء الوحيد الذي نحسنه ..
يجب أن نكون قادرين على رؤية تدرج الألوان بين الأبيض والأسود ..
ويجب أن نسارع في ذلك قبل أن تصّطبغ الدنيا في أعيننا بالسواد ..
وحينها لن نكون قد توقّفنا عن حُب أنفسنا وحسب ..!
بل سنصل لحد كرهها وعند ذلك سنُقدّم ذاتنا وأرواحنا لقمةٌ سائغةٌ تفترسها سباعٌ جشعة ..
كانت منصتةٌ لي حتى أنتهيت
وعند آخر جملة نَطقتُ بها فاجأتني بشهقةِ بُكاء مريرة ..
ناديتها بإسمها مراراً وتكراراً
ولم تجب كانت تبكي وتشهق ولم تحاول تمالك نفسها ..
أغرورقت عيناي بالدموع ..
إلتزمتُ الصمت قليلاً
إستجمعتُ شتات نفسي التي بعثرتُها أمامها وأمام نفسي
وأعدتُ محاولةَ النداء مرةً أخرى
أجابتني هذه المرة بصوتٍ إنكسر قلبي لسماعه
قلت لها : لما تبكين ..؟
قد كنتُ أتحدثُ إليكِ كي تدركي أن قبولكِ برمي نفسكِ في زيجةٍ من تلك الزيجات هو إجرامٌ بحق نفسك
أنا أحبك وأخافُ عليكي ومانصحي لكِ إلاّ لأنني أُحِبُك
وللعلم لم أكن أتحدثُ عنكِ وحسب قد كنتُ أشملُ نفسي بهذا الدرس
علينا أن نُحب أنفسنا ولو قليلاً
لكي ننأي بها عن كل مايُؤلِمها
والله إن لأنفسنا علينا حق ..
قالت لي : أنا أشعر بألم يكاد ينتزع روحي ..
((أنا تعبانه)) ..
تنهدتُ تنهيدة من فقد وسيلة المواساة
قلت لها : أصبري وأحتسبي أجر الصبر
وأحمدي الله
قالت : الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه
وأجبتها : الحمد لله على كل حال
.
.
أنهينا المكالمة بعد أن روينا لبعضنا .. بعض القصص الطريفه
ووعدتني بأن لاتُقبل على أي خطوة دون أن تستشيرني فيها
وكذالك وعدتها
.
.
أطلت
مجرد مكالمة بين فتاة وصديقتها
حملت ألف مشكلة ومشكله
مكالمة واحدة فقط حملت في طيّاتها الكثير من الألم
كثير من المشاكل الإجتماعيه التي تحيط بفتياتنا بدء
من عروض الزواج التي أستنكرها بشدة ..
الزواج الذي تحول إلى مسميات غريبه ..
من زواج مسيار لـ زواج الغربه والسفر لـ زوجة البلاد ..
ربما سنتطور (أقصد نتخلف) وستظهر أنواع الزواج التي لايسعني تسميتها كـ زواج الدم وماإلى ذلك ..
.
وصولاً
لقمع الأهالي وأساليب التربيه والتأديب الخاطئه ..
تلك التربيه التي قد تدفع الأهل أن يمنعوا فتياتهم من الذهاب لتلقي العلم ..
وكأنه أمر محرّم ..
.
ومع الإستمرار سنصل
إلى ماسيترتب على كل تلك المشكلات
فكل تلك المعاناة تدفع فتياتنا ضريبتها من أعصابهم وصحتهم ونفسيتهم
.
كذالك لن ننسى ذكر فائدة مساندة الأصدقاء بعضهم البعض وهو الشيء الذي نحتاجه جميعاً في ظل الظروف الصعبه ..
.
كل من سيقرأ الموضوع سيجد بين السطور مشكلة
سيجد بين الحروف معاناة
سيشعر بما قد يكون يجري في بيته لأخواته
أو لأحدى قريباته
.
.
أخيراً قد أستأذنتها في كتابة مادار بيننا من حديث مع التحفظ على بعض النقاط ..
.
تعلموا أن تحبوا أنفسكم
دمتم بود
Bookmarks