رحلتي إلى موطني
رحلتي إلى موطني ....................
بداية الرحلة ..............
تمام الساعة الواحد صباحاً .......
أعلن والدي بداية الرحلة....مطالباً أفراد الأسرة بأخذ المقاعد في السيارة ....وإقفال أبواب منزل الغربة ......ومغادرة أرض البعد ......والانطلاق إلى الوطن...................(تم التوكل على الله ).
كانت سيارتان تقل الأسرة....فالعدد ليس بقليل .......
ســــــــــرنا ...وســـــــــــرنا ........إلى أن وصلنا إلى أول نقطة انطلاق حدودية للغربة ............كانت تمام الثانية.
أكملنا المسير ....الأعصاب هادئة .....والوجوه بدت لي ناعسة.....يكسوها الأرق ...والسبب قلة النوم والفرحة بالسفر ....فقد كانت الرحلة الأولــــــــــى......
ومضينا نكمل المسير .....لم يكن الليل حالك الظلام.....فقد كانت الرحلة في منتصف الشهر ...والبدر قد أخد موضعه في السماء ليضفي على ليل المسافر هدوء جميل ....ونور طريق .....الشوارع هادئة .....صحراء قاحلة....يغلب على الوضع حالة سكون.....
دقت أجراس الثالثة ...........استيقظ على صوتها الفجر ....معلناً وداع ذلك الليل الساكن .....جفناي لم ينطبقا لساعات ....عيناي على طول الطريق.......حرصاً على أخي الحبيب من أن تجفل عيناه وهو يقود المركبة.....وكأنني أنا من يقود وليس هو.....
بدأ التوتر يغزو.....وغيره من تعب وإرهاق ....والأكثر الإحساس بطول الطريق....فقد بدأ العد التنازلي لمستوى الصبر .........بالرغم من أن الرحلة لم تكن سوى في بدايتها.......
تم الوصول إلى المنفذ الحدودي الثاني ............إلى أراضي المملكة ....ونظراً لقلة عدد المسافرين في تلك الساعات ......تم إتمام الإجراءات بسرعة نوعاً ما .................كانت الرابعة صباحاً ......ولا زال الطريق يطـــــــــــــــــول.......... .
ندخل لمنطقة.......ونخرج من منطقة.....لندخل منطقة أخرى......... والتناهيد تزداد....... وهكذا...... . كان نهاراً طويل ....طويل جداً ......ولا زالت عيناي على طول الطريق.....مساحات شاسعة........ خضراء أحياناً ....... بنية جرداء أحياناً أخرى......... استراحات كثيرة ....... اختلفت الوجوه .........والشوارع لا زالت تطـــــول.....
حل الليل ...البعض آثر إتمام المسير ........ والبعض أضناه التعب ......وأنا كنت منهم......... فالليل مخيف ....... والطرق مرعبة........ عيناي لم تطيقا السهر ....... آثرت النوم.............تم اختيار الفندق المناسب ...... كانت الواحدة صباحا ..... تعب وإجهاد ............أغمضت عيناي .......... أحاول جاهدة النوم......ولو لبعض السويعات......... لكــــن ...... هيهات ....... أي نوم هذا الذي أبحث عنه...؟؟؟.؟؟.؟؟..... فكري المتعب لم يسمح لي بالمهاجرة إلى عالم الأحلام ..........أتقلب تارة يميناً ..... وتارة شمالاً .............أحاول اصطياد النوم ....... وأخيراً ....... غابت حنين .......... ونام فكرها المتعب..... .
الثالثة والنصف.......... صباحاً ........ أعلن أبي من جديد .........وجوب المغادر....... والإسراع في الاستيقاظ ..... نهضت وأنا أصرخ .......لا .....لا لالا لالالالا......لم أنم...لم انم....أريد أن أنام.........هذا حرام.........؟؟؟............... أرسل إلي والدي نظرة حادة ........كانت الفيصل..............أدركت بعدها أن هذا هو السفر.........وهذه متاعبه................ كلن أخذ مقعدة وبدأت الرحلة من جديد.
سرنا في الطريق .... بدأنا نتبادل أطراف الحديث.......عن أي شيء ....... وعن كل شيء......... لم نهتم لموضوع معين بحد ذاته.......ولا زالت عيناي على النافذة ترقب طول الطريق...........سويعات وزعت بين القراءة .......مطالعة ....حديث ........ غفلة ونوم.......... .
بدأت الساعة تقترب من العاشرة والنصف صباحاً .........فجأة بارقة أمل أضاءت ..... تم الوصول إلى آخر منفذ حدودي للملكة............ تنفسنا الصعداء ......خرجنا بســـــــــــــــلام.
الحادية عشرة............. ظهراً .................
وصلنا ......... وصلنا .........نعم وصلنا............إنها اليمن................ لحظات صمت وفرح.......لجمت الألسن......مشاعر غريبة.........جميلة...... حزينة..... احتارت المشاعر..............
دخلنا حرض .......... احتضنتنا الأرض ..... حضن دافئ .....جميـــــــل....... رحل معه كل إحساس للتعب .....
مبنى الحدود ....مبنى متواضع..... والوضع أشعر أنه هادئ....... أتمت الإجراءات بسلام...........
( لا أنسى......... كلمة حق .....)
( قام أحد المسئولين وفقه الله ......وقال لوالدي ......يرجى إخبار السلطات .....عن أي مرتشي يحاول مجرد محاولة أخذ أي مبلغ مالي ........هذه أوامر سيدي الرئيس....... ) ( موقف أثلج صدري) وبعده انطلقنا............... .
سرنا وسرنا وعيناي لا زالت ترقب الطريق ........ لكن أي طريق هذا ......... جنة غناء ..... روعة سماء ..... إحساس رائع ....... طريق طويل ......... ثمان ساعات للوصول إلى مسقط الرأس......... منزلنا الريفي الجميل........ أحببته من كل قلبي ............
جبل حجه.....يا لله ما أروعة..... أخذت أتنفس هواه........... ابتسمت ..... من جمال هذا الجبل الرائع .......كون آخر ........تعانق السماء بيديك....... أجمل وأروع من أي منظر أوروبي ....... مدرجات جبلية........أناس بسطاء ..........أطفال تلهو..... على شرفات الجبل دون أي خوف ...... حيوانات ...... تقفز ...... سيارات آتية ..... وأخرى ذاهبة...... حياة ......تلك هي الحياة.......... .
من جديد ...... سرنا وسرنا ..........والطريق لا زال يطول .... ولكنه في الحقيقة كان يقصر......... .
صنعاء ......... درة اليمن .... وصلناها بسلام............... جميلة كم أعجبتني ..... أحببت بنيانها الحديث .... مكسو بروح الماضي وعبقه الأصيل ...... . مزدحمة ..... ليلها رائع......... رغم الازدحام ....... وضجة الشوارع ........ بدت هادئة في مسامعي ....... صورة .......لبرواز جميل .......ملامحها ساكنة ........... لا زالت تبحر في مخيلتي............. .
بقي قرابة الثلاث ساعات ... للوصل إلى منزلنا ...... واصلنا المسير .... تغفو الأعين ..... لبعض الوقت.... ما من خيار آخر ..... وعلى نفس السياق ...... مسير .... مسير ..... بدأ الملل ينهش ما تبقى من البقية الباقية في أنفسنا ........ ( الصبر )
مرت الساعات بطيئة .... سريعة .... لا أدري اختلف الشعور ...... ظلام.... سيارات .... ومقطورات تثير الرعب في سرعتها .. ..... أجساد مجهدة أضناها التعب ...... ..... ولا زالت عيناي ترقبان الطرق ..............!!!!
اقتربنا ......... ( يريم ) هكذا كان مكتوب على اللوحة الإرشادية ......... شدت الهمم ...... فقد اقتربنا .... فكما سمعت ..... بيننا وبين قريتنا مسافة تقرب الساعة ....... ........ يا إلهي أخيراً قد اقتربنا.....مر الوقت ..... ما عدت أدري كيف مر ..... لقد وصلنا .......أدركت ذلك عندما خفت سرعة السيارة........
...................... كانت الثانية عشرة ..................... منتصف الليل ............................
أطل الفجر ....... يــــــــــــــــــــــــــــــــــاه ..... أي فجر هذا ....... لأول مرة ........ منذ مولدي أشهد ذلك الفجر ......فجرك يا وطن...... احبك .....أعشقك..... أهواك.......... أنت ..... يا يمن
فجر .... مختلف ..... نسمات هادئة .... باردة....... تداعب وجنتي .....بساط أخضر أمام عيني ...... ذهب كل ذلك الإجهاد والتعب .... ولى بعيداً مع ذلك الليل .....
أشرقت الشمس .... وأشرقت معها وجوه جيراننا الأحبة ...... غاية في الكرم ..... بساطة في التعامل ..... حب وإخاء...... .
عيون متخفية ..... أراها تتلصص من خلف الباب .... ....؟؟؟؟؟؟ من هذا ....؟؟؟ فتحت الباب ...... كانوا أطفال الجيران ..... جاءوا يحيوننا على طريقتهم الخاصة ....... أحببتهم من كل قلبي .... اعتادوا علينا .... واعتدنا عليهم..... أحببناهم .... وأحبونا...... .
هذه باختصار هي رحلة الذهاب ....... إلى موطني ........واعتذر من كل قلبي على الإطالة فالقلم استرسل والفكر ارتحل ............ ..... مع وجود رغبة عارمة لاستكمال الرحلة معكم ....لكني ما أبي أثقل عليكم.......
ما كانت سوى وجدانيات وطن .... تحلق في سماء حنين.... حررتها هذه الصفحات ..... أردتكم أحبتي أن تشاركوني إياها ...... ودمتم.....
المخلصة دوماً ....
حنين
.png)
Bookmarks